فى الصميم

هل تعى إثيوبيا؟!

جلال عارف
جلال عارف

كان طبيعيا أن يكون السد الإثيوبى حاضرا بقوة حين تعقد الأمم المتحدة مؤتمرا عالميا للمياه هو الأول منذ أكثر من نصف قرن، وحين تجتمع دول العالم لتبحث الخطر الوشيك لحدوث أزمة عالمية فى المياه وما يتبع ذلك من نزاعات وحروب إذا لم يتحرك العالم لاحترام الحقوق والتأكيد على التعاون المشترك والالتزام الكامل بالاتفاقيات والقوانين الدولية.
بلغة العلم.. عرض وزير الرى الدكتور هانى سويلم موقف مصر محذرا من أضرار جسيمة لبناء السد الإثيوبى دون دراسات لتأثيره اجتماعيا واقتصاديا وبيئيا ومن استمرار ملء السد مع عدم وجود اتفاقية ملزمة قانونا تحكم الملء والتشغيل.. وهو ما يتناقض تماما مع القانون الدولى وبيان مجلس الأمن قبل عامين.


ورد وزير الرى على ما يقال من أن مشروعات الطاقة الكهرومائية لا تسبب أى ضرر مؤكدا أنه إذا تزامنت هذه الإجراءات الأحادية من جانب إثيوبيا مع جفاف طويل الأمد فإنها تسبب أضرارا لا تحصى للاستقرار الاجتماعى والاقتصادى فى مصر، وتجبر مليون مصرى على ترك عملهم بعد أن تدمر جزءا كبيرا من الأراضى المزروعة فى مصر.
وإذا كان الامين العام للامم المتحدة جوتيريتش قد أشار الى المياه باعتبارها "الملكية المشتركة الأثمن" فى عالمنا فإن الوزير المصرى أعاد التذكير بأن السد الاثيوبى "دون اتفاق ملزم" يمثل خطرا وجوديا يهدد حياة المصريين، مشددا على أن التعاون الفعال فى إدارة الموارد المائية المشتركة "مثل نهر النيل" أمر لا غنى عنه بالنسبة لمصر التى تعتمد بشكل شبه كلى على مياه النيل فى تأمين احتياجات أكثر من مائة مليون مواطن.


انعقاد المؤتمر ـ فى حد ذاته ـ يعنى أن العالم بدأ يعى خطورة اندلاع حروب المياه وضرورة وضع قضية المياه على الأجندة السياسية لدول العالم.. وهو الطريق الذى كانت مصر سباقة فى التمسك به فى قضية السد الإثيوبى حين ذهبت بها إلى مجلس الأمن بعد المراوغات الإثيوبية التى أجهضت كل محاولات الوصول إلى اتفاق ملزم يحفظ حقوق الأطراف الثلاثة "مصر والسودان واثيوبيا". ومازالت اثيوبيا تراوغ وتمضى فى اجراءاتها الانفرادية وحساباتها الخاطئة التى لا بديل عن تصحيحها قبل فوات الأوان.
موقف مصر الثابت لن يتغير. فى آخر تصريح للرئيس السيسى أكد أن مصر لن تسمح بالمساس بحقوقها التاريخية فى مياه النيل بينما أكد وزير الخارجية سامح شكرى أن كل الخيارات متاحة للحفاظ على أمن مصر المائى وحقوقها التى لا تنازل عنها. هل تعى إثيوبيا؟ وهل تدرك أنه لا بديل عن شراكة الخير واحترام الحقوق؟.. نرجو ذلك لمصلحة الجميع.