آباء وأمهات فى مملكة الطيور والحيوانات

الأمومة بين الحيوانات
الأمومة بين الحيوانات

آية فؤاد

لا تقل غريزة الأبوة عن الأمومة فى عالم الحيوان، حيث يشارك الأب الذكر الأم فى مهامها، بل فى بعض الأنواع توكل له هذه المهمة الصعبة بمفرده ليقوم بدور الأنثى فى معظم شئون الصغار من رعاية وحماية واهتمام، فعندما يتعلق الأمر بالحديث عن الأمومة بين الحيوانات نجد أنها الغريزة الأقوى بينهم، حيث تهتم الأم بصغارها بداية من فترة الحمل، وخير مثال على ذلك الطيور التى تقوم بتهيئة العش لوضع بيضها وحمايته حتى يتنفس، وقد يتبادر لأذهاننا أن الأب فى هذه الرحلة الصعبة مسئول فقط عن النسل دون الاهتمام بالصغار، لكن على عكس الشائع فهناك آباء فى مملكة الحيوانات يعدون مثالا واضحا على وجود غريزة الأبوة بينهم.

ويعتبر فرس البحر من أفضل الآباء فى عالم الأسماك حيث يمتلك ذكور فرس البحر كيسا تضع فيه الإناث بيضها، وبمجرد ترسيبها يقوم الذكر بتخصيب البيض ويحتضنه لمدة تصل إلى 45 يومًا حتى يظهر فرس البحر الصغير مكتمل النمو، ويعانى آباء فرس البحر على إثر الولادة من تقلصات شديدة. كما يعد طائر البطريق من أفضل الآباء فى عالم الطيور لما يوكل له من مسئولية فى الحفاظ على البيضة دافئة بعد أن تتركها الأنثى وتذهب إلى المحيط للتغذية. وفى عالم الحيوانات المفترسة، تسهر ذكور النمور والأسود والذئاب وغيرها من المفترسات لحماية الصغار وتعليمها الصيد.

العشبيات والمفترسات
مها صابر، مدير عام حدائق الحيوان، تقول إن غريزة الأمومة والأبوة فى عالم الحيوان حاضرة بشكل كبير، ومن أبرز الفصائل التى تتضح فيها مشاعر الأمومة فصيلة القرود، فهى حيوانات راقية قريبة من الإنسان تعيش فى عائلة، يكون صغيرها متصلًا بأمه طوال فترة الرضاعة التى تقارب العامين، ولكنه لا ينفصل عنها تمامًا حتى تعلمه كيف يتغذى وأنواع النباتات والأعشاب التى يلجأ إليها حسب حالته الصحية، وهى ترعى صغارها لفترة طويلة ومثلها العشبيات والمفترسات، وتتميز العشبيات كالغزلان بغريزة الأمومة بكل ما تحمله من معنى، فعند حملها واقتراب موعد ولادتها تذهب لمكان بعيد تشعر فيه بالأمان على صغارها تتمكن فيه من رعايتها وحمايتها من المفترسات، كما يحدث بأن تضحى الأم بحياتها أمام أحد الحيوانات المفترسة فى سبيل حماية صغارها.
وتضيف: بعض الحيوانات الأفريقية يكون لها موسم ولادة واحد، فأعداد الصغار من هذه الحيوانات يصل إلى ملايين، ورغم ذلك تتعرف الأم على صغارها من الصوت والرائحة، وغالبًا ما تكون هذه الأنواع مستهدفة من السباع والحيوانات المتوحشة، مثل فرس النهر فهو نوع من الحيوانات مستهدف من السباع لكن الأم دائمًا تحافظ على صغارها ضد هذه الهجمات.

ومن أكثر الحيوانات رعاية لصغارها «المفترسات»، ومنها الذئاب والسباع والكلاب البرية، كما يأتى على رأسها الأسد، فهو يعيش فى عائلة، وتتسم علاقتها بالقوة بين الأم والأب وصغارهما، حيث تحمل الأم صغارها من مكان لآخر للحفاظ عليها وتتعاون العائلة بأكملها الأم والأب والعمة والخالة لحمايتها، على عكس النمر والفهد حيث تعيش الأنثى الأم بمفردها وتحافظ عليها إلى أن تنفصل عنها حتى تعلمها الصيد.

عالم الطيور
أما عن الأمومة ودور الآباء فى عالم الطيور، فيوضح الدكتور إيهاب هلال، الأستاذ بمعهد بحوث الصحة الحيوانية، أن عالم الطيور يتشابه إلى درجة كبيرة مع الإنسان فيما يخص مشاعر الأمومة والأبوة ودرجة الاهتمام بالصغار، فالأم والأب فى عالم الطيور يدافعان عن العش والبيض والصغار بكل قوتهما باستثناء بعض الأنواع، حيث يدافع الأب والأم عن الصغار ويواجهان أى كائن قد يتعرض لها، حتى إن كان من المفترسات أو كان ذلك سيعرضها للموت، وأوضح أن فصائل الطيور تختلف خلال فترة حضانة البيض، فهناك أنواع تحتضن فيه الأم بيضها بمفردها، وأنواع أخرى يتبادل فيها الأب والأم احتضان البيض، ونوع ثالث يلعب فيه الأب دورا مهما ويحتضن البيض.
يتابع: كما يمكن تقسيم الطيور لنوعين، أولهما يُسمى بـ«مبارحات العش» (Nidifugous)، وهى التى تترك صغارها العش فور خروجها من البيض وتمشى فى مجموعات حول الأم مثل الدجاج والطيور المائية والنعام ويكون حينها الصغير لا يستطيع الاعتماد على نفسه، فتلعب الأم دورها فى تغذيته وتقوم بإرشاده إلى الأماكن التى يوجد بها الغذاء وتكسر له الطعام إلى أحجام صغيرة ليستطيع تناوله.

أما النوع الثاني، فهو الطيور غير المبارحة للعش (nidicolous) وهى الطيور التى يفقس بيضها ويظل الصغار لفترة بالعش - تختلف من نوع إلى آخر - حتى تصبح قادرة على تركه، وتتميز هذه المجموعة بالقدرة على تكوين مادة سميكة من الغشاء المبطن للحوصلة، غنية بالبروتينات والأجسام المناعية (لبن العصفور) والتى يحتاجها الصغير فى الأيام الأولى من حياته حيث تحدث تغيرات هرمونية أثناء فترة حضانة البيض، تؤدى لزيادة فى سمك الجدار المبطن لحوصلة الطائر ليتكوّن بها غدد صغيرة تنفصل عن جدار الحوصلة لتغذية الصغار. لذلك يعتمد الصغار على الأم فقط فى الحصول على الغذاء خلال الأسبوع الأول بعد الفقس فى الأنواع التى ترقد فيها الأم فقط على البيض بمفردها، وبعد الأسبوع الأول يشترك الأب مع الأم فى تغذية الصغار بغذاء نصف مهضوم، وبعد بضعة أيام، يبدأ الأبوان فى تغذية الصغار على الغذاء كما هو. ومن الأمثلة على هذه النوعية من الطيور عصافير الكناريا وطائر الحسون.

ويتبادل الأب والأم حضانة البيض فى بعض أنواع الطيور، والقاعدة العامة أن تقوم الأم بحضانة البيض خلال الليل ويقوم الأب بحضانة البيض أثناء النهار، مثلما يحدث فى الحمام واليمام، إلا أن هناك بعض الحالات الشاذة، مثلما يحدث فى النعام، حيث تقوم الأم بحضانة البيض أثناء النهار ويقوم الأب بحضانة البيض أثناء الليل وذلك لأن لون ريش أنثى النعام يميل إلى البنى الفاتح (لون الرمال)، ولون ريش الذكر أسود (حتى يتمكن من الاختفاء فى ظلام الليل).
وفى أنواع أخرى يقوم الأب باحتضان البيض بمفرده مثلما يحدث فى ذكر البطريق الإمبراطور (Emperor penguin) الذى له دور هام فى الحفاظ على البيضة بعد أن تضعها الأنثي، حيث تضع الأنثى بيضة واحدة على الجليد ليقوم الذكر بحفظها وتدفئتها فوق قدميه لمدة تصل لـ70 يومًا حتى تفقس البيضة دون أن يأكل شيئاً ويفقد أكثر من نصف وزنه خلال فترة حضانة البيضة ليعيش فى هذه الفترة على احتياطى الدهون فى جسمه، ثم تعود أنثى البطريق فى ميعاد فقس البيضة لتتولى رعاية الصغير، ويذهب الذكر إلى المحيط لجمع الغذاء لمدة قد تستغرق 3 إلى 7 أيام، ثم يعود الذكر ليشارك الأم رعاية صغيرهما ومنحه الدفء لمدة تصل لـ6 أشهر حتى يصبح قادرًا على تولى شئون نفسه.

حالات شاذة
ويشير الدكتور هلال إلى أن هناك أنواع طيور شاذة فى طبيعتها من حيث غريزة الأمومة، فنجد أنها ليس لها أى علاقة بالأمومة أو الأبوة تسمى الطيور المتطفلة (Broad parasite) مثل طائر «الكوكو» وهو طائر له أنواع وأشكال مختلفة منتشر فى أستراليا وآسيا وأفريقيا وأمريكا، وهو  طائر طفيلى يضع بيضه فى عش خاص بطيور أخرى، ولا يرقد على البيض نهائياً، وتحاول الأم التخلص من البيض الآخر الموجود فى العش لتبقى البيضة الخاصة بها هى الوحيدة فيه وتحصل على التغذية المناسبة أو قد يقوم الصغير نفسه بعد خروجه من البيضة بالتخلص من البيض الآخر ليظل بمفرده بالعش ويجعل الأب والأم المخدوعين أصحاب العش يقومون بتغذيته ورعايته حتى يتم فطامه ويستطيع الطيران، مشيراً إلى أن هناك أنواعا من الطيور تفضل الحياة الاجتماعية  فقد يتشارك منها 60 زوجا من الطيور فى شجرة واحدة وتعتمد على الأصوات التى تطلق من أحدها للتحذير بالخطر، كما تحرص الطيور خاصة المعرضة للافتراس بتنظيف العش والتخلص من إخراج الصغار للتخلص من أى رائحة قد تجذب المفترسات للعش.

عالم الأسماك
أما فى عالم البحار، فهناك أسماك تضع بيضها ويتم تخصيبه خارجيًا ولا تهتم به نهائيًا، حيث إنها غالبا ما تضعه فى أماكن يمكن أن يختفى بينها البيض أو الفقس فيما بعد، وفى أنواع أخرى تضع الأسماك بيضها وبعد تخصيبه تحميه وتزيل البيض المصاب باستمرار، وتحمى الصغار لفترة حتى تكبر مثل فصيلة «سيكليديا»، وفى بعض الأنواع (مثل الديسكاس) تفرز غذاءً من غدد بالجلد ويتجمع الصغار على هذا الجلد لتحصل على الغذاء لفترة إلى أن تبدأ فى الاعتماد على أنفسها، أما الثدييات البحرية مثل الحيتان والدرافيل وبقر البحر، فترضع صغارها مثلها مثل الثدييات تقريبًا.

 

نقلا من عدد أخر ساعة بتاريخ 22/3/2023

 

أقرأ أيضأ : قط يخترق القاعدة ويدخل فى علاقة صداقة مع كلب| صور