غزوة أحد ومعجزة هلاك أبي بن خلف علي يد أشرف المرسلين 

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

غزوة أحد من أهم المحطات التاريخية في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم والتي كانت في العام الثالث للهجرة، وكان السبب الرئيسي أن قريش أرادت أن تثأر لـيوم بدر وما حدث لهم، فما زالت تستعد حتى تجهزت لغزو الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه في المدينة، فخرجت في ثلاثة آلاف مقاتل، ومعهم سبع عشرة امرأة، فيهن هند بنت عتبة زوج أبي سفيان، وقد قتل أبوها يوم بدر، وكان هدفها هى سيدنا حمزة لكى تثأر منه لقتل أبوها ثم ساروا حتى وصلوا بطن الوادي من قبل أحد وهو جبل مرتفع يقع شمال المدينة على بعد ميلين منها مقابل المدينة ، وكان من رأي الرسول صلى الله عليه وسلم وعدد من الصحابة ألا يخرج المسلمون إليهم، بل يظلون في المدينة، فإن هاجمهم المشركون صدوهم عنها، ولكن بعض شباب المسلمين وبعض المهاجرين والأنصار، وخاصة من لم يحضر منهم معركة بدر ولم يحصل له شرف القتال فيها، تحمسوا للخروج إليهم ومنازلتهم في أماكنهم، فنزل الرسول صلى الله عليه وسلم عند رأيهم، ودخل بيته ولبس درعه، وألقى الترس في ظهره ، ثم خرج إلى المسلمين، وهو متقلد سيفه، فندم الذين أشاروا عليه بالخروج إذ كانوا سببا في حمله على خلاف رأيه وقالوا للرسول "ص" ما كان لنا أن نخالفك فاصنع ما شئت أو اقعد إن شئت، فأجابهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: “ما كان ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه”، ثم خرج والمسلمون معه في نحو ألف بينهم مائة دارع وفرسان.

مشاورة النبي لأصحابه في غزوة أحد:

جمع النبي صلى الله عليه وسلم المعلومات عن جيش كفار قريش الذي تأهب لغزو المدينة، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم البقاء في المدينة، وقال:إنا في جنة حصينة فإن رأيتم أن تقيموا وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشر مقام ، وإن دخلوا علينا قاتلناهم فيها.

خروج المسلمين:

عندما تجمع المسلمون للخروج ، رأى الرسول "ص"جماعة من اليهود يريدون أن يخرجوا مع عبدالله بن أبي بن سلول رأس المنافقين للخروج مع المسلمين ، فقال لهم "أو قد أسلموا"؟ قالوا لا يا رسول الله، قال صلى الله عليه وسلم مروهم فليرجعوا فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين ، وفي منتصف الطريق انخذل عن المسلمين عبد الله بن أبي بن سلول ومعه ثلاثمائة من المنافقين، فبقي عدد المسلمين سبعمائة رجل فحسب، ثم مضى الرسول"ص" حتى وصل إلى ساحة أحد، وجعل ظهره للجبل ووجهه للمشركين، وصف الجيش، وجعل على كل فرقة منه قائداً، واختار خمسين من الرماة، على رأسهم عبد الله بن جبير الأنصاري ليحموا ظهر المسلمين من التفاف المشركين وراءهم، وقال لهم احموا ظهورنا، لا يأتونا من خلفنا، وارشقوهم بالنبل، إنا لا نزال غالبين ماثبتم مكانكم، اللهم إني أشهدك عليهم وقال صلى الله عليه وسلم إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم أو ظاهرناهم وهم قتلى، فلا تبرحوا مكانكم حتى أرسل إليكم.

بداية القتال:

عندما بدأ القتال ونصر الله المؤمنين على أعدائهم، فقتلوا منهم عددا، ثم ولوا الأدبار، فانغمس المسلمون في أخذ الغنائم التي وجدوها في معسكر المشركين، ورأى ذلك من وراءهم من الرماة فقالوا: ماذا نفعل وقد نصر الله رسوله ؟ ثم فكروا في ترك أماكنهم لينالهم نصيب من الغنائم، فذكرهم رئيسهم عبد الله بن جبير بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم، فأجابوا بأن الحرب قد انتهت، ولا حاجة للبقاء ، فأبى عبد الله ومعه عشرة آخرون أن يغادروا أمكنتهم، ورأهم خالد بن الوليد وكان قائد ميمنة المشركين خلو ظهرالمسلمين من الرماة، فكرَّ عليهم من خلفهم، فما شعر المسلمون إلا والسيوف فوقهم، فاضطرب حبلهم، وأشيع أن الرسول قد قتل، ففر بعضهم عائداً إلى المدينة، واستطاع المشركون أن يصلوا إلى الرسول، فأصابته حجارتهم حتى وقع وأغمي عليه، فشج وجهه، وخدشت ركبتاه، وجرحت شفته السفلى، وكسرت الخوذة على رأسه، ودخلت حلقتان من حلقات المِغفر في وجنته، وتكاثر المشركون على الرسول يريدون قتله، فثبت صلى الله عليه وسلم وثبت معه من المؤمنين، أبو دجانة، تترس على الرسول ليحميه من نبال المشركين، فكان النبل يقع على ظهره، ومنهم سعد بن أبي وقاص رمى يومئذ نحو ألف سهم.

معجزة قتل أبى بن خلف:

في معركة "غزوة أحد" تحققت النبوءة ،عندما شاع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قتل ، فمشى الرسول عليه السلام بين الصفوف وكذب الخبر ، فأدرك أبيّ بن خلف وهو يقول: أين محمد؟ لا نجوت إن نجا، فقال الملسلمين : يا رسول الله ، أيعطف عليه رجل منا ؟ فقال رسول الله دعوه ، فلما أقترب منه أخذ النبي عليه السلام الحربة من حارث بن الصمة ، ثم استقبله بها ، فطعنه فيها طعنة تدحرج منها عن فرسه مرارا،مصداقاً لقول الله تعالي وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ، فلما رجع إلى قومه قريش وقد خدشه في عنقه خدشا صغيراً ، فاحتقن الدم فقال: قتلني والله محمد ، قالوا له والله ذهب فؤادك ، والله إن بك من بأس، قال أبيّ : إنه قد قال لي بمكة أنا أقتلك فوالله لو بصق عليّ لقتلني ، فمات عدو الله وهم راجعون به إلى مكة وكان يخور خوار الثور ويقول والذي نفسي بيده لو كان الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا جميعا.

وكان أبيّ بن خلف الكافر الوحيد الذي قتله رسول الله، وما سُمع أنه قتل بعدها أحداً.

حمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم:

قتل في هذه المعركة حمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم، ومثلت به هند زوج أبي سفيان، واحتزت قلبه ومضغته، فرأت له مرارة ثم لفظته، وقد حزن الرسول صلى الله عليه وسلم لمشهده حزنا عظيما فقال “لئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم، ولكن الله نهى عن المُثلة بعد ذلك”.

عدد قتلى المسلمين فى غزوة أحد:

قد بلغ عدد قتلى المسلمين في هذه المعركة نحوا من السبعين، وقتلى المشركين ثلاثة وعشرين.

وقد أنزل الله تعالى في هذه المعركة عدة آيات يضمد بها جراح المؤمنين، وينبههم إلى سبب الهزيمة التي حلت بهم، فيقول في سورة آل عمران:وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ، إن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ، وَلِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ، أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ.

المصدر مركز معلومات أخبار اليوم