ندوة تحذر من الكتابة المزيفة: الهُواة يعبثون بالتاريخ

علينا أن نتصدى إلى محاولات تغيير الخريطة الذهنية
علينا أن نتصدى إلى محاولات تغيير الخريطة الذهنية

افتتح عالم الاجتماع البارز د.أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، ندوة بعنوان «الكتابة التاريخية للجمهور العام»، التى عُقدت فى بيت السناري، مؤخرًا وتحدث فيها كل من :الكاتب الصحفى أحمد الجمال، والمؤرخ جمال شقرة، أستاذ التاريخ الحديث والمُعاصر بجامعة عين شمس، والأديبة سلوى بكر، والكاتب الصحفى سعيد الشحات، وذلك بحضور عدد من رموز الثقافة: المؤرخ الكبير د.أيمن فؤاد سيد، والمؤرخ المتميز د. أحمد زكريا الشلق، والبرلمانية د.جيهان زكي، ود.محمد رفعت الإمام وعدد من المهتمين بالتاريخ والرواية التاريخية، وقدم الندوة المفكر البارز د. سامح فوزي، كبير باحثين بمكتبة الإسكندرية.

وقد أكد د. أحمد زايد؛ أن الكتابات التاريخية دائمًا ما تدون بوجهة نظر كاتبها، وكذلك الشعب يتصور التاريخ من وجهة نظره، فالجمهور له رؤية تاريخية، وهو ما يطرح تساؤلات حول كيفية تقديم التاريخ إلى الجمهور العام وتعميق الوعى التاريخى لديهم، ومن هنا تأتى الأهمية البالغة للندوة، مشيرًا إلى أن بيت السنارى قريب من الجمهور، ولذلك تعمل المكتبة على مضاعفة أنشطته خلال الفترة المقبلة.

وفيما قال أحمد الجمال؛ إن موضوع الندوة بالغ البساطة والتعقيد فى آنٍ واحد، لأن هناك فرقًا شاسعًا بين الكتابة التاريخية للدوريات المُتخصصة وبين الصحافة اليومية، مشيرًا إلى أن الكتابة فى التاريخ تتراوح أسبابها بين قضية الهروب من الواقع والإسقاط من التاريخ على الواقع، وأحيانًا يكون اللجوء إلى الكتابة فى مراحل الانتقال.

وأضاف «الجمال» أنه منذ عهد محمد على لم يستقر لمصر تجربة ثقافية واجتماعية، ولذلك فنحن فى أمس الاحتياج إلى أن يكتمل مشروع وطنى يساهم فى تشكيل وعى مجتمعى، ونضج فكرى من أجل استنهاض فكر الأمة، وأن التاريخ شأنه شأن كل جانب إنسانى يتضمن السلبى والايجابى.

وأكد «الجمال» أن دروس حركة التاريخ الهدف الأسمى للكتابة التاريخية سواء فى الصحف اليومية أو الدوريات المُتخصصة، لكى يصل إلى المواطن المصرى والعربى حتى يتمكن من الاستفادة من تاريخه، مُضيفًا: «لم نصل إلى فلسفة التاريخ المصرى حتى الآن، والهدف الأسمى أن ينشأ وعى بحركة التاريخ.

وبينما تحدثت الأديبة الكبيرة سلوى بكر؛ عن الرواية وعلاقتها بالتاريخ وقضايا الوعى الصحيح والوعى الزائف، ومدى تاريخية النص، مشددة على أهمية الندوة التى تأتى فى وقت يحتاج إليه تعليم التاريخ فى مصر، فالجميع يعلم أن التاريخ يكتبه المنتصرون.

ولكن لمن يكتب التاريخ؟ هو المفتاح والأساس، حيث إن التاريخ هو مرجعيات الماضى لحاضر محدد، يكون فيه الشرط الزمانى المكانى ضرورة لازمة، كما أن الكتابة التاريخية تخضع لشروط.

ومن جانبه أكد سعيد الشحات؛ أن التأريخ الموجود فى الصحف اليومية غير مُوثق، كما أن الأحداث التاريخية تتركز فى الجوانب السياسية فقط، موضحًا أنه يتعامل مع التاريخ بمنطق المذاكرة، حيث يمتلك مكتبة متنوعة، ويبحث عن الصُحف القديمة، بالإضافة إلى تدوينه المستمر للأحداث ومصدرها، وهو ما يُساعده فى الكتابة.

وأشار «الشحات» إلى الإشكاليات التى تواجهه عند البحث فى التاريخ أهمها تضارب التواريخ، واللجوء إلى المذكرات التاريخية وهى مذكرات فى معظمها بائسة لأن أصحاب المذكرات يتحدثون بوجهة نظر شخصية كما أنهم يكتبونها دون التوقف عند السنوات باستثناء مذكرات محدودة فيجد القارئ نفسه تائهًا لا يعرف التاريخ الذى يقصده الكاتب.

وشدد د. جمال شقرة؛ على أن ذاكرة الأمة فى خطر الآن سواء كانت هذه المحاولة بقصد أو دون قصد لتزييف وعى الشباب وتغيير الخريطة الذهنية لهم، وتسبب فى تفاقم هذه المشكلة مواقع التواصل الاجتماعي، مُحذرًا ممن وصفهم بالهواة الذين يعبثون بتاريخ الأمة عن طريق تقديم رؤية شبه تاريخية لوقائع نعلمها جيدًا وهو ما يمثل خطرًا كبيرًا على مصر ونحن نتابع الآن حركة «الأفروسنتريك» وما حدث فى فلسطين ليس علينا ببعيد.

وأضاف أن هؤلاء الهواة ينسون السياق العام، والعيب الأخطر أن هذه الكتابات تقدم فرقعات بهدف الإثارة، كما أنهم لا يستخدمون أدوات البحث العلمي، وكان نتيجة لذلك أن يُثار كل فترة قضية الهوية والخلط فى فهم الحقائق، والمعضلة الأكبر أن هذه الكتابات تتحول إلى رواية، مشيرًا إلى أن بعض الأعمال التاريخية مليئة بالأخطاء وهنا تأتى أهمية أن يكون هناك مستشار تاريخى للعمل الدرامى وليس مراجعًا تاريخيًا فقط.

اقرأ ايضاً | مُكتشف أدغال أسرار النجوم: كدت أفقد عقلى بسبب منير مراد !

نقلا عن صحيفة الاخبار : 

2023-3-20