تقرير خاص| لماذا يشعل قانون التقاعد غضب الفرنسيين؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

من جديد أثار قانون إصلاح نظام التقاعد حالة من الغضب التي تسببت في خروج ملايين للمرة السادسة من أجل التعبير عن رفض هذا المقترح الذي تصمم الحكومة على تمريره.

"لو كان مشروع إصلاح نظام التقاعد ضروريا وعادلا، لقبلنا به وبذلنا جهودا أكثر. لكن كل الدارسات والتقارير تشير إلى أن النظام التقاعدي الفرنسي لن يعاني من عجز مالي كبير في المستقبل مثلما كان ذلك في السابق، بل بالعكس". 

اقرأ أيضًا: «بسبب الإضراب في فرنسا».. اضطرابات بحركة النقل بين باريس ولندن

هكذا عبرت إحدى المحتجات عن هذا القانون، فيما انتقدت التصريحات المتناقضة التي يدلي بها وزراء حكومة إليزابيث بورن قائلة "لقد ارتفع عدد هفواتهم اليومية بشأن موضوع التقاعد. فكلما عبّروا عن مواقفهم، كلما ارتكبوا أخطاء جديدة وفادحة كونهم في الحقيقية لا يبالون بمعاناة الفرنسيين ولا يشعرون أصلا بأنهم معنيون بالأمر".

وفي هذا الإطار، صرح، مصطفى الطوسة، الإعلامي والمحلل السياسي من باريس لبوابة أخبار اليوم، أنه مع انطلاق اليوم الوطني الاحتجاجي السادس والاضرابات المفتوحة التي قررتا المركزيات النقابة هناك تخوف لدى الحكومة الفرنسية من أن تتعقد هذه الأزمة بسبب تقارب وتشابك  المشاكل الاجتماعية. 

وأضاف الطوسة، أن الحكومة الفرنسية قررت اقتراح مشروع اصلاح التقاعد في ظرفية اقتصادية واجتماعية تتميز بتراكمات خطيرة لازمتين أساسيتين وجهتا ضربات موجهة للنموذج الاجتماعي الفرنسي. الأزمة الأولى جاءت جراء تداعياتها جائحة كورونا التي تسببت في فقدان العديد من فرص الشغل ومارست ضغطا كبيرا على الطبقات الهشة والمتوسطة، أما الأزمة الثانية فتأتي على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية والتي تسببت في تضخم غير مسبوق وارتفاع صاروخي لأسعار المال الأولية.

كما أشار المحلل السياسي الطوسة، إلى أن خروج الفرنسيين للشارع لم سكن تنديدا فقط بإصلاح نظام التقاعد بل أيضا بتدهور قدراتهم الشرائية وبالصعوبات التي يواجهونها حاليا خصوصا ذوي الدخل المحدود في ضمان مستوى معيشي مقبول، كما يبدو أن الكابوس السياسي الذي تواجهه الحكومة حاليا هي أن تتضافر هذه الأزمات الاجتماعية لتكون تيارا غاضبا موحدا ينعش عقلية السترات الصفراء بمستويات من الاحتجاج غير مسبوقة قد ترغم الحكومة اتخاذ خيارات غير متوقعة. 

كذلك حين تتحدث المركزيات النقابية وتهدد بإضرابات مفتوحة واحتجاجات طويلة الامد فهي تراهن على وفرة أسباب الغضب والحرمان الاجتماعي المتنوعة.

وبسؤاله عن مدى تأثير تلك الاحتجاجات على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أجاب الطوسة بأنه إذا أرغم ماكرون على التراجع أو على سحب هذا الإصلاح أو تغييره وفقا لما تطلبه المركزية النقابية أو المعارضة السياسية، فان ذلك سيؤثر بطريقة سلبية عليه ليس على مستقبله السياسي فهو لم يعلن ترشحه لولاية ثالثة بل سيؤثر الأمر على ما تبقى من ولايته الثانية فلن تكون بإمكانيته التقدم بأي مشروع إصلاح، وسيتحول الأمر إلى عملية شد حبال بينه وبين النقابات المعارضة.

واختتم الطوسة حديثه، بأنه يجب الانتظار لرؤية ما إذا كان ضغط الشارع أو المعارضة في البرلمان سيؤثران على ماكرون كما تراجع مسبقا آلان جوبيه عام 1995 ودومينيك دوفيلبان في 2003 وهل سيلقى نفس المصير أم سيصمد.