شباب ينحت أحلامه على أحجار الجرانيت بـ«سيمبوزيوم أسوان»

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كتب: عصام عطية

أسدل الستار على الدورة الــ27 من عمر سيمبوزيوم أسوان الدولي للنحت، بعد أن عاش 17 فناناً وفنانة على مدى شهر كامل يصارعون أحجار الجرانيت، يشكلونها رغم صلابتها، يروضونها حتى أصبحت مثل الصلصال، وجاءت أعمالهم النحتية تنبض بالحياة، شباب وفتيات حفروا أحلامهم على الجرانيت، دخلوا فى تحدٍ مع النحاتين الكبار، فرأينا أحجار الجرانيت الصلب تتحول إلى شخوص وطيور وأحلام.

تقول تسابيح محمد ما بين الحجر الخفيف كبداية وبين الجرانيت فروق كبيرة واضحة، كل خامة لها حالتها المختلفة ونسيجها وألوانها وطبيعة النحت، وتجربتي للجرانيت في السيمبوزيوم ليست الأولى لي للتعامل مع الخامة ولكن فرق الحجم وطبيعة وأجواء العمل تختلف، الجرانيت خامة صلدة راسخة تحتاج للتركيز والدقة وكما يتم ترويض الخامة وتحويلها لعمل فني قيم يتم ترويض الفنان ويتعلم الصبر والاتزان.

أما تسنيم عياد فتقول بدأ اهتمامي بالفن منذ عام ٢٠١٧ حين التحقت بكلية الفنون الجميلة جامعة الإسكندرية والتي تخرجت منها عام ٢٠٢٢ تخصص النحت الميداني. من خلال دراستي تعاملت مع العديد من الخامات منها خامة الحجر خصوصا الرخام وشاركت من قبل في العديد من المعارض الفنية تم اختياري للمشاركة في سيمبوزيوم أسوان الدولي للنحت في دورته الـ٢٧، وكانت هذه المرة الأولى لي للمشاركة بسيمبوزيوم دولي وكانت الاستفادة منه اكتساب خبرة فنية أكثر من خلال التعامل مع خامة صلبة مثل الجرانيت ومن خلال الاحتكاك بفنانين أصحاب ثقافات مختلفة.

شاهيناز مجدي خريجة فنون جميلة جامعة الإسكندرية عن سيمبوزبوم أسوان تقول كانت التجربة مختلفة وكانت المرة الأولى لي كورشة وكتله الحجر كانت حوالي ١٠٠ × ٦٥سم على ارتفاع ٦٠سم فكان من المفروض إيصال تلك الكتلة للشكل المطلوب الذي هو عبارة عن طائر محلل بشكل هندسي لإيصال إحساس اللحظة التي تسبق البداية وهي لحظة الاستعداد للانطلاق والحرية في بداية الأمر كانت الكتلة ضخمة وصعبة في السيطرة عليها إلى أن توصلنا إلى المقاس الذي ستبدأ منه الكتلة بالخروج عن طريق التشريط بالصاروخ الخمسة بوصات الذي نعتمد عليه في النحت على الأحجار لأنه أخف في الوزن وأريح لنا كفانين.

وأتاح لنا السيمبوزيوم الدسكات والأزاميل والمطارق الخاصة بالعمل مع الاستعانة بمساعد ليقوم بقطع الكتل الكبيرة مع توزيع الجهد ما بين الفنانين والمساعدين لإنجاز ذلك العمل بالشكل المطلوب فكان مني أنا كفنانة أن أرسم القطع المراد إزالتها بالصاروخ الـ٩ بوصات للمساعد وفي بعض الأحيان كنت أستخدمه أنا أيضاً مع استخدامي للمطارق والأزاميل على سطح الجرانيت لأنه سبق لي أن عملت من قبل على نحت الرخام الذي هو أرق بكثير من الجرانيت لأن الجرانيت يتميز بالصلابة والكتلة المتماسكة المكونة في داخلها من معادن تساعد على زيادة الصلابة.

أما برجوا النجار فيقول: اعتمدت في تجربتي أثناء المشاركة في سيمبوزيوم أسوان على الشمس كعنصر رئيسي في التكوين ولا يمكن التخلي عنها، لتحقيق نفس الغرض الذي اعتمده المصري القديم في تعامدها على وجه رمسيس الثاني بمعبد أبو سنبل مرتين كل عام، حين تمكنت من السماح لأشعة الشمس بالمرور بنفس المنطق الهندسي والفلكي من خلال مجرى بداخل العمل الفني، مستقبلاً الضوء في النهاية على بلورة زجاجية، وقد استهدف يوم ٨ مارس تحديداً.

اقرأ أيضًا | مصمم تمثال مجدي يعقوب: استغرق 22 يومًا ومصنوع من الجرانيت الأحمريوم المرأة العالمي حيث تتعامد الشمس على

الكتلة وعابرة من خلالها، وذلك لقناعتي أن تحضر المجتمع يقاس بمدى الحرية التى تتمتع بها نساء هذا المجتمع، وهذا المفهوم هو ما دفعني لعمل تكوين ذي طابع أنثوي من كتلة من الجرانيت الأسود الصلب متجهاً إلى الأعلى نحو الشمس، لتسمح لأشعتها بالمرور في هذه الكتلة لتسجيل تلك اللحظة الفارقة في تاريخ  صراع المرأة من أجل نيل حقوقها فالمرأة كالشمس أيضاً لا يمكن إخفاؤها ولا تجاهل قوتها.

وفى حفل الختام قالت الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة: «إن لمحافظة أسوان خصوصية، ومكانة كبيرة لدى الدولة المصرية، ولسمبوزيوم أسوان الدُولي لفن النحت تلك المكانة والخصوصية لدى وزارة الثقافة، فمنذ أن أسس الفنان العالمي الراحل «آدم حنين» ملامح هذا السمبوزيوم، استمر هذا المحفل الفني في رحلة إبداعية استثنائية على مستوى العالم، ليكون هو الأطول على مستوى العالم لفن النحت على الجرانيت.

وأكد الدكتور هاني أبو الحسن، رئيس صندوق التنمية الثقافية أن سيمبوزيوم أسوان الدولي للنحت، يمثل أبرز الأنشطة التى ينظمها قطاع صندوق التنمية الثقافية بوزارة الثقافة، لما لها من قيمة فنية متفردة، هذه القيمة التى توجتها مشاركات كبار الفنانين العالميين في فنون النحت، على مدار دورات الملتقى. 

وتابعت: «وانطلاقاً من هذه الأهمية تضافرت جهودنا جميعاً، من أجل  أن تخرج هذه الدورة بالشكل الذي يليق بتاريخ هذا الملتقى الفني العريق، وتلاقت رؤيتنا مع اللجنة العليا للسمبوزيوم في أن يكون شعار هذه الدورة «مصر القوية»، ويعبر عنها أحد أهم الأعمال الفنية المصرية في مجال النحت على الجرانيت، وهو تِمثال «الملك خفرع» النادر من حجر الديوريت». 

وقال ناثان دوس قومسيير عام السيمبوزيوم: «يُعد فن النحت أحد الفنون الصامتة، ومن يختاره للاحتراف فيه، لابد أن يمتلك الأدوات المناسبة للتعامل معه،  حتى يكون وسيلةً للتعبير والتواصل، فأصبح السيمبوزيوم قبلة ومقصِدا تشد إليه الرحال».

اقرأ أيضًا | لقطة الأسبوع لتمثال «زعيم الأمة»