«السوشيال ميديا» وسيلة جديدة لابتزاز الشركات والمطاعم.. كيف بدأت ومن ورائها؟

السوشيال ميديا
السوشيال ميديا

محمد عطية

 بعد دخولك المطعم، وتناول ما طلبته من المأكولات، يأتى اليك «الجرسون» بفاتورة الحساب، ومعه ورقة تقييم، تشمل جودة الطعام، أجواء المكان، ومستوى الخدمة المقدمة.. بعضنا يقيّم حسب وجهة نظره، ويدون الملاحظات إن وجدت، والبعض ينصرف دون وضع التقييم الذى تحرص عليه اغلب المطاعم أو «الكافيهات» الشهيرة».

كل هذا طبيعى، لكن مع التطور التكنولوجى، استغل البعض هذا التقييم طريقًا جديدًا لممارسة اعمال النصب والابتزاز، مستغلاً صفحات «السوشيال ميديا» الضخمة، خاصة ممن يمتلك اصحابها متابعات بالآلاف وربما ملايين؛ لكسب ارباح واموال وهدايا قيمة من اصحاب المطاعم الشهيرة، وللأسف هناك من يخضع لعملية الابتزاز خشية خسارة تجارته، أو بمعنى أدق حتى لا يفقد زبائنه.


الموضوع خطير خاصة مع ظهور هذا النوع الجديد من النصابين والمحتالين، والأمر لا يتعلق فقط بالمطاعم أو «الكافيهات الشهيرة»، بل وصل إلى حد ابتزاز الشركات والمؤسسات الكبيرة، ممن تقدم اعمالاً خدمية للجمهور.


تفاصيل ما يحدث، أو بمعنى أدق تفاصيل عمليات الاحتيال والابتزاز الجديدة نكشفها عبر السطور التالية.

كان علينا الإشارة فى البداية إلى امر هام، خاصة وأن هناك فارقًا جوهريًا بين الزبائن الفعليين للمطعم او الكافيه أو الشركة او المؤسسة التى تقدم الخدمة، وهو من يضع تقييمًا صحيحًا من أجل المساهمة في جودة الخدمة المقدمة، وبين اصحاب المصالح أو المبتزين الجدد مما وجدوا صفحات «السوشيال» الخاصة بالمطاعم والكافيهات والشركات والمؤسسات الجديدة طريقًا جديدًا لابتزازهم؛ بأن يضعوا تقييمات سيئة، ليست لها أى علاقه بالواقع، من أجل ابتزاز اصحاب وإدارات هذه الأماكن التى تقدم خدمات، ومن ثم ارضائهم بالرشاوى والهدايا من أجل اسكاتهم أو الكف عن آذاهم.

المثير أن بعضا من هؤلاء المبتزين ليس لهم علاقة بهذه الاماكن من قريب أو بعيد، تجده لم يشتر المنتج، أو دخل المكان من الاساس، ولكنه يضع تقييمًا مشينًا يشير إلى سوء الخدمة المقدمة، أو المنتج الذى يدعي انه اشتراه من هذا المكان.
وأخطر ما فى هؤلاء المبتزين من يستخدم صفحات «السوشيال ميديا» التى يتابعها آلاف واحيانًا الملايين، ويقوم بعمل «منشن» إلى الشركة، أو المؤسسة» أو المطعم، أو الكافيه».
بضعة سطور مكتوبة بعناية، ومعها ضغطة زر، يكسب من ورائها هؤلاء المبتزين مئات وأحيانًا آلاف الجنيهات بعد أن تحاول الجهة المقدمة للخدمة إرضاءهم فى محاولة منهم لإسكاتهم عن أفعالهم المشينة والمضرة للمكان.

بين الحقيقة والوهم
رصدت «أخبار الحوادث» العديد من الشكاوى الصادرة من بعض المستهلكين ضد بعض المطاعم الشهيرة والمنتجات الغذائية التابعة لأحد المصانع المعروفة، أول شكوى من «محمد.س» بدأ قائلاً فيها: «اشتريت بسكويت من أحد منتجات المصانع الغذائية وبعد فتحه وجدت أن في واحدة موجودة والأخرى «متاكل» منها، وتابع؛ قد يكون الموضوع «تافه» لكنه يتعلق بصحة اطفالي في المقام الأول، وحقيقي وقتها صورتها وارسلت شكوى للشركة، وما كان منهم إلا أن ارسلوا لي علبة كاملة كنوع من الاعتذار».
 ويستكمل «مجدي.ك» قائلاً: «دائمًا كنت اجد «بلوى» في المنتجات الغذائية، والكوارث أكثر في أكل المطاعم الجاهزة، كنت فى البداية أكتفي بالابتعاد عن هذا المنتج، لكن آخر مرة وجدت «صرصار» كامل في سندوتش، وهنا ثار غضبي، ووقتها كنت أجلس على إحدى منصات التواصل الإجتماعي ووجدت جروب مخصص لتلك المشاكل، وبالفعل صورت السندوتش وكتبت مشكلتي بالكامل، وقتها وجدت مسئول المطعم يتصل بي ويعتذر، بل طلب مني الحضور على العشاء كنوع من الترضية لي».

جروب فضائح
وكان بدورنا أن نبحث عن هذا الجروب الذى يحوى المئات من الشكاوى من هذا النوع، ربما بعضها حقيقى، لكن المؤكد أن هناك الكثير منها يضع تحت بند الابتزاز الإلكترونى، وبمجرد دخولنا فوجئنا بالعديد من الشكوى كـ «اشتريت زجاجتين عصير كبار وطلعوا حمضانين وبايظين وهما لسة في الصلاحية مبقالهمش يومين على بعض، وقتها كتبت تعليق على صفحة الشركة كون المشكلة تكررت معايا أكثر من مرة، تواصل مسؤولو الشركة معايا بالفعل على الخاص وأخذوا بياناتي وصور العصاير البايظة وتواريخها، اتفاجئت بعدها بـ ٣ ايام بمندوب من عندهم بيتصل عليا وبيسأل على العنوان بالظبط، ولقيته بيقوللي أنهم باعتين هدية من بعض منتجاتهم، وحقيقي شكرًا جدًا على الاهتمام منهم».

شكوى أخرى يدعى صاحبها بأنه اشترى مناديل «ريحتها وحشه»، ساعات قليلة وعدل منشوره قائلاً : «مسئولو الجودة بمصنع المناديل تواصلوا معايا وبدلوا المناديل وهاجرب الجديد واقولكم اخبارها ايه؟، وهاشوف نتيجة فحص العبوات التانيه».
شكوى أخرى تقول صاحبتها: «طلبت عصير تفاح لتر وجيت فتحته كان الغطا معلق روحنا قصينا العلبه من الجنب والعصير طلعلنا المنظر ده في الكوبايه، حاجه مخاطيه غريبه، وبعت ليهم على البيدج امبارح بعد ما لقينا ده بعشر دقايق و قالوا حد يتواصل معايا ومحدش كلمني من ساعتها، العلبه تاريخ إنتاجها جديد ومعتقدش ان ده سوء تخزين، ومنظر الحاجات اللي كانت في العلبه مقرف جداً، و للاسف كنا شربنا منها قبل ما نكتشف دي».

كشف المستور
من جهته اشتكى مسئول أحد المطاعم في أحد المنشورات مشيرًا أنهم استقبلوا العديد من الرسائل لأشخاص يطلبون هدايا مقابل حذف منشورات وتعليقات، كما ذكر أنه جاء فى الرسالة أيضا إنه إذا لم يتم ارسال كوبون هدية بقيمة عالية، فسوف ينشر المزيد من التقييمات والمنشورات والتعليقات السلبية.

كما ذكر مسئول آخر لإحدى الشركات قائلًأ: وجدت عميلة بعد شرائها منتج وبعد فترة كبيرة عادت لاسترجاع المنتج وعندما رفضنا هددتنا قائلة: «إن لديها صفحة وجروب وعدد كبير من الجمهور والمتابعين وهعملكم فضائح واحذر الناس منكم».
وتابع؛ في حقيقة الأمر رغم العديد من الشكاوى التي قد تكون حقيقية، ومن حق العميل بالفعل سواء من أجل الجودة أو سواء من أجل تاريخ الصلاحية، وفي بعض الأوقات تكون بسبب سوء تعبئة، لكن يوجد أيضًا منها مفتعله، بصرف النظر أيا كانت الشكوى سواء حقيقية أو مفتعلة، ففي تلك الأحوال ستجد مسئولي تلك المطاعم والشركات والمصانع الذين أصبحوا يتابعون شكاوى العملاء على منصات السوشيال ميديا المختلفة يتلقون سواء الشكوى أو الافتراءات في بعض الأحيان ويستجيبون لها سريعًا، وتجد هؤلاء المسئولين يفعلون المستحيل من أجل رضاء العميل، ولأجل الحفاظ على المكان سواء بتعويضهم ببديل من نفس المنتج أو بالعديد من منتجات الشركة كنوع من الهدايا لتحسين صورة المصنع او المطعم أو اي كان اسمه.
للأسف نحن أمام ظاهرة كارثية، وهي ابتزاز العديد من الشركات والمطاعم وغيرها بسبب تلك التعليقات والتقييمات والمنشورات السلبية الكارثية للمطاعم أو الشركات، سواء بغرض مادي أو لصالح مطعم او شركة أخرى، والذي قد يؤدى إلى خسارة كبيرة لهم وقد يقودهم فى النهاية إلى إغلاق هذه المطاعم أو تغيير اسمائهم.

العقوبة القانونية
  وبالتواصل مع عبدالله جمال المحامي بدأ حديثه قائلاً: حدد قانون الغش والتدليس رقم 48 لسنة 1941 والمعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994، القواعد الخاصة بجريمة الغش التجارى والعقوبات المترتبة على ذلك بالقانون، حيث نص القانون على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تتجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع فى أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق.


كما حدد القانون حالات الغش فى ذاتية البضاعة إذا كان ما سلم منها غير ما تم التعاقد عليه، حقيقة البضاعة أو طبيعتها أو صفاتها الجوهرية أو ما تحتويه من عناصر نافعة، وبوجه عام العناصر الداخلة فى تركيبها، نوع البضاعة أو منشأها أو أصلها أو مصدرها فى الأحوال التى يعتبر فيها بموجب الاتفاق أو العرف النوع أو المنشأ أو الأصل أو المصدر المسند غشا إلى البضاعة سببا أساسيا فى التعاقد، عدد البضاعة أو مقدارها أو مقاسها أو كيلها أو وزنها أو طاقتها أو عيارها، فتكون العقوبة هى الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه، ولا تجاوز ثلاثين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر او بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت او شرع فى ارتكابها باستعمال موازين أو مقاييس أو مكاييل أو دمغات أو آلات فحص أخرى مزيفة أو مختلفة أو باستعمال طرق أو وسائل أو مستندات من شأنها جعل عملية وزن البضاعة أو قياسها أو كيلها أو فحصها غير صحيحة، وقررت محكمة النقض فى أحكامها «يكفى لتحقق الغش خلط الشىء أو إضافة مادة مغايرة لطبيعته أو من نفس طبيعته ولكن من صنف أقل جودة بقصد الإيهام بأن المادة المخلوطة خالصة لا شائبة فيها أو بقصد إظهارها فى صورة أحسن مما هى عليه.

أما التهمه التي قد تواجه شخص شهر أو ابتز مطعم أو مصنع على صفحات السوشيال ميديا من أجل أهواء شخصية او ابتزاز مادي، فهذا يسمي ابتزاز الكتروني تتم محاكمته بقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، حيث يعاقب كل من يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي بهدف ارتكاب جرائم معين بعقوبة تصل إلى الحبس من 6 أشهر إلى 5 سنوات حسب حجم الجرم، بالإضافة إلى فرض غرامة بحد أدنى 100 ألف جنيه.

أما أذا قدم شخص بلاغا متهما مكانا أو مطعما بأنه يقدم طعاما فاسدا أو منتهي الصلاحية وبعد الإجراءات اللازمة تم الكشف أنه صالح فيندرج ذلك تحت جريمة البلاغ الكاذب وهو تعمد إخبار إحدى السلطات العامة كذبا، ما يتضمن إسناد فعل معاقب عليه إلى شخص معين بنية الإضرار به وأيضا هي إخبار بواقعة غير صحيحة تستوجب عقاب من تسند إليه موجه إلى أحد الحكام القضائيين أو الإداريين ومقترن بالقصد الجنائي، وعقوبة البلاغ الكاذب هي عقوبة القذف المنصوص عليها في المادة 303 عقوبات وهي الحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن آلفين وخمسمائة جنيه ولا تزيد على سبعة آلاف وخمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.

نقلا من عدد أخبار الحوادث بتاريخ ٢/٣/٢٠٢٣

 

أقرأ أيضأ : حزب العدل ينظم فعالية لإطلاق مبادرة «كوني حذرة» لمكافحة الابتزاز الإلكتروني