كلمات كطلقات الرصاص تقضى على حياة «رودينا»

رودينا
رودينا

محمد عطية

«..شكلك وحش..انتي مش شايفة نفسك عاملة ازاي.. أنتي مش مستوانا خالص.. أنتي ازاي مستحملة نفسك كده»، بهذا الكلام القاسي الذي يشبه الرصاص والذي سمعته الطالبة الصغيرة البريئة، كان السبب في جلوسها وحيدة دون طعام وشراب ليتطور الأمر بدخولها في حالة اكتئاب شديدة، إلى أن وصل الأمر من كثرة حزنها إلى وفاتها بأزمة قلبية حادة، هذا ما حدث مع «رودينا.أ» بسبب تنمر زميلاتها عليها في المدرسة، تفاصيل أكثر إثارة سوف نسردها لكم داخل السطور التالية .

«رودينا.أ» طالبة عمرها 16 عامًا هادئة الطباع طموحة للغاية في الصف الأول الثانوي بمدرسة «دار.ا» الخاصة بمنطقة فيصل، تمكث مع اسرتها الصغيرة بمنطقة الهرم بمحافظة الجيزة، يصفها الجميع بالفتاة الجميلة البريئة التي تشبة الملائكة بالإضافة إلى تفوقها الدراسي الذي يشهد به الجميع كونها كانت من الأوائل على المدرسة دائمًا طيلة حياتها.

دائمًا كان زملاؤها بالمدرسة يسخرون منها كونها تمتاز بالطيبة والهدوء الشديد، إلى أن ازداد الأمر سوءًا ووصل لكتابة أسمائهن على الكرسي «الديسك» الخاص بها بجانب افتعال مشكلات أكثر معها كونها تصمت ولا تحب المشكلات.. إلى أن كانت النهاية منذ أيام فتوجهن بعضهن الى «رودينا» بعبارات تنمر كـ «انتي إزاي مستحملة شكلك ده.. انتي مش شايفه شكلك عامل إزاي.. انتي مش من مستوانا خالص عشان تلعبي معانا»، تلك الجمل التي وقعت على أذن «رودينا» كرصاص؛ تسببت في دخول الصغيرة في نوبة بكاء، هرولت سريعًا الى المنزل وهي في حالة انهيار بل وظلت تبكي بحرقة شديدة، فبمجرد دخولها جلس والدها بجانبها لمعرفة السبب وبمجرد ما سكت بكاؤها ضمها إلى حضنه في محاولة لتهدئتها، وأكد لها أنه لا داعي للقلق كون مثل هذه الأمور عادية بين الطلاب، وانه سيذهب لتحرير شكوى ضدهم، لكن الأمر ذاته لم ينته لها..؛
هرولت الصغيرة الى غرفتها، جلست تبكي قررت عدم الذهاب الى المدرسة، مر يوم تلو الآخر ومازالت «رودينا» في حالة سيئة بل وصل الأمر الى جلوسها وحيدة تلوذ بغرفتها بل امتنعت عن الأكل والشراب لتزداد حالتها سوءًا.

كلماتها الأخيرة
جلست برفقتها شقيقتها لتتحدث معها عن سبب حزنها وعزلتها، فروت لها ما حدث لتختم حديثها بسؤل؛ «هو أنا فعلاً شكلي وحش ؟» وبمجرد انتهائها من السؤال سقطت على الأرض فجأة لتفارق الحياة حزنًا، فصرخت شقيقتها فهرول الجميع تجاه الغرفة فظنوا أن «رودينا» اغشي عليها بسبب هبوطها لامتناعها عن الطعام والشراب، سرعان ما اتصل والدها بالإسعاف التي حضرت وقبل وصولها للمستشفى لفظت أنفاسها الأخيرة نتيجة هبوط حاد بالدورة الدموية، في الوقت ذاته تلقت غرفة عمليات النجدة بالجيزة، إشارة من المستشفى تفيد باستقباله جثة إحدى الفتيات، تدعى «رودينا» تبلغ من العمر 16 سنة، دون إصابات ظاهرية، وبتوقيع الكشف الطبي عليها؛ تبين أنها تعرضت لأزمة قلبية حادة، ولم يشتبه في وجود شبهة جنائية بالحادث، وبانتقال رجال المباحث، وبسؤال والدها عن ملابسات الحادث، أقر بأن ابنته «رودينا» سقطت مغشيًا عليها داخل شقتهم، بعد تعرضها لأزمة نفسية، بسبب تنمر زميلاتها عليها بالمدرسة، بل امتنعت عن الطعام والشراب لعدة أيام الى أن ومنذ قليل توقفت عن الحركة والتنفس، فطلب سيارة الإسعاف ونقلها إلى المستشفى لكنها كانت قد فارقت الحياة قبل وصولهم، وتم التصريح بدفنها بمقابر العائلة.

تحقيق
في الوقت ذاته فتحت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني تحقيقًا عاجلا في الواقعة من جانب الشئون القانونية بالوزارة بعد أن تلقت شكوى رسمية من قبل المدرسة وأهل الطالبة المتوفاة نتيجة للتنمر، ووضحوا أنه في حالة انتهاء التحقيقات بثبوت صحة الواقعة، سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المتسبب في الوفاة بلا تهاون.

وكان الدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، قد أصدر تعليمات للمديريات التعليمية قبل بدء العام الدراسي الجاري بمنع كافه أشكال العنف والتنمر داخل المدارس، كما شددت وزارة التربية والتعليم على تفعيل دور الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين في التصدي لهذه الممارسات بين الطلاب، ومتابعة سلوكيات الطلاب داخل المدارس من كافة الجوانب التربوية، والتعليمية، والصحية، والنفسية، بما يضمن الانضباط الذاتي للطلاب داخل وخارج المدرسة.
وبالتواصل مع الدكتور عماد حمدي استاذ علم النفس بدأ حديثه قائلاً: في البداية يجب توضيح ما هو التنمر؟، التنمر هو أحد أشكال العنف الذي يمارسه طفل أو مجموعة من الأطفال ضد طفل آخر أو إزعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة، وقد يأخذ التنمر عدة أشكال متعددة كنشر الضرب أو مهاجمة الطفل المتنمر عليه بدنيًا أو لفظيًا، أو عزل طفل ما بقصد الإيذاء أو حركات وأفعال أخرى كـ «التريقة» تحدث بشكل غير ملحوظ، لكن لازم يكون عندنا أسس نربي بها أولادنا؛ لأن التنمر سلوك عدواني بل وأبشع أشكاله الذي يمارس بين الطلاب في المدارس سواء بالعنف المباشر أو غير المباشر، ومعظم الكلمات البسيطة سواء سلبية أو إيجابية تؤثر في نفسية الطفل وفي طبيعة شخصيته، اما ما تعرضت له «رودينا» فنستطيع أن نقول علية تنمر غير مباشر وهو تهديدها بطريق «التريقة» على شكلها أو ملابسها والاستهزاء بها، ليختم حديثة قائلاً:التنمر ينتج عنه آثارًا سلبية خطيرة عند الاطفال الذين يتم التنمر عليهم، كما يمنحهم شعورًا بالعجز والنقص وعدم التكيف الاجتماعي، فلذلك من أولويات الواجبات التي يجب على اولياء الأمر تحقيقها لابنائهم هي العمل على زيادة ثقتهم بأنفسهم من خلال مدح صفاتهم الإيجابية أو تنسيق ملابسهم وطريقة تفكيرهم أو تميزهم في لعبة رياضية أو طريقة مذاكرته وأي شيء يميز الطفل لتعزيز ثقته بنفسه من خلال التركيز على المميزات المختلفة سواء عاطفية أو ذهنية، لأن ثبتت بإحدى الدراسات أنه ينتحر حوالي 15 إلى 25 طفلاً كل عام نتيجة تعرضهم للتنمر.

القانون
ليستكمل الحديث اسلام محمد المحامي قائلاً: يتصدى أول قانون للتنمر والذي صدق عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي برقم (189) لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم (58) لسنة 1937 لاقتراف جريمة التنمر من فرد أو مجموعة بعقوبة صارمة، ويعاقب المتنمر وفقا للقانون بالنص على أنه مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 30 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، أما في حالة وقوع جريمة التنمر من قبل شخصين أو أكثر، فإن العقوبة التي يتم تطبيقها على المتنمر تتمثل في الحبس لمدة لا تقل عن العام، مع دفع غرامة مالية لا تقل قيمتها عن ٢٠ الف جنيه، ولا تزيد قيمة الغرامة على ١٠٠ الف جنيه.

اقرأ أيضا| بعد واقعة وفاة طالبة.. علامات تخبرك بأن ابنك يتعرض للتنمر

 

نقلا من عدد أخبار الحوادث بتاريخ ٢/٣/٢٠٢٣