فخ سينمائي أوقع بشعبية ليام نيسون

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كتبت: إنجي ماجد

تأتى شخصية المحقق “فيليب مارلو”، والتى ابتكرها الأديب الكبير ريموند تشاندلر، من أكثر الشخصيات الروائية غموضًا وعنفًا؛ فهى تمثل العالم المظلم والعنيف الذى كان عنوانًا لكتابات تشاندلر المثيرة؛ وكانت شخصية “مارلو” هى تجسيد ذلك العالم؛ الذى كان بمجرد ذكر اسمه يتبادر إلى الذهن أوصاف كثيرة؛ مثل كونه قاسٍ صاحب قبضات فولاذية؛ ساخر إلى أبعد الحدود؛ فى حين تأتى الأناقة فى نهاية الصفات التى تغلف شخصيته؛ ورغم ذلك لم يختر المخرج “نيل جوردان” سوى صفة الأناقة؛ والتركيز عليها أكثر من باقى الصفات؛ عندما قرر أن يقدم فيلم عن ذلك المحقق المحنك؛ فى أحدث أفلامه Marlow ؛ والذى يأتى كآخر محاولة سينمائية من بين العديد من المحاولات؛ ﻠ “صب” النبيذ القديم لأدب “ريموند تشاندلر” في زجاجات جديدة؛ ثم بيع الخليط المصنوع على أنه عتيق؛ وهو لا يمت لذلك العصر القديم بصلة.

ينتمى الفيلم لسينما New Noir التى يغلب عليها استخدام عناصر السينما المظلمة؛ تبدأ الكارثة بإختيار النجم “ليام نيسون” البالغ من العمر 70 عامًا لتجسيد شخصية “مارلو”؛ والتي كانت تبلغ من العمر 38 عامًا في روايات ويليام الأصلية؛ ولا عجب أن “جوردان” قد صنف فيلمه على أنه ينتمى لسينما الخيال العلمى؛ واعترف أن ملهمه الرئيسي فى تقديم ذلك الفيلم لم يكن “تشاندلر” مبتكر الشخصية؛ ولكن عملاق الاخراج “ريدلي سكوت”.

نشاهد فى الفيلم “مارلو” يبحث عن رجل مفقود؛ ربما يكون قد تعرض للقتل يدعى “نيكو بيترسون”؛ وهو حبيب سابق لسيدة المجتمع الثرية “كلير كافنديش”؛ والتى كانت فى الرواية الأصلية وريثة لدار عطور؛ ولكن فى الفيلم قرر السيناريست “ويليام موناهان” تحويلها إلى ابنة نجمة سينمائية سابقة؛ ظلت حياتها متشابكة لسنوات مع عملاق سينمائي أمريكي.

يأتى الفيلم على أنه ربما يكون محاولة من جانب مخرجه؛ لتقديم عمل يتفوق فى قيمته الفنية؛ على أفلام الثلاثى الراحل “همفرى بوجارت، ديك باول، وروبرت ميتشوم”؛ وهم الذين برعوا فى تجسيد شخصية مارلو على الشاشة الفضية فى العصر الذهبى لهوليوود؛ وكانت أفلامهم “Murder My Sweet” و “The Big Sleep” و “Farewell My Lovely” ؛ من علامات السينما الراقية المتميزة؛ ولكن جاءت محاولة جوردان مع الأسف ضعيفة بشكل لا يصدق.

اقرأ أيضًا | فيلم House of Gucci .. واقع من إمبراطورية الأزياء

فأشباح هؤلاء الممثلون العظام لازالت تسيطر على محبى ذلك اللون السينمائي؛ وبالتالى لن ينجح أى نجم حتى ولو كان ليام نيسون نفسه - ولا تنسى أنه تجاوز السبعين من عمره - فى أن يقنع الجمهور بأنه “فيليب مارلو” الذى لا يقهر؛ اختيار نيسون فى حد ذاته كان خطأ فادح؛ ولو كان جوردان اختاره بسبب طوله المفرط؛ فهذا ليس بالسبب المقنع أبدًا؛ المثير للسخرية أن Marlow يحمل رقم 100 فى مسيرة نيسون السينمائية؛ وبدلا من أن يأتى كعلامة مميزة مثل رقمه؛ كان بالنسبة للنجم الايرلندى الكبير أقرب إلى فخ سقط بداخله دون مقاومة؛ ويبدو أن نيسون قد اعترف على نفسه ضمن أحداث الفيلم؛ بعدم صلاحيته للعب هذا الدور؛ ففى مشهد لمشاجرة بالأيدى قال وفقًا للسيناريو المكتوب:” لقد تقدمت فى السن جدًا على هذه المشاجرات”.

فهل لم ينتبه السيناريست ويليام موناهان أن ما يقوله نيسون هو شيئًا واقعيًا كان يجب الأخذ به ؟.