«مصر والمجر».. جسور تعاون تقود لمستقبل مشرق ببين البلدين

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم بقصر الاتحادية، ڤيكتور أوربان رئيس وزراء المجر.

وعقد الرئيس السيسي ورئيس الوزراء المجري اليوم الثلاثاء 28 فبراير مؤتمرا صحفيا عقب اللقاء الذي سيجمعهما.

«ترابط وثيق منذ سنوات» .. هكذا كانت العلاقات المصرية المجرية على مر العصور، وتستعرض بوابة أخبار اليوم خلال التقرير التالي أبرز المحطات في تاريخ العلاقات بين البلدين.

بداية العلاقات الدبلوماسية

بعد انفصال المجر عن الإمبراطورية النمساوية في عام 1928 ، تم تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين رسميًا عندما أصبحت مصر أول دولة عربية أسست فيها المجر بعثة دبلوماسية في عام 1939 ، وبعدها تم إرسال سفير مصري إلى المجر في عام 1948.

بعد ثورة 1952 ، عمقت مصر أيضًا علاقاتها مع المعسكر الشرقي وتبنت سياسات اشتراكية، مما أدى إلى توسع كبير في العلاقات المصرية المجرية بالإضافة إلى زيادة حجم التبادل التجاري. 

استوردت مصر المعدات الحديثة والميكنة الزراعية من المجر، وخلال الحقبة الشيوعية، توافد الطلاب المصريون على الجامعات المجرية، حيث تخرج 600 طالب مصري في الجامعات المجرية بشهادات في العلوم والرياضيات والهندسة والطب والزراعة، من بينهم العديد من كبار أساتذة الجامعات المصريين الذين شغلوا مناصب عليا في المجر وحصلوا على أعلى درجات الشرف من قبل الدولة المجرية.

وفي عام 1910 تزوج الخديوي عباس حلمي الثاني من الكونتيسة النمساوية المجرية ماريان توروك فون سيندرو وبنى لها قصر سلاملك في المنتزه بعد أن اعتنقت الإسلام وغيرت اسمها إلى الأميرة جاويدان هانم عبد الله.

كما أعلنت المجر ، الجار المباشر لأوروبا ، وهي عضو في الاتحاد الأوروبي ، دعمها الثابت لانضمام مصر إلى مجلس الأمن الدولي، حيث ترى المجر أن استقرار مصر هو أفضل ضمان لاستقرار الشرق الأوسط. 

بالإضافة إلى ذلك، دعمت القاهرة محاولة المجر لعضوية مجلس حقوق الإنسان في جنيف للفترة 2016-2017.

وبعد ذلك تم إنشاء أول جمعية صداقة برلمانية مصرية مجرية بالبرلمان المجري في يوليو ٢٠١٠ وبدأ تسيير 7 رحلات لمصر للطيران اسبوعياً اعتباراً من أول يوليو ٢٠١٠، وصل عدد السائحين المجريين إلى مصر أكثر من 65 ألف سائح سنوياً.       

علاقات سياسية

بالنظر إلى أن المجر كانت من أوائل الدول التي دعمت ثورة 30 يونيو ومطالب الشعب المصري في ذلك الوقت، فإن البلدين، مصر والمجر، لديهما علاقات تعاون نموذجية على مختلف المستويات. 

في إطار سياسة الانفتاح على الشرق، هنأ رئيس الوزراء فيكتور أوربان الرئيس عبد الفتاح السيسي بفوزه في الانتخابات الرئاسية في 13 يونيو 2014، وأكد أن مصر شريك استراتيجي لبلاده، ووجه أوربان  دعوة رسمية الي الرئيس السيسي لزيارة المجر.

وقال أوربان  "نأمل في أن تستمر العلاقات الممتازة بين البلدين وأن تتطور بشكل كبير في المستقبل، ولذا أدعو سيادتكم الي زيارة رسمية لبودابست".    

رأت بودابست أن الحرب التي يخوضها الجيش والشرطة في أجزاء مختلفة من مصر هي أيضًا دفاع عن أمن المجر لأن خطر الإرهاب يهدد الجميع، حيث كانت المجر من أوائل الدول التي دعمت مصر في الحرب ضد الإرهاب.

وأيدت بودابست طلب مصر للحصول على مقعد في مجلس الأمن الدولي، وأبدت اعتقادها بأن استقرار مصر هو أفضل ضمان لاستقرار الشرق الأوسط القريب من أوروبا.

وفى المقابل ايدت القاهرة ترشح المجر لعضوية مجلس حقوق الانسان بجنيف لعامى 2016- 2017.

تُظهر المواقف المجرية في المحافل الإقليمية والدولية فهماً عميقاً للتطورات العلاقات بين القاهرة وبودابست والصعوبات التي تواجهها البلدان.

تحسنت العلاقات السياسية بين البلدين بشكل كبير في السنوات الأخيرة من خلال زيارتي الرئيس عبد الفتاح السيسى للمجر في عامي 2015، 2017، وزيارة يانوش أدير رئيس المجر لمصر في نوفمبر 2019 وزيارة رئيس وزراء المجر لمصر فى 2016.

وكذلك زيارة وزير الخارجية المصري للمجر في 2016، فضلا عن زيارتي وزير الخارجية والتجارة المجرى للقاهرة في نوفمبر 2015، وأغسطس 2016، بالإضافة إلى اجتماعات أخرى جمعت مسؤولين من البلدين معًا في منتديات مختلفة ، ساهمت جميعها في تحسين العلاقات الثنائية.

العلاقات الاقتصادية 

أعربت مصر عن اهتماما شديدا بالاستفادة مما تتمتع به المجر من إمكانيات اقتصادية وتجارية واستثمارية ملموسة، حيث انها دولة أوروبية يزيد إجمالى ناتجها المحلى عن 206 مليارات دولار ويبلغ متوسط نصيب الفرد فيها من الناتج المحلى حوالى 20 ألف دولار سنويا.

مما ينتج عنه فتح فرصا أمام الصادرات المصرية للنفاذ إلى أسواقها، أن الاهتمام بالمجر من الناحية الاقتصادية يكتسب بعدا إضافيا منذ انضمامها لعضوية الاتحاد الأوروبى، فضلا عن أن تعزيز العلاقات معها يسهم بدوره فى تعزيز مجمل علاقات التعاون الاقتصادى فضلا عن السياسى مع الاتحاد الأوروبى ككل.

أما فيما بخص آليات العمل على الأصعدة كل الدبلوماسية منها والتجارية والاقتصادية وما حققه البلدان من انجازات فى هذه المجالات فتوجد لجنة اقتصادية مشتركة بين مصر والمجر على المستوى الوزارى عقدت أعمال دورتها الثالثة فى القاهرة فى يوليو 2018.

وعلى صعيد التبادل التجارى فلا يزال حجم التجارة محدودا مقارنة بالمستوى المتميز للعلاقات بين البلدين، حيث يقدر حجم التبادل التجارى بنحو 274 مليون دولار فى عام 2017 وفقا لبيانات وزارة التجارة والصناعة، من بينه 141 مليون دولار صادرات مصرية للمجر، و133 مليون دولار واردات من المجر.

ويجدر التنويه فى هذا السياق إلى ما شهده عام 2018 من طفرة كبيرة فى مجال التعاون الاقتصادى بالتوقيع على اتفاق بين الجانبين لتنفيذ مشروع تمويل وتوريد 1300 عربة قطار لتطوير قطاع السكك الحديدية فى مصر، وهى الصفقة التى تعد الأكبر فى تاريخ هيئة السكة الحديد المصرية، إذ يقدر تمويل هذا المشروع بأكثر من مليار يورو، ولا تقتصر أهمية هذا الاتفاق على حجمه بل لشموله عملية نقل المعرفة الفنية وصناعة جزء من هذه العربات بما يرسى لنواة صناعة القطارات فى مصر بما يتجاوز إطار الاتفاق نفسه.

تمثل مجموعة دول فيشجراد سوقا كبيرة وواعدة بالنسبة لمصر، إذ يبلغ عدد سكان تلك الدول مجتمعة نحو 64 مليون نسمة والناتج المحلى الاجمالى للدول الأربع نحو 8.1 تريليون دولار، فضلا عن الخبرات التى تتمتع بها فى المجالات المختلفة كالسكك الحديدية والزراعة والرى ومعالجة المياه والطاقة النووية والصناعات العسكرية، وهو ما يمكن الاستفادة منها، سواء فى تنفيذ المشروعات القومية الجارية بمصر او زيادة الصادرات المصرية لأسواق تلك الدول، علما بأن مصر طرحت أفكارا خلال القمة التى شارك فيها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى بودابست بشأن إنشاء منطقة صناعية خاصة بدول التجمع فى مصر، كذلك إنشاء صندوق إستثمارى مشترك، ولايزال يجرى دراسة هذه الأفكار فى سبيل تطوير التعاون بين مصر ودول المجموعة.

ويعد القطن والخضراوات والفاكهة والأسمنت والأسمدة والسجاد والبذور والسيراميك والبلاستيك، منن أهم الصادرات إذ وصل حجم تصدير هذه المنتجات إلى المجر خلال عام 2018 نحو 141 مليون دولار، ليسجل حجم التبادل التجارى بين مصر والمجر نحو 274 مليون دولار، ليحقق الميزان التجارى فائضا بلغ 20.3 مليون دولار.

العلاقات الثقافية

تهتم المتاحف المجـرية بالتاريخ الفرعوني حيث تحظى هذه المادة بحيز كبير فى المناهج التعليمية لطلاب المدارس في المراحل المختلفة حتى المرحلة الإعدادية. وكثيرا ما تستضيف بودابست معارض للتراث الفرعوني.

وتشارك مصـر بصفة منتظمة وفعالة بوفد رفيع المستوى فى المؤتمر الذى تنظمه أكاديمية العلوم المجرية كل عامين تحت عنوان "منتدى العلوم العالمى" World Science Forum.

كما نظم متحف الفنون الجميلة فى سبتمبر 2008 معرضا للآثار الفرعونية تحت عنوان "Pharaonic Renaissance" لمدة ثلاثة شهور ضم 150 قطعة فرعونية أهمها "حجر البالرمو" Palermo Stone وتمثال ضخم لرمسيس الثانى، تمت استعارتها من متاحف فيينا وتريستا وبودابســـت والمتحف البريطانى.
 

وكذلك نظم متحف مدينة بيكيتشابا (جنوب شرق المجـر) فى فبراير 2009 معرضا حول الحياة فى مصـر الفرعونية بعنوان "البعث بعد الموت".

زار وزير التعليم والثقافة المجرى "اشتفان هيلر" مصر فى نوفمبر 2009 وشارك فى افتتاح معرض للآثار المصرية التى تم اكتشافها بفضل خبراء الآثار المجريين وذلك احتفالا بالذكرى 102 لإيفاد أول بعثة أثرية مجرية إلى مصر، كما نظمت إحدى الشركات الألمانية فى نوفمبر 2009 ايضا ولمدة 6 شهور بالعاصمة بودابست معرضا حول كنوز توت عنخ آمون (مقلدات) وذلك بعد عرضه فى أربع مدن أوروبية أخرى، وقد استغلت السفارة هذا الحدث إعلاميا بغرض الترويج السياحى، كما نظمت زيارة للسفراء الأجانب وقريناتهم وهى الزيارة التى وجدت استحسانا كبيرا لدى المجتمع الدبلوماسى.

من جانبه أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال كلمته؛ التي ألقاها بعد توقيع عدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم بين مصر والمجر، إن التفاهم المشترك بين البلدين هو حجر الأساس في العلاقة المتبادلة بينهما، مشيرا إلى أن العلاقات المصرية المجرية شهدت دفعة كبيرة جدا خلال الفترة الأخيرة.

وأضاف الرئيس السيسي، أن المباحثات مع رئيس وزراء المجر تركزت على تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، مؤكدا إن العلاقات بين البلدين تعد نموذجا يحتذى به. 

اقرأ أيضا: الرئيس السيسي: العلاقات بين مصر والمجر شهدت دفعة كبيرة ونسعى لتعزيزها

بث مباشر| السيسي ورئيس وزراء المجر يشهدان توقيع عدد من مذكرات التفاهم