الضفادع المصرية تغزو أوروبا.. ملايين الدولارات تسبح في المستنقعات| فيديو

أحد المزارع الخاصة للضفادع بقرية الدغيدى
أحد المزارع الخاصة للضفادع بقرية الدغيدى

- «المركزي للإحصاء»: 10 آلاف دولار قيمة تصدير الضفادع الحية للخارج سنويًا

- أصحاب مزراع: «ضفادع الشتاء» الأغلى.. وتكلفة المزرعة 25 ألف جنيه

- أستاذ البيئة: عدد الفصائل المختلفة من الضفادع يصل لـ6 آلاف نوع.. و«الرنا» الأكثر تصديرًا

تجارة مربحة تأتى من المصارف المائية والمستنقعات ، ليتم اصطيادها وبيعها لشركات التصدير، لتجدها طبقا رئيسيا في أشهى المطاعم الأوربية وعلى رأسها فرنسا وإيطاليا، لتجد حساء الضفدع الواحد يصل سعره لـ100 يوروا، ليتربع الضفدع المصري على قائمة صادرات الدول الأوروبية باعتباره الأشهى ضمن الفصائل المختلفة للكائن البر مائي، الذى يجمع بين حياتين في البر والماء.

وكشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن قيمة صادرات مصر من الحيوانات الحية غير المخصصة للاستهلاك الأدمي خلال الفترة الماضية من عام 2022 بلغت مليون دولار، حيث يتم تصدير ضفادع حية بقرابة 10 آلاف و600 دولار، وهو ما لفت انتباهنا عن أهمية جلب الضفدع المصري للعملة الصعبة.

وأجرت «بوابة أخبار اليوم » جولة داخل أحد مراكز تجميع للضفادع المصري قبل تصديرها لفرنسا لرصد مراحل صيده والحفاظ عليه حياً حتى يصل لأفخر المطاعم الأوروبية.

 

أدوات صيد الضفادع 

عقب أذان المغرب قبيل غروب الشمس يسود الهدوء في قرية الدغيدى التابعة لمحافظة المنصورة، فيخرج عمرو نجيب فهمي 40 سنة في الخروج وحمل أدوات الصيد ليبدأ يومه في النيل معتمداً على كشاف مضيء وكيس بلاستيك يشبه الـ"شيكارة.

وتباع: "بننزل ليلاً بقارب صيد يعمل بموتور وعند ملاحظة مكان به ضفدع يتم تبطيئ القارب واستخدام الكشاف في تسليطه على الضفدع، لشل حركت". 

منذ خمسة عشر عاماً عمل «عمرو» في مهنة صيد الضفادع وارثاً المهنة عن أبيه، إذ يعتبر موسم تكاثر الضفادع هو مصدر رزق ثمين له، ويستخدم كيساً بلاستيكياً ودلو "جردل بلاستيك".

أعتاد أن يخرج ليلاً لصيد الضفادع من الترع والمصارف خاصة مع بداية شهر إبريل، حيث يكثر وجودها لتبدأ فيه موسم التزاوج، فتخرج من بياتها الشتوى ليتعالى أصوات نقيقها وهو الوسيلة التي تستخدمها في المناداة على الإناث وتتسابق الذكور فيما بينها ليفوز صاحب الصوت الأعلى بالأنثى، وهو ما يدفع الصيادين لتتبعهم تلك الأصوات لتنفيذ مهمة الصيد.

يقول «عمرو» يستمر موسم التزاوج للضفادع بداية من شهر إبريل حتى سبتمبر، يتم صيد الضفادع ووضعها في مزرعة مؤقتة تشبه بيئتها الطبيعية، ويتم تصديرها في نوفمبر وقبل عملية  التصدير توضع بأيام في حوض خرساني نظيف حتى تغتسل من أي طين عالق بها.

وأعتاد أن يصطاد الضفدع البني والأصفر كبير الحجم، ويبتعد عن الضفادع السوداء لأنها سامة، معبراً "أغلى ضفدع هو ضفدع الشتا" حيث يقل وجود الضفادع في فصل الشتاء، لأنها تقوم بعمل بيات شتوى.

يعد موسم اصطياد الضفادع هو أكثر المواسم المفضلة له حيث أعتبرها مصدر الرزق الرئيسي في السنة، ويدخر منها ما يعينة في أشهر الشتاء وينفق على أبنائه الثلاثة منها، ويعمل على صيد الأسماك في الأشهر المتبقية من العام.

"مساحة من الأرض على امتداد ألفى فدان، تنخفض عن مستوى السطح بما يقرب من ٢٠سم، تمتلئ بالطين وورد النيل مياه ضحلة، محاطة بأربع أعمدة من الخشب، مثبت عليهم مشمع بلاستيكي أسود اللون، عليه أثار ثقوب كمحاولة يائسة لأحد الطيور المفترسة، انتهت بالفشل في الحصول على ضفدع".. هذا المشهد كان لمزرعة الحاج نجيب فهمي 68 عاما، بعدما قرر نقل الضفادع من الحوض الطبيعي الذى أعده خصيصاً لضفدع "الباكرور" حسبما يسميه، للحوض الخرساني لتجهيزها للتصدير.

وقال صاحب المزرعة: "منذ 25 عاماً كان يعمل في مهنة جمع الضفادع ويعد من أقدم الموردين في المنصورة، لم يتوارث المهنة عن أجداده ولكن دفعته هوايته لصيدها، ونظرا لكبر سنة أصبح يعتمد على ابنه في الصيد بالتعاون مع صيادين آخرين  يجلبونها له" بستلم من الصيادين على الميزان، بحط الضفادع في حوض طبيعي من الطين إذا تأخر التصدير شهر أو إثنين".

تجهيزات المزرعة 

وتابع الحاج نجيب: "المزرعة الكبيرة تبلغ تكلفتها 25 ألف جنيه وتمثل 4 قيراط" تتمثل تجهيزات المزرعة في ارتكاز أعمدة من الخشب في الارض لتشبه الوتد ، ويحاط بسور حديدي وطبقتين من المشمع، ومن أعلى يتم عمل شبكة من خيط الصيد لمنع الطيور المفترسة من أكلى الضفادع من الاقتراب، ويتم استخدام أله "الكراك" لحفر الأرض لتحدث منخفضا في الأرض وملئ الحوض بالماء ووضع نبات النيل حتى يشبه بيئتها الطبيعية ،ويتم توفير لها طن سمك يومياً لتتغذى عليه لتصل عملية الإنفاق على المزرعة لـ50 ألف جنيه".

ويحكى عن أن أهم شيء لإطالة عمر الضفادع هو توفير بيئة طبيعية تشبه التي تعيش فيها لذا يقوم بتخصيص قطعة أرض كبيرة تبلغ مساحتها 2 قيراط، ويتم حفرها لعمل حوض ويتم مليئة بمياه النيل ووضع نبات النيل حتى تشعر أنها في بيئتها الطبيعية، خاصة انه النبات المفضل لها  يمكنها أن تأكل أطرافه وتجلس عليه. 
 
يبدأ التصدير من بداية شهر أكتوبر ونوفمبر، وإذا تأخر التصدير لشهر ديسمبر أو يناير يتم وضعهم في مزرعة ويتم التعاقد مع الشركات التي تقوم بتصديرها، وتورد الضفادع على كميات لكل مرة 2 طن.

اقرأ أيضاً : سوريون هربوا من جحيم الحرب.. ليقضي الزلزال على ما تبقى من أحلامهم

أشار إلى أن هناك فرق بين الضفدع الأسود والأخضر، الأسود المتواجد في مصر غير مسمم ولكن لا يتم تصديره، حيث تم رفضه سابقاً من قبل الدول المستوردة، معبراً "وكان هيفقد إسمنا في السوق وقررنا منصدرش غير الضفدع الأخضر ونطلق عليها "الباكرور"، فهم يفضلون الضفدع الأخضر".

وتابع: "يوضح أن الضفدع الأسود يأكل الحشرات، لكن الأخضر يأكل سمك صغير "تبارة" أو سمك زريعة أو جمبري، يتم بيع الضفدع بالكيلو والشركات بتبيع بالطن وتصدر لفرنسا لكن لا يعلم إن كانت هناك دول أوروبية أخرى تأخذ أم لا".

وعن الصعوبات التي تواجهه، قال "فهمي" نعاني من تأخر تصريح وزارة الزراعة ووزارة البيئة للسماح بتصدير الضفادع وفى حالة عدم خروج التصريح يكون تعرض لخسارة بالغة حيث يمكن أن تكلفة تجهيزات المزرعة لـ50 ألف جنيه، وحالة عدم السماح بالتصدير يتم إطلاقهم في المصارف ونتحمل الخسارة المادية.

وطوال 25 سنة اعتمد "فهمي" على أن تصبح تجارة الضفادع هي مكسبه ومصدر رزقه، وأستطاع من خلالها الإنفاق على أسرته وتجهيز أبنائه المقبلين على الزواج منها. 

يوضح أن يتراوح سعر الكيلو من 100 جنيه فى مواسم تكاثره وفى فصل الشتاء يصل سعره لـ160 جنيها.

ومن جانبه، يوضح مجدى توفيق "أستاذ البيئة الإنمائية بكلية العلوم بجامعة عين شمس" يعد الضفدع المصري على قائمة الصادرات المصرية فى الدول الأوروبية ويشتهر اسم الضفدع باسم المزرعة القادم منها، يخلو من الملوثات البيئية، ويتم أخذ الأرجل الخلفية منها فقط بتصبح أفضل حساء في أفخر المطاعم الأوروبية، ويعد حيوان الضفدع من البرمائيات يعيش في الماء والأرض ويجمع بين خصائص الأسماك والسحالي، ويصل عدد الفصائل المختلفة من الضفادع لـ6 آلاف نوع، وتسمى عديمة الذيل، يستخدم منها نوع يسمى "البوفوا ريجيولاس" في أغراض البحث العلمى، وهناك نوع سام لا يتعدى حجمة عقلة الإصبع وتميز بتعدد ألوانه، وهناك نوع يسمى "الرنا" وهو الذى يتم تصديره للخارج لم تنقرض الضفادع ولكن أعدادها أصبحت قليلة.

وتابع "توفيق" أن  سعر الطبق يتراوح من 20 يورو لـ100 يورو في أفخر مطاعم إيطاليا وفرنسا ، مصر كانت تصدر الطن قبل ارتفاع  الدولار بـ25 ألف جنيه وحالياً قد يصل سعره لـ50 ألف دولار، ونصدر ما يقرب من 150 طناً من الضفادع سنوياً ، ويرتفع أسعارها في الشتاء، وقد حذرت وزارة الزراعة سابقاً من تصديره خلال موسم التكاثر للضفادع وهى إبريل ومايو ويونيو، وسمحت للشركات بالتصدير بحد أقصى 30 طناً سنوياً .

مورد الضفادع للجامعات 

وقال صلاح طلبة 54 عامًا صاحب مزرعة لتربية الحيوانات وأحد شيوخ المهنة في تربية الحيوانات الأليفة والمفترسة، إنه توارث المهنة أباً عن جد، بمنطقة أبو رواش بمحافظة الجيزة، موضحًا أن نظام تربية الضفادع بمصر يعتمد على تجميعها بمركز تجميعي ويتم جمعها في الصيف لأنها طوال فترة الشتاء تقوم بعمل بيات شتوي، وهو في الوقت الحالي مهتم بتوريد الضفادع  للكليات والمعاهد البحثية للبحث العلمي، لا يوجد إمكانيات حالياً لدى الأفراد لقيامهم بإنشاء مزرعة لأنها مرتفعة التكلفة، وتحتاج لمساحة شاسعة من الأرض قد تصل لـ12 كليو متر ويوضع بها ما لا يقل عن مليون ضفدع على مدار خمس سنوات.

وتابع: "أنا مجمع 2000 ضفدع من فصل الصيف وعامل ليهم بيئة طبيعية وموفر ليهم نشارة وخشب وقش وأرز لأغراض التدفئة في فصل الشتاء، تصل سعر الضفدع لـ10 جنيهات للجامعات وقد يبتاعها الصيادين بـ15 جنيهًا وقد تصل لـ20 جنيهًا، لكنه يلتزم بسعر المناقصة الموقع عليها مع جامعات مصر، يتم تصدير ضفدع الرانا المتميز بلونه الأخضر ويعرف باسم الضفدع "الأزاع " لأنها تعتمد على القذف، ويتم استخدام ضفدع البوفوا فى أغراض البحث العلمي.

وأكمل: "قديماً كانت المناقصات مربحة وكانت الجامعات بحاجة لأعداد كبيرة منها، فكانت المناقصات تتم على ما يقرب من 20 لـ30 ألف ضفدعة، أما الآن أصبحت الجامعات لا تطلب ما يكثر عن 10 آلاف ضفدع، نظراً لاعتمادهم على أجهزة أكثر تقدماً في علم التشريح، بعد أن أصبح الضفدع المصري على قائمة الصادرات المصرية في الدول الأوربية، ويعد من ألذ الأكلات في أفخر المطاعم الأوروبية، هل يدفع ذلك المصريين لاعتباره يوماً ما وجبه مفضلة للاحتساء".

اقرأ أيضا: القوات البحرية.. بطولات وانتصارات «الضفادع البشرية» في مواجهة العدو