مطالبات بحظره في الولايات المتحدة

أعضاء الكونجرس: التيك توك تحول إلى منصة استدراج المراهقين واستغلالهم

التيك توك مطالبات بحظره  في الولايات المتحدة
التيك توك مطالبات بحظره في الولايات المتحدة

 دينا جلال

  لم تعد مخاطر تطبيق تيك توك مجرد حديث عابر أو نصائح نمطية في كافة أنحاء العالم، اجتمع السياسيون ومسئولو إنفاذ القانون في امريكا على وصف تلك المنصة الشهيرة بأكبر منطقة خطر لاستدراج الأطفال والمراهقين، وتندرج تحت تلك المخاطر ملفات عديدة تروجها الاوساط السياسية الأمريكية باعتباره تطبيق صيني مُتهم بالتجسس وجمع البيانات والمعلومات بالإضافة إلى وقوفه وراء حوادث انتحار المراهقين وتعقبهم والاعتداء عليهم من قبل المهووسين بإيذائهم.

تناول موقع وول ستريت جورنال الأمريكي تلك القضية بشكل تفصيلي ليبدأ بواقعة مثيرة تداولها الأمريكيون مؤخرًا حول حادث ارتكبه رجل من ولاية الاباما يدعى جرادي موفيت عمره 42 سنة، اعتاد عرض مقاطع فيديو موسيقية له وشارك متابعيه بأفكاره عن الاكتئاب والزواج وغيره، ردت عليه فتاة من ولاية تكساس تبلغ من العمر 14 سنة، وكانا يتبادلان تعليقات رومانسية واضحة على المنصة لتكتب تعليق «متزوج مدى الحياة» ليجيب عليها: «نعم طفل متزوج مدى الحياة»، اعتبر المتابعون التعليق غير لائق ليرسلوا إلى موفيت سيلا من الانتقادات الغاضبة واتهموه بمطاردة حسابات فتيات صغيرات واستدراجهن للقائه.

مجرمون اونلاين
انتهى المشهد على التطبيق ولكن امتدت تبعاته على ارض الواقع، ازداد اصرار الرجل الاربعيني على إكمال خطته بالرغم من تحذير زوجته السابقة؛ لتضطر إلى ابلاغ مكتب التحقيقات الفيدرالي بخطته للقاء طفلة في تكساس، بالفعل قابله احد عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي لتحذيره إلا أنه اصر على السفر من الاباما الى تكساس للقاء الفتاة المراهقة ولم يكن لديه نقود، خيم بجوار منزل ضحيته في الشارع، وانتهز الفرصة للقائها اثناء غياب اسرتها عن المنزل، وبالفعل ألقت الشرطة القبض عليه بتهمة استدراج فتاة قاصر والاعتداء عليها، وانتهى الامر بسجنه في مقاطعة فورت وورث في انتظار الحكم النهائي عليه، هنا حاول موفيت الدفاع عنه نفسه قائلا: «لقد وقعت في حبها» في محاولة لتخفيف عقوبة استدراج قاصر والاعتداء عليها؛ ليواجه اتهامًا بالاعتداء الجنسي على طفل، والتحريض على قاصر عبر الإنترنت، بالإضافة إلى ثمانى تهم تتعلق بالاعتداء على طفل اضطرت القاضي إلى تحويله لمصحة علاج نفسي وعقلي ليصبح مؤهلاً للمثول أمام المحكمة.

واقعة اخرى اكتشفت أم ابنتها البالغة من العمر 8 سنوات وهي تتواصل مع رجل يدعى  كريستيان ساندوفال من فلوريدا عمره 22 سنة إلا انه ادعى كونه مراهقا عمره 13 عاما، اعتاد متابعة حساب الطفلة الصغير والتعليق الدائم على فيديوهاتها، وتبادلا أرقام الهواتف ثم تبادلا صور خاصة وأقنعها بضرورة تصوير نفسها وإرسال مقاطع الفيديو إليه ثم اتفقا على اللقاء، وفي النهاية اكتشفت الام الامر وابلغت الشرطة لتلقى القبض على المتهم واعترف بذنبه وتلقى حكمًا بالسجن لأكثر من 19 سنة.
حالة أخرى، انتحل جيمس أنتوني جونزاليس -36 سنة- من كاليفورنيا هوية صبي عمره 13 عامًا لبدء محادثات مع 21 فتاة على الأقل، وفقًا لقسم شريف مقاطعة لوس أنجلوس، قالت الشرطة إنه في إحدى الحالات علم بعنوان فتاة تبلغ من العمر 9 سنوات ووصل إلى بابها متنكرا في صورة سائق توصيل طعام، اتصلت والدة الفتاة بالشرطة؛ لتلقي الشرطة القبض عليه وتجري تحقيقات بشأنه ليتلقى في النهاية حكم بالسجن 11 سنة بتهم استغلال الاطفال واستدراجهم وفقًا لمكتب المدعي العام في مقاطعة لوس أنجلوس.

حظر امريكي
امام هذا السيل من التجاوزات والحوادث المتكررة دفعت المخاوف الأمريكية إلى حظر استخدام تطبيق تيك توك على الأجهزة الحكومية؛ حيث تقدم مجلس الشيوخ الأمريكي بمشروع قانون لمنع الموظفين الفيدراليين الأمريكيين من استخدام تطبيق تيك توك الصيني على الأجهزة المملوكة للحكومة في جميع أنحاء البلاد، وإنضمت ولايتا لويزيانا ووست فرجينيا مؤخرًا الى 19 ولاية منعت بشكل جزئي وصول الأجهزة التي تستخدمها حكومات تلك الولايات إلى منصة تيك توك، المملوكة لشركة بايت دانس الصينية ومقرها بكين وهو ما يزيد مخاوف الأمريكيين من استخدام التطبيق في التجسس على الأمريكيين ومراقبة المحتوى، جاءت تلك الخطوة بعد دعم أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي تشريعًا بحظره في البلاد، وينتظر مجلس الشيوخ موافقة مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون منع التيك توك، قبل إرساله إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن للموافقة عليه.

دفعت تلك الإجراءات «شو زي تشيو» الرئيس التنفيذي لمؤسسة بايت دانس المالكة لتطبيق تيك توك ومقرها الصين للمثول امام الكونجرس؛ ليشير إلى العمل على فحص المشاركات والتعليقات من قبل عناصر بشرية يتم توظيفهم دون الكشف عن إعدادهم مع ضرورة ابلاغ السلطات عن اى محتوى ضار أو سلوك غير لائق، وطالب خبراء مناهضي استغلال الاطفال المسئولين عن التطبيق بضرورة اتخاذ  إجراءات فورية لإزالة المحتوى الضار، وحظر الحسابات والتحكم في خوارزميات التطبيق لمنع خدمة مستغلي الاطفال.

منصة جاذبة
برز تطبيق تيك توك كأحد الوسائط الاجتماعية الأكثر تحميلا وانتشارًا في السنوات الأخيرة، يتميز بمقاطع فيديو قصيرة، وهى نقطة الجذب الاولى للأطفال والمراهقين ممن يقضون عليه وقتًا أكثر من أي منصة وسائط اجتماعية أخرى، هناك يتم تحميل المليارات من مقاطع الفيديو كل شهر، النسبة الاكبر لشباب ومراهقين يغنون ويرقصون ويتحدثون عن حياتهم الشخصية، وتبعًا لمسؤولي إنفاذ القانون في امريكا فهو منطقة الخطر التي تتيح بسهولة استغلال الاطفال والقصر وخاصة انه مخصص للمستخدمين الذين يبلغون من العمر 13 عامًا أو أكبر، وكما هو الحال مع تطبيقات الوسائط الاجتماعية الأخرى لا يوجد ما يمنع المستخدمين الشباب من تزوير تواريخ ميلادهم عند التسجيل.

متجر الاطفال
يشير جون روس، وهو ضابط شرطة مخضرم يقود مجموعة تستهدف مرتكبي جرائم استغلال الأطفال تابعة لشبكة الشرطة الدولية الإنتربول: متابعو الاطفال لديهم ميول طوال الوقت بالاقتراب منهم وتتبعهم ثم استغلالهم ليسقطوا في علاقات منحرفة، وخوارزميات التطبيق تسهل لهم عرض الكثير من الفيديوهات لمتابعة المحتوى المفضل لديهم.
 بالرغم  من إمكانية تقييد متابعة المنشورات على العائلة والاصدقاء مثل مواقع انستجرام وفيسبوك إلا أن المراهقين على تيك توك يفضلون جعل مقاطع الفيديو الخاصة بهم عامة بالكامل حتى يتمكنوا من جمع الكثير من علامات «الإعجاب» ليظهروا كنجوم ومشاهير على التطبيق وينجذبون الى تبادل التعليقات مع الغرباء لحصد المزيد من المعجبين، وهو ما دفع جوزيف سكاراموتشي، محقق الشرطة في تكساس إلى وصف التطبيق بمتجر شامل لعرض اطفال صغار يرقصون ويظهرون حياتهم في جميع أنحاء تيك توك ليسهل استغلالهم.

متابعة وانتحار
تقف تطبيقات التواصل الاجتماعي وراء ارتفاع نسب الانتحار بشكل ملحوظ بين اوساط المراهقين وشهدت ولاية نيوجيرسي واقعة انتحار مؤخرًا لفتاة عمرها 14 سنة، ادريانا كوش، داخل منزلها حيث اكد والدها انها تعرضت للاعتداء في مدرستها وتم تسجيل الاعتداء عليها وتبادله زملاؤها عبر تطبيق تيك توك وهو الأمر الذي تسبب في انتحار ابنته بعد الحادث، حين شعرت بالخجل بعد تعرضها للضرب من اربع فتيات دون تدخل من إدارة المدرسة، أثار الحادث حالة كبيرة من الغضب بين الطلاب وأولياء الأمور دفعت إلى استقالة إدارة المدرسة وكذلك توجيه تهم إلى أربعة طلاب في المدرسة الثانوية بالتآمر وارتكاب اعتداء مشدد والتحرش، ولم تتدخل المدرسة لإنقاذ الضحية بعد الهجوم وانما استنجدت بوالديها عبر الهاتف وبعد ايام قليلة من الحادث عثر والدها عليها قتيلة في غرفتها بعد متابعتها تفاصيل الحادث ليدفعها الى الانتحار.

نقلا من عدد أخبار الحوادث بتاريخ ٢٣/٢/٢٠٢٢

 

أقرأ أيضأ : تيك توك ترد على اتهامها بجمع بيانات هائلة عن المستخدمين