قلم مكسور

كرم من الله يكتب: عبدالرحيم الكردي .. عندما يبكيه النص

كرم من الله
كرم من الله

أحبابَنا عودوا لعَهدِ وصالِنا لتعودَ بِيدُ الروحِ دَوحاً يُورِقُ ..فأنا أسيرُ وِدادكم وغرامِكم ..بالله مِن سجنِ الهوَى لا تُطلِقوا.. يزدادُ وجدي كلَّما يومٌ مضَى بالبُعْدِ ما لِشُمُوسكُم لا تُشرقُ؟! .. كلما مررت بحرف من حروف كتبها الدكتور عبدالرحيم الكردي عميد آداب السويس اشعر وكأن كل حرف يردد بأنين هذه الأبيات.. كدت من صخب أنين حروفه الذي يشبه أنين طفل فقد أمه لتو.. عدم القدرة علي استكمال القراءة.. وكيف لا وهو من جعل للحروف شخصية.. وللكلمة روح توهجت بين يديك وقص لنا حكايته مع الكلمة في كتابه "عندما تتوهج الكلمة".

كما تحدث مع النص وانفرد بحوار معه في كتابه "حوار مع النص" وأنا أُبحر في كتابه عندما "تتوهج الكلمة" شعرت بعد كل نص منه بأني أتقذم حتي لا اكاد في آخر النص أن أكون بحجم حرف منه.. بعد كل سطر من سطور كتبها بروحه أجدني أردد: كان بيننا عالم فهل حقاً مات؟.. هل حقاً توقف نبض حروفه؟ يأتيني الرد سريعاً ومن كلماته وجمله وحروفه ومن نصه التي خطه بيده الثابته الواثقة بعد أن غمسها في المبادئ والقيم التي كانت تملؤه وبعث فيها الروح لتصل إلى قلوبنا قبل عقولنا حيث تقول حروفه بعزة وشموخ ككاتبها: سنؤدي مهمتنا كما أملاها علينا الدكتور عبدالرحيم الكردي.. وسنتكاثر علماً في عقول من يمر علينا.. وسننتج ألف ألف حرف ثائر هادئ كما أوصانا.. سنصنع جيلاً من العلماء يعيشون بصمت كما عاش الدكتور الكردي.

تكمل الجمل والحروف حديثها إليّ وفجأة وجهت لي تساءل وقالت: هل أديت واجب العزاء في كاتبنا؟ رددت: نعم أديت: ساخراً نصه قائلاً: كغيرك كثر أديت واجب العزاء لكي تصل بروحك الي لحظة الغفران لتقصيرك الغير متعمد معه! وأردفت ونحن هنا الآن نقف بين دفتي الكتب معلنيين عدم موت الدكتور الكردي ولن نقبل العزاء فيه ولن يموت  الكردي ولن تموت كلماته وحروفه إلا إذا لم تحرر عائلته أسرنا وتعاود نشرنا على مسامع طلبة العلم والباحثين والأدباء والكتاب والروائيين.. وتفتح مكتبته وتزينها لورثته الشرعيين من طلبة العلم... هل وصفتيه لي؟ بسؤال مباغت طرحته أنا هذه المرة علي نص في كتاب العالم الكردي وبأنين مختلف هذه المرة وصف قائلاً: كان يحاكي ضمائر الشعوب فينا ويُنهض الإبداع في عقول الغافلين.. خفيف الظل هو.. صادق الوعد والكلمة عالي الهمة ووديع الإبتسامة.. قاطعته بلهفة وقلت زدني.. أنحني النص.

وأردف: كان لاتفارقه الحكمة ولا الرأي السديد.. يزيدنا بتواضعه رفعة بين جموع الكلمات والنصوص... يطوعنا فننسل من بين أنامله كما الماء في مجري غدير عذب لذة للقارئين.. باغتني هذه المرة النص الذي خطه بيده العالم الكردي بسؤال في صيغة طلب وقال: وماذا أنت فاعل لنصه وحروفه وكلماته وجمله؟ رددت: نازراً لروحه الطاهرة ولتاريخه الثري بالوعي والمنطق والإيمان ولقريتي التي احتضنته صغيراً ولمدينته التي فارقته حزينة أن أجمع كل أعماله ومقالاته وكتاباته ومدوناته في كتاب يحمل تاريخه واسمه.. وهنا عاد النص ليبكي الدكتور عبدالرحيم الكردي.