«الخوف من الكوارث الطبيعية».. خطر يهدد أمن واستقرار المجتمعات

الظواهر الطبيعية
الظواهر الطبيعية

يعد الخوف عاطفة طبيعية يشعر بها الإنسان عندما يواجه خطرًا أو تهديدًا محتملًا، وذلك قد يؤثر على تصديق الناس للخرافات والمبالغة في تقدير الظواهر الطبيعية.

في بعض الحالات، يمكن للخوف أن يجعل الناس يصدقون الخرافات والشائعات دون التحقق من صحتها، فعندما يشعر الإنسان بالخوف، يكون عقله أقل قدرة على التفكير بشكل واعٍ ويكون أكثر عرضة للتأثر بالأخبار المزيفة والمعلومات غير المؤكدة.

وفيما يتعلق بالظواهر الطبيعية، يمكن للخوف أن يؤدي إلى تضخيم حجم تلك الظواهر وتقديرها بشكل مبالغ فيه، على سبيل المثال، قد يتعرض الإنسان لزلزال صغير ولكنه يشعر بالخوف الشديد والقلق، مما يجعله يعتقد أن الزلزال كان أكبر بكثير مما كان عليه في الواقع وهذا ما وجدناه عندما شهدت شواطئ محافظة شمال سيناء في مصر انحسار منسوب مياه البحر المتوسط في ظاهرة تحدث لأول مرة مما سبب رعبا كبيرا نتيجة انخفاض في منسوب مياه البحر المتوسط.

  وبالرغم من ان رئيس المركز القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، ارجع انخفاض منسوب المياه في تلك الشواطئ من الظواهر الطبيعية، خاصة انها مرتبطة بحركة المد والجذر المتعلقة بحركة القمر حول الأرض، الا انه سبب حالة من الهلع والرعب لسكان المنطقة.

بقعة ضوء زرقاء في سماء الإسكندرية

 و انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي  بشكل كبير، صور لبقعة ضوء زرقاء في سماء الإسكندرية، مما أثار الجدل والذعر، بعد أن ربطها نشطاء بتوابع الزلزال الأخير الذي ضرب تركيا، وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صور عدة، مشيرين إلى أن سبب تلك الظاهرة  قد يكون البرق الزلزالي الذي يتكون في السماء بسبب الشُحنات الناتجة عن الزلزال، لأن البقعة الزرقاء قد تظهر في أي منطقة تأثرت بالزلزال.

التواصل الاجتماعي و تكريس الشائعات

للأسف يمكن للإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أن يساهموا في تكريس هذه النتيجة عن طريق نشر الأخبار المزيفة والشائعات والتي يمكن أن تؤدي إلى تضخيم حجم الخطر وتقديره بشكل مبالغ فيه، وبالتالي تعزيز الخوف لدى الناس بشكل عام، كما يجب أن يكون الناس حذرين ويتحروا الصحة والمصداقية للأخبار التي يسمعونها أو يقرؤونها قبل أن يؤمنوا بها أو ينشروها، وعليهم أيضًا أن يتعلموا كيفية التفريق بين الأخبار الصحيحة والمعلومات الخاطئة.

دراسات وأبحاث

ومن ضمن الأبحاث والدراسات فهناك العديد من الأبحاث والدراسات التي تناولت موضوع الخوف من الظواهر الطبيعية، ومن أهمها  دراسة نُشرت في مجلة "Nature Climate Change" عام 2016، والتي أجريت على عينة من السكان في جزيرة بروني في جنوب شرق آسيا. وتبينت الدراسة أن الخوف من الأعاصير والفيضانات والصواعق يؤدي إلى تشكك الناس في فعالية التدابير الوقائية التي تتخذها الحكومة والمنظمات الإنسانية، ويمكن أن يؤدي أيضًا إلى تأخر اتخاذ التدابير الوقائية.

دراسة أخرى نُشرت في مجلة "Risk Analysis" عام 2013، والتي أجريت على عينة من السكان في منطقة "تشيلى" في شمال البرازيل. وتبينت الدراسة أن الخوف من الفيضانات والانهيارات الأرضية يؤدي إلى تضخيم تقدير الناس لحجم الخطر وتقديره بشكل مبالغ فيه.

دراسة ثالثة نُشرت في مجلة "Journal of Risk Research" عام 2012، والتي أجريت على عينة من السكان في المكسيك. وتبينت الدراسة أن الخوف من الزلازل يؤدي إلى تشكك الناس في فعالية التدابير الوقائية .

الإناث أكثر خوفًا

وايضاً عرضت المجلة الدولية للحد من مخاطر الكوارث فى ابريل 2019 دراسة حالة لسكان من تركيا وصربيا ومقدونيا، عرضت نتائج البحث الكمي فيما يتعلق بمستوى وأسباب الخوف من الكوارث بين الشباب في تركيا وصربيا ومقدونيا، حيث تم إجراء الاستبيان باستخدام استبيان تم تقديمه وتم جمعه يدويًا والذي استكشف بعمق المخاوف المتعلقة بالكوارث بين 537 مستجيبًا خلال عام 2016. واستكشف الاستبيان التركيبة السكانية الأساسية للطلاب ومستوى خوفهم ، بالإضافة إلى أسباب و مصادر الخوف في البلدان الثلاثة.

أفاد المشاركون أنهم كانوا خائفين بشكل خاص على حياتهم الشخصية، وإلى حد كبير، على صحة والديهم، وتبين أن التجارب مع الظروف الجوية السيئة وصور عواقب الكوارث وتجارب الكوارث السابقة تؤدي إلى تفاقم الخوف.

وقد وجد أيضًا أن الإناث كن أكثر خوفًا ، مع وجود ارتباط اجتماعي ثقافي محتمل مع روح الحماية مقابل المشاركة. يمكن استخدام النتائج لإنشاء استراتيجيات مركزة على المستوى الوطني تهدف إلى تقليل الخوف المفرط من الكوارث وتيسير جمهور أكثر استعدادًا من خلال تطوير السياسات والبرامج التعليمية.

وأجتمعت الدراسات على ان الخوف حقيقة لا مفر منها في حياتنا. يتأثر بها الأفراد والمجتمعات كل عام بالكوارث ، التي تعطل صحتهم العقلية ورفاهيتهم. كثيرا ماتتأثر التنمية الاقتصادية والاجتماعية في جميع أنحاء العالم بسبب الكوارث الطبيعية وهذا أمرأ طبيعيا .

 

أشخاص توفوا بسبب الخوف والهلع

هناك عدد كبير من البلدان التي شهدت وفيات بسبب الخوف والهلع في العديد من الأحداث المختلفة، ومن أبرز هذه الأحداث الحرب العالمية الثانية، حيث شهدت العديد من البلدان خلال فترة الحرب وفيات نتيجة القصف الجوي والحروب والمعارك.

حوادث الطيران: وقد شهدت بعض البلدان حوادث طيران تسببت في وفيات جماعية وهذا يشمل حادثة طائرة الماليزية المفقودة في 2014 وحادثة طائرة جرينفيل في 1985.

الكوارث الطبيعية: تسببت بعض الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والأعاصير والفيضانات في وفيات نتيجة الهلع والفوضى التي تسببت بها.

 

من جانبه يرى الدكتور محمد هانى الاخصائى النفسى، أن فكرة الخوف يعد أمرا طبيعيا، أما اذا زاد عن المعدل الطبيعى له يفقد الانسان لذة الاستمتاع بالحياة، لانه دائما ما يفكر فى المسقبل والمجهول، ويظل دائم التفكير فى اقل التفاصيل وتحليلها ووهم نفسه بأشياء ممكن أن تحدث له وتطورات بعينها،  لانه مستسلم للخوف الذى يسلبه إرادته، مما يجعله يكبر الأمور والمواضيع.

 بالاضافة إلى أن ذلك لا يتوقف عليه هو فقط، انما يبدأ بنشر الطاقة السلبية للمحيطين له، وهذا ماينطبق على الخوف من الظواهر الطبيعية التى يكون لها مردود على جهاز الانسان العصبى عند التعرض لمواقف غير مألوفة أو مخيفة، قد تشمل العواصف الرعدية والبروق والزلازل والأعاصير والفيضانات والأحداث الطارئة الأخرى.

نصائح لكل من يعاني من رهاب الخوف

ومع ذلك، قد يؤدي الخوف المفرط إلى القلق والإجهاد والاكتئاب والانعزال، ويمكن أن يؤثر على جودة حياة الفرد، وأضاف هانى بعض النصائح التي يعطيها للأفراد الذين يعانون من الخوف جراء الظواهر الطبيعية قائلا ": يمكن للفرد البحث عن المعلومات الصحيحة حول الظاهرة المخيفة والتعرف على الواقع المحيط بها وكيفية تعامل الجهات الرسمية معها، والحصول على الدعم الاجتماعي من خلال أن شعوره بالأمان والاطمئنان عندما يتحدث مع الأصدقاء والعائلة حول خوفه وقلقه، ويشاركهم في الاستعدادات اللازمة لمواجهة الظاهرة المخيفة، ويمكن للفرد تعلم بعض التقنيات الاسترخائية مثل التنفس العميق والتأمل للتخفيف من الشدة والقلق.

وأكد هانى أن هذه النوعية فى حاجة إلى تأهيل نفسى حتى يستطيع التكيف مع الحياة مرة أخرى، وأهم شىء هو الايمان بالله وان كل ما يحدث هى أمور قدرية.

 

وعن الرسائل الاعلامية ودورها التوعى فى هذا الشأن، أشار الى أن الاعلام يستطيع أن يلعب دورا كبيرا من خلال البرامج و الصحافة فى تحسين الصورة الذهنية حول هذه الموضوعات، وأختتم أن الظواهر الطبيعية المختلفة ليست جديد بل تحدث منذ قديم الآزل وبالطبع جميعنا نتذكر زلزال 92 ، ولكن السوشيال ميديا أظهرتها للجميع بصورة كبيرة.

 

ومن ناحية أخرى ترى الدكتورة هالة يسرى أستاذ علم الاجتماع مركز بحوث الصحراء، أن  الخوف ظاهرة انسانية عادية، ولكن تفشى الخوف أو زيادته عن المعدلات عن الطبيعى تتحول الى حالة مرضية، تحتاج الى تدخلات طبية من خلال إخصائين نفسيين، والقدر المعقول من الخوف يدفعنا إلى أن يكون لدينا المزيد من الايمان ونبحث عن المعلومات الصحيحة العلمية وراء الظواهر الطبيعية ونقرا جيدا ولا نترك السوشيال ميديا تلعب بنا والخوف أمر طبيعى ولكن بقدر، خاصة وان الخوف والهلع يعد  من الأحاسيس الطبيعية التي يمكن أن يشعر بها الإنسان في حالات الأزمات والمواقف الصعبة، مما يؤثر على حياتنا وصحتنا العقلية.

وتابعت " لابد من تأهيل نفسى من خلال الاقدام على كل ما يخفينا حتى نستطيع أن نراها بحجمها الطبيعى ودائما أخذ التجارب الايجابية وترك السلبية" .

وأضافت أن على الإعلام ألا يقدم النماذج السلبية بأنه يهتم بتقديم المعلومات الصحيحة من أهل التخصص والخبرة على أن تكون المعلومة كاملة وليست مبتورة ومن المصادر الموثوق منها لأنه لابد أن يسود الفكر العلمى ولا نترك انفسنا للخرافات وللقال والقيل.

وشددت على أن الشائعات تلعب دورًا خطيرًا في مختلف البيئات، والمجتمعات الإنسانية، قديمًا وحديثًا؛ لذا فإنها تؤثر على الأمن والاستقرار في المجتمع، خاصة في فترات الأزمات والكوارث الطبيعية أو الإنسانية.