الصين وإيران.. مرحلة جديدة بين البلدين

جين بينج خلال استقباله إبراهيم رئيسى
جين بينج خلال استقباله إبراهيم رئيسى

كتبت : سميحة شتا

فى محاولة من إيران لإصلاح الخلافات السياسية الأخيرة بين البلدين وبناء أرضية مشتركة باعتبارهما الخصمين المهمين للولايات المتحدة، تأتى زيارة الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى إلى الصين الأسبوع الماضى بهدف تعزيز التعاون بين البلدَين، وسط التوترات مع الغرب.

هذه الزيارة هى الأولى التى يقوم بها رئيس إيران منذ خمس سنوات، وأول «زيارة رسمية» منذ عقدين. وفى اجتماعاتهما وبياناتهما اللاحقة، بدا رئيسى والرئيس الصينى شى جين بينج، حريصين على التخفيف من التوترات التى برزت قبل شهرين بعد زيارة شى إلى المملكة العربية السعودية.

وكانت الخلاصة الرئيسية أن الوضع الراهن يطغى على علاقة الصين مع إيران. حيث وقع رئيسى ونظيره الصينى شى جين بينج، على 20 وثيقة بشأن التعاون بين الدولتين فى مختلف المجالات، مثل التجارة الدولية وتكنولوجيا المعلومات وحماية الملكية الفكرية والإعلام والزراعة والسياحة، وكذلك الرعاية الصحية والرياضة والثقافة.

تحاول بكين التى تستورد معظم نفطها من الشرق الأوسط المشى على حبل رقيق بين إيران والسعودية. وترى صحيفة التايمز أن الرئيس الصينى أغضب طهران عندما زار الرياض ووقع على بيان لمجلس التعاون الخليجى تضمن إشارة إلى سيادة الإمارات على جزر تسيطر عليها طهران.

وهو ما فسره الإيرانيون بأنه تجاهل لهم. قد تم استدعاء السفير الصينى فى إيران بعد البيان الخليجى- الصينى المشترك الذى دعا للحوار حول الجزر الإماراتية التى تسيطر عليها إيران وتعتبرها أبو ظبى تابعة لسيادتها.

وتقول صحيفة التايمز إن العلاقات الجيدة مع دول الخليج أمر مهم للصين وضرورية لتأمين تدفق الغاز لها، بشكل يسهم فى بناء الصين كقوة عظمى تنتظر، فى زمن تتراجع فيه قوة التأثير الأمريكى.. وفى الوقت الذى حاول فيه شى إرضاء السعوديين والقطريين والكويتيين أغضب شريكا آخر هو إيران.

وفى الشهر الماضى قالت الولايات المتحدة إنها ستضغط على الصين لكى تستغنى عن النفط الإيرانى الذى زاد بسبب التهريب وسجل أنه جاء من ماليزيا.

وزادت قدرة إنتاج إيران الشهر الماضى من النفط، وأعلنت الصين وإيران عن خطة شراكة بالمليارات لمدة 25 عاما.

وبحسب السجلات المسربة فإن الشراكة تقضى باستثمار الصين فى النظام البنكى والاتصالات والموانئ والسكك الحديدية مقابل تقديم إيران النفط بأسعار منخفضة نظرا للعقوبات.

وتتهم الدول الغربية إيران بتقديم الدعم لروسيا فى غزوها لأوكرانيا الذى بدأ قبل حوالى عام، عبر تزويدها بطائرات بدون طيار مسلّحة، الأمر الذى تنفيه إيران بشدة.

واتهمت واشنطن إيران ببيع مئات الطائرات المسيرة الهجومية لروسيا من أجل حربها فى أوكرانيا، وفرضت عقوبات على المسئولين التنفيذيين فى شركة إيرانية لتصنيع هذا النوع من الطائرات، وفى الوقت نفسه، نمت العلاقات بين موسكو وبكين بشكل أقوى.

وكما تواجه الصين أيضا تهمًا بأنها من بين أكبر المستفيدين من فرض العقوبات على طهران، بسبب التجارة التى تخضع لها طهران وفق الشروط الصينية، حسبما يرى كثيرون فى الداخل الإيراني. وكانت هذه الاتهامات محور الانتقادات التى طالت الصين بسبب عدم استخدامها حق نقض الفيتو ضد ستة قرارات أممية جرى تجميدها بسبب الاتفاق النووى.

وذكرت مجلة «ذا ديبلومات» أن إيران تكافح منذ سنوات فى ظل عقوبات تجارية ومالية فرضتها واشنطن وحكومات غربية أخرى بشأن ما تصفه بجهود طهران لتطوير أسلحة نووية وهو اتهام تنفيه الحكومة الإيرانية، وقطعت حكومة الولايات المتحدة وصول إيران إلى الشبكة التى تربط البنوك العالمية فى 2018.

وأضافت المجلة أن بكين قد لا تتفق من حيث المبدأ مع العقوبات الأمريكية الشديدة على إيران، لكن الشركات الصينية تظل مترددة فى تحديها الصريح والمجازفة بالانفصال عن النظام المالى الأمريكى.

وتستمر الصين فى لعب دور مهم فى الاقتصاد الإيرانى من خلال شراء النفط الإيرانى فى تحد للعقوبات الأمريكية. ويُنظر إلى هذه التجارة على أنها شريان حياة لإيران وسط ضغوط العقوبات. وتمكنت إيران من الاستمرار فى هذه التجارة نظرا لتراخى الولايات المتحدة فى تطبيق العقوبات والحسومات الإيرانية الضخمة لإقناع المشترين الصينيين بقبول مخاطر العقوبات.

ومع تعثر الجهود المبذولة لإحياء الاتفاق النووى لعام 2015، قد تسعى الولايات المتحدة الآن إلى فرض عقوبات أكثر صرامة. وفى الوقت نفسه، من المحتمل أن يكون ظهور النفط الخام الروسى المخفض فى الأسواق الآسيوية منذ بداية الحرب فى أوكرانيا قد دفع إيران إلى تقديم حسومات أكبر، وهو وضع مفيد للغاية للصين.

وقالت المجلة فى مواجهة العقوبات الأمريكية، ليس أمام إيران سوى خيارات قليلة غير الصين. من ناحية أخرى، لا تعانى بكين من نقص فى الشركاء الودودين- حتى فى الجوار المباشر لإيران فقط.

وأشار ويليام فيجيروا، الخبير فى العلاقات الصينية الإيرانية إلى أن «البحرين والمملكة العربية السعودية والكويت وعمان وتركيا ومجلس التعاون الخليجى... لديها بالفعل علاقات قوية مع الصين». علاقات الصين مع العديد من هذه الدول «تتجاوز مستوى التعاون الصينى الإيرانى، وبعضها-وخاصة المملكة العربية السعودية- معاد لإيران».

وتتزامن زيارة الرئيس الإيرانى للصين مع زيارة مسئول صينى كبير لأوروبا، حيث يسعى المسئولون الصينيون والأمريكيون لتقليل الخلافات وسط الاتهامات المتبادلة حول ظهور المناطيد الصينية فى المجال الجوى الأمريكى.

اقرأ ايضاً | روسيا: أوروبا تسلم أوكرانيا مواد مشعة لاستفزاز واسع النطاق واتهام موسكو به

نقلا عن صحيفة الاخبار :

2023-2-20