فى أروقة السياسة

الثوم المصرى فى تايوان

د. سمير فرج
د. سمير فرج

شاركت، منذ فترة، بندوة استراتيجية، تلبية لدعوة من وزارة الخارجية التايوانية، شارك فيها 44 خبيرا إستراتيجيا، وعسكريا، من مختلف دول العالم، لمناقشة موضوع الندوة التى كان عنوانها «هل سيصل المد الدينى المتطرف إلى تايوان؟»، والتى دارت حول أربعة محاور؛ أولها كيف سيصل؟ ومتى سيصل؟ وبمن سيصل، وأخيراً أسلوب مواجهة ذلك التطرف الديني.

أقيمت الندوة على مدار ثلاثة أيام، قدمت خلالها ورقة بحثية، أظنها استحوذت على اهتمام جميع الحضور، حتى إن وزير الخارجية التايوانى أصر على جلوسى بجانبه، على الطاولة الرئيسية، خلال مأدبة العشاء، وقال لي، «لقد استمتعت بالاستماع لوجهة نظرك خلال الندوة، وأرى ما قدمته أهم الورقات البحثية».

وخلال العشاء تطرق الحديث مع السيد وزير الخارجية إلى موضوعات عدة، كان منها واردات تايوان من الثوم المصري، الذى يصل للمستهلك التايوانى بمبلغ 9 دولارات للكيلو، ومع ذلك يلاقى إقبالاً كبيراً، رغم أن كيلو الثوم القبرصى لا يتجاوز سعره 4 دولارات، إلا أن الثوم المصرى يتميز برائحته النفاذة، ومذاقه الرائع.

ثم استطرد قائلاً إنه علم، للأسف، فى صباح ذلك اليوم، بإعادة ثلاث حاويات محملة بالثوم إلى مصر، بعدما وصلت فى حالة تعفن، نتيجة عدم خضوعها، فى الأغلب، لمراقبة الجودة قبل التصدير، مؤكداً استعداد تايوان للاعتماد على الثوم المصرى فقط، دون استيراده من بلاد أخرى، إلا أن مثل تلك الحالات، تضطر بلاده إلى تنويع مصادر وارداتها.

والحقيقة أننى شعرت بالحرج، وفور عودتى إلى مصر، تواصلت مع مسئولى وزارة الزراعة، فأفادنى السيد وكيل الوزارة، المسئول عن قطاع التصدير، علمه بتلك الحالة، مؤكداً تحركه، على الفور، لضمان عدم تكرار مثل تلك الحالات، فى أية محاصيل أخرى، لأى بلد، وذلك بإنشاء مركز لمراقبة تصدير كل الحاصلات الزراعية للخارج.

ومر عام، وتم تصدير شحنة كبيرة من الثوم المصرى إلى تايوان، فإذا بى أتلقى اتصالاً من السيد وزير الخارجية التايواني، ليبلغنى بسعادته بوصول أكبر شحنة ثوم مصرى إلى تايوان، وبأحسن جودة، مؤكداً أهمية الثوم بالنسبة للشعب التايواني، وبحثه الدائم على استهلاك الأصناف الفاخرة منه، وهو ما يتربع الثوم المصرى على قمته.

وبدورى اتصلت بالسيد وكيل وزارة الزراعة لأبلغه بما سمعت، وأشكره على اهتمامه، بهذا المركز، الذى تم إنشاؤه بأوامر السيد الرئيس.

فبمثل ذلك الاهتمام، بكل تفاصيل العمل، يحدث التقدم، الذى يدفع الدولة خطوات للأمام، بما فيه الصالح العام.