حروف ثائرة

القدس بين الثوابت والأمل الوليد !!

محمد البهنساوى
محمد البهنساوى

القضية الفلسطينية كانت وستظل القضية المحورية للعرب، وإن اختلفت مواقف الدول العربية منها بين صعود قليل وهبوط غالب لعقود، وقد تلمست بمؤتمر دعم القدس الذى انعقد مؤخرا بمقر الجامعة العربية شعاع أمل فى صعود هادئ ومدروس ومختلف نحو حلحلة القضية ودفعها للخروج من الدائرة المغلقة التى لم تراوحها بفعل مؤامرات قوى دولية وإقليمية تحقيقا لمصالح تلك القوى، التى هى بكل تأكيد عكس مصالح الفلسطينيين والعرب، وقبل أن نحدد أسباب هذا الأمل الوليد دعونا نراجع ثوابت واقعية كانت ولازالت عائقا أمام حل القضية.


إذا بدأنا بالموقف الدولى نجد قرارات قوية تخص حقوق الفلسطينيين وفى مقدمتها دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وولايتهم الطبيعية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، لكن تظل تلك القرارات القوية -شكلا- مجرد حبر باهت على أوراق مهلهلة للمنظمات الدولية خاصة الأمم المتحدة، وهذا تجسيد لغياب الإرادة الدولية الحقيقية للحل، ويكفى مقارنة بسيطة للمواقف الدولية بين القرارات الصورية للقضية الفلسطينية والفشل 70 عاما لتنفيذ أى منها، مقارنة بأوكرانيا والتى انتفضت القوى الكبرى بدعم أممى فى الدفاع عن حقوق كييف ومساندتها بكل السبل.
يرتبط بالموقف السابق ما تفعله إسرائيل على الأرض فى مواجهة القرارات الدولية الهشة، احتلال واستيطان وجرائم حرب ولا أبشع، ومحاولات لا تتوقف لتغيير الهوية العربية والإسلامية للقدس وتنطع وتبجح فى رفض كل مبادرات السلام، وبالتوازى حملات دولية ممنهجة لإلباس كل باطل ثوب الحق تحقيقا لمصالح إسرائيل وداعميها، ونجحت تلك الحملات دوليا بصورة كبيرة، فأصبحت مقاومة الاحتلال عدوانا، وأبطال المقاومة إرهابيين، وحائط «البراق» ذى الهوية الإسلامية أصبح حائط «المبكي» اليهودى المقدس، والدولة المعتدية الغاصبة المجرمة يرونها حملا وديعا يواجه ذئاب العرب!!، وليس ببعيد عن كل ذلك تطل رأس الأفعى ومبتدى كل كارثة عربية، بريطانيا العظمى فى تخطيطها وتآمرها حتى قبل وعد بلفور المشؤوم وبعده، فكل ما سبق يدبر وتحاك خيوطه فى لندن لتغزلها ثوبا كريها مسمما كل العواصم الغربية الداعمة للكيان الصهيونى الغاصب.


وفى مواجهة ما سبق كنا نجد استسلاما عربيا مقيتا ساعد على ترسيخ الظلم للفلسطينيين ومهد الأرض لضياع الحقوق، لا نتحدث فقط عن دخول المنطقة فى دوامة صراعات عربية، ولامبالاة بما يحدث للفلسطينيين، بل ووصل البعض للتجاوز فى حق الدول القليلة الداعمة للقضية الفلسطينية خاصة مصر فى محاولات لإثنائها عن دعمها المستمر للقضية ووقف عطائها الذى لا يقارن للفلسطينيين، ولولا فطنة القيادات المصرية تباعا لتلك المحاولات ويقينها بجوهرية القضية للأمن القومى المصرى والعربى لضاعت القدس وتلاشت فلسطين وتاه الفلسطينيون، ويكفى مثالا تشويه الشهيد البطل انور السادات ولو ساروا خلفه لتغيرت المعادلة لصالح العرب، يوازى ذلك خلافات وصراعات فلسطينية داخلية كريهة توجه ضربات قوية لقضيتهم.


وعندما نتحدث الآن عن بصيص أمل فإننا نتلمسه فى ولادة نظام عالمى جديد وقوى دولية تسعى لخطب ود العرب تحقيقا لمصالحها، ويزيد من الأمل ظهور سياسات وقيادات عربية ترفض التبعية وتسعى لمشاركة حقيقية بالقرار الدولى، وتعى جيدا ما يحاك لمنطقتنا وللقضية الفلسطينية وتمتلك رؤية واضحة للمواجهة، ولنراجع كلمة الرئيس السيسى بمؤتمر دعم القدس لندرك قوة الأمل الحالي
الفرصة الحالية ذهبية لتحول تاريخى فى قضية العرب الأولى، مشروطة فقط بتوافر الإرادة السياسية للدول العربية جميعا ثم اصطفاف خلف هذا الأمل.