كابوس يناير يطارد الأمريكيين.. من فوضى اقتحام الكونجرس إلى حادث ممفيس العنصرى

الضحية تاير نيكولز
الضحية تاير نيكولز

دينا جلال

 يبدو أن سيناريو جورج فلويد يتكرر في أمريكا من جديد؛ نفس السيناريو يبدأ بحادث اعتداء عنصري للشرطة في واقعة صادمة استمرت ثلاث دقائق ثم انتهت بجريمة قتل تسببت في إشعال الغضب في كافة المدن الامريكية على مدار اسابيع كاملة، وازدادت الامور سوءًا بعد الكشف عن فيديوهات كاميرات الشرطة التي رصدت الواقعة؛ لتكشف كذب رجال الشرطة ممن ادعوا أن الجاني حاول التعدي عليهم وسرق أسلحتهم لتثير موجة عنيفة من الغضب تطالب بحل اجهزة الشرطة من جديد لتدخل المدن الأمريكية في حالة مستمرة من الفوضى.
يناير جديد مر على الأمريكيين يأتي بحادث صادم يبدو أن تداعياته ستستمر على مدار العام مثلما حدث في واقعة حادث الكونجرس منذ عامين التي تستمر تداعياتها والتحقيقات فيها حتى الآن، حادث يناير لهذا العام تعرض فيه مواطن امريكي من اصل افريقي يدعى تاير نيكولز، 29 عاما، إلى اعتداء مؤلم دون رحمة خلال دقائق سجلت المزيد من الإدانة ضد رجال الشرطة لتوصم مرة أخرى بالعنصرية والظلم والعنف.

رمز جديد
تحول تاير نيكولز، الشاب الضحية أو المواطن الاسود -كما يطلق عليه الاعلام الامريكي- إلى رمز جديد يجسد اتهامات العنصرية ضد الشرطة الأمريكية وهو عامل توصيل قام بتوقيفه عدد من الضباط التابعين لشرطة ممفيس ولاية تينيسي لتخطيه السرعة المحددة، خرج الحادث من اطار شهود العيان إلى الرأى العام الامريكي بعد الكشف عن محتوى الكاميرات المثبتة على زي رجال الشرطة وكذلك كاميرا الشارع المثبتة على احد الاعمدة، لتكشف أكاذيب رجال الشرطة وتكشف قيامهم بالتعدي والاعتداء الوحشي على ضحيتهم من طرف واحد.

اضطرت الشرطة للإفصاح عن محتوى الكاميرات لتعكس التسلسل الزمني للمواجهة المأساوية بين نيكولز والشرطة؛ حين أوقفه اثنان من ضباط شرطة ممفيس في نقطة مرور بدعوى ارتكابه مخالفة مرورية، وحين حاول الهرب، صرخ الضابط عدة مرات «أخرج من السيارة» وأخرجه بالفعل ليجيب نيكولز  «لم أفعل أي شيء» ثم امره الضابط بالتمدد على الأرض وهدده بصعقه، ورد نيكولز «أنا على الأرض» واشار إلى عدم قدرته على التنفس بسبب الاعتداء المستمر عليه ليتلقى المزيد من اللكمات والركلات حيث تلقى ما لا يقل عن ست ضربات وهو راقد على الأرض، وكان على بعد امتار قليلة من منزل والدته، واستمر في الصراخ والتوسل من اجل العودة إلى والدته.

فيديوهات الإدانة                                                                                                                                                                                                     الظباط المتهمين                                                                                                                                                                                             
نشرت إدارة شرطة ممفيس أربعة أجزاء لمقاطع الفيديو، كشف آخر مقطع عن إصابات نيكولز الشديدة بشكل واضح لتعكس حالته الجسدية المتدهورة، وكذلك كشف الفيديو تأخر سيارة الإسعاف لاكثر من 20 دقيقة بعد تعرضه للضرب الوحشي، واثار الفيديو تساؤلات وانتقادات عديدة حول اسباب توقيف نيكولز في ذلك الوقت دون مبرر وسبب الاعتداء عليه وسط سلبية ضباط إنفاذ القانون الآخرين ممن وقفوا مكتوفي الأيدي دون تدخل لوقف الاعتداء عليه، بالاضافة إلى التأكد من اعتداء رجال الشرطة المنفرد عليه دون مقاومة منه حيث ظل ينادى على والدته طوال الضرب، وأظهرت مقاطع الفيديو الضباط وهم يتحدثون مع بعضهم البعض  اثناء رقود نيكولز على الرصيف وهو غارق في دمائه منتظرًا سيارة الإسعاف.

توفى نيكولز بعد واقعة الاعتداء عليه بثلاثة أيام ليتسبب في موجة من الاحتجاجات العنيفة، حاولت السلطات الأمريكية إخماد الاضطرابات سريعًا باتهام خمسة من ضباط شرطة ممفيس الأمريكية بارتكاب جرائم قتل وتجاوزات أخرى تسببت في مقتل نيكولز، دون الالتفات إلىلا دفاع قائدة شرطة ممفيس عن الضباط المتهمين، وقولها إنهم قاموا بعمل جيد فى محاربة الجريمة إلا أن تلك المجموعة من الضباط تحديدا خرجت عن مسارها فى تلك الليلة، وأوضح النائب العام ستيف مولروي، أن العناصر الخمسة ضمن قوة شرطة ممفيس يخضعون للتحقيقات وجميعهم أمريكيون من أصل إفريقي وذلك بعد أن دعا الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إجراء تحقيق سريع وكامل وشفاف في تلك المأساة، واعترف ستيف مولروي؛ بأن الضباط لعبوا أدوارًا مختلفة في القتل ويواجهون تهم القتل العمد من الدرجة الثانية، والاعتداء والاختطاف المشدد، وسوء السلوك والقمع الرسمي، ووفقا للتقرير يُعاقب على القتل من الدرجة الثانية بالسجن لمدة تتراوح بين 15 و 60 عامًا بموجب قانون ولاية تينيسي.

حل وحدة الشرطة
ازدادت الاحتجاجات وحالة الغضب لتتخذ شرطة ممفيس المزيد من القرارات بحل وحدة «العقرب» التى ضمت الضباط الخمسة المتهمين فى القضية وكذلك فصل عنصر سادس للشرطة متورط في نفس الحادث، واشارت عائلة نيكولز والفريق القانوني الخاص بهم إن اللقطات تظهر الضباط وهم يضربون الضحية بوحشية في اعتداء شبهه الفريق القانوني بانتهاكات الشرطة الامريكية عام 1991 ضد سائق سيارة في لوس أنجلوس يدعى رودني كينج الذي تعرض  للاعتداء والضرب من قبل رجال الشرطة دون رحمة.

احتجاجات وطوارئ
تسارعت وتيرة الاحتجاجات في كافة أنحاء الولايات الامريكية مما دفع حكام الولايات الى اعلان حالة الطوارئ، اشتعلت مدينة ممفيس بالاحتجاجات والمظاهرات الغاضبة وأغلق المحتجون الطرق الرئيسية وهم يهتفون «لا عدالة لا سلام» وتجمع المئات في تايمز سكوير بمدينة نيويورك، ورفعوا لافتات: «ضعوا حدا لإرهاب الشرطة» وقام المتظاهرون بتخريب المحال التجارية في لوس أنجلوس مطالبين بإصلاحات جوهرية في اجهزة الشرطة، وكذلك اشتعلت ولاية جورجيا بالاحتجاجات العنيفة في وسط مدينة أتلانتا؛ لتعلن حالة الطوارئ وخاصة بعد مقتل متظاهر على يد ضباط الشرطة لتغرق مدن الولاية في اعمال الشغب وإلقاء الحجارة على مؤسسة الشرطة وتحطيم مركزها وإحراق سيارات تابعة للشرطة.

وقائدة شرطة ممفيس متهمة  فى حادث فساد سابق

 انكشفت المزيد من الفضائح لتشير إلى ملف الخدمة الخاص بقائدة شرطة ممفيس «سيريلين ديفيس» وتاريخها كمحقق مهمل، وهى أول رئيس للشرطة في ممفيس من اصل افريقي تم تعيينها في عام 2021،  بعد عام واحد من مقتل جورج فلويد على يد شرطة مينيابوليس، وبعد الحادث تم تكليفها بالتحقيق في الواقعة دون الالتفات إلى ملفها الذي يحمل واقعة طرد سابقة من وظيفتها بسبب التواطؤ وعدم الشفافية اثناء التحقيقات في قضية شهيرة لاستغلال الأطفال، وانتهت بفصل ديفيس من وظيفتها السابقة بقسم شرطة أتلانتا بشأن فضيحة استغلال  للأطفال بعد تزايد الاحتجاجات المتعلقة بتلك القضية في لوس انجلوس في عام 2008 وانتقد مكتب التحقيقات الفيدرالي قوة شرطة أتلانتا ووصفها بعدم امكانية مسامحتهم في ذلك الوقت لأنها تجاهلت الإساءة المستمرة وسوء معاملة الأطفال ضد 11 فتاة على الأقل لمجاملة احد المسئولين المتورطين في الواقعة إلا أن المتهم مثل امام هيئة المحلفين بتهم استغلال الأطفال بعلم  إدارة شرطة أتلانتا وتلقى حكما بالسجن  لمدة 10 سنوات.

 

 

نقلا من عدد أخبار الحوادث بتاريخ ٩/٢/٢٠٢٣

أقرأ أيضأ : كاتب أمريكي: على واشنطن أن تواجه الصين