إعلامنا ما له و ما عليهl « المتخصصة » فى الميزان

القنوات المتخصصة
القنوات المتخصصة

رضوى خليل

تمتلئ سماء المنطقة العربية اليوم بمحطات تلفزيونية تغطي مناطقها الجغرافية عبر الأقمار الصناعية المباشرة، وليس من المستغرب أن هذه التكنولوجيا الحديثة أجبرت الغالبية العظمى من الدول العربية على تحديث وتطوير وسائل الاتصال الإعلامية الخاصة بها، خاصة في مجال إعداد وإنشاء المحطات الفضائية العامة والخاصة، ولم يتوقف الحد عند إستخدام أو تأجير القنوات الفضائية، لكن هناك دول عربية مثل السعودية والإمارات ومصر ولبنان وغيرهم تمتلك أكثر من قناة فضائية مختصة في مجالات معينة مثل “طبخ، رياضة، أخبار، صحة إلخ.. “أخبار النجوم” في التحقيق التالي تحدثت مع أساتذة إعلام وطرحت لهم أسئلة عديدة، منها هل هذه القنوات الفئوية تحقق الغرض منها؟، وهل لها تأثير على المشاهدين؟، وهل وجود هذه القنوات أمر مهم أم مجرد وسيلة للترفيه؟..

الأستاذ الدكتور عادل عبدالغفار، أستاذ الإعلام والرأي العام بجامعة القاهرة، يرى أن القنوات المتخصصة مثل قنوات الأخبار، الدراما، الرياضة، الطبخ إلخ، أما أنها تتوجه لفئة جماهيرية محددة، أو تريد إرسال هدف معين في مجال ما، لكن النتيجة واحدة، أنها متخصصة، ويقول: “التخصص موجة عصرية تجزئ الجمهور، أي تركز على احتياجات ورغبات فئة جماهيرية معينة وتقدم البرامج والمواد الإعلامية التي تهم هذه الفئة، وهذه الموجة من القنوات المتخصصة موجودة في أنحاء العالم المختلفة رغبة في التوجه إلى فئة جماهيرية بعينها، لأن المضمون الذي يجذب الجمهور العام أصبح من الصعب تنفيذه على وسائل الإعلام، لذلك أصبح الإعلام يتوجه لفئة جماهيرية محددة، أو يتخصص في موضوعات وقضايا بعينها، وبالتأكيد هذه القنوات أصبحت تشغل مساحة إعلامية كبيرة، حتى على مستوى الصحف أو الإعلام الإلكتروني، وأصبح التخصص في رسالة الإعلام والتوجه إلى فئة جماهيرية محددة، هو النمط السائد من الإعلام، ليس في مصر فقط، لكن أيضا على المستوى الإقليمي والدولي، ولو عدنا لبداية هذه الموجة سنرجع إلى فترة التسعينيات بمصر بعد انشاء قطاع القنوات المتخصصة، ومازالت الموجة مستمرة حتى الإعلام الرقمي يسير في نفس الاتجاه”.

أما د. هويدا مصطفى العميد السابق لكلية الإعلام جامعة القاهرة، تقول: “وجود قنوات متخصصة أمر مهم، حيث أنه يوجه لفئات محددة ذات اهتمام بموضوع تخصص القناة، فالإعلام حاليا لم يعد قادرا على تلبية احتياجات جميع الفئات، والقنوات المتخصصة لها أهمية في تناول القضايا داخل التخصص بعمق وتنوع بما يرضي أذواق واهتمامات الجمهور، وبالفعل تشهد القنوات المصرية تطورا في مجال القنوات المتخصصة، خاصة في المجال الإخباري، حيث تملك مصر قنوات إخبارية متخصصة أضيفت لها أخيرا، مثل (القاهرة الإخبارية)، وهذا تطور مهم، واستطاعت هذه القنوات تقديم تغطية إخبارية متعمقة في كثير من الملفات والقضايا المختلفة، لذلك تعددت القنوات الرياضية، وشهدت تطور كبير بين القنوات الرياضية وقنوات الأندية، وإن كان يؤخذ على بعض هذه القنوات نشر التعصب الرياضي، والتركيز على رياضات محددة، خاصة كرة القدم على حساب رياضات أخرى، كما أن بعض القنوات المتخصصة ركزت على مضمون محدد أكثر من مضامين أخرى، فركزت على قنوات الطهي والرياضة والمرأة والأفلام والدراما، ولا توجد قنوات موجهة لفئات أخرى كالأطفال والشباب”.

من جانبه يقول د. محمود خليل الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة: “الفضائيات المتخصصة مكون أساسي لخريطة البث التليفزيوني منذ انطلاق تجربة البث الفضائي المصري، وعلى مستوى العدد يتفوق عدد قنوات المسلسلات والأفلام كقنوات متخصصة على ما عداها، يستثنى من ذلك القنوات الرياضية، والقنوات الرياضية المصرية العامة لها جمهورها، وتختلف عن القنوات التابعة لأندية مثل (الأهلي) و(الزمالك)، فمحتواها أحياناً ما يدعم فكرة التعصب، وأحياناً ما تتحول هذه القنوات إلى منصات لما يمكن وصفه بـ(الردح) بين بعض المسئولين الرياضيين، أما قنوات الطبخ فهي متعددة ومتنوعة، لكنها لا تحظى بجماهيرية، وفي تقديري أن هذا المحتوى لا يستحق قنوات، فيكفي جداً أن تخصص له برامج على القنوات العامة، ونقطة الضعف الأساسية تظهر عندما نتحدث عن القنوات الإخبارية، فقناة (النيل للأخبار) تعاني من العديد من المشكلات، ولا أستطيع أن أقول حتى اللحظة أن قناة (القاهرة الإخبارية) استطاعت أن تسد الفجوة القائمة في الإعلام الإخباري المصري على خريطة الفضائيات، فهي حتى الآن عاجزة عن منافسة القنوات الإخبارية العربية الشبيهة، وتحتاج إلى فكر مهني أكثر استقلالية وأكثر حرفية، خصوصاً فيما يتعلق بتوظيف المراسلين وبناء محتوى إخباري محايد، وهناك فجوة تظهر على خريطة القنوات الفضائية المصرية فيما يتعلق بالقنوات المتخصصة التي تخاطب الشباب، وأيضا التي تخاطب الأطفال والمراهقين، والقنوات التي تخاطب ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، ومهم أيضاً أن نلتفت إلى أن بعض القنوات المتخصصة التابعة لباقات لم تعمل حتى الآن، مثل قناة (DMC للأفلام) أو (DMC الرياضية)، والأمر نفسه ينطبق على قنوات متخصصة تابعة للعديد من الباقات التليفزيونية الأخرى، ونحن بحاجة أيضاً إلى فكر أكثر مهنية يحكم مسألة إدخال قنوات متخصصة جديدة إلى خريطتنا التليفزيونية، وأن نحتكم إلى رؤى مهنية احترافية، ونحن نبني محتوى بعض القنوات المتخصصة التي تعمل الآن، مثل قناة (مصر للقرآن الكريم) التي تؤدي بمنطق الإذاعة أكثر مما تؤدي بمنطق التليفزيون، والحاجة ماسة لقناة دينية مهنية تقوم بدور في التنوير ونشر فكر ديني أكثر استنارة، ولابد أن تتساند معها قنوات ثقافية حقيقية تدعم فكرة تصحيح المفاهيم الفكرية والدينية الخاطئة لدى الجمهور”.

أحمد بدر الدين مذيع إذاعة الشرق الأوسط، كان له رأي آخر، حيث قال: “الفضائيات الفئوية ليست وليدة اللحظة، فهي موجودة بالفعل منذ فترة، وكان أولها افتتاح قنوات النيل المتخصصة، ومما لا شك فيه أنها كانت تجربة ناجحة وبداية الطريق لفتح قنوات متخصصة، ومازلنا نرى قنوات جديدة تفتح كل يوم لتقديم مجال معين سواء أخبار، رياضة، طبخ، ثقافة بجانب قناة وثائقية مؤخرا، وجميعها قنوات ناجحة، فلو تحدثنا عن قنوات الأخبار فلها جمهورها الذي يفضل أن يعرف تفاصيل أكثر عن الخبر الذي سمعه في نشرة أخبار قصيرة، لكن في نفس الوقت توجد قنوات مختصة لا استفادة منها أو لم تحقق العائد المطلوب، مثل قنوات الطبخ التي تجلس أمامها ربة المنزل، لكن السؤال هل تشاهدها طوال اليوم؟، بالتأكيد لا، فكل التركيز عليها يكون لمدة ساعتين يوميا، ورغم ذلك تظل القناة تعرض برامج للطبخ 24 ساعة، وأخيرا، أعتقد أن وجود القنوات العامة التي تقدم كل المواد الإعلامية بكافة تخصصاتها جعل القنوات الفئوية في تراجع، وليست مطلوبة مثل الماضي”.

أخيرا يقول الكاتب الدكتور فتحي شمس الدين، أستاذ الإذاعة والتلفزيون وخبير الإعلام الرقمي: “نعيش الآن عصر التخصص، أي المشاهد أو المستهدف يتوجه إلى نمط إعلامي معين لإشباع الرغبات الخاصة به، وفكرة القنوات المتخصصة تتماشى مع متطلبات العصر الحالي من السرعة وقلة الوقت، وأصبحت القنوات العامة هي التي لها المشاهدة الأعلى نتيجة أن المشاهد أصبح ليس لديه وقت ينتظر أمام التلفاز كثيرا، يرى برنامج وبعده فيلم وإعلانات، فيذهب سريعا إلى التخصص الذي يجذبه ويحبه ويختصر الوقت، وبالتالي أصبحت القنوات المتخصصة هي النمط الأكثر استخداما، ومن هنا نجيب عن سؤال (هل حققت هذه القنوات الهدف منها؟)، نعم، لكن على المستوى العالمي فقط، أما محليا فلم تحقق الهدف منها، لأن القنوات المصرية لم تستطع تحقيق المطلوب، وهذا يرجع لأسباب كثيرة، منها نقص التمويل، عدم وجود كفاءات، عدم القدرة على المنافسة مع القنوات العالمية والإقليمية الكبيرة، لأن صناعة الإعلام أمر مكلف، وإذا قمنا بالمقارنة بين قنوات الأفلام المصرية والعالمية سنجد فرق كبير جدا بيننا وبينهم” .

اقرأ أيضا| تكريم سوسن بدر في افتتاح مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي