ألف عيلة وعيلة

عيد ميلاد الفول.. اليوم العالمي لـ«الملك المتوج» على موائد إفطار المصريين

اليوم العالمى لـ «الملك المتوج» على موائد إفطار المصريين
اليوم العالمى لـ «الملك المتوج» على موائد إفطار المصريين

العاشر من فبراير من كل عام، ذلك التاريخ الذى دُشن يومًا عالميًا للبقوليات من الجمعية العامة للأمم المتحدة، انطلاقًا من النجاح الذى حققته السنة الدولية للبقول فى عام 2016 التى احتفت بها منظمة الأغذية والزراعة وإقرارًا بما تزخر بها البقول من إمكانات لمواصلة تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030، تعمل المنظمة، بمساعدة الحكومات والقطاع الخاص والأعضاء والمنظمات الشريكة والجمهور والشباب، على تيسير الاحتفال بهذا اليوم العالمى ودعم إنتاج البقول واستهلاكها كجزء من النظم الغذائية المستدامة والأنماط الغذائية الصحية.. ومن بين العالم مصر تتميز بأهم وجبة بقوليات «طبق الفول» أو كما يطلق عليه البعض «حمال القسية» ذلك الملك المتوج على موائد إفطار المصريين.. لذا يستعرض ملحق «ألف عيلة وعيلة» قصة الفول فى البيوت المصريين.

عربة الفول.. مملكة إفطار المصريين

عقارب الساعة تتجاوز الخامسة صباحا بدقائق قليلة، يجلجل فى سماء مصر صوت مآذن المساجد، ينادى المصلين لصلاة الفجر، يستيقظ عم صابر أحمد، لإعداد قدرة الفول ومشتملاتها الباذنجان المقلى والمخلل، والطماطم بالثوم والبيض المسلوق، وبالإضافة إلى تسوية الطعمية لتتسم بالقرمشة الطازجة، ولا ينسى تقطيع البصل معشوق المصريين على عربة الفول، ويهتم عم صابر بغسل وتنظيف الجرجير جيدا، تلك الوجبة التى تشبه عرش الملك، فهنا طبق الفول «ملك السفرة»، وباقى الأطباق جوارى الملك، وبذلك تكتمل وجبة إفطار العمال والموظفين وكل المصريين، الذين يحرصون على تناول طبق الفول، الراعى الرسمى لإفطار المصريين.
ويبدأ عم صابر فى وضع كل المشتملات داخل عربته التى تكتسى باللون الأحمر، وتتزين بعبارات وأقوال مأثورة منها «وما توفيقى إلا بالله»، و«إن خلص الفول أنا مش مسئول»، و«بياع اللوز»، وتتزين بزجاجات الزيت والطحينة التى يتخللها صوانٍ من الاستانلس تتلألأ فى ضوء الشمس الساقط عليها تحوى داخلها سلطة الطماطم، والباذنجان، والبطاطس، والطعمية والبيض وغيرها من مشتملات وجبة الفطار، وبجوار العربة يضع «برميل» مياه أعلاه قفص عيش كل الزبائن تزوره، ويمتد أمام تلك العربة 3 موائد تتزين بصوانى الجرجير ويكتمل المشهد باصطفاف الزبائن فمنهم منتظرين وجباتهم ومنهم أوشك على إنهاء وجباتهم.. العربة واحدة ولكن طبق الفول متنوع ما بين حار وحلو كل حسب مزاج المصريين فتختلف الإضافات داخل طبق الفول وفقا لاختيارات الزبائن، فمنهم من يطلب طبق فول بالزيت الحار وغيرهم يطلب طبق الفول بالزيت الحلو، وآخرون طبق فولهم سادة بدون «تحويجة».. ويقول أحمد محمود نجار مسلح إنه اعتاد الفطار من عربية عم صابر صباح كل يوم، واصفا تناول الطعام على العربة بالمتعة الحقيقية، متغزلا فى طبق الفول قائلا «ده طبق السلطنة اللى بيسلطن الدماغ ويملأ البطن علشان نقدر نكمل اليوم، ونشتغل»، يقول أحمد تلك الكلمات وتلمع عيناه معبرة عن شعوره ومشاعره اتجاه طبق الفول.. ويقول أحمد حسن موظف بأحد البنوك، انه اعتاد تناول الفطار على عربة عم صابر، واصفًا وجبة الفول بانها متكاملة وخاصة على عربة عم صابر، قائلا «فبجانب طبق الفول تجد السلطة والجرجير والباذنجان وأرغفة العيش، وبكده تقدر تبدأ يومك ولو معرفتش تاكل حاجة لحد ما تروح بعد الشغل هتلاقى الفطار شايلك».

طعام المصريين منذ الفراعنة

استوطن المصرى القديم ضفتى نهر النيل وبدأ فى استغلال التربة الخصبة فى الزراعة وبدأ مرحلة جديدة من بناء المجتمعات الإنسانية، وكان الطعام هو الدافع الأول، وكان الفول أحد أبرز المحاصيل الزراعية الذى استمر لسنوات هو الغذاء والأرز للشعب للمصريين.. وجد الفول موقعا مميزا بداية من العصر اليونانى وأوائل العصر الرومانى حيث يظهر فى المواقع الأثرية حوالى عام 300 قبل الميلاد، وهو ما يوضح أن المصريين بدأوا فى استخدام الفول بكثرة بداية من هذا الوقت، حيث تُظهر مقبرة الوزير رخمى رع بطيبة من الأسرة الثانية عشرة، تعامل مع الفول بعد زراعته، وهو ما يؤكد المساحة التى حصل عليها الفول كطعام رئيس للمصريين فى ذلك الوقت
ويشير مختصون أن طرق إعداد الفول اختلفت على مر العصور ولكنها حافظت على الشكل النهائى الأقرب لما نحن عليه الآن، كما تعدد استخدام محصول الفول ومنها «الفلافل» أو «الطعمية» والتى أكد مختصون فى التاريخ أن طريقة صنعها ترجع إلى زمن الفراعنة.. حيث أشارت نقوش فرعونية، إلى أن الطعمية اختراع مصرى قديم، حيث سطر على جدران أحد المعابد طريقة إعداد فطائر امتزجت عجينتها بالفول، وذلك عن طريق حوض به ماء، وتقول النصوص»»خبز أرغفة يوميا للآله آمون والآلهة التابعين له».. وأرجع البعض أن «الفول المدمس» والتى ليست بالأصل كلمة عربية، و»مدمس» تعنى الفول المدفون، ومعنى مدفون مُشتق من «تمس» بالقبطية، أى يُدفن، فهى بالمصرية القديمة «سماتا» أى يتحد بالأرض، تعبيرا عن الدفن.. ودخلت إلى مصر العديد من الثقافات المختلفة على مر العصور وحملت كل ثقافة أطعمتها الخاصة تأثرت وأثرت فى الطعام المصرى ولكن ظل الفول محتفظ بطريقته المعتادة والتقليدية ليظل معبرا عن الشعب المصرى والذى تميز فى إعداده وصنعه عدد من الأطعمة المختلفة.. كما اُستخدم الفول منذ القدم كبديل غذائى عن اللحوم أحيانًا؛ وذلك لكونه يتمتع بكمية لا بأس بها من البروتينات الضرورية للإنسان، لاحتوائه على عناصر ذات أهمية للإنسان تزيد من مناعة الجسم ضد الأمراض.

أشهر أماكن تقديم طبق المصريين الأول

للحصول على طبق فول مميز، من أسهل الأمور فى مصر خاصًا أن كل المطاعم تتفنن فى إعداد أطباق مميزة منه، لذلك يحرص زوار مصر تجربة طبق الفول المصرى فى أحد أشهر مطاعمها فى القاهرة والإسكندرية.. وتتعدد المطاعم التى تقدم الأكل الشعبى التقليدى فى القاهرة والإسكندرية ولعل أشهرها، محمد أحمد فى الإسكندرية، وجاد بفروعه المختلفة، وبشندى فى مصر الجديدة، والشبراوى بمدينة مصر، والجمهورية فى عين شمس، وغيرها من المطاعم التى انتشرت فى مختلف مناطق القاهرة الكبرى والمحافظات.. ويأتى جاد فى مقدمة ملوك الفول المصريين وينتشر بعدد كبير من الفروع فى القاهرة الكبرى والإسكندرية وعدد من المحافظات ويقدم أطباق الفول بخطته المميزة.
ويعد محمد أحمد، أحد أشهر المطاعم فى محافظة الإسكندرية على الإطلاق، فلا يمكن الذهاب إلى الإسكندرية دون المرور على أقدم محلات الفول فى الإسكندرية والتى بدأت منذ عام 1957.. والمطعم حرص على زيارته عدد من الملوك والشخصيات العامة المصرية والعالمية فقد زارت الملكة صوفيا ملكة إسبانيا المطعم عام 1989 ووقعت على قائمة الطعام ولا يزال المطعم مُحتفظا بهذا التوقيع إلى الآن على قائمة الطعام الخاصة به حتى الآن، بالإضافة إلى مشاركة نجيب محفوظ، وفنان الكاريكاتير مصطفى حسين.. ولا يمكن أن نغفل عربات الفول المنتشرة فى كل شوارع مصر تقريبا، وحملت أسماء أصحابها، فنجد عربة عم محمود فى السيدة زينت، وعربية عبده دولار فى عين شمس، وعربية المنوفى فى ميدان صلاح الدين فى مصر الجديدة.

أنواع وطرق طهى مختلفة.. والفول محتفظ بمكانته

تختلف الأنواع وطرق الطهى.. والاسم فول، ففى كل بيت تجد طبق الفول مهما اختلفت طريقة الطهى أو نوعه، فنجد داخل كل بيت مصرى فول مدمس أو فول الصلصة، أو فول حراتى أو فول سودانى وغيره الكثير من الأنواع والطرق لذا نرصد لكم بعض الأنواع وطرق الطهى.


الفول المدمس
يعتبر الفول المدمس من أهم الأطعمة الشعبية المحبوبة والمعروفة لدى جميع فئات الشعب المصرى، يتم تناوله خلال اليوم ولكنه يعتبر من الأكلات الأساسية فى وجبة الإفطار أو فى سحور شهر رمضان الكريم، ويعتبر من أهم الأكلات الاقتصادية الذى لا يحتاج الكثير من التكاليف حتى يتم إعداده، بمكونات «كيلو من الفول متوسط الحجم، ونصف كوب من العدس الأصفر، و5 ملاعق من الفول المدشوش، وملعقة كبيرة من الكركم و2 حبة طماطم مبشور، وحبة واحدة من الجزر المبشور».
الفول الحراتى

يُعدّ الفول الأخضر مصدراً غنيّاً بالعديد من المعادن، بما فيها كل من النحاس، والفسفور، والماغنيسوم، وبالإضافة الى مذاقه الجيد الطبيعى إلا أن الفول الحراتى المطبوخ من الأطباق الاقتصادية التى يمكنك إعدادها وتقديمها بأسهل الخطوات وأقل المكونات، فول حراتى مسلوق وعصير طماطم، وبصل وثوم وفلفل حار وسمنة وكمون ناعم وملح وفلفل أسود وكزبرة خضراء ومرقة وعصير ليمون.. وطريقة تحضيره يشوح البصل فى السمن مع الثوم والفول الأخضر وتتبل بالملح والفلفل ثم يضاف عصير الطماطم إلى الخليط ويترك حتى يطهى.
الفول السودانى

نوع من البقوليات التى تزرع فى أمريكا الجنوبية، ويتم تناوله على هيئة الفول السودانى الخام، أو المحمص، والمملح، أو زبدة الفول السودانى. وتشمل المنتجات الأخرى المصنوعة من الفول السودانى على زيت الفول السودانى، ودقيق الفول السودانى، وبروتين الفول السودانى، وتستخدم منتجات الفول السودانى فى مجموعة متنوعة من الأطعمة مثل الكعك والحلويات والوجبات الخفيفة والصلصات، يتشابه الفول السودانى مع المكسرات ويعتبر واحداً منها، إلا أنه فى الحقيقة ينتمى إلى البقوليات.