حبر على ورق

معرض كتاب يليق بمصر

نوال مصطفى
نوال مصطفى

اقرأ 15 دقيقة فقط قبل نومك، اجعلها عادة ثابتة مهما كنت متعبا، وسوف تستيقظ صباح اليوم التالى بنظرة أخرى للحياة أكثر إشراقا وتفاؤلا. الحياة لحظة، وفى القراءة حياة، بل أكثر من حياة. كن قارئا تجد الوجود جميلا.

الكاتب الحقيقى ليس شخصا يفكر بالنيابة عنك، بل هو شخص يدعوك للتفكير معه، والتحاور مع أفكاره ورؤاه. والكتاب الذى يستحق القراءة هو الذى يخلق الفضول لدى قارئه ليفكر.

هذه بعض الومضات السريعة التى كتبت بعضها لزوار معرض القاهرة الدولى للكتاب 2023 كإهداء. وهذه الجمل تعبر عنى، وتلخص إحساسى بقيمة الكتاب والقراءة فى حياتنا. الكثير منا يردد جملة «لا أحد يقرأ الآن» ويؤكدون أن عصر الكتاب قد ولى! وهذا افتراء على القراء فى مصر والوطن العربى.

من زار معرض الكتاب هذا العام، والذى أغلق أبوابه فى السادس من فبراير، بعد عشرة أيام من الزخم والتفاعل والطاقة الإيجابية العالية يستطيع أن يؤكد أن الناس فى مصر متعطشة للثقافة والقراءة، وأن هناك شباب وأطفال تربوا على القراءة والكتاب وهذه مسئولية الأسرة فى المقام الأول، ثم المدرسة التى تزرع فى نفوس التلاميذ والطلبة قيمة الثقافة، و معنى التنوير.

قابلت فى معرض الكتاب هذا العام صبيا صغيرا عمره 12 سنة اسمه حمزة هشام، رأيته يسألنى أيا من كتبى أرشحه له ليبدأ اقتناءه وقراءته، قلت له ابدأ بمجموعتى القصصية «الحياة مرة أخرى» فهى تناسب سنك، الرواية ربما تكون صعبة عليك فى بداية تعودك على القراءة، قلت له اقرأ 15 دقيقة على الأقل كل يوم، واجعلها عادة يومية وسوف تتغير حياتك. هنا جاءت المفاجأة، رد علىّ حمزة قائلا: لا 15 دقيقة قليل أوى.. أنا باقرا 3 أو 4 ساعات كل يوم، ولو معنديش مدرسة ولا واجبات باقرا طول اليوم!

حمزة على عتبة الشباب، حاجة تفرح بجد، لقد صنعت يومى، بل سنتى كلها يا حمزة. شبابنا القادم بسرعة الصاروخ ليصنع مصر المستقبل يقرأ، أو على الأقل نسبة لا بأس بها تقرأ وتتفاعل مع الأحداث الثقافية، ومعرض الكتاب هذا العام كان شاهدا على تلك الحقيقة التى لا تقبل التشكيك أو الإنكار.
كل القاعات والأجنحة تعج بالزوار، فى معرض الكتاب، يشترون الكتب، يحضرون الندوات وحفلات التوقيع، ويستمتعون بالعروض الفنية المتنوعة التى نظمتها وزارة الثقافة من فنون شعبية، إلى أراجوز، إلى عروض مسرحية، إلى غناء وموسيقى، إلى رقص وغناء نوبى بديع».

الحقيقة أننى فخورة بما قدمته الدولة المصرية ممثلة أولا فى وزارة الثقافة، تعاونها مع كل الوزارات والهيئات المعنية، فخورة كذلك بدور النشر المصرية والعربية التى تنافست جميعا فى تقديم الأجمل والأحدث فى كل منتجات الثقافة من كتاب مطبوع، أو مسموع. وقد كان جناح «روايات مصرية للجيب وسلاح التلميذ» الذى يديره باقتدار أحمد المقدم مدير عام المؤسسة العربية الحديثة، مميزا جدا بأسعاره المعقولة، وجمهوره الكبير من الأطفال والنشء والشباب والكبار، والتنوع الكبير فى سلاسله وكتابه وأشهرهم الراحلان دكتور نبيل فاروق ودكتور أحمد خالد توفيق، كذلك جيل الشباب من الكتاب والكاتبات: دكتور سيد زهران وسالى عادل، أحمد فكرى، وعلا الشربينى، داليا بزان وحسن الحلبى، وغيرهم من كتاب الدار الجدد.

سوف أفتقد أيامك وأمسياتك المليئة بالفن والفكر والإبداع يا معرض الكتاب. كل سنة ونحن جميعا قارئون.