لا يحيق المكر السيء إلا بالمشتتين في الأرض

أيمن فاروق
أيمن فاروق

بعد أن تلقى تنظيم الإخوان الإرهابي ضربات متتالية في منطقة الشرق الأوسط وتحديدا في مصر، بعد أن لفظهم الشعب المصري، في الثورة الشعبية عام 2013 لم يجد التنظيم سوى أوروبا مأوى لهم، وباتت تلك القارة العجوز حاضنة لفكر وأفراد «الإرهابية» التي لم تجد سوى النمسا أن تكون مركز اتصال بين بين ما ينتمي لهذا التنظيم وتابعيهم في الشرق الأوسط، وهنا بدأ قيادات الجماعة يخططون ويدبرون للحصول على تمويل بطرق مباشرة وأخرى غير مباشرة، فقاموا بناء مساجد هناك حتى يحصلون على تمويلات، وكعادة الجماعة لم يهدأ لهم بال وظلوا يمارسون خبثهم ومكرهم السيء الذي لا يحيق إلا بأهله، وباتوا ينشرون فكرهم السرطاني من النمسا إلى ألمانيا ولندن.
ليس هذا فحسب بل خططوا بكل قوة إلى اختراق المجلس الإسلامي في النمسا لنشرهم إرهابهم وفكرهم المتطرف المريض، وعطلوا قانون تمويل المنظمات الإسلامية، هنا بدأت ألمانيا تتنبه لهذا الخطر وتلتها النمسا في اليقظة أيضا بعد أن تم رصد الزحف المتطرف للجماعة الإرهابية وانتشارهم داخل العديد من المؤسسات الدينية والاجتماعية والتعليمية، ووضح ذلك جليا طيلة العامين الماضيين وما تبع ذلك من تنفيذ عمليات إرهابية في أوروبا، واستشعرت ألمانيا والنمسا الخطر.
لهذا شاهدنا استراتيجية تغيير مسميات الجمعيات في برلين الذي لجأ لها التنظيم المتطرف والإرهابي حتى ينجو من فخ المطاردة حيث شعر أنه بين مطرقة المطاردة وسندان الملاحقات وتشديد الإجراءات القانونية ضد أنشطته، وقام بتغيير مسميات الجمعيات التي تنتمي له، مثل الحرباة التي تغير جلدها، وقام تنظيم الإخوان المتطرف إلى تغيير مسميات تلك الجمعيات، كما تقرب من مؤسسات الدولة هناك ليراوغ كعادته مثلما كان يفعل في الشرق الأوسط للإفلات من المطاردة، وهذا ما أكده المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات في تقرير له، بعد أن تزايدت الضغوط على الجماعة الإرهابية هناك، التقرير الأخير لمركز الدراسات الذي سبق وأشرنا له نوه إلى شطب المجلس الإسلامي لجمعيات وشخصيات ووصفها بأنها مؤشر لمراجعة سياساته، وإعادة للنظر في مصادر التمويل وخطاب المساجد خاصة عبر الأئمة الأجانب.
واتضح ذلك حينما تم تجريد المكني بوزير مالية الإخوان المدعو إبراهيم الزيات من جميع مناصبه بالاتحاد وإنهاء المجلس الأعلى للمسلمين علاقته بالتجمع الإسلامي وطرده في ميونخ واتحاد الطلبة التابع للجماعة الإرهابية، مع اتهام هذه الجمعيات بالتعاون مع الجماعة الإرهابية، ليس هذا فحسب بل نوه المركز الأوروبي إن خطورة الإخوان بالنمسا تأتي من استغلال القوانين التي تسمح بالتعاون بين الدولة والمجتمعات الدينية، حيث يهدفون من وراء ذلك إلى التقرب من صناع القرار والحكومة والإعلام حتى يزيحوا عنهم شبهة التطرف والعنف واكتساب مزيد من الثقة بل وتقديم أنفسهم على أنهم الضحية، ومن ثم الاقتراب من دوائر صناع القرار والمؤسسات الحكومية والإعلامية لإبعاد شبهة العنف عنهم وكسب الثقة وتقديم أنفسهم في صورة الضحية، ولهذا استشعرت تلك الدول الخطر، لكن بتحليل التقارير السابقة سنجد هذا الدور اللعين قامت به الجماعة الإرهابية قبيل أحداث يناير وبعدها ونجحت وقتها في التلاعب بمشاعر الشعوب العربية وقفزت على السلطة لكنهم لم يتمكنوا من الاستمرار في مخططهم لأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح ولا يحيق المكر السيء إلا بالجماعة الإرهابية وهاهم مطاردين ومشردون في الدول، لا مأوى لهم ولا ملجأ.
حفظ الله مصر.. شعبا وجيشا وشرطة