الجنود المجهولون في معرض الكتاب: الشباب المتطوعين.. مواقف وطرائف وحكايات

الجنود المجهولون فى معرض الكتاب : شباب المتطوعين.. مواقف وطرائف وحكايات
الجنود المجهولون فى معرض الكتاب : شباب المتطوعين.. مواقف وطرائف وحكايات

قصص طريفة وغريبة، وأخرى إنسانية ومؤثرة مر بها جميع زوار معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته ال ٥٤، الذى يختتم اليوم استقباله للجمهور، وخلال أيام انعقاده كانت هناك كتيبة تعمل وراء الكواليس، فيتعرضون لكل تلك المواقف مع ملايين الزوار، لينتهى المعرض ويترك فى ذاكرتهم ما لا يمكنهم النسيان من المواقف الجميلة أو الصعبة، وفى هذا التقرير تحاورت «الأخبار» مع عدد من أعضاء فريق «انا متطوع» الذين عملوا كالجنود المجهولين طوال الأيام الماضية، لنتعرف منهم على أبرز المواقف التى تعرضوا لها ولن ينسوها، أبدا.

البداية كانت مع شيماء أحمد، (٢٠ عاما)، -التى تشارك لأول مرة هذا العام فى الفريق-، فقد واجهت مشهدا أثر فيها بعمق، وجعلها تشعر بمدى جدية دورها، وأن عليها التحكم فى مشاعرها من أجل التصرف سريعا، فتروى هذا الموقف قائلة: «كنت أقف كعادتى فى إحدى صالات المعرض أرد على استفسارات الحضور حتى وجدت فتاة لا تتعدى ال١٧ من عمرها، تتوجه نحوى وهى منهارة من البكاء.

حاولت تهدئتها لأفهم ما تقول، فعرفت منها إن أختها الصغرى البالغة من العمر ٦ سنوات اختفت فجأة من أمامها، وأن أحد الزوار قال لها أنه شاهد طفلة تائهة بنفس المواصفات بقاعة رقم٣»، وتوضح شيماء أنها أخذت تهدئ من روع الفتاة التى لم تستجب لأية محاولة وواصلت بكاءها بشكل هستيرى متعلقة بشيماء.

والتى مثلت لها فى هذه اللحظة طوق النجاة الوحيد وسط المعرض، فأخذتها «شيماء» وتوجهتا إلى صالة «٣»، وبدأتا فى البحث معا لمدة استغرقت أكثر من ٤٠ دقيقة، وتقول شيماء: « بعد بحث طويل وجدنا الطفلة بالفعل.

وهى تجهش بالبكاء، فاحتضنتها أختها بلهفة، وبطريقة جعلتنى أكاد أبكي، فشكرتنى كثيرا، وظلت تدعو لى، وبالرغم من انتهاء الموقف إلا إنه أثر فى كثيرا، لأنى وجدت نفسى فى موقف أنا مسئولة فيه عن البحث عن طفلة.

وتهدئة أخرى رغم سنى الصغيرة لازلت أتعلم معنى المسئولية، وكان على أن ألملم شتات نفسي، وأركز حتى أعود إلى العمل سريعا، وأجيب عن أسئلة بقية الزوار.


إلغاء الاستراحة
أما «سلمى زكي»، قائد متطوع، والتى قضت ٦ دورات مع المتطوعين داخل معرض الكتاب فتشير إلى أنه كل عام يمرون- كأعضاء الفريق- بمواقف عدة منها الإنساني، ومنها الطريف، ومنها الصعب، إلا إن أكثر ما يؤثر فيهم، هو مساعدة كبار السن، وما يجدوه من دعوات منهم تلمس القلوب.

ومن هذه المواقف تروى سلمى قائلة:» كان يوم جمعة، والإقبال كثيف على البوابة، والطوابير ممتدة، وخلال التنظيم وجدت زوجين من كبار السن فى «الطابور»، وهما لا يعلمان أنهما يستطيعان الدخول فورا من بوابة كبار الزوار، فتوجهت إليهما لإخراجهما من «الطابور» وإدخالهم فورا فتعلقا بذراعى فى مشهد جميل حتى دخلا المعرض، وهما يدعوان لى طوال الطريق، وكانت هذه من أجمل الدعوات التى سمعتها يوما».


وتذكر «سلمى» أيضا أن الفريق بشكل عام يتكرر معه موقف تأجيل الاستراحة أو الغداء من أجل إكمال العمل داخل أو خارج الصالات فى فترات الزحام.


للقراءة أم للأكل!
ومن جانبها تشير رحمة هاني ، « ٢٠ عاما»، إلا أن اطرف ما واجهها فى أيام المعرض، هو عندما يرى الزوار زحاما كثيفا على جناح مجلة مانجا العربية»، وعندما يسألونها عن سبب الزحام، فتجيبهم بأنهم يوزعون «المانجا العربية» مجانا، فيظنها الجميع الفاكهة المعروفة «المانجا»، حتى بدأت فى استيعاب الأمر وعمدت على الايضاح للحضور بأنها مجلة شبابية تسمى «مانجا».


مصحف للحفيدة
وبينما أكدت «أمنية محمد»، ٢٠ عاما، أن المواقف التى يمرون بها كمتطوعين كثيرة، إلا أن هناك موقفا لا تستطيع نسيانه، ودائما ما تذكره لأصدقائها فتقول: «عادة ما يكون عملى هو إرشاد الزوار إلى أماكن دور النشر.

وإلا أنه ذات يوم وجدت رجلا من كبار السن، وكان أيضا فاقد البصر، ويسأل بإلحاح عن أحد دور النشر فوجهه الزائرين إلي، وهنا لم أستطع إرشاده فقط، بل كان على اصطحابه إلى دار النشر لأنه كان وحيدا.

وهذا طبيعي، لكن ما أثر فى، هو سبب قدومه إلى المعرض، حيث كان يبحث عن دار نشر معينة يشترى منها مصحفا محددا لحفيدته الصغرى، ليبدأ تحفيظها القرآن منه، وأتى بمفرده ليجعلها مفاجأة لها، وهذا الموقف منحنى سعادة وسلام لم أشعر بمثلهما يوما، فلم يهتم بسنه أو عجزه بل كان كل همه إسعاد حفيدته».


لغة غريبة!
ولأنه دائما ما يقبل على معرض الكتاب ضيوف من جنسيات مختلفة خاصة من طلبة الأزهر الشريف، فقد كان لخديجة أكمل، متطوعة تبلغ من العمر ١٨ عاما مواقف عدة معهم، فتحاول التواصل فى هذه الحالة باللغة العربية إذ كانوا يحاولون التحدث بها، أو بالإنجليزية إذا لم يفهموا العربية، إلا أن أطرف المواقف، وأصعبها عندما لا يتقن الزائر أيا من العربية أو الإنجليزية.

وفى هذا تقول خديجة: «عندما أجد من أمامى يحاول فهم العربية، فالأمر يسير، وعادة ما يستخدمون الإشارة فأفهم مقصدهم مع كلمات متناثرة من العربية أو الإنحليزية، لكن أصعب ما كان يواجهنى هو عند فهم الزائرين العربية أو الإنجليزية.

وهنا أحاول أن أعرف ما هى لغتهم واستخدم مترجم «جوجل» لترجمة سؤالهم، وكذلك أكتب إجابتي، وأترجمها إلى لغتهم ، وهذا بالطبع يأخذ وقتا اكثر فى التواصل إلا أنهم يبدون ممتنين جدا لإرشادهم إلى الطريق  نحو الأجنحة».


اقرأ ايضاً | جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم قراءة في كتاب «مراجعات في الفكر والثقافة»