الخطف الوهمي.. حكايات الحب والمال

الخطف الوهمي
الخطف الوهمي

محمد طلعت

في الفترة الأخيرة انتشرت ظاهرة غريبة وهى بلاغات وهمية يتم تلقيها في أقسام الشرطة أو على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو الشرطة للتحرك لنجدة شخص مخطوف وبعد بحث وجهد أمني يكتشف رجال الشرطة أن البلاغ وهمي وأن الضحية في بعض الأوقات هو أحد الجناة، لتأتي النهاية بحبس المجني عليه صاحب البلاغ الوهمي والذي فعل ذلك إما للحصول على المال أو بسبب قصة حب، وفي السطور التالية نتحدث عن هذه الظاهرة وكيف يتم مواجهتها بصورة قانونية.

"ألحقني يا حضرة الضابط بنتي اتخطفت والمجرمين طلبوا فدية كبيرة وانا راجل على قد حالي ومش عارف اعمل ايه"، هذه الكلمات التي قالها رجل في الستين من عمره أمام المقدم وسام عطيه رئيس مباحث دار السلام كانت بداية الكشف عن مأساة إنسانية.
حيث بدأ فريق من مباحث القاهرة مهمة البحث عن نجلة ذلك الرجل والتي تم اختطافها وفقا لما ابلغ به؛ فهى فتاة صغيرة السن أكملت عامها الخامس عشر قبل أقل من شهر، ليس لديها أي مشاكل مع أي شخص.
بدأ رجال المباحث في مراجعة الكاميرات الموجودة في المنطقة والتي تبين خروج الفتاة من منزلها في ذلك اليوم كما قال والدها في بلاغه حتى اختطافها، ثم تلقيه اتصالا هاتفيا من الشخص الذي طلب الفدية.
وعلى الجهة الأخرى كان رجال المباحث يتتبعون رقم التليفون الذي اتصل بالأب لكي يعرفوا من يملكه وذلك حتى يتم تحديد الخاطف وإنقاذ الفتاة المخطوفة، وبالفعل تم التوصل لصاحب الهاتف المحمول، وخلال أقل من ساعة كان متواجدا في قسم الشرطة يتم التحقيق مع لمعرفة حقيقة ذلك الاتصال.
الشخص الذي ألقي القبض عليه اعترف بسرعة كبيرة لم يتوقعها أحد؛ بأنه هو صاحب الاتصال وأنه لم يخطف أحد بل إن الفتاة حرة طليقة، وهى وأحد الأشخاص من منطقتهم من شجعوه ليشاركهم خطة شيطانية لكي يحصلوا على أموال من والد الفتاة.

المتهم واصل اعترافاته؛ بأن الفتاة موجودة لدى ذلك الشخص الذي اتفق معه وأن الخطة بأكملها من تفكير وتنفيذ الفتاة وارشد عن مكانها.
تحركت قوة من المباحث إلى المكان لتجد الفتاة والشخص الآخر ليتم إصطحابهما إلى قسم الشرطة لتعترف بأنها اشتركت في الأمر لكي تحصل على أموال من والدها وتقتسمها مع شريكيها في الجريمة، ليتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيال الجميع.

لم تكن تلك الحادثة هى الوحيدة التي تم فيها ادعاء الخطف بل شهدت مواقع التواصل الاجتماعي مناشدات وشير لبوست نشره مجهولون يقولون فيه؛ أن أحد الأطفال قد تم خطفه بأحد مواقف مدينة الخصوص عندما كان بصحبة والدته.

تلقت الأجهزة الأمنية بمحافظة القليوبية ذلك البوست وبدأت في البحث حول الأمر لمعرفة ما حدث خاصة أنهم لم يتلقوا أي بلاغ بتلك المواصفات في ذلك المكان على الاطلاق.
 من خلال البحث تم التوصل لهوية السيدة التي قيل إن طفلها تم خطفه لتنتقل قوة من مباحث الخصوص بقيادة المقدم محمد حجاج رئيس مباحث قسم الخصوص لمنزلها وبسؤالها عن حقيقة البوست قالت؛ إنها لاتعرف عنه شيئا وأن ما حدث أن طفلها أثناء وجودها بموقف الميكروباص تغيب لبعض الدقائق وتم العثور عليه في حينه وبالتالي هى لاتعرف كيف انتشر ذلك البوست الذي أثار البلبلة من الاساس.

وكأن هذا الأسبوع هو اسبوع الخطف الوهمي فكانت هناك واقعة أخرى سبق أن تحدثنا عنها وهى واقعة الفنانة منة فضالي التي نشرت عبر صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي بوست تقول فيه أن مساعدتها اختفت وتؤكد أنها اختطفت، حديثها قلب السوشيال ميديا في ذلك التوقيت، تحركت أجهزة الأمن لبحث الأمر ومعرفة حقيقة الأمر هل تم خطف تلك السيدة أم أن في الأمر شيء آخر.
كشفت أجهزة الأمن؛ أن المساعدة المذكورة تم إلقاء القبض عليها لبيعها مصوغات ذهبية مشكوك في ملكيتها؛ ليتبين أنها سرقتها من إحدى الفنانات بأسلوب المغافلة ليتم إلقاء القبض عليها وأنها واختها اختلفا في ذلك الأمر ولم تكن الفنانة التي تعمل لديها على علم بما فعله مساعدتها.

وهناك وقائع غيرها كانت أكثر شهرة خلال الفترة الماضية وأشهرها على الإطلاق قصة فتاة الشيخ زايد التي قدم والدها بلاغ يفيد باختفائها وأنها خُطفت  وخرج في كل وسائل الإعلام يناشد الجميع البحث عنها ليتم تشكيل فريق بحث من رجال الشرطة ليتبين لهم أنها هربت من منزلها لكي تقيم مع حبيبها وكانت فضيحة كبيرة في ذلك الوقت.

تغليظ العقوبات
وعن مثل هذه الأفعال والبلاغات التي يكون المجني عليه هو أحد الجناة يقول محمد ميزار المحامي بالنقض: إن التشريع المصري نظم حق المواطنين في الابلاغ عن الجرائم ‏ومرتكبيها ‏كما نظم الضمانات الكفيلة لمنع أفراد المجتمع من الانحراف بهذا الحق واستعمالها على نحو كيدي بنية الإضرار بالغير بسوء نيه.
واضاف المحامي بالنقض؛ أن البلاغ كقاعدة عامة حق وواجب على كل مواطن والأصل أن التبليغ من الحقوق المباحة للأفراد ‏واستعماله لا يدعو إلى مؤاخذة، طالما صدر مطابقا للحقيقة حتى ولو كان الباعث عليه الانتقام والكيد لان صدق البلاغ كفيل ‏أن يرفع عنه تبعة ‏الباعث السيئ لكن في  الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة البلاغات الوهمية أو ما يعرف بالبلاغ الكاذب.

وأشار محمد ميزار المحامي بالنقض إلى أن القانون نص على معاقبة من يقوم بالبلاغ الوهمي بعقوبة رادعة وذلك وفقا لنص المادة ٣٠٥ من قانون العقوبات والتي نص على :"وأما من أخبر بأمر كاذب مع سوء القصد فيستحق العقوبة ولو لم يحصل منه إشاعة غير الإخبار المذكوره ولم تقم دعوى بما أخبر به"، وقد اوضح القانون أن عقوبة البلاغ الكاذب هى العقوبة المنصوص عليها فى المادة 303 من قانون العقوبات وهى الحبس مدة لا تتجاوز سنتين وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين.
‏واكد على أن جريمة البلاغ الكاذب  تعتبر تعمد إخبار إحدي السلطات العامه كذبًا مايتضمن إسناد فعل معاقب عليه إلي شخص معين بنية الأضرار به وأيضا هي إخبار بواقعة غير صحيحة تستوجب عقاب من تسند إليه ومقترن بالقصد الجنائي.

كما نصت المادة ١٣٥ على أن كل من أزعج إحدى السلطات العامة أو الجهات الإدارية أو الأشخاص المكلفين بخدمة عمومية بأن أخبر بأى طريقة كانت عن وقوع كوارث أو حوادث أو إخطار لا وجود لها يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز 3 أشهر وبغرامة لا تزيد على مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وتقضى المحكمة فوق ذلك  بالمصاريف التى تسببت عن هذا الإزعاج.
وأكد المحامي بالنقض ان القانون أوضح أن عقوبة البلاغ الكاذب هى العقوبة المنصوص عليها فى المادة 303 من قانون العقوبات وهى الحبس مدة لا تجاوز سنتين وغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين".

كما نص فى المادة 188 عقوبات على الآتي: "يُعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من نشر بسوء قصد بإحدى الطرق المتقدم ذكرها أخبارًا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقا مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا إلى الغير إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام".
وحيث أن قانون العقوبات المصرى قد نص على عقوبة لا تتجاوز سنة وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد عن عشرين ألف جنيه كل من أزعج السلطات ببلاغات لم يتأكد من صحتها قبل الإبلاغ أو تعمد بسوء نية الإبلاغ كذبا أو حتى نشر على مواقع التواصل أو غيرها أخبار أو بيانات أو شائعات كاذبة عن الخطف.
وشدد محمد ميزار على أن البلاغات الوهمية سواء التي تسند لأشخاص بعينهم آو لمجهولين تجعل السلطات الأمنية تتعامل مع هذه البلاغات بمحمل الجد، وهو الآمر الذي يستوجب من المشرع تغليظ العقوبة علي مثل هذه الجرائم حتي تحقق الردع العام لاسيما وبعد انتشارها بشكل مكثف في الفترة الأخيرة.

اقرأ أيضًا : فتيات يتعرضن للتهديد والابتزاز l الداخلية تلاحق «مجانين» الغرام