أسسها طباخ بوتين ومنتشرة حول العالم l مرتزقة فاجنر.. جنود للإيجار!

مرتزقة فاجنر
مرتزقة فاجنر

خالد حمزة

أقر رجل الأعمال الروسي المقرب من الكرملين، يفجيني بريجوجين، بتأسيسه مجموعة فاجنر شبه العسكرية عام 2014 للقتال فى أوكرانيا؛ واعترف بانتشار عناصر منها فى إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وبإرسال مقاتلين إلى منطقة دونباس الأوكرانية فى 2014 سواء من الروس أو غيرهم.

ومنذ أن غزت روسيا أوكرانيا، تصاعدت التحذيرات فى الغرب من النشاطات التى يقوم بها مرتزقة فاجنر؛ الذين يعملون في قوة شبه عسكرية خاصة لها علاقات وثيقة مع الكرملين، بخاصة مع توقع أن تقوم هذه المجموعة؛ بتجنيد مقاتلين من البلدان الأخرى التى تتواجد فيها، ورغم هذه التقارير، فإنه من غير المعروف عدد مرتزقة فاجنر فى أوكرانيا، والذين يعتقد مسؤولو الاستخبارات الأوروبية أن نحو 300 منهم دخلوا أوكرانيا فى الأسابيع التى سبقت الغزو، بينما قدر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية عددهم بالآلاف.
فاجنر، هى شركة عسكرية خاصة أسسها 2014 يفجينى بريجوجين؛ الذى سجن في نهاية العهد السوفيتى بتهمة الاحتيال، وتحول بعد مغادرته السجن فى 1990 من بائع مخبوزات إلى طباخ الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، واكتسب ثقته، ويعرف بـ«طباخ بوتين» لامتلاكه شركة «كونكورد» المُنظمة لحفلات الاستقبال في الكرملين، وذلك قبل أن يمتلك مطاعم فاخرة فى سان بطرسبورج مسقط رأس بوتين، ويصبح رجل الأعمال البارز، والمساعد المقرب من الرئيس.

وسُجِّلت «فاجنر» كشركة تجارية خاصة تسعى إلى تحقيق الربح وتم تسجيلها في الأرجنتين، ولها مكاتب في كل من بطرسبرج (المقر) وهونج كونج ومعسكر تدريب في موسكو.
 وتوصف «فاجنر» بأنها شركة عسكرية روسية خاصة، لكن البعض يراها مجموعة عسكرية شبه رسمية، حيث إنها وحدة مُستقلة يراها البعض تتبع وزارة الدفاع الروسية، وقد بدأت العمل لأول مرة مع ضم روسيا لشبه جزيرة القرم فى 2014، ونفذت هجمات في شرق أوكرانيا، حسب صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، وفي أوكرانيا مُنذ 2014 كانت «فاجنر» تقوم بتدريب عناصر من «الانفصاليين» الموالين لروسيا فى الشرق الأوكرانى، وكان التدريب على حرب العصابات، حتى أصبحت بعض مناطق شرق أوكرانيا شبيهة إلى حد كبير بالعديد من الأحياء السورية.

وبعد النجاح في الميدانين السوري والأوكراني، اكتسبت شركة «فاجنر» خبرة كبيرة في التعامل مع الإرهاب والبيئات العدائية، وباتت نقطة تحول فارقة في أي صراع تكون روسيا طرفًا فيه، وهو ما اتضح في العملية العسكرية الروسية المُستمرة منذ شهور في أوكرانيا، حيث تمكنت القوات الروسية بمساعدة قوات «فاجنر» من السيطرة على بلدة «سوليدار» الأوكرانية، وتمكنت القوات الروسية بفضل ومساعدة قوات «فاجنر» من السيطرة على المدينة بعد معارك دامية مع القوات الأوكرانية، ويزعم مسؤولون أمريكيون أن «فاجنر» تمتلك مقاتلين بالآلاف في أوكرانيا، وأن أعضاء المجموعة يشنون معارك وحشية ضد القوات الأوكرانية كما ظهر ذلك في مدينة «باخموس»، وتتهم الولايات المتحدة مؤسس فاجنر يفجيني بريجوجين، بالسعي وراء حقوق التعدين في المدن الأوكرانية.

ذئاب الليل
وتتمثل مهام «فاجنر» حاليا في تشييد التحصينات والمُشاركة في الخطوط القتالية بنشاط كبير في كل من جمهوريتي «دونيتسك» و«لوهانسك» الانفصاليتين، وعادة كان الكرملين ينفي دائماً أي علاقة له بفاجنر، بينما يسلط الإعلام الغربي الضوء؛ على أنها تعمل بأوامر من الاستخبارات الروسية، وحسب صحيفة الجارديان البريطانية، فقد أطلق اسم فاجنر على المجموعة تيمناً باسم ريتشارد فاجنر، الملحن المفضل للزعيم النازي أدولف هتلر، وهو ما تستند إليه تقارير غربية؛ عندما تتهم المجموعة بالتعاطف مع النازيين، بما في ذلك صور أوتكين الذي يبدو أنه يرسم وشماً نازياً على جلده، الأمر الذي يمثل تناقضاً مع ادعاء بوتين بأنه يقود حملة عسكرية ضد النازيين القوميين في أوكرانيا.

وارتبط ديمتري أوتكين العميد السابق في الجيش الروسي؛ والذي أسس المجموعة بعلاقات وثيقة بمنظمة «ذئاب الليل»، وهي كيان متطرف قومي يُعرف عنه تعصبه العرقي للبيض؛ ويُعَدُّ نادياً للدراجات النارية لكنه يخضع لعقوبات من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، ويُعتقد أن هذا النادي يحظى بدعم من الحكومة الروسية، فيما تنتشر صور على منصات التواصل الاجتماعي؛ تُظهر عناصر فاجنر وهم يروجون لأفكار وخطابات منظمة «ذئاب الليل» اليمينية المتطرفة، وتقول الجارديان، إن المتعهدين العسكريين، الذين يشتملون على جنود روس حاليين وسابقين وأوكرانيين وبيلاروسيين وصرب، كانوا على الأرض في أوكرانيا منذ أشهر، والمرجح أن مقاتلي «فاجنر» يجري نشرهم استعداداً من أجل ما تتوقع روسيا أن يكون حرباً قذرة؛ ستأتي في أعقاب الانتصار المحتمل للكرملين، حين تشكل جيوب المقاومة الشعبية الأوكرانية عقبات؛ تعترض محاولة موسكو توطيد سلطتها؛ وتنصيب نظام موال لها، ومع ذلك فإن سجل أعمال «فاجنر» الغامض للغاية، أسهم في حصول المجموعة على مكانة شبه أسطورية، ما جعلها أداة مفيدة من ضمن أدوات السياسة الخارجية لروسيا.

وفــي وقـــت ســــابق، نشــــر المســـؤولون الأوكرانيون صوراً لعلامات عثر عليها على جثث مقاتلين قتلوا في الحرب؛ تشير إلى أنهم ربما أتوا من سوريا، حيث تعمل «فاجنر» منذ 2015، كما حذر المسئولون الأمريكيون من أن المجموعة تجند سوريين من أجل القتال في أوكرانيا، إضافة لانتشار عناصر «فاجنر» في جمهورية أفريقيا الوسطى، حيث تقاتل إلى جانب القوات الحكومية ضد حركات التمرد هناك، كما جرى نشر مرتزقة «فاجنر» في الشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية كبنادق للإيجار؛ وفى دول مثل ليبيا والسودان ومالي ومدغشقر، ومما يخلق الانطباع، بأن روسيا تستطيع إبراز نفسها عسكرياً في أي مكان في العالم، خاصة فى مناطق النزاع والقلاقل؛ ومنافسة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا بوجه خاص فى ذلك عسكريا.

منظمة إجرامية
ويخضع العديد من رجال فاجنر لعقوبات أمريكية، كما أصدر الاتحاد الأوروبي، حظر سفر وتجميد أصول ضد بعض قادة عمليات المجموعة، الذين اتهمهم بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في أوكرانيا وسوريا وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى والسودان وموزمبيق، ومن بين هؤلاء ديمتري أوتكين، الضابط السابق في الاستخبارات العسكرية الروسية والمخضرم في حربي الشيشان الأولى والثانية؛ والذي ينسب إليه الفضل في المشاركة في تأسيس المجموعة، ولذلك قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتصنيف مجموعة «فاجنر» الروسية منظمة إجرامية دولية، وإن وزارة الخزانة الأمريكية ستُجمد أي أصول لمجموعة «فاجنر» في الولايات المتحدة، وتمنع الأمريكيين من تقديم أي أموال أو بضائع أو خدمات لها، وهو القرار الذي سيساعد واشنطن على ملاحقة أنشطة أعمال فاجنر، وإعطاء الدول والمؤسسات الدولية الأخرى؛ الضوء الأخضر للبدء فى فرض العقوبات على الجماعة.

أقرأ أيضأ : أمريكا تصنف مجموعة «فاجنر» الروسية مجموعة إجرامية عابرة للحدود