تحقق الاكتفاء الغذائي وتوفر فرص عمل.. زراعة أسطح المنازل.. كلها فوائد!

زراعة أسطح المنازل
زراعة أسطح المنازل

انتشرت فكرة زراعة أسطح المنازل بشكل واسع فى الآونة الأخيرة، انطلاقًا من أن النباتات صديقة للبيئة، ولمساهمتها فى الحد من ارتفاع درجات الحرارة بالمدن، لكن هل يمكن أن تسهم زراعة الأسطح فى تحقيق الاكتفاء الغذائى لبعض الأسر.. وأن تسهم فى الحد من أزمة الأسعار عالميًا والتى انعكست أصداؤها على مصر؟
قبل سنوات أطلق المهندس حسام شعبان، مبادرة بعنوان "مزرعة بيتنا"، بهدف زراعة أسطح المنازل فى مصر، وبدأ تطبيقها فى منزله، ونجح فى إنتاج محاصيل زراعية وفيرة وبجودة عالية، وتوفر نفقات كثيرة كان يتكبدها فى شراء الخضراوات، كما وجد أن زراعة الأسطح تقلل من التلوث البيئى الناتج عن انبعاث غاز ثانى أكسيد الكربون.

بدأ شعبان بمحاولة استخدام أشياء تكلفتها قليلة، خاصة أن نظام الزراعة فوق الأسطح باستعمال المياه يقتصر على النباتات الورقية وتكلفته مرتفعة، فكان هدفه إنتاج شيء بتكلفة قليلة ويشمل معظم ما يمكن زراعته، فاعتمد على نظام الزراعة بالأكياس المستخدمة فى بعض المشاتل، وقام بتطبيقها على الأسطح والتى تستخدم التربة البديلة والرمال لتثبيت النبات وتدعيمه. وتقوم هذه الزراعة على استخدام أوعية تحمل التربة، مع استخدام الأكياس لتوفير النفقات المالية فى ظل تحقيقها نفس الغرض، بحيث يمكن أن تستمر لمدة 5 سنوات، كما قام بعزل السطح بشكل كامل تحسبا لأى ظروف قد تؤدى لخلل فى نظام المياه، ومعه نظام صرف للتغلب بشكل مدروس على أى مشكلة تخص المياه، ويتم تحديد الحجم المناسب لانتشار الجذور فوق الأسطح.

وكانت أول مرحلة هى التجارب على محصول الكوسة، لكن الإنتاج كان ضعيفًا، فبدأ البحث عن حل لهذه المشكلة، وتجربة محاصيل أخرى على أمل الحصول على ثمرة واحدة من أى محصول ثم التفرغ بعد ذلك لزيادة الإنتاج.
وبعد تجربة عدد من المحاصيل بدأ يدرك المشكلات والمعوقات، ما انعكس على الإنتاج، فكان يقوم بالتجارب للحصول على إنتاج ثمرة من نبات بعينه، ثم العمل على زيادة الإنتاج من هذا المحصول، وبعدها قام بتحديد المحاصيل الناجحة حتى تمكن من زراعة أغلب المحاصيل خاصة الخضراوات، وحتى الكوسة نجح فى زيادة إنتاجيتها بعد حل المشكلات التى واجهته فى زراعتها.
إن هدف المشروع اقتصادى بالدرجة الأولى، حيث تم استخدام مساحة 200 متر من سطح المنزل، تنتج ما بين 70 و80 كيلوجرامًا من الخضراوات فى كل حصاد حسب المحصول، كما أن متر الخرسانة المسلحة يحمل من 200 إلى 250 كيلو، فى حين أن وزن النبات المزروع لا يتجاوز 50 كيلو لكل متر، وهو وزن أقل بكثير عن الاستخدام التقليدى للأسطح، خاصة أن أسرًا كثيرة تضع كراكيب ثقيلة الوزن فوق الأسطح، لكن استخدامها للزراعة هو أقل وزنا وأكثر أمانا.

الاكتفاء الذاتى
المهندسة الزراعية شوق نبيل، مدرب متخصص فى تكنولوجيا الزراعة وزراعة الأسطح، وصاحبة مبادرة "نصرة الطبيعة"، تقول: إن زراعة الأسطح لا تعتبر مكلفة بالنسبة إلى العائد والإنتاجية وتوفير أكل صحي، والهدف الأساسى للمبادرة هو تحقيق الاكتفاء الذاتى من الخضر والفاكهة وأن نزرع ونحصد غذاءنا.

وتوضح أن النباتات المناسبة للزراعة فوق الأسطح كثيرة مثل الطماطم والخيار والبصل والبطاطا والبطاطس والنباتات العطرية الطبية مثل البقدونس والروزمارى والزعتر والنعناع والبردقوش والريحان ونباتات الزينة كالورود، كما يمكن زراعة الفاكهة إلا أنها تتطلب عناية مضاعفة وظروفاً خاصة، إذ يجب أن تُزرع فى براميل سعتها كبيرة مع عمل عازل للسطح أو البلكونة.
وهناك طريقتان للزارعة، الأولى هى أخذ البذور الصغيرة الموجودة فى الثمرة، ونقعها لمدة يوم أو اثنين، ليخرج جنين البذرة من القشرة الخارجية التى تصبح طرية بعد نقع البذور فى الماء، وبعد مضى يومين يخرج جذر وورقة صغيرة تسمى "بادرة" وهى بداية أى نبات، ومن ثم نضعها فى الطمي.

والطريقة الثانية تكون عن طريق شراء شتلة صغيرة وزراعتها فى التربة، ويمكن شراء المواد الأساسية للزراعة من طمى وبذور وأصائص بأسعار اقتصادية من منافذ بيع المركز القومى للبحوث وكليات الزراعة.
كما يمكن تطبيق تقنية الزراعة الحديثة (الهيدروبونيك) فى البيت وعلى الأسطح، وهى تقنية حديثة تقوم على الزراعة بدون تربة، وتعتمد على زراعة النباتات فى محلول مائى مغذٍ، لذا تُسمى "الزراعة المائية"، بنظام رى "منه فيه" أهم مَيزاته أنه يقلِّل استهلاك المياه بنسبة كبيرة، ويكون عبارة عن مواسير تأخذ شكلًا هرميًا، ورغم أنه مكلِّف نسبيًا فى البداية، إذ يصل سعره إلى ألفى جنيه، فإنه يمتاز بارتفاع إنتاجيته، حيث يمكن زراعة 100 شتلة فى وحدة مساحتها متر مربع.

منافع أخرى
ومن منافع زراعة الأسطح إيجاد غذاء صحى خالٍ من المبيدات الحشرية والكيماويات، حيث إن الكثير من الخضر والفواكه المعروضة بالأسواق تعتمد زراعتُها على الأسمدة الكيماوية، لأنها تساعد على نمو النباتات سريعًا، ومعظم المزارعين لا يضع النسبة المناسبة من السماد الكيماوى لأهداف ربحية، أما الزراعة فى المنازل فتعتمد على استخدام السماد العضوي.
كما أن تلك الزراعة تعود على الطفل بالكثير من النفع، إذ إنه سيتعلم كيفية الزراعة والصبر حتى تنضج الثمرة، ومن ثم قطفها فى موسم الحصاد، وهذا من شأنه أن يعلِّمه الثقة بالنفس والاعتماد على النفس، بما يسهم فى بناء شخصيته.

ويرى الدكتور أمين عبدالرؤوف الدقلة، أستاذ الاقتصاد الزراعى بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي، أنه من المفضل زراعة الأسطح بالخس والجرجير والفجل والفلفل، أما الفاكهة فمن الصعب زراعتها فوق الأسطح لأنها أشجار تحتاج إلى تمدد جذورها فى التربة بعمق، ويجب أن تكون هناك مسافة بين الشجرة والأخرى تصل إلى خمسة أمتار، ومعظم البيوت تكون البلكونات فيها صغيرة الحجم، بالتالى لن تستوعب الأشجار، بل يناسبها بعض الخضراوات البسيطة والزهور.

فرصة للتوفير
على صعيد آخر، يقول الدكتور على عبدالمحسن على، خبير الاقتصاد الزراعي، مدير معهد بحوث الاقتصاد الزراعي: تعد زراعة الأسطح إحدى وسائل زيادة الإنتاج الزراعي، وتعتبر إنتاجًا خاصًا بالأسرة وليس للسوق، كالخضراوات مثل الطماطم والخيار والنباتات العطرية الطبية كالزعتر والريحان ونباتات الزينة كالورود هى التى نستطيع زراعتها فوق الأسطح.
والزراعة فوق الأسطح توفر احتياجات الأسرة وتساعد فى تقليل العبء المادى وعمل اكتفاء ذاتى للأسرة، كما أنها توفر غذاءً صحيًا، لذا فإن تعميم الفكرة فى أنحاء مصر سيوفر المساحة المستخدمة فى زراعة الخضار والنباتات ليتم استغلالها فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل الحبوب كالقمح والذرة ومحاصيل زيتية كدوّار الشمس، إضافة إلى أن هذا النوع من الزراعة سيسهم فى تقليل درجات الحرارة والحد من التلوث البيئي.

اقرأ أيضأ

طلبة ماليزيا تتفقد المعمل المركزي للمناخ الزراعي بكلية الطب جامعة طنطا