«معرض الكتاب» بهجة وحياةl أجمل رحلة في «إجازة نص السنة»

معرض القاهرة الدولى للكتاب
معرض القاهرة الدولى للكتاب

علا نافع ـ ندى البدوى

لا تكفيك زيارة واحدة لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، لتكتفى من جرعة الجمال والبهجة فى أجوائه الكرنفالية، فالمعرض الذى انطلقت الأسبوع الماضى دورته الـ54، لا يُعد فقط تظاهرة ثقافية ومعرفية امتدت على مدار عقودٍ، لكنه يقدّم لرواده وجبةً ترفيهية دسمة، فرغم الظروف الاقتصادية الضاغطة، حرص آلاف الأسر على زيارة المعرض الذى شهد إقبالاً جماهيريًا كبيرًا منذ أول أيامه، مع تعدد وتنوع الخدمات الترفيهية والفعاليات الفنية والثقافية التى يقدمها لزواره، وبات فى حب الكتاب حياة للمصريين ينهلون من بحورها، ومتنفساً للعائلات التى تأتى من مختلف المحافظات، فضلاً عن الرحلات التى تتوافد على المعرض من طلاب المدارس والجامعات.
وفى هذا الملف تقدم «آخرساعة» إطلالة على أبعاد هذه الحياة بتفصيلاتها ومنمنماتها التى تدور كلها فى فلك الإبداع والقراءة والتثقيف ورفع الوعي.. وقبل كل شيء تصنع بهجة من نوع مختلف.

أجمل رحلة فى «إجــــازة نـص السـنة»

لم تقتصر الرحلات التى تتوافد على المعرض على الرحلات المدرسية والجامعية، بالتزامن مع إجازة نصف العام الدراسي، لكنها تشمل للمرة الأولى رحلات خاصة للأسر والأطفال من قاطنى الإسكان «بديل العشوائيات» من مدن الأسمرات وأهالينا وروضة السيدة، والتى تنظمها وزارة الثقافة.

صفوفٌ طويلة من طوابير الانتظار تلمحها فور اقترابك من بوابات الدخول الخاصة بمعرض الكتاب، ومع فتح أبواب دخول معرض الكتاب فى تمام التاسعة صباحًا تتوافد الأسر والعائلات من محافظات وأماكن مختلفة، جاءوا ليجوبوا كل بقعة وزاوية من المعرض، لم تلههم أعمالهم أو تجارتهم عن زيارته، فالقراءة لها لذة لا يستشعرها إلا من أدرك قيمتها ونهل من بحورها، يتدافعون على دور النشر المتعددة كى يلقوا نظرة على إصداراتها رغم ارتفاع أسعار الكتب بشكل ملاحظ هذا العام، إلا أنهم يصرون على الشراء وعدم الخروج بأيادٍ خالية.
أطفال صغار يجوبون الصالات، تخطفهم أغلفة المجلات والكتب الملونة، تتشبث أناملهم الضئيلة بها، لتبدأ رحلة عشقهم للقراءة والتبحر بفنونها، تجد كثيراً من الزوّار يجروّن حقائب سفر لتسهيل مهمّة حمل الكتب والتجوّل بها، بينما تمثّل زيارة المعرض لدى الكثير من العائلات، نزهةً للترفيه والترويح عن النفس والاحتفاء بإجازة نصف العام.

ذكرياتٌ تمتد بطول عمره يختزنها محمد الشامى لمعرض الكتاب، منذ كان يأتيه صغيرًا مع والديه، وحتى أصبح أبًا يحرص على اصطحاب ابنتيه الصغيرتين لغرس هذا الطقس السنوى فى وجدانهما، «ينتظرونه ويتشوّقون إليه من السنة إلى السنة» يقول محمد واصفًا علاقة ابنتيه بالمعرض الذى تمثل زيارته حافزاً ومكافأة لهما بعد انتهاء امتحانات منتصف العام، أهتم كثيرًا بمواظبتهما على القراءة والاطلاع، لذا أحرص دائمًا على شراء القصص وكتب التلوين والأدوات التعليمية من المعرض، وأن يكون لهما تفضيلات خاصة تختارانها، ما يعزز ثقتهما بأنفسهما وارتباطهما بالقراءة والاطلاع.

عند المنطقة المخصصة للألعاب الواقعة فى الجهة المُقابلة لقاعات معرض الكتاب، تنتظر مها عادل أن يفرغ أطفالها من اللعب، ترى أن هناك ابتكارا وتقدما كبيرا فى طبيعة الخدمات والفعاليات الموجهة للأطفال بشكل مجاني، ما يجعل زيارة المعرض لأبنائها ممتعة وشيّقة، كما يستمتعون كثيرًا بالورش والمسابقات الفنية التى يقدمها «جناح الطفل» بالمعرض خاصة ورش الحكي، تتابع: أهتم بزيارة المعرض أكثر من مرة، أحدها مع أبنائى والأخرى مع زوجى لنقتنى الكتب.

وتقدم منطقة خدمات المطاعم والمقاهى التى تتوسط ساحة المعرض، مساحةً للراحة والاستجمام لرواد المعرض، مع تعدد المطاعم والمقاهى التى تناسب كافة الأذواق، وتوفر خيارات متنوعة من الوجبات التى تقدمها بأسعار معقولة، تلبى احتياجات العائلات التى تقضى كثيراً منها اليوم بأكمله داخل المعرض.. للمرة الأولى تزور فاطمة زكريا معرض الكتاب فى حلته الجديدة، منذ نقله إلى مركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس، رغم المسافة الكبيرة التى قطعتها لتصل إلى هنا إلا أنها ترى أنه يستحق. تُشيد فاطمة بمستوى التنظيم والنظافة والخدمات التى تُقدم لكبار السن: «شجعنى الإعلان الذى قرأته عن توفير خدمات لكبار السن، أن أصطحب والدتى لأنها تعانى من صعوبة فى الحركة وتحتاج إلى كرسى متحرك للمسافات الطويلة، وساعدها ذلك بشكل كبير على تسهيل تجوّلهما هنا.»

بين أروقة المعرض يحرص الزوار على التقاط الصور التذكارية أثناء تجوّلهم داخل أجنحة الجهات والدول المختلفة، بينما تنهمك الجموع فى تفحص عناوين الكتب التى تقدمها دور النشر المختلفة.. لم يمنع ارتفاع الأسعار على محمد من الحصول على «مخزونه السنوي» من الكتب كما يصف، حيث يدّخر كل عام ويخصص ميزانية محددة للكتب، «حصيلتى قلت بالطبع لارتفاع الأسعار بشكل كبير» يقول على ضاحكًا، ورغم أن هناك العديد من التطبيقات التى توفر نسخاً إلكترونية من الكتب بجودة عالية، إلا أن هناك عناوين أحرص على اقتنائها، فالكتاب الورقى له رونقه ولا يمكن أن ينافسه الكتاب الإلكترونى فى رأيى.

حملات توعية تحارب أمراض المجتمع

بجانب المظاهر الكرنفالية المنتشرة فى أرجاء المعرض، يقف متطوعون ينتمون لعدة جهات رسمية، يهدفون إلى نشر التوعية بمشكلات اجتماعية تؤرق بال المجتمع كختان الإناث، وزواج القاصرات وغيرها من الأمراض المجتمعية، لم تثنهم حرارة الشمس عن مواصلة عملهم الذى قد يمتد لأكثر من عشر ساعات لحين غلق المعرض أبوابه، يوزعون الابتسامات من حين لآخر بين رواد المعرض، ويعرضون أهداف حملتهم عليهم من خلال الملصقات الملونة التى يحملونها.

«وعي» هو اسم الحملة التى أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعى بالتعاون مع سبع جمعيات أهلية منها جمعية الهلال الأحمر المصري، فضلًا عن دعم الاتحاد الأوربي، يشارك فيها أكثر من 250 متطوعا من كافة المحافظات ومن أعمار مختلفة، ومع نهاية اليوم تزداد أعدادهم بمعدل خمسة إلى عشرة متطوعين تأكيدًا على قوة الحملة وطلاقة المنتمين إليها.. يقول إسماعيل محمد (26 عامًا) وأحد المتطوعين: يشمل برنامج وعى للتنمية المجتمعية 12 محورا منها مشكلات ختان الإناث، والزواج المبكر، والهجرة غير الشرعية وغيرها من القضايا الهامة، وقد حرصت وزارة التضامن على وضع البرنامج بحيث يتناسب مع كافة الشرائح والطبقات الاجتماعية المتواجدة بالمعرض، والأهم استخدام الملصقات والكتب التوعوية المبسطة.

وعن طبيعة عمله كمتطوع يقول: "نقوم بدور توعوى بشأن مخاطر المشكلات المجتمعية كالزواج المبكر والتسرب من التعليم، باستخدام أساليب تعليمية متنوعة كطرح مجموعة من الأسئلة النقاشية أو العصف الذهني"، مشيرًا إلى أنهم يعتمدون على الألعاب التعليمية المختلفة للأطفال كالسلم والثعبان والشطرنج.

أما سمير جمال، أحد المتطوعين من شمال سيناء، فيقول: "أطلقت وزارة التضامن هذه الحملة بالتعاون مع عدة جمعيات أهلية بهدف نشر الوعى بين كافة المترددين على المعرض والقضاء على المفاهيم الاجتماعية الخاطئة، ويشارك بها متطوعون يزيد عددهم على مائتين يجوبون الصالات، وفى نهاية اليوم يقومون بعمل إحصاء عن المترددين من حيث أعمارهم وحالتهم الاجتماعية"، مؤكدًا أن هذا الإحصاء يساعدهم على رصد ما يدور داخل عقول المصريين، مشيرًا إلى أن مشاركته التطوعية هذا العام هى الخامسة بالمعرض.

ولم تكن "وعي" الوحيدة التى يتواجد متطوعوها بالمعرض، فهناك حملة "أنت أقوى من المخدرات"، التى أطلقها "صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي" منذ عدة سنوات، ويصل عدد متطوعيها لأكثر من مئة متطوع ومتطوعة، يرتدون "تيشرتات" تحمل صورة نجم الكرة الدولي، محمد صلاح، كواجهة للحملة.. يقول أحمد صلاح (24) متطوع: "نستعين ببعض الملصقات الملونة لعرض مخاطر الإدمان بكافة أنواعه سواء البانجو أو الحشيش وهما الأكثر تواجدًا بين الشباب، إضافة إلى الاعتقاد الخاطئ بأنهما لا يسببان الإدمان، ويزيدان من القدرة على التركيز، ونبذل جهدًا مضاعفًا للسيطرة على هذه الأفكار خاصة بين الشباب فى بداية العشرينيات وحتى منتصف الثلاثينيات".
ويضيف: "نستقطب أيضًا الأسر والعائلات لتوعيتها بكيفية الكشف عن تعاطى أحد أبنائها المخدرات والطريقة المثلى للتعامل معه"، مشيرًا إلى أن الصندوق خصص خطًا ساخنًا للعلاج فى سرية وبالمجان يعمل طوال اليوم.

الحرف التراثية حاضرة فى المعرض

بالقرب من الصالة الرئيسية يتربع منفذ منتجات «ديارنا» للحرف التراثية كأول مشاركة له فى المعرض، ليضم مصممين وفنانين يعرضون منتجات مشتقة من خير الطبيعة المصرية وتراثها. وقد حرصت وزارة التضامن على أن تمنح فرصة لكافة العارضين، فكل ثلاثة أيام يشارك عارضون جدد، بينما عشرات الزوار يتهافتون على منتجات المنفذ.. تخطف ألوانها الزاهية وتصاميمها المتميزة ألبابهم.. أكسسوارات فضية ومنتجات تجميلية للبشرة والشعر بأسعار مناسبة، ليفوز زائر المعرض بوجبة دسمة من الكتب والمنتجات التراثية.

فى منتصف المنفذ تقف سهى صادق، مصممة أكسسوارات فضية ونحاسية، تشرح طبيعة منتجاتها للزائرات، تستمع إلى تساؤلاتهن ببشاشة وجهٍ وذهنٍ متقد. تمسك أحد منتجاتها اللامعة وتزيل عنه الغبار وتضعه على أحد الأرفف، وتقول: «تعد مشاركة ديارنا فى المعرض هى المشاركة الأولى بتوجيه من وزارة التضامن ليكون فرصة جيدة لتعريف الجماهير بمنتجاتنا التراثية والطبيعية، فضلًا عن كونه يضم كافة الحرف التى تواجه شبح الاندثار مع توغل التكنولوجيا».

وعن منتجاتها تقول: «أقدم أكسسوارات نحاسية وفضية مطلية بماء الذهب، تتباين أسعارها بدءًا من 50 وحتى 300 جنيه، لتناسب كافة الطبقات، بالإضافة لكونها مستوحاة من التراث الفرعوني، وهذا يمنحها تفردًا وتميزًا لدى الأجانب والأفارقة من زوار معرض الكتاب»، مؤكدة أنه مع اليوم الأول شهد المنفذ إقبالًا جماهيريًا كبيرًا خاصة من الشباب.
أما طارق ريحان، أحد صناع منتجات العناية بالبشرة والشعر، فيقول: «يحتضن المعرض هذا العام الكثير من رواد الصناعات اليدوية، حيث يستهدف توثيق أواصر الصلة بين المصنعين والجمهور، خاصة مع تنوع الطبقات الاقتصادية والاجتماعية، والأهم أنه يساهم فى ترويج منتجاتنا المصرية بين الأشقاء العرب والزوار الأجانب».
ويتابع: «أقوم بصنع منتجاتى من مواد طبيعية مئة بالمئة مثل قش الأرز والشعير، وبالطبع فإن لهما فائدة طبية كبيرة منها تجديد الدورة الدموية والقضاء على حبوب الشباب المزعجة والبثور السوداء».

المسرح المكشوف.. الفن للجميع

بشغفٍ وسعادة يقف جمهور المعرض أمام المسرح المكشوف، يتقافز الأطفال تفاعلاً مع فريق «الأكروبات» الذى يؤدى عرضه ضمن عروض السيرك القومي، فالمسرح يعد أحد المسرحين اللذين تتناوب عليهما العروض التى تُقدّم للجمهور، تحت إشراف البيت الفنى للفنون الشعبية والاستعراضية.

يقول المخرج محمد أبو يوسف، المشرف عــــلى عــــروض المســـرح المكشــــوف: «نهدف إلى إتاحة الفنون للجميع بشكل مجانى»، ويوضح أن الفعاليات الفنية تتم على مدار السنة وفق برنامج غنى ومنوع ويناسب كافة الفئات العمرية من الكبار والصغار، فالإقبال الجماهيرى الكاسح على معرض الكتاب يمثل فرصة ذهبية لنشر الثقافة بالفنون الشعبية والتراثية، وتعميق ارتباط الجمهور بالبعد الثقافى والتراثي، فضلاً عن التعرف على ثقافات مختلفة من خلال الفنون والموسيقى الخاصة بها.

العــــروض الخــــاصــة بالأطفـــال تحظـــــى بجمــاهيرية كـــبيرة كـمـــا يشــــير أبو ســـيف، خاصــــة عـــروض الســـيرك والليلـــة الكـبيرة لمسرح العرائس وعروض الأراجوز، وكورال مركز تنمية المواهب بدار الأوبرا، وكورال الأطفال من أبناء قصور الثقافة من عدة محافظات، وللمرة الأولى ننظم عدداً من العروض للأطفال الموهوبين من قصر ثقافة الأسمرات. ومن أبرز العروض الفلكلورية عرض السيرة الهلالية الذى تقدمه فرقة النيل للآلات الشعبية وعرض التنورة التراثية المُحبّب للجمهور، بخلاف العروض التى تقدمها الفرق النوبية، والطرب الشرقى لفرقة بيت العود العربي. ولاختيار دولة الأردن ضيف شرف المعرض هذا العام تقدم الفرق الفنية التابعة لأمانة عمان عروضاً من الفلكلور الأردني، لتعزيز التبادل الثقافى ودمج الجمهور.

«سـُترات صفراء» لمساعدة الزائرين!

يُمكنك أن تميزهم بستراتهم الصفراء الزاهية، فتحت عنوان «أنا متطوّع» ينتشر شباب المتطوعين كخلية نحل فى كافة أرجاء معرض الكتاب، بدءًا من بوابات الدخول حيث يسيّرون وينظمون إجراءات الدخول بالتعاون مع مسؤولى الأمن، وبين أروقة المعرض يتولون مهمة إرشاد ومساعدة زوار المعرض للوصول إلى دور النشر التى يستهدفونها، من خلال التطبيق الإلكترونى الخاص بالمعرض وقوائم دور النشر ومواقعها.

برحابةِ صدرٍ بالغة يقضى إسلام العربى ثمانى ساعات يوميًا خلال فترة انعقاد المعرض، فى مهامه كمشرف على فريق المتطوعين، ضمن برنامج التعاون بين وزارتى الثقافة والشباب والرياضة. والمعرض الذى كان يواظب على زيارته سنويًا منذ كان طفلاً، يشارك فيه للعام الرابع على التوالى كمتطوع لمساعدة زوار المعرض، حيث يشارك هذا العام 225 متطوعا من طلاب المدارس والجامعات الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عامًا. ويتم اختيار المتطوعين بعد قيامهم بالتسجيل من خلال المنصة الوطنية للشباب، ضمن برنامج التعاون بين وزارتى الثقافة والشباب والرياضة، وبعد إجراء مقابلات شخصية مع مسئولى البرنامج.
ويقول إسلام: «أشعر بسعادة كبيرة فى دورى رغم المجهود الكبير والمسؤولية الملقاة على عاتقنا خلال فترة المعرض، لتيسير جولة الزوار وإرشادهم وهذا الدور تزيد أهميته مع نقل المعرض إلى موقعه الجديد، لضخامة الموقع والمساحات الفاصلة بين القاعات المختلفة لدور النشر المصرية والعربية، كثير من الزوار نجدهم يبحثون عن قاعات حفلات التوقيع أو مواقع دور النشر».

مؤتمر الترجمة يحتفى بالراحل محمد عنانى

يحتفى معرض القاهرة الدولى للكتاب بالمترجم الكبير الدكتور محمد عنانى، الذى رحل عن عالمنا مطلع العام الجارى، إذ تقرر إهداء الدورة الثانية لمؤتمر “الترجمة عن العربية”، التى تأتى بعنوان “الترجمة عن العربية جسر الحضارة” إلى روح عنانى، اعترافا بالدور التاريخى والمنجز الكبير الذى تركه فى عالم الترجمة من وإلى العربية، إذ يعد شيخ المترجمين وعميدهم الأبرز فى العصر الحديث بسبب ما تركه من أعمال خالدة فى الترجمة والنقد.

ويلقب عنانى بشيخ المترجمين، ورحل عن دنيانا فى 3 يناير الماضى، وكـــان يشــــغل منصب أستاذ الأدب الإنجليزى بجامعة القاهرة حتى وفاته عن عمر يناهز 84 عاما، ودشن شــــــــهرته الواســـــعة بترجمـــــة أعمـــــال شكسبير إلى العربية فى ترجمة أصبح النموذج للترجمة، كما ترجم الملحمــــــــة الشــــــــــعريــــــة الإنجلـــــيزيـــــة (الفـردوس المفقود) لجـــــون ملتون، التـــى حصـــل بســــببها على جائزة الدولة فى الترجمة سنة 1982، ولم يتوقف عند الأعمال الأدبية، إذ ترجم العديد من الدراسات النقدية المهمة يأتى فى مقدمتها ترجمة كتاب (الاستشراق) لإدوارد سعيد. . وبدأ مؤتمر الترجمة الأحد الماضى، بالوقوف دقيقة حداداً على روح عنانى، وحديث عن مكانة الراحل الكبير كأحد أهم جسور الترجمة بين العربية والإنجليزية، وسط حضور قوى من ممثلى وزارة الثقافة ووزارة الأوقاف ومنظمة اليونيسكو ومؤسسات معنية بالترجمة عربية ودولية، إضافة إلى حضور واسع من ممثلى الهيئات المنظمة لجوائز الترجمة الكبرى فى المنطقة العربية، ويشارك فى جلساته العديد من المترجمين المصريين والعرب والأجانب المعنيين بالترجمة عن العربية، كما يشارك نخبة من أهم الكتاب والأدباء المصريين الذين تُرجمت أعمالهم إلى لغات مختلفة، ونخبة من الناشرين المصريين والدوليين المعنيين بعملية الترجمة والتعاون الدولى بين دور النشر.

طه حسين حاضر رغم مرور 50 عاما على الرحيل

فى مشهد كرس الحضور الطاغى لمشروع عميد الأدب العربى، الدكتور طه حسين، احتشد المئات فى جناح الهيئة العامة لقصور الثقافة، للحصول على الطبعة الجديدة من أعمال العميد التى تقدمها الهيئة بأسعار رمزية (من 7 إلى 9 جنيهات)، تزامنا مع مرور خمسين عاما على رحيله فى أكتوبر 1973، لتكون تلك هى الوسيلة الأبرز لإحياء ذكرى العميد وتجديد ذكراه والتأكيد على قيمته الفكرية الكبرى فى الحياة الثقافية المصرية والعربية فى القرن العشرين.

الإقبال على جناح هيئة قصور الثقافة كان كبيرا فى الأيام الثلاثة الأولى من عمر الدورة الجديدة لمعرض الكتاب، إذ أصبح جناح قصور الثقافة الذى يقدم عناوين متنوعة ومختلفة وبأسعار رمزية ملتقى الباحثين عن الكتب ذات العناوين الجيدة والمفيدة وبأسعار مقبولة، فضلا عن الإقبال على الجناح للحصول على نحو 21 عنوانا أعادت قصور الثقافة طبعها من أعمال عميد الأدب العربى، وتشكل جل إنتاجه المعرفى والأدبى الغنى عن التعريف.
وتضم المجموعة أهم كتب طه حسين مثل: (الأيام) التى يحكى فيهـــا أيام صبـــاه وشـــبابه، و(فى الشعر الجاهلى) أحد أشهر الكتب التى صدرت بالعربية فى القرن العشرين الذى أثار موجة هائلة من ردود الأفعال التى لم تنتهِ حتى يومنا هذا، وكتاب (الفتنة الكبرى) الذى يعتبر كتابه التاريخى الأبرز، الذى عالج فى جزءين الأحداث المشتعلة فى خلافتى عثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب، وكذلك بعض أشهر دراساته الأدبية مثل: (مع المتنبى)، و(صوت أبى العلاء)، و(مع أبى العلاء فى سجنه).
وقالت الهيئة العامة لقصور الثقافة فى بيان رسمى، إن جناح الهيئة شهد ازدحاما من جمهور ورواد معرض القاهرة الدولى للكتاب، إذ تشهد الإصدارات الجديدة للهيئة خصوصا مجموعة طه حسين إقبالا كبيرا من جمهور المعرض.

«وابور الترجمان».. ترصد تفاصيل الحياة فى بولاق

إذا أردت أن تختار أحد أحياء القاهرة لرواية قصة مصر وتحولاتها، فلن تجد أفضل من الأحياء الشعبية العريقة، وإذا فتشت بين هذه الأحياء لن تجد أفضل من حى بولاق العريق، الذى يشكل محور الحياة لموقعه الجغرافى المطل على النيل فى مواجهة جزيرة الزمالك وخلفها حى إمبابة الشهير، بينما يتصل حى بولاق بعلاقة لا تنفصم بالقاهرة الخديوية ومن خلفها القاهرة الإسلامية، هذه العلاقة المحورية للحى كانت المسرح الذى اختاره بذكاء الكاتب الصحفى محمد زيان، نائب مدير التحرير بمؤسسة أخبار اليوم، ليكون محور أحداث روايته الجديدة «وابور الترجمان».

الرواية التى صدرت عن دار المثقف للنشر والتوزيع، تحمل عنوانا فرعيا “المال والسياسة فى بولاق أبو العلا”، إذ ترصد الرواية حكاية الحى الشعبى، والعلاقات الاجتماعية بين السكان فى حى بولاق أبو العلا التاريخى، وطبيعة الحياة فى هذا الحى الشعبى، وعلاقات السكان، وحياة التجارة التى يعيشونها، فمعظم سكان الحى يعملون فى تجارة الخردة والبالة والمقاهى المنتشرة فى هذا الحى أكثر من البشر، وتشابكات العلاقات الاجتماعية بين التجار وبعضهم البعض، وطموح الحى وأهله ورجاله الأقدمون وهيبتهم وتاريخهم الذى سار مع تاريخ الحى العامر بالبطولات والحكايات.
وتقدم الرواية تشريحا اجتماعيا للحياة داخل المجتمع البولاقى فى صورة أدبية تسرد تاريخ الحى القديم الذى اشتهر بالقيم والشهامة والعادات والتقاليد، والوقوف فى وجه الاحتلال عبر رجاله الفتوات الذين قدموا أرواحهم فى مواجهة العدو المحتل، إذ تحاول الرواية إزالة الغبار عن صورة الفتوة النمطية التى قدمتها السينما.

ويقارن المؤلف حاضر بولاق أبو العلا وواقعها وقيمها وتقاليدها فى الماضى مع رجالها الأقدمين، وما تعيشه اليوم وآل إليه حال هذا الحى العامر القديم الممتلئ بالحكايات والتفاصيل، وطبيعة السمات الآن وعلاقاتهم الاجتماعية وتصرفات شباب الحى وجموع أهله وساكنيه، التى تختلف عن سكانه السابقين، مع تغير القيم والعادات والتقاليد، وطبيعة الصراعات الانتخابية بين نواب الحى، فضلا عن عوالم تجارة المخدرات.

اقرأ أيضأ

 إقبال كبير على معرض القاهرة الدولي للكتاب في خامس أيامه | صور