محمد كمال يكتب : المتفرد

محمد كمال
محمد كمال

الحياة بين عالمين.. كانت تلك النقطة التي ارتكز عليها فيلم “ديكور” للمخرج أحمد عبدالله السيد عام 2014، وكان من أفضل أفلامه، وأيضا من أفضل أفلام أبطاله الثلاثي حورية فرغلي وخالد أبو النجا وماجد الكدواني، والأخير تحديدا يمكن أن تنطبق تلك الجملة عليه، فهو ممثل مسيرته تسير بين عالمين.. الأولى الكوميديا التي حققت له نجومية كبيرة، والآخر الذي يسير بالتوازي الأدوار التي قدمها بعيدا عن الكوميديا والتي كانت مغامرة كبيرة في أن يختار ممثل ناجح جدا في نوع أن يطلق العنان لنفسه لتجريب في أنواع مختلفة بعيدا عن النوع الذي نجح فيه، وهو المأزق الذي وقع فيه العديد من النجوم لهذا التفت ماجد الكدواني لهذه النقطة تحديدا واختار أن يكون ممثل شامل وليس مجرد ممثل كوميدي.

يمتلك ماجد الكدواني نقطتين تفرد تجعله مميز على مستوى جيله، الأولى كيف لممثل كوميدي فشل في تجربة البطولة الأولى “جاي في السريع” عام 2005 أن يواصل ويكمل المشوار حتى يصبح في الصفوف الأولى وعلى القمة الآن؟، وكيف يمكن لممثل حقق نجاح في شكل معين أو أدوار محددة أن يتمرد على هذا ويقرر أنه ممثل عليه تقديم كل الأنواع؟.
حقق مسلسل “موضوع عائلي” خلال الجزء الأول نجاحا جماهيريا كبيرا لكنه زاد أكثر مع بداية عرض الجزء الثاني منه منذ أيام على منصة “شاهد VIP” ليحصل الكدواني على أعلى درجات الإشادة الجماهيرية من خلال دور الشيف ابراهيم وعلاقته مع ابنته التي تأخذ مسارا تصاعديا بحكم أنه لم يكن يعرف أن لديه ابنة، في مسلسل كوميدي اجتماعي حصل على اهتمام الأسرة المصرية بشكل كبير.
لم تكن بداية الكدواني مع السينما كوميدية، فقد كانت من خلال فيلم “عفاريت الأسفلت” عام 1996 مع المخرج أسامة فوزي، ومن قبله شارك في أدوار صغيرة بمسلسلات “أرابيسك”، “سر الأرض” و”أبو العلا 90”، مجموعة من المسرحيات، وكان أول ظهور مميز له من خلال مسرحية “الإسكافي ملكا”، ثم مسرحية “باللو”، ثم توالت الأدوار مع زيادات ملحوظة في مساحتها على مستوى السينما في “جنة الشياطين” مع أسامة فوزي أيضا، وفي التليفزيون من خلال “القرموطي في مهمة سرية”، “حضرة المحترم” و”نحن لا نزرع الشوك”.
مع ثورة جيل فيلم “صعيدي في الجامعة الأمريكية” واعتماد هؤلاء الأبطال على الكوميدية بشكل رئيسي، كان من الطبيعي أن يجد الكدواني لنفسه مكانا معهم، وبدأ بخطوات بطيئة واثقة يحصل على العديد من الفرص في أفلام “فرقة بنات وبس”، “عمر 2000”، حتى جاء عام 2001 ليكون نقطة التحول الأولى في مسيرته، من خلال فيلمين، الأول “صعيدي رايح جاي”، والثاني والأهم، كان مشاركته في بطولة “حرامية في كي جي تو” مع كريم عبد العزيز وحنان ترك والمخرجة ساندرا نشأت، والتي كانت أول من أعتمد على كوميدية الكدواني في مساحة كبيرة للدور، حيث قدم شخصية “سيد”، وكانت المرة الأولى الذي يظهر فيها الكدواني على “أفيش” فيلم.
في عام 2003 يؤكد الكدواني على وجوده وحضوره كممثل كوميدي موهوب في هذا الجيل، عندما شارك في فيلمين، الأول “حرامية في تايلاند” مع نفس فريق العمل السابق كريم عبد العزيز وحنان ترك والمخرجة ساندرا نشأت، حيث قدم شخصية “فطين” شقيق “إبراهيم”، أما الفيلم الثاني فهو “عسكر في المعسكر” مع محمد هنيدي، وفي الفيلمين كان الكدواني فى دور رئيسي وكبير في الأحداث، فلم يكن “فطين” مجرد شقيق لـ”إبراهيم” البطل، بل كان الأول هو المحرك الأساسي للأحداث، أما مع هنيدي فقد كان “متولي وهدان الزناتي” - الدور الذي قدمه الكدواني - المنافس لـ”خضر – محمد هنيدي”، ويؤكد الكدواني حضوره أكثر من خلال مشاركته مع أحمد عز ومنة شلبي في بطولة فيلم “شباب تيك أواي”.
لم يتباكى الكدواني على عدم تحقيق فيلم البطولة المطلقة الأولى له أي نجاح، بل زاد هذا الأمر إصراره لاستكمال مسيرته، وأعتبر أن الفيلم مجرد تجربة وعليه المواصلة والوقوف من جديد ليعوض نفسه بعد ذلك بظهور شديد التمييز من خلال دور “كلاوي” بفيلم “الرهينة”، لدرجة أن الإفيه الشهير له “متقرفناش معاك علشان احنا أصلا قرفانين”، تحول بمرور الزمن إلى “تريند”، حتى أن شخصية “كلاوي” أصبحت تقال على أي شخص يجيد استعمال أجهزة الحاسب الآلي، ثم يأتي عام 2008 ليقدم دور “خميس” في فيلم “كباريه”، تلك التجربة التي فتحت الطريق أمام فكرة البطولات  المشتركة، وكان دور “خميس” بداية خوض الكدواني لأدوار مختلفة ولشخصيات ليس بها مساحات من الكوميديا، وكان لنجاح تلك التجربة أن يكرر فريق العمل التعاون مرة أخرى من خلال فيلم “الفرح” عام 2009.
في فيلم “طير أنت” عام 2009 يقف الكدواني أمام أحمد مكي ويشاركه في نجاح تلك التجربة الكوميدية، حيث قدم دور العفريت “مارد”، أو كما قال في نهاية الفيلم “مارد الكدواني”، ليقدم هذا الدور بشكل مختلف عما قدمه الآخرون على شاشة السينما، حيث العفريت “المودرن” محدود الإمكانيات وخفيف الظل، وكان الكدواني بطلا أساسيا خلال السبع حكايات التي ضمها الفيلم، وفي نفس العام قدم الكدواني دور “دكتور علوي” مع رامز جلال في فيلم “حد سامع حاجة”.
في عام 2010 يعود الكدواني للتألق مع أحمد مكي من خلال فيلم “لا تراجع ولا استسلام”، حيث قدم دور “المقدم سراج”، وظهر بشكل مختلف ومغاير عما ظهر عليه الضباط في الأفلام الكوميدية، وفي هذا العام أيضا جنح الكدواني قليلا بعيدا عن الكوميديا عندما قدم دور “عصام” في فيلم “678”، ثم تبعه في 2011 بدور الإعلامي “محسن السيسي” في فيلم “أسماء”، ذلك الدور الذي لم يحتوي على أي كوميديا، لكن قدم الكدواني أداءً ثابتا وواثقا، ويعد هذا الدور نقلة مهمة في مسيرة الكدواني كممثل بعيدا عن الكوميديا، وفي نفس العام يعود الكدواني مع المؤلف أحمد عبدالله لأفلام البطولة الجماعية، لكن هذه المرة مع المخرج وائل إحسان، من خلال فيلم “ساعة ونص”، عندما قدم دور عسكري الترحيلات.
وقع اختيار المخرج محمد خان عام 2015 على الكدواني ليكون بطلا لأحدث أفلامه “قبل زحمة الصيف”، وفي نفس العام يعود الكدواني للدراما التليفزيونية بقوة مع المخرج تامر محسن من خلال مسلسل “تحت السيطرة”، الذي تصدرت بطولته نيللي كريم، ويكون ظهور الكدواني كضيف شرف في الحلقات الأخيرة، ويقدم مشهد من أفضل مشاهد المسلسل على الإطلاق، ثم يعيد الكدواني الرومانسية للسينما المصرية من جديد من خلال فيلم “هيبتا - المحاضرة الأخيرة”، الذي حققق نجاحا جماهيريا كبيرا، ومن بعده يشارك في البطولة الثانية مع المخرج عمرو سلامة، من خلال فيلم “الشيخ جاكسون”، ثم يقدم دور مميز مع المخرج مروان حامد والكاتب أحمد مراد من خلال فيلم “الأصليين”، ويقدم التجربة الثانية معهما خلال فيلم “تراب الماس” بعدها بعام، وهو نفس العام الذي يقدم فيه أيضا فيلم “طلق صناعي” مع المخرج محمد دياب.
عام 2019 يعود الكدواني للتعاون مع كريم عبد العزيز من خلال فيلم “نادي الرجال السري”، ومع انتشار المنصات العربية كان من الطبيعي أن يكون الكدواني ممثل جاذب لهم، فقد شارك بحلقة من مسلسل “نمرة أتنين” من خلال تقديمه دور صلاح سائق التاكسي الذي يقضي ليلة واحدة بسيارته مع سيدة من المفترض أنها متجهة إلى المطار، وفي عام 2021 يقدم بطولة جماعية، لكن بشكل مختلف، وفي مرحلة عمرية أكبر نسبيا، عندما شارك مع سيد رجب وبيومي فؤاد وشريف دسوقي في بطولة فيلم “وقفة رجالة”، ليكون من الأفلام المصرية القلائل التي تناولت أزمات الرجال في تلك المرحلة العمرية.
قدم الكدواني عام 2021 يقدم فيلمه الثالث مع المخرج عمرو سلامة، وهو “برا المنهج”، وكان الفيلم بطولة الكدواني، لكنه في نفس العام ورغم النجومية الكبيرة التي حققها، لم يكن لديه أي غضاضة أو أزمة أن يعود للدور الثاني، من خلال فيلمين، الأول “مش أنا” مع تامر حسني، والثاني “البعض لا يذهب للمأذون مرتين” مع كريم عبد العزيز، ويبدو أن الكدواني مستمر في اختيار الدور الجيد بصرف النظر عن مساحته، ففي العام الماضي قدم فيلمين، الأول بطولة مطلقة مع التونسية هند صبري في فيلم “فضل ونعمة”، ومن قبله “الجريمة” مع أحمد عز والمخرج شريف عرفة.
في عام 2011 أشادت لجنة التحكيم في مهرجان “شيكاغو” الدولي بفيلم “678”، وبأداء الكدواني به، ووصفته اللجنة بـ”الممثل صاحب الحضور القوي الذي يدفعك لمتابعته في كل مشهد يظهر به”، حيث حصل كلا من الفيلم والكدواني على تنويه خاص في حفل الختام.