على قديمو

«توت عنخ آمون».. الملك المحب

توت عنخ آمون
توت عنخ آمون

سُطرت قصص الحياة اليومية على جدران المعابد والمقابر المصرية القديمة، والتى تنوعت بين الزراعة والصناعة أو العبادة، وبالطبع الحياة الاجتماعية والأسرية، فقد مثلت عبارات الحب والشوق جزءا أساسيا من رغبة المصرى القديم فى التوثيق، ورغم رسمية النقوش وقدسيتها الدينية، إلا أن الملوك المصريين القدماء حرصوا على تدوين مشاعرهم تجاه زوجاتهم من خلال رسائل غرام موجهة.

وهنا كانت كلمة الحكيم المصرى القديم سنوهي: «سكن الجمال ديار مصر، وأبى ألا يبرحها إلا على جناح الحب».

ومن روائح هذا الحب الذى سكن مصر قصة عشق قصيرة لم تدم طويلا ولكنها كانت بمثابة نقطة انتقال رئيسية فى تاريخ مصر القديمة، القصة للملك الصغير «توت عنخ آمون» الملك الأشهر فى تاريخ الحضارة المصرية القديمة، والذى توفى فى سن صغيرة، واختلف خبراء الآثار حول الأسباب الحقيقية لهذه الوفاة، ولكن ظلت دلائل عشق الملك لزوجته «عنخ إسن آمون» والتى شاركته نشأته فى القصر الملكى مع والده الملك إخناتون والملكة «نفرتيتى»، فهو الأخ غير الشقيق للملك.

بدأت قصة حب الزوجين مبكرا فى القصر الملكى فقد تشاركا دروس الحكمة والمعرفة، وحظى توت عنخ آمون بمعاملة خاصة فهو حامل العرش للملك إخناتون موحد الأديان وحامى ديانة آتون، بخلاف أنه الولد الوحيد بعد ست فتيات كانوا نتاج زواج إخناتون من الملكة نفرتيتى.

ورث «توت عنخ آمون» عن والده الثورية كما ورث الحب، فكما ثار إخناتون ضد الإله آمون، ثار توت عنخ آمون على ديانة والده وعاد بتوجيه من مستشاريه والكهنة إلى عبادة آمون وترك آتون، كما تخلى عن اسمه «توت عنخ آتون» إلى «توت عنخ آمون».

هذا التحول دفع الزوجين للعودة من جديد إلى مهد الإله آمون ليودعوا مدينة  «آخت آتون» فى تل العمارنة بمحافظة المنيا الحالية،  ليقيما فى طيبة ومنف الأقصر العاصمة القديمة للبلاد.

ورغم حالة الهدوء والاستقرار التى عاشها الزوجان خلال فترة زواجهما التى بدأت مبكرا ، فقد تزوج الملك توت عنخ آمون  فى سن 8 سنوات فقط بينما كانت زوجته أخته غير الشقيقة فى 13 عاما، إلا أنها كانت بمثابة صدمة لكليهما، فقد اعتادا اللعب واللهو معاً فى القصر الملكى قبل أن يجدا أنفسهما مرة واحدة زوجين.

لم يحظ الزوجان بأطفال ليرث أحدهم العرش، ولكن جثتين لجنينين غير مكتملين عُثر عليهما داخل مقبرة والدهما توت عنخ آمون، وهو ما فتح الباب أمام الطامعين عقب وفاة الملك توت عنخ آمون.

وكانت وفاة الملك توت عنخ آمون نهاية لقصة حب الزوجين وبداية صراع على حكم المملكة المصرية، فقد وجدت الأميرة «عنخ إسن آمون» التى تتعدى سن 20 أمام رغبات ومحاولات لاعتلاء عرش مصر، فقد حاول كل من الوزير خبر خبرو أى وقائد الجيش وزوج خالتها حور محب لعب دور أكبر طمعًا فى العرش.

محاولات « عنخ آمون ست» للخروج من هذا المأزق قادتها لفكرة جنونية، فقد وجهت خطابا إلى ملك الحيثيين تخبره فيه أولا بأن زوجها الملك قد مات، وأنها لم تنجب ذكرا ليرث عرش أبيه، وأنها لذلك تطلب منه أن يرسل إلى مصر أحد أبنائه لتتزوجه وتجعله ملكا على مصر، لم يتأخر كثيرا ملك الحيثيين وأرسل أكبر أبنائه والذى فشل فى تخطى حدود الدولة المصرية ليُقتل قبل أن تطأ قدمه أرض المملكة المصرية بتحرك من القائد حور محب، وهو ما فتح الباب أمام الوزير خبر خبرو ليتزوج أرملة توت عنخ آمون ويعتلى عرش مصر.