خبير آثار يطالب بوضع آليات لمشروع قانون «الجهاز المصري للملكية الفكرية» 

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بإنشاء "الجهاز المصري للملكية الفكرية" كهيئة عامة تختص بتنظيم ورعاية وحماية حقوق الملكية الفكرية في البلاد، بما يتفق مع التزامات مصر الدولية ذات الصلة مع العمل على توظيف نظام الملكية الفكرية بصورة تضمن التوازن بين حماية تلك الحقوق وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية وبناء اقتصاد المعرفة كأحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للملكية الفكرية (2022 – 2027) التي تم إطلاقها في سبتمبر الماضي تحت رعاية الرئيس السيسي.

وفى ضوء ذلك يشير خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار إلى عدة نقاط يجب أن توضع فى الحسبان حين مناقشة مجلس النواب لمشروع القانون موضحًا أن المنظمة العالمية للملكية الفكرية "ويبو" وهى منظمة دولية تابعة للأمم المتحدة مقرها جنيف  ظهرت عام 1967 وتأسست  وانطلقت بعد انعقاد مؤتمر باريس للملكية الصناعية  والدول الأعضاء 177 دولة.

 
أمّا اتفاقية حقوق الملكية الفكرية فهى أحد ملحقات اتفاقية التجارة العالمية التربس وملزمة للأعضاء الموقعين عليها وكان التوقيع النهائى على الاتفاقية فى المغرب فى أبريل 1994 وبدأ سريانها فى منتصف 1995 وتعمل اتفاقية حقوق الملكية الفكرية على تحقيق الحماية الفكرية بوسيلتين: الأولى هى الحصول على تصريح من مالك الحق الفكرى والثانية هى دفع ثمن لهذا الانتفاع وتهدف إلى حماية حقوق المؤلفين والمخترعين والمكتشفين والمبتكرين، وقد استلزمت اتفاقية حقوق الملكية الفكرية مباديء وإجراءات منها أن تقوم الدولة المنضمة إلى الاتفاقية بإصدار قانون خاص بحماية حقوق الملكية الفكرية أو أن تتضمن قوانينها ما يفى بهذا الغرض .

ويوضح ريحان بأنه فى ضوء ذلك فقد أصدرت مصر قانون حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002 يتضمن 206 مادة فى عدة أبواب يتضمن الباب الأول براءة الاختراع ونماذج المنفعة  وتمنح عن كل اختراع قابل للتطبيق الصناعى يكون جديدًا ويمثل خطوة إبداعية، سواءً كان الاختراع متعلقًا بمنتجات صناعية جديدة أو بطرق صناعية مستحدثة أو بتطبيق جديد لطرق صناعية معروفة ووضع شروطها فى 44 مادة وتمنحها أكاديمية البحث العلمى، والباب الثانى التصميمات التخطيطية للدوائر المتكاملة ويقصد بالتصيميم التخطيطي كل ترتيب ثلاثي الأبعاد معد لدائرة متكاملة بغرض التصنيع، والباب الثالث المعلومات غير المفصح عنها وهى تتمتع بالحماية كما جاء فى المادة 55 بشرط أن يتوافر فيها أن تتصف بالسرية وأن تكون المعلومات فى مجموعها أو فى التكوين الذي يضم مفرداتها ليست معروفة أو غير متداولة بشكل عام لدى المشتغلين بالفن الصناعي الذى تقع المعلومات فى نطاقه وأن تستمد قيمتها التجارية من كونها سرية وأن تعتمد فى سريتها على ما يتخذه حائزها القانونى من إجراءات فعالة للحفاظ عليها كما يتضمن القانون العلامات والبيانات التجارية والمؤشرات الجغرافية والتصميمات والنماذج الصناعية وكذلك حقوق المؤلف والحقوق المجاورة وتشمل المصنفات بأنواعها والابتكار والفلكور الوطنى والتعبيرات الشفوية مثل الحكايات والأحاجى والألغاز والأشعار الشعبية وغيرها من المأثورات والتعبيرات الموسيقية مثل الإغانى الشعبية المصحوبة بموسيقى والتعبيرات الحركية مثل الرقصات الشعبية والمسرحيات والأشكال الفنية والطقوس والتعبيرات الملموسة مثل منتجات الفن الشعبي التشكيلي وبوجه خاص الرسومات بالخطوط والألوان والحفر والنحت والخزف والطين والمنتجات المصنوعة من الخشب أو ما يرد عليه من تطعيمات تشكيلية مختلفة أو الموزاييك أو المعدن أو الجواهر والحقائب المنسوجة يدويًا وأشغال الإبرة والمنسوجات والسجاد والملبوسات والآلات الموسيقية والأشكال المعمارية والنسخ والنشر وفنانو الأداء وأخبار الحوادث والوقائع الجارية التى تكون مجرد أخبار صحفية وأخيرًا الأصناف النباتية.

وينوه الدكتور ريحان بأنه فى ضوء  الجهاز المقترح لمناقشته "الجهاز المصري للملكية الفكرية" ووجود القانون 82 لسنة 2002 فإنه يجب وضع آليات لعمل هذا الجهاز يتضمن أولًا حصر جميع براءات الاختراع بأكاديمية البحث العلمى ووضع خطة لتحويلها للمجال التطبيقى بدلًا من ركنها على الأرفف حيث لم يستفد منها أصحابها ولا الدولة وتسجيلها بملفات هذا الجهاز وأن يكون الجهاز همزة الوصل بين المخترع والمنتج ضمن خطة شاملة للدولة، ثانيًا أن يقوم الجهاز بحصر كل الأصناف النباتية فى مصر خاصة النباتات والأعشاب الطبية فى جميع أنحاء الجمهورية وتسجيلها كحق ملكية فكرية لمصر والاستعانة بكل دراسات المتخصصين فى هذا المجال لعمل موسوعة علمية وقد قامت أكاديمية البحث العلمى بعمل موسوعة بالفعل ولكن لم تشمل كل نباتات مصر وقد قامت إحدى الدول منذ فترة طويلة بتسجيل الملوخية كنبات وهو نبات وأكلة مصرية شهيرة وكل نبات غير مسجل معرّض للسرقة والتسجيل باسم الغير فى أى وقت وكذلك الأكلات الشهيرة والخبز بأنواعه وقد تم تسجيل الخبز الفرنساوى تراث عالمى باليونسكو وكذلك الصناعات التقليدية والمنتجات التراثية المتنوعة التى تعبر عن بيئات مختلفة مثل سيناء والواحات والنوبة وذلك تيسيرًا لتسجيلها باليونسكو بشرط أن تكون مسجلة لدينا أولًا .

كما يجب أن يقوم الجهاز بحصر كل الأبحاث فى المجال العلمى والميدانى والعلوم الإنسانية بالجامعات المصرية ومراكز البحوث وهى متعددة فى مصر منها المركز القومى للبحوث ومراكز البحوث الزراعية وبحوث الصحراء والسكان والتعليم وغيرها واستخراج أفكار ونظريات جديدة منها تسجل كملكية فكرية لمصر حيث أن الأفكار هى إبداع والإبداع له حقوق ملكية فكرية بل الأفكار نفسها لها حماية بالقانون وهكذا كل ما ينطوى عليه القانون من مصنفات فنية متنوعة ونماذج صناعية وعلامات تجارية وغيرها .

وأردف الدكتور ريحان بأن هذا المجلس يجب أن تكون له سلطة المراقبة على نوعية ما يقدم بعد تسجيله وخضوعه للقانون لضمان جودة المنتج المصرى فى كل المجالات وسيساهم هذا المجلس فى خلق منتجات وصناعات مصرية جديدة لها  حقوق الملكية الفكرية تعتمد على براءات اختراع مصرية وأفكار مصرية وخامات مصرية خاصة مجال العقاقير التى تعتمد على الأعشاب والنباتات الطبية المنتشرة فى مصر خاصة فى سانت كاترين والمنتجات التراثية التى تعد قيمة استثنائية فى مصر .

ويختتم الدكتور ريحان بأن القضية الأساسية تكمن فى عدم تضمين قانون حقوق الملكية الفكرية فى مصر لحقوق التراث المادى المتمثل فى الآثار بناءً على اتفاقية حقوق الملكية الفكرية الدولية التى تتجاهل حقوق التراث المادى بحجة عدم وجود تكييف قانونى للتراث الثقافى وإن كان الغرض الخفى دوليًا يتضح فى حرص البلاد المتقدمة التى تتحمل تكلفة الإنفاق على البحث العلمى بما يحمله من اختراعات واكتشافات جديدة على تحميل البلدان النامية التى تستفيد من البحوث العلمية دون أن تساهم فى الإنفاق على هذه البحوث ثمن ما يصل إليهم من منتجات باهظًا فى صورة حماية للملكية الفكرية فى الوقت الذى تقوم فيه هذه الدول بعرض الآثار المصرية الموجودة بمتاحفها ومنها متحف اللوفر والمتحف البريطانى ومتحف الأرميتاج بروسيا ومتحف بوشكين فى موسكو ومتحف برلين  وتورونتو ومتحف المتروبوليتان فى نيويورك وغيرها لتدر عليها الميارات وتستنسخها وتؤجرها للعرض بمتاحف أخرى وتنتج منتجات تحمل رموز الحضارة المصرية دون أى حقوق ملكية فكرية لأصحاب هذه الحضارة ولذا تجاهلتها فى اتفاقية حقوق الملكية الفكرية ليستمر الوضع فى الاستفادة من حضارة الآخرين وهى ابتكار أجدادهم ولهم حقوق ملكية فكرية فيها فى مقابل تحميلهم ثمن ابتكاراتهم  الحديثة بحجة عدم وجود تكييف قانونى للتراث المادى.

ويرى الدكتور ريحان أن يضاف لأهداف "الجهاز المصري للملكية الفكرية" البحث عن تكييف قانونى للتراث المادى بالاستعانة بالمتخصصين فى الآثار والقانون الدولى بالتعاون مع إدارة الملكية الفكرية والتنافسية بقطاع الشئون الاقتصادية بجامعة الدول العربية والمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) للعمل على وضعه باتفاقية حقوق الملكية الفكرية.

باحث بـ«القومي للملكية الفكرية»: الاستراتيجية الوطنية تدعم الاستثمار