محمد عدوي يكتب: رسالة ماجد الكدواني وسلامة قواك الفنية 

الكاتب الصحفي محمد عدوي
الكاتب الصحفي محمد عدوي

في مرحلة ما من العمر، وفي مرحلة ما من النضج، يصبح القبول بما هو متاح جريمة، يصبح التعايش مع أنصاف المواهب خيانة، يصبح الاستسلام للسائد كارثة، التعاطي بمبدأ ليس في الإمكان أفضل مما كان "خيابة"، تضييع وقت.

في مرحلة ما من العمر لا يجب إهدار الوقت وإتاحة الفرص لمن لا يستحق، لا يجب التغاضي عن قصور ما لأي سبب من الأسباب، يمكن أن يحدث ذلك في سن مبكرة، في أوقات مختلفة، يمكن أن يحدث ذلك لقلة خبرة، لظروف قهرية، لكن وأنت في براح كبير وسموات مفتوحة، التقصير في حقك بالاختيار خطأ لا يغتفر
أنا اخترت ماجد الكدواني بكامل قواي العقلية، اخترت موهبة طاغية ونموذجا مثاليا للممثل، اخترت السلامة النفسية والعقلية، اخترت البهجة.

الوصول للبهجة في هذه المرحلة التي تعج بالأزمات المتلاحقة غاية، الطريق للبهجة يحتاج أن تقف مع نفسك وتحسن اختياراتك، أن تكرس مجهودك ووقتك مع من يستحق وما يستحق، لا أرى أن هناك حالة انفجار ودوى في موهبة ماجد الكدواني في مسلسل موضوع عائلي، لا أرى توهجا قد حدث وطفرة شاهدناها.

الحقيقة أن هناك عملية حسابية علمية بحتة كان نتيجتها ما رأيناه في جزأين من المسلسل الاجتماعي المبهج، عملية محسوبة سلفا، المقدمات فيها تؤدى إلى نتائج حتمية، عملية وضع الكدواني بنفسه قواعدها الأساسية، الرجل يرى وسبق وأن صرح أن التمثيل عنده رسالة، عبارة الفن رسالة دائما ما نسمعها ربما صارت حتى من كلاسيكيات التصريحات الفنية، أكلاشيه معتاد في كثير من الأوقات يفقد معناه لكثرة من يتحدث به ويردده، لكن الحقيقة أن عددا قليلا ممن يؤمنون به ويعملون على تنفيذه حرفيا.

الرسالة في الفن جملة مطاطة ربما يفسرها البعض بأنها تأتي من خلال تقديم أعمال جادة بها الكثير من الحكم والمواعظ أو كما يطلقون عليها "المورال" لكن الضحك رسالة، الحزن أيضا رسالة، التأثير والتأثر رسالة، العمل الجاد وبإتقان رسالة المتتبع لمسيرة ماجد الكدواني يرى أن الرجل آمن بما يقدمه منذ زمن طويل، حتى في المرحلة التى يطلق عليها اسم مرحلة الانتشار كان الكدوانى مؤمنا بأن ما يفعله يجب أن يكون وفقا لاستراتيجيته الخاصة، أن يفعل ما يفعل مؤمن بأنه رسالة، أن تراه فى عمل كوميديا بنفس رؤيتك له فى عمل جاد، أن تتأثر بأدائه فى كل الأحوال.

الحديث عن فنيات أداء ماجد الكدوانى ربما يرى البعض أنه يحتاج الى مجلدات، الخروج الأمن دائما من فخ التنوع، الحرفية العالية فى التلون وفقا لمعطيات الدور، التعاطى الفكرى المهم فى كل مرة، كلها أشياء الحديث عنها بالفعل يطول لكن الحقيقة أن المبدأ واحد وأداء ماجد الكدوانى دائما وأبدا يخضع لفهمه وقناعاته بأنه يقدم رسالة الاختيار والانحياز لنموذج ماجد الكدواني ليس ترفا، الاهتداء بما يقدمه، الاستمتاع بأداء متفرد هو في النهاية في صالحك من دواعي الحفاظ على سلامتك وذائقتك النفسية والفنية، إذا أردت أن تنجو بحياتك من فخ النمطية والتكرار وأشباه النجوم وسطحية تمثيل وافتعال واصطناع ممثل فعليك هجر أي نموذج آخر مخالف لنموذج الكدواني.

عليك دائما أن تدرك أن مشاهدة ماجد الكدواني في أي عمل يقدمه هو انتصار خاص لك، هو مكافأة تدلل بها نفسك وتسعد بها، هي ما تستحقه ولا يجب أن تتنازل عنه، الانبهار بما يقدمه ماجد الكدواني هو إعلان خاص بسلامة قواك الفنية، هو احتفال خاص باستمرار الأمل وأهمية العيش، ماجد ونموذجه والحقيقة أنه نموذج حقيقى يمكن أن تجده فى كثيرا من نجومنا وممثلينا ترجمة حرفية لما يجب أن يكون عليه كل شئ فى حياتنا
لم اتفاجأ بالنجاح المكرر للجزء الثان من مسلسل "موضوع عائلى" لم أظن لحظة أن الجزء الثاني هو استثمار لنجاح الجزء الأول، فعوامل النجاح متوفرة والمبدأ متوفر والرسالة حارة فى كل عناصر المسلسل، حتى الإضافات التى تمت فى الجزء الثاني هى إضافات مدروسة وتعمل وفقًا لنفس المبدأ، قليلة هى الأعمال التى تشدك وتجذبك فى ظهورها الأول، نادرة هى الأعمال التى تعيد نجاحها وتأثيرها وجذبها، موضوع عائلى من هذه النوادر وماجد الكدوانى دائما عند حسن الظن... والرسالة دائما تصل.

اقرأ أيضا | بسمة وهبة: بكل نرجسية مفيش حد نجح في «شيخ الحارة» غيري | خاص