الخروج عن الصمت

خيوط الحرير 6/6

محمد عبدالواحد
محمد عبدالواحد

وما خيوط الحرير إلا رحلة استمتع بها الصغار والكبار فى بلدتي، تربينا على حب دودة القز والاعتناء بها فهى مصدر من مصادر إنتاج تلك الخيوط ورأت عيوننا لمعان الخيوط وبريقها فى أشعة الشمس واحتل أركان البيوت يزينها.


وتأتى الرحلة قبل الأخيرة وهى الأنوال اليدوية التى تحول تلك الخيوط الى قطعة من القماش تتشكل حسب مهارة صانعها وما هى إلا ماهرة لنجار فنان تخصص فى صناعتها من الخشب عبارة عن عارضة طولية تمر من فوقها الخيوط إلى أسطوانة خشبية بطول هذا النوع الذى يصل فى عرضه أحيانا إلى مترين إلى أسطوانة أخرى تقترب من مجلس الصنيعية، أركانه أعمدة خشبية تمسك بالملف الطويل الذى يتخلل أطراف حديد مبروم كصامولة يجلس على أطرافه اثنان تحت رجل كل منهما بدال خشبى حتى يستطيع بلمسه شد الخيوط عليه ليستطيع تمرير المكوك الخشبى الذى يلف عليه تلك الخيوط.


فهو عبارة عن قطعة من الخشب يجوف وسطها ويفرغ ويدبب أطرافه بقطعة من النحاس ويمرر تلك المكوك بينهما وتلف خيوط فوق تلك الخيوط لتولد بعدها تحفة فنية من القماش يطلق عليها المقطع ويصل المقطع فى إنتاجه إلى 8 أمتار وأحيانا تكون قطعة سادة وأحيانا يتخللها خيوط طولية أو عرضية يختلف لونها عن أرضية تلك القطعة وبعدها تأتى الرحلة الأخيرة وهى المدق وهو عبارة عن مكبس ومكواة لفرد ذلك الثوب من القماش فتجد اثنان من العمال يقف كل منهما أمام الآخر ممسكًا بطرف الثوب وفى يدى كل منهما منشة مصنوعة من لوف النخيل تبلل أطرافها بالمياه ويقوم بنفضها براحة يده حتى تأتى قطراتها فوق الثوب ويوضع لدقائق على حامل فى أشعة الشمس وبعدها
يدخل إلى المكواة الرجل حتى يتم فردها وتوضع بعد الكى فى مكبس يحافظ عليها وبعدها يستلم كل تاجر وليده ليذهب به إلى الأسواق التى كانت تقام كل ثلاثاء وجمعة ويأتيها الناس من حولنا يبيع كل منهم ما لديه ويشترى بما باع ويغنم الجميع. تلك هى خيوط الحرير التى ارتبطنا بها وأرجو أن أكون فى ختام رحلتى وأنا أقصها عليكم ضيفًا لم تشعروا معه بالرتابة أو ثقل الدم لأننا جميعا نحيا ونعيش ونستمد قوانا من أقاصيص تلك القصص.