رسالة زوجة أصيلة من العالم الآخر.. لماذا قتلتني؟

الزوجة الضحية
الزوجة الضحية

إيمان البلطي

 أي جرم ارتكبته تلك الزوجة المسكينة حتى يتفنن الزوج في قتلها، أي ذنب قادها إلى عقاب وحشي في لحظاتها الأخيرة، ما الذي ارتكبته حتى تُقتل حرقًا وطعنا وذبحًا، وبعد أن ينهي جريمته يأتي بأولاده منها ويجعلهم ينظرون إلى جثمان أمهم. أعنده قلب؟، هل لديه ذرة من رحمة؟ أهو إنسان أصلا؟.. أسئلة وأسئلة تحتاج إلى ألف إجابة، مع العلم أن أى إجابة لا تعد سببًا لأن يُقدم الزوج على ما ارتكبت يداه.. لو كانت هذه الزوجة الضحية قادرة على توجيه رسالة لزوجها القاتل، كانت ستساءل .. لماذا قتلتنى؟ وكل ما فعلته هو الحفاظ على بيتك وأولادك.


تفاصيل تلك الجريمة البشعة التي شهدت أحداثها قرية «سبك الأحد» التابعة لمركز أشمون بمحافظة المنوفية ترويها السطور التالية.

قبل ١٤ عامًا، تزوج «مصطفى جلال مصطفى عبد المنعم» الشهير بـ «مصطفى خيشة» من ابنة عمه «نورا صابر»، الحكاية منذ بدايتها كانت مبشرة، فتاة تزوجت من ابن عمها، تعرفه ويعرفها، تربيا سويًا، وعاشا سويًا، فالاكيد أن الخلافات الزوجية - وإن وجدت - سيكون حلها سهلا، ولن تشكل عائقًا في استمرار حياتهما.

الزوجة المخلصة
أنجبت له من الأبناء أربعة، ثلاثة أولاد وبنت، وعاشت معه طوال تلك الفترة على الحلوة والمرة، وكانت تعينه على عمله ومصروفات البيت، فقد كان «مصطفى» يعمل جزارًا، وكانت «نورا» السند له، فهو يذبح ويبيع اللحوم، وهي تأخذ «فواكه الذبيحة» وتبيعها في الأسواق، ولا تعود إلا وقد فرغت بضاعتها.
لا أحد ينكر وجود خلافات، طبيعي جدًا أن يحدث اختلاف بين الزوج وزوجته، لكن كانت هذه الخلافات لصالح البيت، وكانت «نورا» صابرة محتسبة من أجل أولادها، أصيلة وكما كانوا ينادونها بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولا تدقق في معاملة زوجها لها، ولا تصرفاته معها، حتى أنها كانت لا تسمح لنفسها أن تذهب إلى بيت أبيها غاضبة حتى لا تترك الأولاد، وحتى لا يقال أنها تأبى مساعدة زوجها والوقوف جانبه كتفًا بكتف.
ضاقت عليهم في فترة من الفترات ظروف الحياة، وعليه كانت «نورا» تشق الصخر لتمر تلك الأزمة، تتحمل وتكابد، وتعمل، وتدخر من أجل بيتها، وتواصل في عملها الليل بالنهار، حتى تساعد زوجها وتعينه، وبدلا من أن يرد لها المعروف، قتلها، نعم بكل سهولة قتلها، ولكن لماذا فعل هذا؟!

رد المعروف
يحكي «محمد» شقيق «نورا» لـ «أخبار الحوادث» قائلا: «مواقف كثيرة تدل على أصالة شقيقتي مع زوجها، منها أنه تم إلقاء القبض عليه فى شهر رمضان الماضى فى قضية قروض وشيكات، وتم حبسه، حينها لم تتركه أختي لحظة، بل وقفنا جميعا معه، ودفعنا له كفالة قدرها ١٠ آلاف جنيه، حتى يخرج من الحبس، ومع ذلك قابل المعروف ورده بالخسة والغدر».
وأضاف: «منذ ٣ أشهر ضرب شقيقتي ضربا مبرحًا حتى أصابها بكسر فى ذراعها، وكل ذلك بسبب شرائها «فريزر» لكي تقوم بتخزين لحوم الجزارة فيه، ولما جاءت إلينا وهى فى حالة يرثى لها، ذهبنا بها إلى مستشفى الهلال الأحمر بالقاهرة، وأجرت عملية كانت تكاليفها ٢٠ ألف جنيه، حينها اتصل بها وأبلغها أن معه فلوس العملية لكنه لن يدفعها لها، قائلا: «أنا معايا فلوس العملية ومش هدفعلك شلن، خاللي بقى أهلك يدفعوهلك». حينها لم نرد عليه، وتركناه لأننا كنا خائفين على شقيقتنا».

 واستكمل: «بعد شهرين من واقعة الضرب، وكسر يدها بالكامل، كنا خارج البيت لطهور ابني الصغير، ولم يكن أحدًا بالبيت غير أختي «نورا»، وأولادها،  لأفاجأ بهاتفى المحمول يرن، وعندما أجبت وجدت أختي «نورا» تستنجد بي،  وتقول: «الحقنى يا محمد، مصطفى وإخواته دخلوا البيت، وضربونى».

وتابع قائلا: «وقتها اتصلت بوالدي وأمى، لأنهم يعملون بالسلخانة بالقرب من البيت، وذهبت مسرعا إلى البيت، وبالفعل لحقت بهم، لكنهم اعتدوا علي ضربًا واعتدوا على والدي ضربًا مبرحًا، طبعا هذا الأمر لم يمر مرور الكرام، كنا من قبل نقول بأننا عائلة واحدة، والداخل بيننا خارج، لكن بعد أن وصل الأمر إلى الضرب حررنا محضرًا بالواقعة، وأمضيناه على إقرار بعدم التعرض لنا».
واستطرد: قبل الحادث بيومين، اتصل بأختي يطلب منها أن تعود للمنزل، وبالرغم من كل ما حدث، قالت أختي إنها تنوي العودة إلى بيته، من أجل مصروفات أولادها الأربعة، ولأن والدنا - على قد حاله - ولن يستطيع تحمل نفقاتهم، وقالت إنها ستتحمل أي إهانات وضرب من أجل أولادها، وبالفعل جاء عمي الكبير وأخذها الساعة ٨ مساءً بعد العشاء إلى بيت زوجها، وجلس معهم، وكانت الأمور على ما يرام، حيث قام مصطفى بتقبيل رأس أختى، وسهرا معا، ولما اطمئن عمى للأمر انصرف وتركهما».

ذبحًا وحرقًا
وعن تفاصيل الجريمة أوضح قائلا: «حكى لنا «على» الطفل الأكبر، ما حدث منذ عودة والدته إلى المنزل، فقال: «الساعة ١١، بابا قال لماما أدخلي حجرة النوم، وأنا قلت لماما اقعدى معانا يا ماما شوية، لكن بابا رفض، ولما ماما دخلت  الحجرة بابا خرج بره البيت مدة، ولما عاد كانت ماما نامت، وسمعنا صرخة واحدة فقط بصوت عالي جدا، ولم نسمع أي صوت بعدها، وبعد شوية بابا دخل علينا وقال لنا تعالوا شوفوا مامتكم قبل ما تموت، دخلنا لقينا بابا حرق وش ماما بالمكواة، وضربها بميزان حديد على دماغها، وقاسم دماغها نصفين، وضربها بساطور فى رقبتها، وكانت الدماء مالية الأرض».

واختتم: «علي بعد كده حكالنا إن أبوهم خده هو وماهر وركبهم الدراجة النارية، وراح بيهم الساعة الساعة ٢ بعد منتصف الليل إلى المطرية، عشان كان عنده شركة نضافة هناك، وكان مديرها أخوه الصغير، وفضل على الطريق بالأطفال يروح لحد المطرية ويجي بيهم، ووافقين على الطريق، كان وقتها بيحاول يهرب العيال عشان هما الكبار واللي هيقوله ايه اللي حصل بالظبط.. وحوالي الساعة  ٦ الصبح، دخلت علينا «منى» ترتعش، وبتقول لجدها إن أبوها دبح أمها، طبعا إحنا قمنا بسرعة وروحنا البيت، وفعلا لقينا أختى رأسها مشقوقة نصين، ومدبوحة، ومحروقة في وشها، مصطفى قتلها بالطريقة دي دون أى رحمة».
وعليه تم تحرير محضر بالواقعة، واستطاعت الأجهزة الأمنية أن تُلقي القبض على القاتل وتحيله إلى نيابة أشمون الجزئية، والتي بدورها قررت حبس المتهم ٤ أيام مع مراعاة التجديد له في الموعد المحدد على ذمة القضية، لحين صدور التقرير النهائى للطب الشرعى.

أقرأ أيضأ : تفحمت جثته.. سائق يتخلص من حياته في «بث مباشر»: «مراتي السبب»