وزير المالية السودانى: مصر غيرت مجرى التاريخ

 وزير المالية السودانى خلال حواره مع «الأخبار»
وزير المالية السودانى خلال حواره مع «الأخبار»

الرئيس السيسى صاحب تجربة رائدة فى بناء دولة عصرية

السودان سلة غذاء العالم العربى.. ونرحب بالشركات المصرية فى بلادنا

اتفاقيات فى الكهرباء والزراعة والسكك الحديدية ونتمنى الاستثمار فى استخراج الذهب

 

أكد د. جبريل إبراهيم وزير المالية والتخطيط الاقتصادى فى السودان على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، مشيراً إلى أنه يأمل فى تطوير العلاقات لحد التكامل التام حيث يجمعهما مصير واحد وشعب واحد عبر التاريخ، وأشار وزير المالية السودانى فى حوار خاص أجرته  «الأخبار» معه فى الخرطوم إلى تطلعه لنقل التجربة المصرية فى التشييد والبناء والتنمية لبلاده مؤكداً إعجابه الشديد بما قامت به مصر من تنمية فى البشر والحجر غيرت من خلالها مجرى التاريخ.. بدأ الوزير حواره معنا معربا عن سعادته بالحوار مع «الأخبار»، وقال: جريدة الأخبار معروفة لدى كل العرب وتنتمى لمؤسسة عريقة ومدرسة صحفية متفردة وهى «أخبار اليوم» التى قدمت الكثير للأمة العربية، والثقافة والمجتمعات العربية وأنا سعيد جدا أن أكون ضيفا على جريدة «الأخبار» التى تعد صوت العالم العربى .

 كيف تقيم العلاقات المصرية السودانية ؟
لا شك عندى على الإطلاق، أن العلاقات المصرية السودانية هى علاقات ترابط وأخوة دائمة لا تشوبها شائبة وتتمتع بمصداقية وتعاون مشترك وبناء على كافة الأصعدة، بل إن تلك العلاقات ممتدة عبر التاريخ ووطيدة، والنيل همزة الوصل بين القاهرة والخرطوم.. ومصر والسودان يجمعهما عمق تاريخى وثقافى وجغرافى.. لدىّ آمال كبيرة لتطوير العلاقات بين القاهرة والخرطوم  لحد التكامل التام بين بلدين يجمعهما مصير واحد وشعب واحد عبر التاريخ، مصالح مشتركة وإرث مشترك.. كلها أسباب تربط بين الشعبين ربطا وثيقا.. السودان وشعبه يكنون لمصر الوفاء والجميل والفضل .. جزء كبير من الشعب السودانى تلقّى تعليمه بالقاهرة ومدارسها وجامعاتها المختلفة .. والثورة التعليمية فى السودان كان شعلتها الشيخ رفاعة رافع الطهطاوى ونحن لا ننكر هذا الفضل المستمر حتى وقتنا هذا ونفس التعليم جعل الارتباط بين البلدين ارتباطا وثيقا .
  هل كان للتقلبات السياسية فى السودان تأثير على العلاقات بين البلدين؟
نهائيا .. نحن نستمد قوتنا من مصر، والسودان أقرب إلى مصر من أى دولة أخرى ولذلك طبيعى جداً أن العلاقات بين البلدين تكون قوية ومترابطة ونحن نعمل من أجل أن تكون تلك العلاقات أوثق ولا تؤثر فيها التقلبات السياسية.. بيننا علاقات دم ومحبة صادقة والروابط المشتركة بين الشعبين خير دليل.
  قمتم بزيارات عديدة للقاهرة منذ توليتم مسئولية وزارة المالية نهاية 2021 ما الهدف منها؟
مهم جدا أن تكون الروابط الاقتصادية بين البلدين قوية جدا وتخضع للتطوير والتحديث لخدمة البلدين، مصر والسودان يمتلكان إمكانات كبيرة وموارد طبيعية متنوعة لا ينكرها إلا جاحد، هذا مما لمسته خلال زياراتى للقاهرة وما تشهده مصر حاليا منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى يدعو للفخر والعزة .. مصر تمكنت بفضل سواعد أبنائها المخلصين وقيادتها الرشيدة الواعية وحكومتها القوية أن تشيد وتبنى وتقيم بنية تحتية ضخمة يفوق الخيال لأى مراقب وزائر للقاهرة، بل غيرت مجرى التاريخ من خلال التطوير فى البشر والحجر.. وهذا أمر مذهل ورائع عندما ترى العمل يجرى على قدم وساق فى كل مكان.. التطوير والتحديث والبناء لا يقتصر على قطاع معين، بل يشمل كافة مناحى الحياة. ما حدث بالفعل شىء مهول لا يصدقه عقل أو منطق، وهذا النجاح يحسب للرئيس السيسى صاحب العزيمة والتحدى والإصرار فى البناء فى بناء دولة عصرية حديثة، بخلاف الحكومة المصرية التى تولت المسئولية فى تأسيس بنية تحتية صلبة فى جميع المشروعات وعلى كافة الأصعدة وهذه هى الانطلاقة الصحيحة للتنمية الاقتصادية لمواكبة التطورات القادمة.
التجربة المصرية
  هل تتمنى أن تنتقل التجربة المصرية للسودان؟
نعم وبكل تأكيد، وهذا ما أطلبه وطلبته من الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الرياض. ومصر أصبحت رائدة فى مجال بناء المشروعات العملاقة والتحول الرقمى، ونحن نقتبس التجربة المصرية لتطبيقها فى السودان.. لقد أرسلنا وفودا عديدة وما زلنا، لنقل التجربة المصرية فى كافة مناحى الحياة الى السودان .. وفى التحول الرقمى لدينا باع طويل من تعلم التجربة المصرية فى هذا الصدد، وأرسلنا وفدا من وزارة المالية والتخطيط الاقتصادى فى السودان إلى وزارة المالية المصرية للتدريب.. وهناك اتفاقية بين مصلحة الضرائب السودانية ومصلحة الضرائب المصرية.. ولقد رحبت بزيارة د. محمد معيط وزير المالية إلى الخرطوم.. واستقبلته فى وزارة المالية السودانية.. ودارت بيننا أمور عدة لتقوية الروابط الاقتصادية بين البلدين.. هناك اتفاقيات قوية بين مصر والسودان للمستقبل.. وقعنا عدة اتفاقيات مع الجانب المصرى لتعزيز التجارة بين البلدين .
 وماذا عن الاستثمارات المصرية فى السودان ؟
السودان لديه امكانات هائلة، وأدعو مصر قيادة وحكومة وشعبا، للتعاون مع بلدنا الذى يرحب بشدة بجميع المصريين والمشروعات المصرية على أرض السودان .. رغم الجهود الكبيرة والجبارة المبذولة من قبل الحكومة المصرية لكن المساحة الزراعية لديكم محدودة .. هنا فى السودان لدينا مساحات شاسعة من الأراضى الصالحة للزراعة مع وفرة فى المياه نمد يد العون مع الجانب المصرى لزراعة تلك المساحات بكلفة المحاصيل حتى ينعم بها شعبا البلدين ونحقق الاكتفاء الذاتى من الغذاء.
  لكن ذلك يحتاج إلى وفرة فى المياه ؟
لدينا أراضٍ بكر شاسعة لم تصل لها يد التعمير من قبل، نطالب مصر بتعميرها على الفور، ونحن نتعاون مع مصر فى موضوع المياه، وامنيتنا أن الشعب المصرى يتقاسم معنا الزراعة وانتاج الغذاء .. أمام مشكلة المياه .. نحن نؤمّن لمصر وشعب مصر المياه .. لدينا 400 مليار متر مكعب من مياه الأمطار تتساقط على السودان سنويا بخلاف مياه النيل الأبيض والنيل الأزرق التى تتدفق باستمرار .. بخلاف المياه الجوفية القريبة جدا من سطح الأرض .. مصر تتكلم عن حصتها من المياه 55 مليار متر مكعب .. نحن نخبر مصر أن تطمئن.. والسودان لن يتخلى عن مصر نهائيا فى أزمة المياه لأننا شعب واحد ومصير واحد.. وبالإضافة إلى ذلك كل خيرات السودان متاحة أمام مصر.. لدينا ثروة حيوانية كبيرة .. ثروة سمكية كبيرة .. معادن لا تحصى ولا تعد .. إذا تعاونَا كبلدين سوف نحدث ثورة زراعية كبيرة فى هذا الأمر.. أقولها بصراحة نحتاج الى مصر للوقوف بجوارنا فى كل شىء.. ونرفض أن تبتعد مصر عن السودان أو تتخلى عنها.
  ماذا عن تعزيز التجارة بين البلدين والعلاقات الاقتصادية بين القاهرة والخرطوم ؟
حدث تطور كبير جدا فى العلاقات التجارية خلال السنوات الماضية .. والتبادل التجارى بين مصر والسودان تجاوز المليار دولار  لكنه بسيط  مقارنة بحجم مصر والسودان، ويجب أن تكون التجارة بينهما ليست لها حدود وبحجم اكبر بكثير.. ويمكننا أن نطور تلك التجارة، وتكلفة النقل صغيرة بين الدولتين .. هناك تفاهم مشترك بين الدولتين لتطوير المعابر بين الدولتين لتوسيع حجم التبادل التجارى البرى بخلاف مشروعات الربط الكهربائى والسكك الحديدية.
 هل هناك خلافات بسبب المعابر؟
لا توجد مشاكل بين مصر والسودان فى موضوع المعابر.. هناك إشكاليات إدارية بسيطة لا ترقى إلى مستوى الخلافات.. البضائع المصرية مرحب بها فى السودان، وهناك 300 رحلة تجارية  برية يوميا من مصر الى السودان وهذا يعتبر حركة برية ضخمة بين البلدين غير رحلات السفر.. السودانيون يعتبرون القاهرة مدينتهم.. يذهبون إليها كأنهم يذهبون إلى أى مدينة سودانية.. ولا أكذب عندما اقول لك إن هناك اشخاصا من السودان يقومون بزيارات شهرية للقاهرة لقضاء مصالحهم او تلقى التعليم.. وعدد السودانيين فى مصر يقارب الــ 5 ملايين.. وفى استثمارات كبيرة جدا فى مصر.. الارتباط وثيق ونحتاج تطوير هذه العلاقات أكثر وأكثر على كافة الأصعدة .. نحتاج لإقامة مشروعات مشتركة ونريد استيراد الخبرة المصرية فى مجال إقامة مشروعات الطاقة الشمسية وتجربتها فى السودان.. لماذا لا نكرر التجربة المصرية فى السودان .
   تعانون من عجز كبير فى الكهرباء ظهر جليا فى اول يوم زيارة لى، عندما انقطع التيار الكهربائى فى الجلسة الافتتاحية لمؤتمر مجلس الوحدة الاقتصادية العربية ؟
أعترف وبصراحة أننا نعانى من عجز كبير فى الكهرباء، وحدث ذلك فى أول يوم فى مؤتمر مجلس الوحدة الاقتصادية، وذكرت لحظة انقطاع التيار الكهربائى أن السودان فى أمس الحاجة الى الاستثمارات العربية فى مجال الكهرباء، وخاصة من الجانب المصرى .. قلت ذلك بالفعل وأصابنى الذهول من انقطاع الكهرباء فى تلك اللحظات، لكن هكذا حالنا.. نحتاج الى مد العون لنا فى مجال الاستثمار فى الكهرباء.. أقدر المواقف المصرية من تدشين الربط الكهربائى بين البلدين.. لكننا نحتاج الى المزيد من التعاون وبأقصى سرعة .. سوف نسهل لكم كل شىء .. سوف نزيل العراقيل أمام الاستثمارات المصرية فى السودان .. الجميع هنا يفضل الاستثمارات المصرية قبل غيرها .. مصر تمكنت من تحقيق وفرة فى الكهرباء وتصدرها للخارج بفضل سواعد أبنائها وحكمة الرئيس عبدالفتاح السيسى.
سلة غذاء العرب
  ذكرتم فى أحاديث سابقة أن السودان يمتلك سلة غذاء العالم العربى ؟
 بالفعل هذا كلام صحيح .. لدينا أراضٍ زراعية ضخمة لو جاءت الخبرة المصرية إلينا سوف نغير مجرى التاريخ وسوف نحقق اكتفاء ذاتياً من جميع المحاصيل، ونحقق الأمن الغذائى العربى بأكمله.. والسودان هو سلة غذاء العالم العربى إذا تم استغلال أراضيه بشكل جيد .. ليس لدينا مشكلة على الاطلاق فى استقطاب الخبرات المصرية فى مجال الزراعة إلى أرض السودان .. أدعو مصر أن تستثمر فى السودان.. وقلت لوزير المالية د. محمد معيط.. لماذا لا تأتون وتزرعون فى السودان .. الأرض الصالحة للزراعة لدينا بمساحات شاسعة والمياه متوافرة ولدينا فائض كبير.. والأيدى العاملة متوافرة فى البلدين.. والخبرة المصرية متوافرة.. الفدان فى السودان يكلف 1200 دولار فقط .. لماذا لا نزرع معا وننتج غذاءنا معا ونقيم شراكات واتفاقات فى هذا المجال، تحفظ حقوق الجميع، مصر لديها خبرة كبيرة فى مجال زيادة إنتاجية الفدان من المحاصيل، نحن نحتاج إلى تلك الخبرات فورا، وفى هذا التوقيت دون غيره.
 لديكم وفرة فى إنتاج المياه لماذا لا تزرعون الأرز للتصدير ؟
لدينا تجارب فى هذا الصدد  لكن لم تنجح، والأرز لا يمثل غذاء رئيسيا للشعب السودانى، والشعب السودانى ثقافته فى الغذاء تعتمد على محصول الذرة ثم دخل عليه محصول القمح فبدأ التوسع فى زراعته .
هل يمكن  أن نأكل ما تنتجه شعوبنا العربية دون الحاجه للخارج؟
نحن نأكل ما ينتجه الآخرون .. اليابان لا تنتج الأرز وتقوم بمجهودات كبيرة لاستنباط سلالات تصلح للزراعة فى أراضيها حتى لا تستورده من أمريكا .. هى تريد أن تنتج غذاءها دون الحاجة إلى غيرها وتقول إنها لا يمكنها أن تعتمد على الخارج فى توفير غذاء شعبها.. وهنا نتساءل: لماذا نحن كشعوب عربية لا نزرع ما نأكله دون الحاجة لاستيراده من الخارج مادامت تتوافر لدينا الامكانات الطبيعية والبشرية .
 أشرت إلى إعجابك بالتجربة المصرية فى التشييد.. ما الذى تطمح إليه السودان فى هذا المجال؟
اعتقد أن مصر الآن لديها تجربة كبيرة فى البنية التحتية نحن نحتاج إلى نقل تلك التجربة ولقد طلبت ذلك من الرئيس عبدالفتاح السيسى فى الرياض، وقلت للرئيس السيسى إننى معجب بتأسيس البنية التحتية فى مصر فى وقت وجيز، وطلبت من سيادته الاستفادة من تلك التجربة سواء كان ذلك عبر القوات المسلحة المصرية وسلاح المهندسين، أو الشركات المصرية العملاقة وذات الخبرات الممتدة فى هذا المجال لتكرر التجربة فى بلادنا .. نحن نتابع ما يحدث فى مصر من مدن جديدة فى جميع أنحاء البلاد .. العاصمة الإدارية .. العلمين .. هضبة الجلالة .. المشروعات القومية .. مترو الأنفاق .. الطرق الجديدة العجيبة ، نريد أن نعمل شيئا مماثلا فى السودان كما هو الحال فى مصر.
 وما هى أوجه التعاون القائمة بين البلدين؟
قبل أيام قليلة تم توقيع بروتوكول فى مجال الزراعة مع د.السيد القصير وزير الزراعة، نحن نمد اليد لمصر ونعمل مع شركات مصرية فى مجال تطوير الكهرباء، والتقيت د. محمد شاكر وزير الكهرباء المصرى وتباحثت معه فى هذا المجال.. وننتهز هذه الفرصة ونبدأ مشروعات مشتركة بين مصر والسودان.. والشركات المصرية مرحب بها فى السودان.. وهى الأقرب للخرطوم دون غيرها.
  لكن هناك عقبات تواجه الاستثمار فى السودان ؟
لا أستطيع أن أدعى أنه ليست هناك عقبات .. لكن أغلب العقبات تتمثل فى عدم وجود بنية تحتية من كهرباء أو طرق او وسائل نقل .. لا توجد طرق بالمستوى المطلوب ولا موانئ بالمستوى المطلوب ولا مطارات بالشكل المطلوب.. حتى أن شبكات المياه فى السودان لدينا فيها مشكلات كبيرة.. بالإضافة إلى تعقيدات إدارية فى هذا الصدد.
جذب الاستثمارات
كيف يمكن التغلب على تلك العقبات لجذب الاستثمارات ؟
كل ما ذكرته من عقبات هى مجالات صالحة للاستثمار.. نحن نريد كهرباء وطرقا حديثة متطورة وشبكات مياه نظيفة وموانئ عالمية تستوعب حركة التجارة.. نحتاج إلى مطارات حديثة عالمية والسكك الحديدية.
 هل هناك دعوة لوزراء من مصر للاطلاع على فرص الاستثمار هنا ؟
بالفعل دعونا وزير الزراعة  د. السيد القصير لزيارة السودان لتوقيع بروتوكولات حول الاستثمار فى الثروة الحيوانية والزراعة . لدينا وزارة للثروة الحيوانية ووزارة للزراعة.. وأنا على تواصل مستمر مع وزير المالية د. محمد معيط وتشرفنا بزيارته للخرطوم من قبل.. وجميع الحكومة المصرية مرحب بها فى السودان .
  كيف واجهت السودان الأزمات الاقتصادية العالمية ؟
تعرضنا بالفعل لانهيارات اقتصادية ضمن الموجة العالمية من الركود الاقتصادى لكن أقولها بصراحة إن السودان يشهد نموا اقتصاديا ملحوظا وإيجابيا يوما بعد الآخر.. وكل المؤشرات العالمية تسير فى الاتجاه المعاكس .. معدلات التضخم فى تراجع مستمر، سعر العملة الوطنية مستقر امام العملات الاجنبية.. ولا يعنى كما يتردد ان العملة السودانية تآكلت تماما هذا غير صحيح فى جزء من التضخم لدينا مستورد من الخارج ... نحن ضغطنا على الصرف هذه الخطوة لها جوانب سلبية مستقبلا نعترف بذلك .. لكن قررنا ألا يزيد حد الاقتراض عن حجم معين .. بالفعل لا توجد عندنا تنمية.. وهذا بشكل مؤقت حتى يحدث لدينا قدر من الاستقرار الاقتصادى واستقرار سعر العملة، وهذا كانت له نتائج ايجابية منها تراجع معدلات التضخم واستقرار سعر العملة السودانية.
 وماذا عن المؤسسات المالية العالمية فى الوقوف بجوار السودان فى أزماته الاقتصادية المتلاحقة؟
جميع المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية أوقفت تعاملها مع السودان منذ اكتوبر 2021 لأسباب سياسية .. جميع الدول الأوروبية قررت تجميد علاقاتها الاقتصادية مع السودان وكذلك الحكومة الامريكية حتى نصل الى  حكومة مدنية يرضون عنها، حدث ذلك نتيجة فهم خاطئ لما يجرى.. هم يرفضون فتح اى قنوات اقتصادية مع السودان لمساعدته للخروج مما يعانيه من أزمات اقتصادية طاحنة.. والسودان يمر بمرحلة استثنائية والغرب لا يقدر ذلك، البعض يريدون أن تتحول السودان إلى دويلات صغيرة، هذا ما حاولوا فعله ولم ينجحوا، لكن أعترف ان الاقتصاد السودانى تضرر كثيرا من جراء الممارسات القمعية الغربية.. ولكن الضرر لا يقع على الحاكم، بل يقع بشكل مباشر على الشعب السودانى، وهذا ما طالبنا به امام الأمم المتحدة على اساس أنكم  تعاقبون المواطن البسيط.
> ما وضع السودان اقتصاديا مع الدول العربية ؟
 نحن فى أمس الحاجة للتعاون مع جميع البلدان العربية من منبر جريدتكم «الأخبار» أناشد الجامعة العربية وكافة أعضائها ضرورة التوجه للسودان لمساعدته فى كبوته .. على الدول العربية ان تغير بوصلتها للاستثمار فى السودان وهو يرحب بذلك، الدول العربية وخاصة دول الخليج يمكنها أن تؤمن غذاءها من السودان بما يتمتع به من مساحات شاسعة صالحة للزراعة وموارد طبيعية هائلة.. وعرضنا فرص الاستثمار فى السودان.. لكن أقولها إن الجميع سوف يأتى يوما ما للاستثمار فى السودان .. الأموال العربية منتشرة فى جميع الدول الأجنبية .. ويجب على الأموال العربية أن تستثمر فى أراض عربية حتى نحقق قوت يومنا وننتج غذاءنا ولا نحتاج للخارج..  الكل يدرك ان هناك اضطرابات عالمية فى انتاج الغذاء.. نحن لدينا سلة غذاء العالم العربى.. اراضينا مفتوحة للجميع وخاصة الدول العربية وعلى رأسهم مصر ندعو القطاع الخاص للاستثمار فى السودان.
 الجنيه السوداني يعانى من تدهور كبير، ما الحل؟
العملة تأخذ قوتها من جانبين .. أولا من جانب قوتها الاقتصادية.. ومن جانب الوضع السياسى والعسكرى من جهة اخرى .. نحن فى السودان ليس لدينا قوة اقتصادية ضخمة ندعم بها الجنيه السودانى.. لأن جميع دول العالم تدعم عملتها بالقوة السياسية والعسكرية فى المقام الأول.. ثم يأتى الاستقرار الاقتصادى فى مرحلة لاحقة .. الصين قوة اقتصادية ثانية فى العالم لكن لم تستطع فرض عملتها للمنافسة العالمية حتى الآن.. أما أمريكا فتملك القوة العسكرية الجبارة التى تحمى من خلالها قوة الدولار فى الأسواق العالمية.. نحن فى السودان بلد غنى جدا لديه كمية من الموارد الطبيعية ليس لها حدود ولدينا كم هائل جدا من المعادن.. السودان يجلس على مناجم ذهب وبترول وثروات حيوانية وسمكية وزراعية.. الكل يعلم ان السودان لديه قدرات اقتصادية كبيرة اذا تم استغلالها سوف تستقر العملة السودانية.
 ماذا عن تأثير توقيع الإطار التوافقى على الاستقرار الاقتصادى فى السودان ؟
التأثير الاقتصادى لا يأتى فى أسبوع أو اسبوعين ...ما تم الاتفاق عليه مؤخرا بين جميع المكونات السياسية فى السودان هو اتفاق جزئى.. وعندما يتحول هذا الاتفاق الى اتفاق شامل يرضى جميع الأطراف.. هنا سوف نتلمس بعضا من الاستقرار الاقتصادى المأمول.
ارتياح عالمى
  لكن هناك ارتياح عالمى لهذا الاتفاق ؟
 نعم بيانات مجلس الأمن والأمم المتحدة وكثير من الدول الكبرى والجامعة العربية رحبت بهذا الاتفاق واعتبرته خطوة مهمة لتشكيل حكومة سودانية تقود البلاد الى الاستقرار.. وهذا ما نأمله فى المرحلة المقبلة التى سوف تضم جميع طوائف الشعب السودانى ولا تستثنى أحدا.. وصولا الى اتفاق مرضي عنه وتشكيل حكومة مدنية.. اعتقد حينئذ ان الضغوط الغربية علينا ستخف حدتها.
 > وماذا عن التنقيب عن الذهب فى بلادكم ؟
السودان يعول كثيرا على ثرواته من الذهب.. وسوف نزيد من انتاج الذهب فى الفترة المقبلة حتى يساعد على تحسن الأوضاع الاقتصادية لدينا.. وتجربة التنقيب الأهلى تجربة واسعة.. والسودان يعتمد على 80% من انتاج الذهب من التنقيب الأهلى.. لدينا 2 مليون سودانى يعملون فى التنقيب الأهلى عن الذهب فى السودان.. لكن درسنا الخروج من تلك الاشكالية حيث يمثل التنقيب الأهلى خطورة كبيرة على من يقومون به من جهة ويهدر ثروات كامنة من جهة أخرى.. ومن ثم سوف نشجع الشركات الوطنية ذات الخبرة فى هذا المجال لتتولى مهمة التنقيب عن الذهب .. التنقيب الأهلى للذهب فيه خطورة على البيئة والإنسان.. حيث يتم استخدام ادوات بدائية.. السودان به  18 ولاية بينها 14 ولاية تخضع للتنقيب الأهلى عن الذهب.. والرقابة صعبة والانتشار واسع جدا.. والتهريب يتم ليل نهار.. ونرحب بمصر فى توقيع شراكات فى مجال التنقيب عن الذهب .
 ماذا عن التضخم؟
التضخم تراجع بشكل كبير جدا..كان التضخم 465 % .. الآن التضخم وصل الى 98 % فقط .. ومع العام الجديد 2023 سوف يصل التضخم فى السودان إلى رقم 1 % فقط.