إنها مصر

معركة الاستقرار !

كرم جبر
كرم جبر

فى أوقات الأزمة يستيقظ دعاة الفتنة، ومن يشاهد الفيديوهات التى تبث شكاوى الناس من ارتفاع الأسعار، يتأكد أنها مدبرة وليست عفوية ولا تلقائية، وإنما وراءها متآمرون ومؤلف ومخرج وسيناريو وحوار وممثلون يؤدى كل منهم دوره المرسوم، وينفقون عليها أموالا طائلة.
الفيديو الوحيد التلقائى هو لوائل غنيم صاحب حكاية خالد سعيد؛ لأنه يعترف بخطئه -بعد فوات الأوان- فى حق بلده والمصريين جميعًا، وأراد أن يقول إنه كان من أسباب الخراب؛ لأن الثورات فى رأيه تفجر فى الشعوب أسوأ ما فيها وتترك مصيرهم فى أيدى الأشرار، مثلما حدث مع الإخوان.


أفلتت مصر من بين أنياب وأظافر الجماعة الإرهابية والفضل أولا للمولى عز وجل، وعاد صناع الفتن للظهور على المسرح من جديد بنفس الأساليب القديمة، ويخططون لإعادة إنتاج "الفوضى"، باستغلال أزمة الغلاء وإشعال الغضب.
ولأن البلاد لا تحتمل إلا الاستقرار حتى تتمكن الدولة من ضبط إيقاع الأسعار، ففى مقدورها أن تفعل ذلك فى غضون أسابيع قليلة، وأعلنت التحدى مبكرًا بمناسبة شهر رمضان الكريم، الذى تضرب فيه معدلات الاستهلاك أرقامًا قياسية.
فالفتن لن تحارب الغلاء، والشائعات لن تحسن الأحوال المعيشية للناس، وإنما تنفيذ حزمة السياسات القوية الحازمة، التى يلمس الناس آثارها المباشرة فى الأسواق وتوسيع منافذ بيع السلع وتوفيرها بأسعار معقولة.
أسأل نفسى مثل غيرى: لماذا انفلت العيار فجأة فى الأسابيع الأخيرة واستيقظنا على موجات متتالية من الغلاء؟.. ويقينى أن هناك أصابع قذرة تلعب فى الخفاء، بدأت فى معارض السيارات وتطورت لما أسموه الـ "أوڤر" فوق السعر الحقيقى، وإثر ذلك تحرك طابور الجشعين والمستغلين، لتطبيق نفس السيناريو على مختلف السلع الأخرى، وملء كروشهم بالكسب الحرام.
وأسأل نفسى: لماذا الضجة الصاخبة حول سعر الدولار وكأنه العملة الرسمية للبلاد بدلا من الجنيه؟.. وهل يهم الناس انخفاض الأسعار أم الصخب حول سعر الدولار؟.. ويقينى أن وراء الربط بين نفس صناع الأزمة لإيجاد ذريعة للغلاء، حتى بالنسبة للسلع التى ليس لها أدنى علاقة بالدولار.
إذا سألت عن ارتفاع أسعار البيض والدواجن يقولون علف الكتاكيت المستورد، أو الجبنة القريش أو الفواكه والخضراوات، وهلم جرا كل الأزمات تبدأ وتنتهى عند الدولار.
إنها معركة الاستقرار التى يحاول دعاة الفتن تحقيق مكاسب فيها، ويتحتم علينا أن نواجهها بقوة، وفى صدارة الصفوف وسائل الإعلام، باستراتيجية عاجلة وطويلة المدى يجرى تنفيذها، لأن السفينة إذا حدث فيها ثقب فإنه يهدد الجميع.