الأعداء فى الداخل كما فى الحرب

زيلينسكي يحارب الروس و«الأوليجارش»

زيلينسكى
زيلينسكى

خالد حمزة

«الأوليجارشية» كلمة يونانية تعنى حكم الأقلية، وهى النظام السياسى الذى يمارس السلطة من مجموعة صغيرة من الأفراد، مؤلفة من النخبة المثقّفة أو الأقلية المالكة أو النخبة الثرية، ويتم الخلط بينهم فى كثير من الأحيان لتشكل الطبقة الحاكمة، ويعتبر أفلاطون أول من تحدث عن الأوليجارشية التى تعنى حكم القلّة فى كتابه الجمهورية، وجاء أرسطو من بعده ليعتبر أن الأوليجارشية هى مسخ الأرستقراطية.

وتوجد الأوليجارشية، فى جميع بلدان العالم تقريبًا، ولكن يمكن القول إن وجودها أكثر وضوحًا فى دول الاتحاد السوفيتى سابقًا، إذ سُمح فقط لأعضاء الحزب الشيوعى بالتصويت وشغل المناصب، وفى روسيا الأوليجارشية هم رجال الأعمال فى الجمهوريات السوفيتية السابقة؛ الذين تربّحوا من الثروة بسرعة خلال عصر الخصخصة الروسية، وتركت الدولة السوفيتية ملكية أصول الدولة المتنازع عليها، ما سمح بإجراء صفقات غير رسمية مع مسئولى الاتحاد السوفيتى السابقين "معظمهم فى روسيا وأوكرانيا"، كوسيلة للحصول على ممتلكات الدولة، لتظهر بذلك قلة أصبحت من أصحاب المليارات.

ولعقود من الزمن، كان رجال الأعمال فى أوكرانيا، يتمتعون بسلطة اقتصادية وسياسية هائلة، غير أن الحال تبدل، فمنذ الغزو الروسى، خسر الأوليجارش سيئو السمعة فى أوكرانيا المليارات، وإضافة لثرواتهم غير العادية، فإن الأوليجارش الأوكرانيين مشهورون بممارسة السلطة السياسية، وفى 2017 قال مركز "تشاتام هاوس" البحثى فى المملكة المتحدة، إنهم يمثلون أكبر خطر على أوكرانيا.                                                                                                                                                         الأوليغارشية الأوكرانية

ومن خلال شبكة واسعة من الحلفاء والنواب المخلصين، أثر الأوليجارش فى أوكرانيا على قرارات تمرير القوانين، لصالح إمبراطورياتهم التجارية، وقد سبق أن وصفهم الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى، بأنهم مجموعة من الأشخاص، يعتقدون أنهم أكثر أهمية من المشرعين أو المسئولين الحكوميين أو حتى القضاة، لكن مثل العديد من المدنيين العاديين منذ بداية الغزو الروسى لشرق أوكرانيا فى 2014، دمرت الصواريخ أعمالهم التجارية وخسروا ممتلكاتهم بسبب الاحتلال الروسى، لكن مع تصاعد حدة الحرب باتت حياة الأوليجارش أكثر صعوبة، فقد أُجبروا على التركيز على البقاء بدلًا من السياسة الداخلية.

وكما تقول صحيفة الجارديان البريطانية، فمع اندلاع الحرب فى شرق البلاد، ومع فقدان المزيد من المصانع والمناجم والأراضى الزراعية الخصبة، باتت نهاية الأوليجارش الأوكرانيين مُقبلة، وتُعد تلك هى الضربة الثانية للأوليجارش بعد الضربة القاصمة التى وُجهت لهم فى أواخر 2021، عندما أقرت أوكرانيا ما عُرف باسم قانون إزالة الأوليجارش، وعرّف قانون الرئيس زيلينسكى وقتها الأوليجارش، على أنه شخص استوفى ثلاثة على الأقل من المعايير الأربعة، السيطرة والتأثير على وسائل الإعلام، وامتلاك نفوذ مؤثر على السياسة، واحتكار تجارة أو صناعة معينة، وكسب ملايين الدولارات سنويًا.

وهكذا خضع كل من استوفى ثلاثة من المعايير الأربعة السابقة لتحقيقات إضافية، ومُنع من تمويل الأحزاب السياسية أو المشاركة فى خصخصة أصول الدولة، وكان قانون إزالة الأوليجارش أبرز خطوات التخلص منهم، واعتبر النواب الأوكرانيون، أن تمرير مثل هذا القانون بداية للحد من تأثير حكم القلة ومُكافحة الفساد، وقالوا إن القانون يجب أن يكون الخطوة الأولى فى تغيير نظام الأوليجارشية فى البلاد، الذى أصبح سببًا للفساد المُستشرى، الذى يسمم جميع مجالات الحياة، وتغيير النظام، الذى يتحكم فيه 6 أو 7، وبموجب التشريع يتعين على كبار المسئولين بما فى ذلك الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس البنك المركزى، الإعلان عن أى تعاملات لديهم مع الأفراد المصنفين على أنهم من الأوليجارشية، وسيسمح تعريف الأوليجارشية الوارد فى القانون للسلطات، بتحديد الأفراد الذين يستوفون المعايير.

ومن المتوقع، أن يطال تأثير القانون والمحظورات التى فرضها، كلًا من الرئيس الأوكرانى السابق بيترو بوروشينكو، ورجل الأعمال إيهور كولومويسكى، الذى دعم زيلينسكى فى انتخابات 2019، ويسيطر على القناة التلفزيونية الأكثر شعبية فى أوكرانيا، وكان فى 2014، قد تم تعيين كولومويسكى حاكما لمنطقة جنوب شرق أوكرانيا، ومع تصاعد الصراع ضخ كولومويسكى الملايين لدعم كتائب المتطوعين الأوكرانية، كما قدم مكافآت للقبض على المسلحين المدعومين من روسيا، إضافة إلى أنه زوّد الجيش الأوكرانى بالوقود، ولكن فى 2019، وجد الملياردير الشهير نفسه على خلاف مع سلف الرئيس زيلينسكى بيترو بوروشنكو، فقد أقر البرلمان قانونًا أدى لفقدان كولومويسكى السيطرة على شركة نفط، وإلى جانبه هناك أوليجارش آخر، وهو رينات أحمدوف، ولتجنب وضعه على قائمة زيلينسكى، باع على الفور جميع أصوله الإعلامية، وقلص كثيرًا من إمبراطوريته الاقتصادية.

اقرأ أيضا.. الدفاع البريطانية : الآلاف من الأثرياء الروس يحاولون الهرب