«جيتـس» و«شواب» يقودان الثورة الصناعية الرابعة

بيل جيتس
بيل جيتس

دينا توفيق

تعتيم الشمس كان البداية، والتحول نحو الطاقة البديلة مشروعه الذي روج له.. منذ أكثر من عقد يسعى الملياردير الأمريكي ومؤسس شركة مايكروسوفت "بيل جيتس" إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى وتجنب كارثة مناخية بالحد من الانبعاثات الكربونية كهدف معلن لإنقاذ الأرض ومن ثم إنقاذ البشرية.. هكذا قدم جيتس ومعه عمالقة وادي سيليكون أو تيار الأوليجاركية أنفسهم إلى العالم؛ ولكن وراء الأبواب المغلقة اتفقوا على استخدام ثرواتهم والإنفاق الضخم فى المجالات التى تخدم عملية إعادة الضبط الكبرى وخلق نظام عالمى جديد يخدم مصالحهم.

وكان جيتس قد استخدم لهجة حادة فى إحدى جلسات المنتدى الاقتصادى العالمى فى مؤتمره الأخير، داعيًا إلى تنفيذ صارم لضرائب الكربون من أجل إجبار البلدان ذات الدخل المتوسط على تغيير قطاعات الصناعة بأكملها بشكل أساسي، خاصة وأن هذا ما جعلهم يرفضون سياسة الرئيس الأمريكى السابق «دونالد ترامب»، الذى كان يقود تيار الرأسمالية الكلاسيكية القائمة على التصنيع والسوق المفتوح. قام المستثمرون الأثرياء بضخ الأموال فى التكنولوجيا الصديقة للمناخ فى السنوات الأخيرة، حيث وقعت وكالة الطاقة الذرية اليابانية (JAEA)  وشركة ميتسوبيشى للصناعات الثقيلة اتفاقية مع شركة جيتس من خلال شركة «تيراباور» للتعاون فى تطوير مفاعلات سريعة مبردة بالصوديوم. تقوم الشركة بتطوير مفاعل نتريوم السريع المبرد بالصوديوم. ومنذ أن أطلق جيتس شركته كان يسعى إلى نقل تكنولوجيا الاستنساخ السريع إلى خارج الولايات المتحدة وحينها صوب نظره تجاه شركة الصين الوطنية النووية. ما يعنى استمرار الولايات المتحدة فى تدمير مخزونها من اليورانيوم -233، مما يؤدى إلى احتكار علاجات السرطان المشتقة منه من خلال تسليم النظائر النادرة إلى جيتس. خلال الإدارات الأمريكية المتعاقبة، سمح الساسة الأمريكيون بأن تصبح البلاد معتمدة على الصين وغيرها من الدول، فى كافة الصناعات كالأدوية والإلكترونيات والمعادن الاستراتيجية.

ودعا جيتس بعض أغنى دول العالم، بما فى ذلك الولايات المتحدة، للمساعدة فى تحريك المياه الراكدة من خلال توسيع نطاق تلك التقنيات النظيفة؛ بتمويل البحث والتطوير ومحاولة إيجاد سياسات مثل استخدام ضرائب الكربون، لدفع الطلب على هذه المنتجات النظيفة. وأضاف أن القيام بذلك «بطريقة هجومية» يمكن أن يكون أفضل طريقة لخفض التكلفة فى جميع أنحاء العالم لهذه التقنيات النظيفة. وعلى الرغم من ترويج جيتس للطاقة النووية على أنها أكثر اخضرارًا من الطاقة الشمسية كطاقة نظيفة، إلا أنها أكثر إثارة للانقسام من مصادر الطاقة المتجددة التقليدية، ويرجع ذلك إلى سببين الأول هو الخوف من وقوع حادث، والثانى ماذا ستفعل مع نفاياتها! كما قدرت شركة «لازارد» الفرنسية للاستشارات المالية تكلفة إنشاء المحطات النووية أكبر بكثير من تكلفة بناء محطات طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية.

ويبدو أن العالم على شفا ثورة صناعية رابعة يقودها عمالقة وادى السيليكون. تميزت الثورة الأولى بمحركات تعمل بالبخار حولت المجتمع الزراعى إلى حياة صناعية وحضرية. وسخّرت الثانية الكهرباء وإدخال الإنتاج الضخم، وكانت الثالثة فى وادى السيليكون، مدعوم من الحوسبة للدخول فى العصر الرقمي. أما الرابعة التى ستكون الأكثر تخريبًا، والنابعة أيضًا من وادى السيليكون المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والمركبات ذاتية القيادة، والحاسب الكمومي، وتقارب تكنولوجيا المعلومات مع التكنولوجيا الحيوية والنانو؛ فالخطوط غير واضحة بين المجالات المادية والرقمية والبيولوجية. ووفقًا لموقع منتدى الاقتصادى العالمي، يمكن للثورة الصناعية الرابعة أن تقود إلى مستقبل خالٍ من الكربون إذا تحرك العالم الآن.

وهذا ما أعلن عنه كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذى للمنتدى الاقتصادى العالمي، عن ضرورة إعادة ضبط الرأسمالية وعقد اجتماعى جديد بعد أزمة فيروس كورونا؛ خاصة أن العواقب الاقتصادية طويلة المدى للوباء أدت إلى تفاقم الأزمات المناخية والاجتماعية التى كانت جارية بالفعل، وهذا سيجعل عملية إعادة الضبط للاقتصاد العالمى والأنظمة الاجتماعية أكثر إلحاحًا؛ من خلال تسخير ابتكارات الثورة الصناعية الرابعة، هذه الثورة التى يدعمها الأوليجاركية أو النخبة التى عينت نفسها كمنقذ للبشرية، وبحسب نظريتهم كان لابد من إجراء هذه العملية حتى يمكن إحضار المجتمع غير النقدى وإدخال حكومة عالمية واحدة والتحكم فيها من خلال المراقبة الرقمية. ويتعلق الأمر بـ»التخلص من الرأسمالية» والمشاريع الحرة، واستبدالها بما يسمى «التنمية المستدامة» و»رأسمالية أصحاب المصلحة»، وهى مصطلحات تتناقض مع نواياهم الشائنة  والمناهضة للإنسانية.                                                                                       

ويمكن لهذه الثورة الرابعة أن تحسن المعيشة وتغذى النمو الاقتصادى السريع؛ ومع ذلك، سيظل الملايين يواجهون انعدام الأمن الوظيفى مع التطور السريع للتشغيل الآلي، لذا سيظل السؤال حول كيفية إنشاء أطر تنظيمية جديدة لتجنب تضخيم التحيز وعدم المساواة.

أقرأ أيضأ : نيويورك بوست: بيل جيتس سيخسر مئات الآلاف من الدولارات بسبب ابنته