محمود سالم يكتب: وقود التنمية

محمود سالم
محمود سالم

عقب كل أزمة اقتصادية يتحول الجميع إلى خبراء اقتصاديين لديهم حلول غالبا ما تكون فى تشجيع الاستثمارات وخفض الضرائب، ولا أحد يفكر فى أهمية المشروعات خاصة الصغيرة والمتوسطة كوسيلة مهمة لعلاج الأزمات الاقتصادية وخفض معدلات البطالة فى الدول النامية والمتقدمة على حد سواء .. هكذا بدأ عمرو المنير نائب وزير المالية السابق للسياسات الضريبة أمام لقاء نظمته كلية حقوق القاهرة حول أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى تحقيق التنمية المستدامة بمشاركة نخبة من الخبراء . والحقيقة التى دفعت المنير للحديث حول تلك القضية هو البحث عن نتائج قانون المشروعات والمتوسطة والذى صدر بهدف رئيسى هو التيسير على اصحاب تلك المشروعات ومنح دفعة قوية فى شريان القطاع العام والذى يعتبر قاطرة التنمية فى أى دولة وعلى وجه الدقة هى وقود التنمية.

لقد اتضح أن تلك المشروعات تمثل نحو 96 فى المائة من الشركات المسجلة وتوظف نحو نصف القوى العاملة فى أى دولة وتصل النسبة إلى أكثر من 99 فى المائة ومع ذلك فإن إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة لا يمثل سوى 7 فى المائة من حجم الإقراض المصرفى. وعندما قرر القانون الخاص بتلك المشروعات منح مزايا لتوفيق أوضاع المشروعات التى تعمل تحت مظلة الاقتصاد غير الرسمى تقدم لتوفيق الأوضاع 2 مليون مشروع غير رسمى، ومن انضم بالفعل لمنظومة المحاسبة بنظام المشروعات الصغيرة والمتوسطة لم يتجاوز 7 آلاف ممول من بين نحو 2 مليون مشروع غير رسمى .. وهنا تظهر الصورة بوضوح شديد أنه ليس بالقوانين وحدها تنجح الأفكار لأن قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذى منح مزايا عديدة لتلك المشروعات ليس وحده هو السبب فى دفع الاقتصاد غير الرسمى للانضمام للاقتصاد الرسمى، فعادة ما يتم اتهام الضرائب بأنها السبب فى عزوف أصحاب هذه المشروعات عن الالتحاق بقطار الاقتصاد الرسمى، ولكن هذا الاتهام الجاهز دائما فى كل مناسبة ثبت أنه غير صحيح بالمرة مع وجود مجموعة من المزايا ولم يستجب لها إلا فئة قليلة لا تمثل نسبة تذكر من عدد المشروعات. 

والحل يا عمرو باشا ؟ .. يرد بالتأكيد على َضرورة استخدام بديل واحد يحل كافة أنواع الضرائب الأخرى، بجانب منح حوافز ضريبية خاصة لريادة الأعمال فى مجال تكنولوجيا المعلومات، وكذا التحول من الاقتصاد النقدى إلى غير النقدى، وإعادة النظر فى حد التسجيل فى الضريبة على القيمة المضافة والحدين الادنى والأقصى لحجم الأعمال ورأس المال المدفوع والمستثمر بما يتفق مع ظروف التضخم.