د. حسام محمود فهمي يكتب: الغُربة

د. حسام محمود  فهمي
د. حسام محمود فهمي

الغُربةُ هى البعدُ عن الوطنِ والأهلِ، وهى اِنقطاعُ التواصلِ مع الأحِبةِ ولو فى الوطنِ، هى الوَحشةُ والبرودةُ والسَهرُ.
 الغُربةُ تكون بالجَسَدِ أو بالروحِ. الغُربةُ بالجَسدِ تكون بالاِنزراع فى مكانٍ آخرٍ من أجلِ واقعٍ مُغايرٍ. 
أما غُربةُ الروحِ فهى فى نفسِ المكانِ ويفرضُها واقعٌ غيرُ مقبولٍ لمُعتقداتِه أو ممارساتِه.

وفى أحيانٍ تقترنُ غُربةُ الجَسدِ مع غُربةِ الروح كما فى اللجوءِ تحت أى مسمى.
 الخروجُ فى غُربةٍ قرارٌ قاسٍ اِضطراريٌ، ما رماك على المُرِ إلا ما هو منه أمَرُ.
قراراتٌ، جَودةٌ كاذبةٌ مُزَيِّفةٌ لواقعٍ أليمٍ، مَنظرةٌ جوفاءٌ، لوائحٌ مُستَنسَخة، هُوِيَّةٌ ضاعَت، إنكارٌ للاَراءِ والخبراتِ، تطويرٌ للخلْفِ، اِحتفالياتٌ ومهرجاناتٌ على كل شكلٍ، تَلوُنٌ وتَقَلُبٌ وأنانية.

ألم تجتمعُ كُلُها وتصلُ بأعضاءِ هيئةِ التدريسِ لغُربةٍ خارجَ المكانِ أو فيه؟
 هل قدَمت الجامعاتُ نماذج عما تُدَرِسُه عن الرأى والرأى الآخر؟ هل تملكُ فعلًا أمرَها؟
التقدمُ والتطويرُ عملٌ جماعى، يستوعبُ الاِختلافَ فى الرأى وتباعدَ وجهاتِ النظرِ؛ لا توجدُ تجاربٌ نجَحت بوصفةٍ مُخالفةِ.

الغُربةُ الاِضطراريةُ دلالةٌ قاطعةٌ على واقعٍ طاردٍ يسيرُ بظَهرِه.
بِكَ يا زمانَ اللّهوِ أشكو غُربتى
إن كانت الشّكوى تُداوى ُمُهجتى
قَلبى تُساوِرُه الهمومُ تَوجُعاً
ويزيدُ هَمى إن خَلَوتَ بِظُلمتى
أبياتُ شاعرٍ أثقَلَته غُربتُه.

اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلَبُ للراحةِ وللجوائز.
● أستاذ هندسة الحاسبات بجامعة عين شمس