حبيبة جمال تكتب: الأطفال يدفعون الثمن

حبيبة جمال
حبيبة جمال

تناسى الكثير قول الله سبحانه وتعالى: «وجعل بينكم مودة ورحمة»؛ ولم يعد هناك بين الأزواج سوى الخلافات والمشكلات، والتي تقودنا في بعض الوقائع لنهاية مأساوية وهي القتل، فصرنا نقرأ بدون مبالغة من وقت لآخر عن زوج قتل زوجته أو العكس، ولكن الضحية الوحيدة هم الأطفال، فالزوجة تذهب لخالقها، والأب يكون الإعدام مصيره، ويبقى فقط الأطفال يتامى، ضحية للعبة الشيطان.

في عام ٢٠١٩م، كتبت حكاية زوجين، قصة حب جسدت كل معاني الوفاء وحملت في صفحاتها المعاني السامية والمودة والرحمة، التي ذكرها الله في كتابه العزيز، زوجان عاشا معا أربعين عامًا؛ حتى الموت لم يفرقهما، حزنت الزوجة على مرض زوجها فماتت، ولم تمر لحظات حتى فارق هو الآخر الحياة حزنًا عليها.. اليوم وبعد مرور ٤ سنوات اكتب والحزن يعتصرني ويكاد يمزق قلبي.. اكتب عن نموذج آخر على النقيض تمامًا، أبشع جريمة قتل أسرية حدثت هذا العام الذي بدأ منذ ١٠ أيام فقط، زوج تناسى المودة والرحمة.. تناسى عشر سنوات زواج.. تغافل عن بناته الثلاث، ولم يفكر فيهن أو في المصير الذي ينتظرهن، وبدم بارد قتل زوجته ذبحًا أمام أعين هؤلاء الصغار، ولم يكتف بذلك بل صور جريمته صوت وصورة وأرسلها لأسرتها، ونشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

تلك الجريمة البشعة التي دارت أحداثها في محافظة الدقهلية، وتحديدًا قرية التيرة التابعة لمركز نبروه؛ عندما استيقظ الأهالي على خبر وفاة زينب تلك الزوجة التي تحملت الصعاب من أجل بناتها، البشاعة ليست في الجريمة نفسها بل فيما حدث للأطفال الصغار، فالأب ارتكب جريمته دون أن يفكر فيهن.. ثلاث بنات أكبرهن ٩ سنوات وأصغرهن ٣ سنوات، مازلن يتعرفن على الدنيا، لا يعرفن للغدر معنى، فجأة وبدون أي مقدمات استيقظن على كابوس الوحدة دون أم أو أب.

الأب القاتل، بعدما ارتكب جريمته داخل غرفة النوم، ترك زوجته غارقة في دمائها على الفراش، واستدعى بناته داخل الغرفة، وجلسن بجوار الجثة أمسك بهاتفه وبدأ يسجل فيديو ويتحدث بكلام غامض غير مفهوم، الصغار يرتعشن من البرد والخوف، مشهد يتصدره القلق والرعب والحيرة في آن واحد.

أطفال صغار لا يعرفون لماذا والدتهن نائمة بهذا الشكل غارقة في دمائها؟!، ماذا يقول الأب؟، وما الذي يقصده؟، ما الذي جناه هؤلاء الصغار كي يلقين هذا المصير؟!، وقعن فريسة وضحية لأب لا يمت بصلة لمعاني الأبوة الحقيقية.. الأب الذي يساند ويرعى ويحتضن ويطمئن تحول لوحش كاسر، ترك مشهدًا داخل ذاكرة هؤلاء الصغار لن يمحوه الزمن، بل وضع السكين حول رقابهن مهددًا بذبحن في حالة القبض عليه، حتى تمكن رجال المباحث من السيطرة على الموقف وتم القبض عليه، تاركًا أطفاله في ظلمة اليتم فقدن الأم في لحظة وستطاردهن الكوابيس.. الجرائم التي تقع بين الأزواج وعلى قلتها تستدعي تدخل علماء النفس والاجتماع لعلنا نجد تفسيرًا لماذا وصل بالبعض لهذه الحالة.. وبالرغم من وجود ندوات لتوعية المقبلين على الزواج، إلا أنها لا تحظى باهتمام أحد.. يجب أن يعي الجميع أنه ليس عيبًا أن تذهب للفحص النفسي والصحي قبل الزواج، فجميعها دورات للتأهيل النفسي وبناء شراكة تقوم على الحب والمودة.