كشف حساب

انفلات الأسعار.. إلى متى؟!

عاطف زيدان
عاطف زيدان

سعدت بتشكيل لجان مشتركة بين الغرف التجارية والصناعية والجهات المعنية، خاصة وزارات التموين والصناعة والداخلية وجهاز حماية المستهلك، لتحديد التكلفة الفعلية لكل سلعة وعمل سعر استرشادى لكافة السلع، بعد احتساب هامش ربح لكل سلعة على حدة، لضبط الأسواق. ولا شك أن هذه الخطوة تأخرت كثيرا، خاصة ان حالة الجشع والانفلات فى الأسعار التى يمارسها بعض التجار، تجاوزت كل الحدود، لدرجة ان البعض يرفع الأسعار يوميا دون رحمة ودون اى عقاب، فلم نسمع عن إغلاق سوبر ماركت أو حتى بقالة صغيرة، والسبب عدم وجود تسعيرة جبرية او استرشادية. وأظن أن الجشع تهمة تستوجب عقوبة رادعة.

ويكفى استعراض معدلات التغير فى سلعة معينة بأى محل، خلال شهر أو شهرين بماكينة الكاشير، لاكتشاف مدى جشع التاجر من عدمه. فهناك من يشترى سلعة مثل اللبن، من الموزع او تاجر الجملة، بسعر ٢٠ جنيها للعبوة ويقوم بوضع هامش ربح لنفسه ٢٠%، ويبيعها بسعر ٢٤ جنيها ويقوم بعد يوم أو يومين برفع السعر جنيها أو جنيهين، ليصل سعر البيع لديه خلال أسبوعين الى ٣٠ جنيها، ويحقق ربحا بالاستغلال والجشع يصل إلى ٥٠ % خلال أقل من شهر. والسبب غياب التسعيرة ثم الرقابة والردع، وقبل كل هذا الضمير. ومما يؤسف له ظهور تصريحات لبعض المسئولين، يزعمون فيها ان اقتصاد السوق المطبق فى مصر لن يعرف «التسعيرة الجبرية» وأن زمنها انتهى منذ ستينيات القرن الماضى، رغم أن أعتى الدول الرأسمالية مثل ألمانيا وانجلترا اضطرت خلال الأزمة العالمية الحالية لتسعير بعض السلع، وتحديد حد أقصى للشراء لكل مواطن. بل قام الاتحاد الأوروبى بتحديد سقف لأسعار النفط الروسى ضاربا عرض الحائط بأبسط قواعد الاقتصاد الحر. إننا نعاني، مثل دول العالم، تضخما متوحشا، بسبب تداعيات كورونا وأزمة سلاسل الإمداد والحرب الروسية الأوكرانية. ولا مفر من اتخاذ كل ما يمكن من وسائل لكبح هذا الغول، سواء بإقامة معارض بأسعار مخفضة، مثل أهلا رمضان، أو بالإفراج عن مستلزمات الإنتاج مثل أعلاف الدواجن، وزيادة معارض وزارة الزراعة وما شابهها، لكن تبقى التسعيرة الجبرية أو حتى الاسترشادية، هى الوسيلة الأكثر فاعلية، إذا اقترنت بالعقاب الرادع، لوضع حد لانفلات الأسعار وجشع بعض التجار. اللهم إنى قد بلغت، اللهم فاشهد.