مخطط الـ«CIA»و«الناتـو» لتدمـير روسـيا

CIA والناتـو
CIA والناتـو

دينا توفيق

استهداف البنية التحتية الحيوية بتدمير خطوط الغاز الروسية، ومحاولة خلق الفوضى من خلال عمليات التخريب السرية، مع إنهاك قوى الخصم عسكريًا واقتصاديًا بالتوسع فى الحرب لإفقاده توازنه ومن ثم محاصرته وتدميره.. هكذا عمل كلٌ من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «CIA» والناتو معًا قبل بداية الحرب الروسية الأوكرانية إلى محاولة خنق موسكو وإسقاطها من خلال إدارة عملاء داخل روسيا واتباع استراتيجية «إثارة التوتر» طويلة المدى باستنزاف مواردها الاقتصادية. وتستمر خطة الاستخبارات الأمريكية من خلال تجنيد جواسيس بين الروس النازحين من حرب أوكرانيا.

تعرضت الأيام الماضية، قاعدة «إنجلز» الجوية العسكرية، أو ما يطلق عليها «حديقة الاتحاد الروسى»، إلى هجوم للمرة الثانية منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن الحادث وقع فى ساعة مبكرة، ولقى ثلاثة جنود حتفهم بسبب الانفجار فى القاعدة، التى تضم قاذفات استراتيجية من طراز Tu-95 و Tu-160 ذات القدرة النووية التى شاركت فى شن ضربات على أوكرانيا فى الحرب المستمرة منذ 10 أشهر، بحسب ما ذكرته وكالة «أسوشيتيد برس». وقعت عدة هجمات داخل روسيا، فى كورسك، وبريانسك، قرية ستارايا نيليدوفكا فى منطقة بيلجورود، والمطارات العسكرية فى دياجيليفو بمنطقة ريازان، بالإضافة إلى إنجلز.

وقعت الهجمات لتقصف البنية التحتية للغاز قبل إعلان روسيا أنها ستستأنف الشحنات إلى أذربيجان عبر خط أنابيب يامال - أوروبا. ووفقًا لصحيفة «ديلى ميل» البريطانية، فإن «جاك مورفى» أحد عناصر العمليات الخاصة سابقًا بالجيش الأمريكى، قال الأسبوع الماضى إن الناتو ووكالات الاستخبارات الأمريكية كانت تدير عملاء داخل روسيا، وتوجههم لاستهداف البنية التحتية الحيوية فى محاولة لخلق «الفوضى»، حيث تعرضت منشآت النفط وخطوط أنابيب الغاز ومستودعات الوقود والسكك الحديدية إلى أضرار فى جميع أنحاء روسيا فى الأشهر الأخيرة، وأشار مورفى إلى حملة «التخريب» السرية التى تقودها وكالة المخابرات المركزية. وأضاف مورفى قائلًا فى أحد المنشورات على موقعه، «تتضمن الحملة خلايا نائمة طويلة الأمد قام جهاز التجسس المتحالف بتنشيطها لعرقلة غزو موسكو لأوكرانيا من خلال شن حرب سرية خلف الخطوط الروسية».

بعد تخطيط سنوات، كانت الحملة مسئولة عن العديد من الانفجارات غير المبررة وغيرها من الحوادث المؤسفة التى حلت بالمجمع الصناعى العسكرى الروسى منذ بداية الحرب فى فبراير الماضى». ووفقًا لما نقلته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية عن نائب مدير العمليات بوكالة الاستخبارات «ديفيد مارلو»، عن تقديم الوكالة اقتراحًا للروس الذين لم يكونوا سعداء بالحرب الأوكرانية.

وعلى الرغم من عدم مشاركة أى فرد أمريكى على الأرض فى روسيا فى تنفيذ هذه المهام، لكن الضربات استخدمت «جهاز استخبارات متحالفًا» ووافق عليها الرئيس الأمريكى «جو بايدن»، على حد قول مورفى. وقال مسئولان سابقان فى المخابرات الأمريكية إن الضباط شبه العسكريين تم تعيينهم فى مركز الأنشطة الخاصة بوكالة

                                                                                                                                                                                                    صورة تعبر عن الحرب الدائرة بين الروس والأوكران

الاستخبارات المركزية لكنهم موزعون فى مراكز البعثة الأوروبية التابعة للوكالة. كان استخدام جهاز استخبارات متحالف لمنح الاستخبارات الأمريكية القدرة على التخفى عاملاً أساسيًا فى قرار الرئيس بايدن بالموافقة على الضربات.

هناك الكثير من الأدلة على تورط وكالة الاستخبارات الأمريكية منذ فترة طويلة فى هذه الأنواع من عمليات التخريب على وجه التحديد. يحتوى أرشيف الأمن القومى على عدد كبير من الوثائق التى توضح بالتفصيل عمليات التخريب التى تقوم بها الوكالة، حيث تُعد العمليات السرية التى يقوم بها هى أحد عناصر القوة الأمامية فى السياسة الخارجية للولايات المتحدة. لكن وكالة المخابرات المركزية ليست حارسًا وحيدًا، فهى تعمل مع مجموعة كبيرة مشتركة بين الوكالات داخل حكومة الولايات المتحدة كقيادة عليا للحرب السرية. ووفقًا لمورفى، فإن أى عمل سرى تتخذه الوكالات الأمريكية يجب أن يتم تفويضه من خلال تقرير رئاسى، وبالتالى يمكن القول إن الرئيس بايدن قد وافق على عمليات تخريبية داخل روسيا. وعلاوة على ذلك، بعد أن خلص مجتمع الاستخبارات الأمريكية إلى أن روسيا قد تدخلت فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016، وقع الرئيس الأمريكى الأسبق «باراك أوباما»، على نتيجة تتعلق بعمل سرى ضد روسيا قبل أن يترك منصبه، وفقًا لصحيفة «واشنطن بوست».

 انفجار وحريق فى مصفاة أنجارسك للنفط

وفى العقود الأخيرة، كانت إحدى الاستراتيجيات المفضلة للغرب هى ما يسمى بـ«ضربات قطع الرأس» ضد مختلف البلدان. ومن أبرز الأمثلة على ذلك حدث فى التسعينيات فى أوروبا، أثناء العدوان الأمريكى على يوغوسلافيا. كما تم استخدام نهج مماثل ضد الرئيس العراقى الراحل «صدام حسين». وتجدر الإشارة إلى أن ضربات قطع الرأس هذه جاءت بنتائج مختلطة؛ فى حين أنهم دمروا الكثير من الهيكل القيادى للبلد أو المنظمة المستهدفة، فإن الفوضى التى تلت ذلك وفراغ السلطة عادة ما يملؤها شخص لا يكترث للحوار الهادف ويزيد من المعاناة لشعب البلد المتضرر، مما تسبب فى عقود من عدم الاستقرار.

يبدو أن هذه أصبحت استراتيجية مفضلة فى البنتاجون، لذا فهم الآن يقترحون الشيء نفسه ضد روسيا. منذ شهور، دعا بعض المسئولين الأمريكيين إلى توجيه ضربات قطع الرأس ضد روسيا، مثل رئيس وكالة المخابرات المركزية السابق «ديفيد بتريوس»، مستشار الأمن القومى الأمريكى السابق «جون بولتون» والسيناتور الأمريكى «ليندسى جراهام». التعليقات التى أدلى بها هؤلاء المسئولون الأمريكيون جذبت انتباه روسيا، بما فى ذلك وزير خارجيتها «سيرجى لافروف». وفى ذلك الوقت، صرح الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين» أن موسكو «ستستخدم كل الوسائل اللازمة للدفاع عن روسيا وشعبها». وعلى الفور، عمدت آلة الدعاية الغربية السائدة على إخراج  كلمات الرئيس الروسى عن سياقها وروّجت إلى أن تصريحات بوتين هى «علامة واضحة» على استخدام موسكو المخطط للأسلحة النووية الحرارية. ومع ذلك، صرحت روسيا مرارًا وتكرارًا بأنها لا تخطط لنشر أى من أسلحة الدمار الشامل من ترسانتها الضخمة.                                                                                                      

                                                                                                                                                                                                             تصاعد الدخان من مركز تسوق بموسكو

وكما شنت وكالات الاستخبارات الأمريكية حملة حرب المعلومات المعادية لروسيا، ما صاحبها من تسليح سياسى للتصورات الخاطئة التى غُرست فى أذهان النخبة الأوروبية. حيث استفادت الوكالات من شبكات نفوذها الراسخة فى جميع أنحاء القارة لإجبار الاتحاد الأوروبى على التنازل من جانب واحد عن مصالحه الوطنية وخاصة الاقتصادية فى مواجهة روسيا. وسعيًا لتحقيق ذلك، فقد استغلوا أيضًا المفاهيم الغامضة لما يسمى بـ «القيم الغربية» من أجل تقديم عملية روسيا الخاصة بشكل خاطئ ليس كحملة عسكرية للدفاع عن خطوطها الحمراء المتعلقة بأمنها القومى، ولكن من المفترض أنها تمثل تهديدًا وجوديًا للغرب.

ومن هنا تم التلاعب بالاتحاد الأوروبى بسهولة للتنازل عن سيادته للولايات المتحدة، ومع منح واشنطن السيطرة على سياساته العسكرية جعلها تطالب الأوروبيين بتقديم تضحيات إلى أجل غير مسمى للمجهود الحربى، الأمر الذى أدى فى الواقع إلى إخضاع اقتصاداتهم لاقتصاد الولايات المتحدة أيضًا. تم تسريع اتجاه المركزية الموجود مسبقًا فى أوروبا بشكل غير مسبوق فى مواجهة «التهديد الروسى» المقدم بشكل خاطئ، لكن الولايات المتحدة بأجهزة استخباراتها، أثارت «منافسة ودية» بين أتباعها كجزء من «جهودهم الحربية المشتركة» لضمان بقائهم منقسمين وألا يتحدوا أبدًا ضدها. وقد أدى ذلك إلى تشجيع التنافس بين ألمانيا وبولندا على قيادة أوروبا الوسطى والشرقية، التى من المتوقع أن يتم الحفاظ عليها إلى أجل غير مسمى  لهدف «فرق تسد» من قبل «الشريك الأصغر» المملكة المتحدة.                                                                        انفجار خط أنابيب غاز فى تشوفاشيا

هذه التحركات، حتمية لحكومة الولايات المتحدة وشركائها بما فى ذلك عمالقة وسائل الإعلام الاجتماعية فى «وادى سيليكون»، الذين يضخمون رواية الدولة عن الحرب الأبدية، ويعملون على تدمير روسيا والصين، المنافسين الرئيسيين اللذين يعملان على إنشاء عالم متعدد الأقطاب.

أقرأ أيضأ : سفارة روسيا بواشنطن تعلق على إعلان «CIA» التعاون مع معارضين روس