جمعيات السينما.. دور كبير وأزمات فى التمويل

جمعية نقاد السينما المصريين
جمعية نقاد السينما المصريين

محمد كمال

منذ أيام قليلة، احتفلت “جمعية نقاد السينما المصريين” بمرور 50 عاما على إنشائها، في احتفالية أقيمت بدار الأوبرا المصرية، تم خلالها تكريم العديد من رموز السينما المصرية.. احتفال جاء بسيط وسريع يحمل قدر كبير من الثراء رغم بساطته، وهو في حقيقة الأمر يمثل الحالة العامة لمعظم جمعيات السينما في مصر، التى رغم اختلاف أنشطتها إلا أن جميعها يعانى من أزمات مالية فى تمويل تلك الأنشطة، لهذا جاء احتفال “جمعية نقاد السينما المصريين” مزيج بين الثراء والبساطة، ورغم التضاد بين الكلمتين، لكنهما يمثلا واقع حقيقي لهذه الجمعيات، وفي السطور التالية نحاول الاقتراب من المسئولين عن أكبر الجمعيات السينمائية في مصر، وتحدثنا معهم أولا في أنشطة الجمعية وخططهم المستقبلية بعد توفيق الأوضاع والأزمات الخاصة بالتمويل.

في البداية يقول مدير التصوير محمود عبد السميع، رئيس “جمعية الفيلم”، أن جميع الجمعيات والمؤسسات التي ترتبط بتقديم نشاط سينمائي تعاني من أزمات كبيرة في التمويل، وهو أمر لا يخفى على أحد، لكني شخص لا أستسلم بسهولة، وأحب السينما التي أفنيت فيها حياتي، وكانت مصدر سعادتي، لهذا أحاول بأقل الإمكانيات حتى تستمر “جمعية الفيلم”، سواء في عروضها وندواتها، أو حتى في تقديم مهرجان “جمعية الفيلم”، لأنها “جمعية” تحمل الريادة في مجال الجمعيات السينمائية الأهلية، وهي أقدم “جمعية” موجودة في مصر، كما أن مهرجان “جمعية الفيلم” السنوي مختلف عن بقية المهرجانات، من خلال اختيارات الأفلام التي تشارك خلاله، لأنه يعتمد على طريقة دقيقة في الاختيار.

أضاف عبد السميع: “نحن جمعية سينمائية متخصصة أسست عام 1973، وقدمنا أول مهرجان سينمائي عام 1975، لكن نحن أمام تحد أكبر ورسالة أهم خاصة بدعم صناعة السينما المصرية والحفاظ على أقدم مهرجان موجود في أقدم جمعية سينمائية متخصصة”.

ويقول الناقد الأمير أباظة، رئيس مجلس إدارة “جمعية نقاد وكتاب السينما” ورئيس مهرجان “الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط”: “تعتبر جمعية كتاب ونقاد السينما من أقدم الجمعيات في مصر وكانت تدير 5 مهرجانات سينمائية في البداية مع مهرجان (القاهرة السينمائي) الذي أنطلق عام 1976، ثم (أسوان للسينما الإفريقية) عام 1977، وكان للجمعية السبق في تقديم مهرجان للقارة السمراء في هذا التوقيت، وكان تفكير سابق لعصره من الراحل كمال الملاخ، ولأن أسوان تعد المكان الطبيعي لمهرجان يضم أفلام القارة الإفريقية، ثم بعد ذلك مهرجان (مجاويش) عام 1978، وفي عام 1979 قدما مهرجانين، الأول (الإسكندرية لدول البحر المتوسط)، والثاني (الإسماعيلية للسينما الروائية)، مع الأسف لم يقدر لـ3 منهم الإستمرار بسبب قلة الدعم المادي، حتى المهرجانات السينمائية التي تحصل حاليا على دعم من وزارة المالية، فهي أيضا تعاني”.

وأضاف أباظة: “لا أنكر أننا في (جمعية كتاب ونقاد السينما)، كنا نعطي دائما أولوية لتنفيذ وتقديم مهرجان (الإسكندرية)، ولا أخفي سرا أننا نفخر بعدم توقف المهرجان في آخر 10 سنوات حتى في أصعب الظروف خلال عامي 2011 و2013، وحتى عام 2020 حينما ضربت (كورونا) مصر، أستطعنا إنجاز الدورة دون وقوع إصابات، بل كنا نحاول أيضا أن نتوسع في الأنشطة خارج إطار المهرجان،وعن الخطة المستقبلية للجمعية قال أباظة: “خلال (الإسكندرية السينمائي) قدمنا مسابقة لشباب ومبدعي الإسكندرية، ومن هنا نقوم الآن بالإعداد لمسابقة ستكون داخل المهرجان، لكنها أيضا ستستمر طوال العام، وهي خاصة بمشاريع طلاب جامعات الإسكندرية، ولدينا مشروع كبير نسعى لتنفيذه خلال المرحلة المقبلة، لكنه يحتاج لمساندة ودعم وزارة الشباب والرياضة، وهو مشروع ورش للشباب في كل أنحاء الجمهورية، لأن تنمية المجتمع ومواجهة الأفكار الرجعية يكون بالثقافة، ومن ضمنها السينما، لأن الشباب إذا وجدوا الفرصة ستخرج إبداعات كثيرة منهم”.

وعن مواجهة أزمات التمويل التي تواجه الجمعيات السينمائية قال: “نحاول بشتى الطرق، ونطرق جميع الأبواب سواء مع شركات كبيرة أو متوسطة أو مع رجال الأعمال، في الحقيقة هناك خطوات تكلل بالنجاح وأخرى تفشل لكننا مستمرون لأن الأوضاع المادية حاليا أصبحت صعبة وهي العامل الأساسي لنشر الثقافات السينمائية وحتى إقامة مهرجانات السينما”.

أما الناقد أحمد شوقي، رئيس مجلس إدارة “جمعية نقاد السينما المصريين”، الذي أنتخب على رأس المجلس الجديد في الإنتخابات التي أجريت في نوفمبر الماضي، قال: “في البداية يجب أن أوضح أن الفترة الماضية كانت في منتهى الصعوبة على كل المؤسسات والجمعيات الأهلية بشكل عام، وجمعيات السينما بشكل خاص، و(جمعية كتاب السينما المصريين) بشكل مباشر، فقد كانت كل تلك الجهات تعاني من حالة فراغ، وحدثت الإنفراجة بعد إصدار تعديلات قانون تنظيم العمل الأهلي، لهذا بعد التعديل الأخير في القانون وإقامة انتخابات جديدة ووجود مجلس إدارة، بدأنا إستعادة النشاط، وفي الحقيقة قد بدأت تلك المرحلة منذ أشهر قليلة وفق الأوضاع الجديدة”.
وعن الخطوات المقبلة للجمعية قال شوقي: “نحن الآن نسير في أكثر من محور، بدأنا منذ شهر في تقديم نشرة تفصيلية دورية عن أنشطة (الجمعية) بالإضافة إلى المشاركة في العدد التذكاري الخاص باحتفالية (الجمعية) بمرور 50 عاما على الإنشاء، المحور الثاني المتعلق بالأنشطة الأسبوعية، من خلال العروض السينمائية والندوات واللقاءات الـ(أون لاين)، وقد قمنا بإقامة ندوة شديدة الثراء مع المخرج يسري نصرالله، وفي الأيام المقبلة سنقوم بعمل ندوات أخرى، المحور الثالث  خاص بتطور علاقات (الجمعية) بالمؤسسات الدولية على غرار (الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين – الفيبرسي)، و(الفيدرالية الإفريقية للسينمائيين).

وعن الأزمة الخاصة بشرط حصول الأفلام التي ستعرض في “الجمعية” على موافقة رقابية، قال: “الأمور الآن في طريقها للحل، ويبدو أنه لم تكن هناك أزمة من الأساس، والجمعيات ستبدأ في إقامة عروض سينمائية في مقراتها وفق مراعة القواعد العامة، ونحن في جمعيتنا سنبدأ العروض في يناير الحالي”.

وعن مشاكل التمويل قال شوقي: “قمنا في مجلس الإدارة بتشكيل لجنة مهمتها الأساسية تنمية الموارد للبحث عن سبل ومصادر للدخل، لأننا جمعية محدودة الدخل، حيث أن مصادر تمويلنا تأتي من اشتراكات وتبرعات الأعضاء وبعض الورش التي نقيمها من الحين للآخر، وكلها أمور من الصعب الإرتكاز عليها في ظل الوضع الراهن”.

ويقول الناقد رامي المتولي، سكرتير “جميعة نقاد السينما المصرية”: “بشكل عام كل الجمعيات السينمائية يبذلوا جهودا كبيرة في أنشطة عديدة في ظل المعاناة الدائمة والمستمرة من قلة ونقص الموارد، وهي أزمة عامة، لكن هناك نوعين من الجمعيات السينمائية، الأولى أنشطتها مستمرة طوال العام على غرار (جمعية الفيلم) التي تعد أقدم جمعية سينمائية في مصر، فالعروض السينمائية بها لا تنقطع.

ويضيف المتولي: “النوع الثاني، هي الجمعيات ذات النشاط المحدود، أو التي تضع تركيزها في شيء واحد على حساب الآخر، على غرار (جمعية كتاب ونقاد والسينما)، التي تقدم مهرجان (الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط).

وعن كيفية التغلب على تلك الأزمة، قال المتولي: “وجود دعم حكومي، وليس شرطا أن يكون ماديا، لكن على الأقل لوجستي ضمن منظومة كاملة من الجهات المسئولة، ومن خلال تحديث قاعات ومعدات العروض، فحتى الآن معظم الجمعيات تعتمد في فعاليتها على (مركز الثقافة السينمائية) التابع لوزارة الثقافة، الذي هو في نفس الوقت مقر (جمعية نقاد السينما المصريين)، وفي حقيقة الأمر أن المركز إمكانياته أصبحت ضعيفة جدا، وغير متماشية مع تطورات العصر، حتى على مستوى جهاز العروض والمقاعد الموجودة في قاعة السينما”.

أقرأ أيضأ : جمعية نقاد السينما المصريين تحتفل بالذكرى الخمسين لتأسيسها وتكرم رموزها