قوانين منتظرة في 2023.. أبرزها: الأسرة.. وعمـالة الأطفال.. والمسؤولية الطبية

مجلس النواب
مجلس النواب

محمد طلعت

ونحن نستقبل عامًا جديدًا، بعدما غادرنا عام 2022 شهدنا فيه الكثير من الأحداث والقضايا التي تابعناها وقمنا بتغطيتها من أجل القارئ، يحضرنا سؤال مهم، ما هو أبرز قانون نحتاج إليه وننتظر أن يتم إصداره في 2023؟
سؤال قد يراه البعض عاديًا بل وقد يراه البعض سطحيًا مع مايحدث من أزمة اقتصادية عالمية  لكنه في حقيقة الأمر يمكن أن يوصف؛ بأنه السؤال الأهم والأخطر لانه يمكن أن يؤثر على حياة كل فرد في المجتمع والاكثر صعوبة في الإجابة عليه لتأثيره المباشر على كل شخص في مجتمعنا، كيف ذلك؟، تابعوا السطور التالية لتعرفوا أن هذه القوانين المنتظر صدورها خلال الأيام أو الشهور القليلة القادمة لهي من الأهمية في حياة كل فرد منا.

القانون الأول الذي يحتاج إلى إقراره بصورة سريعة وهذا ما يتم حاليا؛ هو قانون الأحوال الشخصية، حيث يتم إعداده من قبل خبراء وقضاة ومستشارين من وزارة العدل؛ وذلك لأنه يؤثر بسبب أهميته على كل فرد في المجتمع، فهو يحافظ على حقوق وواجبات الأسر المصرية في كل تعاملاتهم الحياتية، سواء في الزواج أو الطلاق أو غيرها من الأمور التي يتناولها القانون المزمع إصداره، لتلافي أخطاء القوانين السابقة للأسرة والتي ادت في النهاية لوجود مئات الآلاف من القضايا في محاكم الأسرة ما بين طلاق ونفقة وحضانة وضم اطفال وغيرها من القضايا التي امتلأت بها أضابير المحاكم.

قانون الأحوال الشخصية يحظى باهتمام رئاسي؛ فقد تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية أكثر من مرة عن القانون ووجه بضرورة سرعة إصداره، مكلفًا وزير العدل المستشار عمر مروان بإعداد قانون متوازن يحافظ على كيان الأسرة المصرية.

وبالفعل تم تشكيل لجنة لإعداد مشروع القانون برئاسة المستشار عبد الرحمن محمد، وعقدت اللجنة أكثر من ٢٠ اجتماعًا وتمكنوا خلال وقت قصير أن ينتهوا من اعداد ١٨٨ مادة في القانون الذي سيكون شاملا لكل شيء في مسألة الأحوال الشخصية، والأهم هو أنه سيكون متوازنًا بين كافة الأطراف والهدف منه هو أن يحافظ على كيان الأسرة المصرية لأنها عمود المجتمع ولا نريد أن نكرر أخطاءً حدثت في قوانين أخرى سابقة خاصة بالأحوال الشخصية أو لنقل أنها لم تعد صالحة في وقتنا هذا، فهناك أكثر من ٦ قوانين حالية يتم الاحتكام إليها في مسائل الأحوال الشخصية، لم تعد صالحة مع تطور المجتمع والمستجدات الحياتية التي طرأت وتهدد كيان الأسرة المصرية.

لذلك هذا القانون يحظى بأكبر اهتمام من القيادة السياسية، أتذكر هنا الاجتماع الذي عقده الرئيس السيسي في قصر الاتحادية يوم السبت الماضي مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والمستشار عمر مروان وزير العدل، واللواء جمال عوض رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، والمستشار عبد الرحمن محمد رئيس لجنة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية والذي اطلع خلاله الرئيس على ملامح مشروع قانون الاحوال الشخصية الجديد، وجه خلاله الرئيس بإنشاء صندوق لرعاية الأسرة ووثيقة تأمين لدعمها ماديًا في مواجهة النفقات والتحديات ذات الصلة بمسائل الأحوال الشخصية، مع توفير المصادر التمويلية للصندوق ودعمه من قبل الدولة، حفاظًا على الترابط الأسري، ومستقبل الأطفال.

الرئيس وجه ايضًا بأن تكون صياغة القانون الجديد مبسطة ومفصلة على نحو يسهل على جميع فئات الشعب فهمه واستيعاب نصوصه، خاصةً من غير المشتغلين بالمسائل القانونية.
مشروع القانون الذي يجري حاليا استكمال مسودته الأولى من خلال الاعتماد على الاحصائيات الرسمية للدولة ودراسة القضايا والمشاكل المتكررة في قضايا الأسرة التي شهدتها خلال السنوات الماضية، حتى يتم وضع حلول لها في مشروع القانون مثل مشكلات الرؤية ومسكن الحضانة والاستضافة وأحكام الخطبة نفسها والتي سيتضمنها القانون الجديد، كما تقوم اللجنة المشرفة على إعداد مشروع القانون من خلال الارتكاز على العلوم الاجتماعية والطبية والنفسية في كل المسائل ذات الصلة.

الولاية على المال

اللجنة المكلفة بإعداد قانون الأحوال الشخصية تعكف حاليا على وضع مواد خاصة بالإجراءات والمسائل الخاصة بالولاية على المال بين أفراد الأسرة من أجل الحفاظ على الذمة المالية لكل زوج ونصيب كلٍ منهم في الثروة المشتركة التي تكونت أثناء الزواج.

وهو أمر مهم جدا، فكثير من قضايا الأسرة التي تحدثنا عنها خلال السنوات الماضية في الجريدة من خلال موضوعات أبطالها يعانون سواء كان زوجًا أو زوجة، كانت تكشف عن جوانب صعبة جدا تحدث في محاكم الأسرة فكم من سيدة رماها زوجها في الشارع هى وأطفالها وسمعنا صراخهم واستغاثاتهم من خلال صفحات الجريدة وهم يبحثون عن حقوقهم الضائعة دون نتيجة لأن حبال التقاضي وخاصة في مسائل الأسرة طويلة وشاقة وقد لا تجد السيدة والأطفال شيئا من الحياة التي كانوا يعيشونها أثناء الحياة الزوجية، وهذا الأمر فيه إجحاف لحق المرأة التي ساعدت زوجها في تكوين الثروة أن تحرم منها.

لذلك في القانون الجديد سيتم إقرار ذلك الأمر الخاص بالثروة المشتركة التي تكونت أثناء الزواج، وهذا أمر لو تعلمون عظيم، وهو إعادة لفتوى «الكد والسعاية»حيث يجب تعويض المُشترِك في تنمية الثَّروة العائلية، كالزَّوجة التي تخلِط مالَها بمال الزوج، والأبناء الذين يعملون مع الأب في تجارة ونحوها، فيُؤخَذ من التَّركة قبل قسمتها ما يُعادِل حقَّهم، إن عُلِمَ مقداره، أو يُتَصَالَح عليه بحسب ما يراه أهل الخِبرة والحِكمة إن لم يُعلَم مقداره.
ولمن يتشكك فقد سبق أن حكم الخليفة عمر بن الخطاب بحق زوجةٍ في مالِ زوجها الذي نمَّياه معًا قبل تقسيم تركته.

رؤية واستضافة

على الجانب الآخر هناك مسألة الرؤية والاستضافة التي يطالب بها الآباء من المؤكد وفقا لمصادر من داخل وزارة العدل؛ أن القانون سيكون متوازنًا في تلك النقطة وسيتم وضع ضوابط صارمة حتى لا يتكرر ما كان يحدث في مسألة الرؤية من خلال ثغرات في القوانين الحالية للأسرة والتي قد تسبب جرائم وحوادث مثلما تابعنا قصة الاب الذي أخذ ابنه بالقوة أثناء استقلال الطفل باص المدرسة واختفى ولم تعرف الام مكانه حتى الآن رغم أن الطفل في حضانتها.

هذه أمور مهمة جدا يتم دراستها في اللجنة بالطرق العلمية ومن خلال خبراء قانون وعلوم اجتماعية وقاية حفاظًا على الأسرة من خراب البيوت،فكم من جريمة قتل وسفك دماء شاهدناها، مثل شخص قتل زوجته في الشارع بالشرقية لخلافات زوجية وآخر قتل زوجته ثم نزل ليصلي في المسجد لكي يكفر عن خطاياه، أو سيدة قتلت زوجها لأنه رفض أن يطلقها أو يعطيها حقوقها، هذه نماذج لجرائم شنيعة جرت،وحتمًابإقرار القانون سوفيكون هناك حل قانوني لكل مشكلات الأسرة.

محكمة واحدة

لذلك من أهم النقاط التي يتم صياغة موادها هذه الأيام في قانون الأحوال الشخصية مسألة الزواج والطلاق حيث يتم إعادة صياغة وثيقتي الزواج والطلاق بصورة تضمن اشتمالهما على كل البنود التي يتفق عليها الطرفان في عقد الزواج وإذا وقع طلاق تكون كل الحلول والإجراءات وحقوق الطرفين والواجبات الخاصة بكل طرف مكتوبة في عقد الزواج من قبل لسهولة الأمر عليهم ولكي يعرف كل طرف ما عليه، بالإضافة لذلك سيتم الإقرار في القانون على وضع نظام جديد يجمع منازعات كل أسرة أمام محكمة واحدة لسهولة التقاضي وهو الأمر الذي ينتظره الجميع لانه سيحقق العدالة الناجزة في مسألة قضايا الأسرة التي يعلم الجميع أنها طويلة جدا.

لذلك سيتم وضع مادة في مشروع القانون تعطي للقاضي في قضايا الأحوال الشخصية صلاحيات جديدة للتعامل مع الحالات العاجلة من أجل دعم الأسرة وهو أمر مهم جدا ويعطي للقاضي مرونة في التعامل مع بعض القضايا التي تحتاج لتحرك عاجل اولا واخيرا من أجل حماية الأطفال وحماية الأسرة ككل، واذا أخرجنا مضابط الجلسات سنجد أن بها مناشدات كبيرة من قضاة ومستشارين قضايا الأسرة في تلك النقطة تحديدا وهى المرونة في التعامل مع الحالات العاجلة وعدم التقيد بنصوص معينة، فلكل قضية ظروفها التي قد تتطلب من القاضي التعامل بمرونة فيها.

أما أخطر النقاط واهمها تلك المرتبطة بالطلاق حيث سيتم استحداث إجراءات للحد من الطلاق بالإضافة لتوثيق الطلاق كما هو الحال في مسألة الزواج حيث سيتم الإشارة إلى أن الزوجة ليس عليها أي التزامات إلا من تاريخ علمها بالطلاق والذي سيكون موثقا، تلك النقطة تحديدًا وبحسب تصريحات المستشار عمر مروان وزير العدل وافق عليها المؤسسات الدينية الثلاث، الأزهر والإفتاء والأوقاف، المرحلة الأخيرة أن يتم إرسال مشروع القانون بعد صياغته داخل اللجنة التي شكلتها وزارة العدل الى البرلمان، حيث من المتوقع أن يتم مناقشته وإقراره في 2023.

حظر زواج الاطفال

في العدد الماضي تحدثنا عن انتحار فتاة بسبب تزويجها وهى قاصر لم تصل للسن القانوني للزواج الذي نتج عنه طفل صغير لم يحتمل الحياة ففارقها، والام الطفلة لم تحتمل البيع والشراء في جسدها كأنها سلعة تباع لمن يدفع أكثر فانتحرت مُطلقة، هي صرخة لآلاف الفتيات في مثل عمرها بل ويعانين من مأساة زواج الاطفال الذي يتم بموافقة أسرهن بعيدا عن الاجراءات القانونية السليمة.
فما يتم لهؤلاء الأطفال جريمة مكتملة الأركان ولابد من أن يكون هناك قانون صارم وحازم لكي يحمي براءتهن ولا يجعل اطفالنا يعانين ويقاسين مثلما حدث لأماني، فمن يشارك في تلك الجريمة يجب معاقبته سواء كان الاب أو الزوج أو المأذون الذي يشترك في تلك الجريمة.

لذلك من القوانين المهمة والتي نطمح في أن ترى النور خلال عام 2023 هو قانون حظر زواج الاطفال، فبرغم موافقة الحكومة على  مشروع قانون بتلك المعايير المغلظة التي تعاقب الاب والزوج والمأذون قبل عدة شهور وإرساله لمجلس النواب واحالته للجنة مشتركة من الشئون الدستورية والتشريعية، لجنتى التضامن الاجتماعي والأسرة والأشخاص ذوي الإعاقة، وحقوق الإنسان إلا أن ذلك القانون يحتاج إلى سرعة اكبر في إنجازه بسبب المآسي التي تعيشها الفتيات الصغار من خلال اجبارهن على الزواج، وهى جريمة في حقهن بالإضافة للتأثير السلبي على مستقبل الأسر التي تتكون بمثل هذه الطريقة، فالزوجة هى في حقيقة الأمر طفلة لم يكتمل نموها العقلي والجسدي حتى تكون مسؤولة عن بيت وكيان أسري لذلك يسهم القانون الجديد عند إقراره في الحد من هذه الظاهرة السلبية.

فمشروع القانون الجديد تم إضافة مادة بحبس المأذون مدة لا تقل عن 6 أشهر، وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تزيد على خمسين ألف جنيه، والعزل من وظيفته إذا لم يخطر بمسألة الزواج العرفي التي تحدث في المنطقة المسؤول عنها، بالإضافة إلى منع توثيق عقد الزواج لمن لم يبلغ ١٨ عاما ومنع التصادق عليه.

أما النقطة الأهم والتي ستمنع بصورة كبيرة هذه الجريمة؛ هو سن مشروع القانون على الحبس مدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه، ولا تزيد على 200 ألف جنيه، كل من تزوج أو زوَّج ذكرًا أو أنثى، لم يبلغ أى منهما 18 سنة، وقت الزواج وبالتالي هذه المادة تحبس الزوج والاب المسؤول عن الولاية، بالإضافة لعقوبة من حرض على الزواج بنفس عقوبة الاب والزوج وهو الحبس سنة، والأهم هو أن الدعوى الجنائية في ذلك القانون لا تنقضي بمضي المدة اي أن من سيفعل ذلك ويظن انه يمكن أن يهرب من العقوبة مع تقادم الزمن فهذا الأمر وفقا للقانون لن يحدث.
لذلك نحتاج إلى أن يخرج ذلك القانون للنور بصورة سريعة لان العديد من الفتيات يقعن في تلك الكارثة الحياتية دون أن ينجدهن أحد لذلك إذا تم إقرار ذلك القانون وتطبيقه بصورة صارمة سنمنع زواج الفتيات وسنحمي الطفولة والأسر المصرية من تشوهات اجتماعية لا تزال تقع.

المسؤولية الطبية

من أهم القوانين التي تحدثنا عليها كثيرا على صفحات جريدتنا أخبار الحوادث؛ هو قانون المسؤولية الطبية الموجود في مجلس النواب ويتم مناقشة بنوده منذ سنوات طويلة دون أن يخرج للنور حتى الآن بسبب حدة المناقشات بين نقابة الأطباء من جهة وبين أعضاء مجلس النواب من جهة أخرى.

 فكل طرف يرى أن البنود التي يريدها ستكون هى الافضل والاكثر شمولا وستحافظ على حقوق الطبيب والمريض وتضع كافة المسائل داخل نصوصها القانونية، فالاطباء يعترضون على مسألة الحبس الموجودة في القانون ويرون أنه طالما أن المنشأة التي تقدم الخدمة الطبية سليمة وليست مخالفة للمعايير الصحية فيكون التعويض للحالة التي سيحدث لها الخطأ وليس حبس الطبيب، لكن إذا كان الطبيب أو المنشأة بدون ترخيص قانوني يتم حبس مقدم الخدمة، على عكس أعضاء مجلس النواب الذين يرون أنه لكي يتم الحفاظ على حقوق المرضى يجب أن يعلم الطبيب أنه إذا أخطأ سيتم محاسبته.
ذلك القانون شائك بصورة كبيرة وبه نقاط خلافية كبيرة بين كافة الأطراف، لكن نتمنى أن يحدث توافق بين الأطراف المختلفة رغم صعوبة الأمر حتى يتم الوصول لقانون سليم يحفظ حقوق المريض ومقدم الخدمة الطبية دون أن يتم الجور على أي طرف من الطرفين، وان يتم ذلك في 2023 حتى تنتهي المهازل التي نراها من اعتداءات على اطقم طبية من جهة ومن أخطاء يتم ارتكابها في حق المرضى من جهة أخرى.

عمالة الأطفال

من القوانين المهمة التي ستؤثر على كل فرد في المجتمع؛ هو قانون العمل الجديد الذي سيجرى عرضه على الجلسة العامة لمجلس النواب الشهر المقبل بعد انتهاء جلسات الاستماع التي تتم الان في لجنة القوى العاملة بالمجلس، هناك نقطة واحدة في ذلك القانون يجب أن نتوقف عندهاوهى عمالة الأطفال؛ فهناك مأساة في هذا الأمر إلا وهى عمالة الأطفال في سن صغيرة وهو الأمر الذي يدمر طفولة الطفل؛ لذلك يجب أن يتم وضع عقوبات قاسية ضد كل من يقوم بإكراه طفل على العمل حيث أن صفحات الحوادث تحدثت عن الجرائم التي تقع من وراء هذه الأعمال والتي سبق أن تحدثنا فيها كثيرا لذلك تلك المادة وتغليظ العقوبات يجب أن تكون على أولويات أعضاء مجلس النواب خلال مناقشاتهم للقانون والذي يعتبر من أهم القوانين داخل المجلس حاليا وسيؤثر على كل فرد فينا.
 لذلك نتمنى أن يأتي 2023 ويتم إقرار كل تلك القوانين التي نحتاج إلى كل مادة بها.

أقرأ أيضأ : برلمانية: صندوق دعم الأسرة المصرية طوق نجاة للمطلقات والأرامل