تسابيح ملائكية تستبق الاحتفال بعيـد الميـلاد

عيـد الميـلاد
عيـد الميـلاد

حسن حافظ

إذا اقتربت من الكنائس هذه الأيام ستسمع التسابيح تنساب خارجها تحمل الترانيم التى تملأ الكنائس بأجواء روحانية، فمع شهر كيهك من كل عام تحتفل الكنيسة المصرية بالسيدة مريم العذراء كمقدمة للاحتفال بميلاد السيد المسيح، يُعرف الشهر عند المسيحيين بالشهر المريمى الذى يشهد روحانيات مكثفة وتسابيح وترانيم لا تنتهى، ما يجعله أحد أكثر الأشهر روحانية فى التقويم الكنسى، إذ ينخرط أبناء الكنائس فى تجارب روحانية ذات بعد ملائكى، فى طريقهم إلى الاحتفال الأكبر بميلاد السيد المسيح، فيتحول شهر كيهك إلى شهر محبة للسيدة العذراء صاحبة المكانة المقدسة عند جميع المصريين.

الاحتفاء بشهر التسابيح هذا العام يبدو مختلفا، أكثر احتفالية ومشاركة من مختلف المسيحيين خصوصا النساء، إذ يأتى بعد الخروج من أزمة كورونا التى قلصت أعداد الحضور فى الكنائس، إذ فتحت الأخيرة أبوابها منذ 7 ديسمبر الماضى حتى عيد الميلاد المجيد فى 7 يناير الجارى، وتقام سهرات كيهك يومى السبت والاثنين من كل أسبوع، تشمل صلوات القداس الإلهى وتسابيح وتمجيد لا ينقطع للسيدة العذراء مريم، ومن أجل ذلك يُعرف شهر كيهك باسم شهر التسابيح أو التسبيح أو التسبيحة، أو الشهر المريمى لكثرة التسابيح المتعلقة بالسيدة مريم فى هذا الشهر، الذى يعد الشهر الأكثر روحانية فى التقويم الكنسى، الذى يرتبط بذكرى السيدة مريم العذراء، ويعد مقدمة روحانية لاستقبال ذكرى ميلاد السيد المسيح، ولأن صلوات التسبيح فى شهر كيهك ترتبط بالسهر داخل الكنائس، فتكون فرصة ذهبية لإقامة الصلات الاجتماعية بين المصلين فى أجواء حميمية، وهم يشربون المشروبات الساخنة والوجبات التى تمنح المرء الدفء، فى أجواء باتت مقترنة بترانيم هذا الشهر.

البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، عبر بوضوح عن مكانة شهر كيهك بالنسبة للمسيحيين جميعا بقوله خلال تدشين كنيسة السيدة العذراء مريم والملاك رافائيل بالإسكندرية فى بداية الشهر، إن شهر كيهك هو الشهر الرابع فى الشهور القبطية ويتميز بطول فترة الليل وقصر فترة النهار، وله عدة مميزات لأنه الشهر المريمى المخصص للسيدة العذراء مريم كونها "فخر جنسنا"، كما أنه فى نهاية شهر كيهك يتم الاحتفال بميلاد السيد المسيح، طالبا من الجميع استغلال الصوم والأجواء الروحية للشهر من أجل مراجعة النفس حتى ندخل العام الجديد بلا ذنوب.

وشرح بابا الإسكندرية أهمية شهر كيهك، إذ يضم الشهر 4 آحاد، فى كل أحد يتم الحديث عن جزء من الإنجيل يتعلق بالسيدة مريم والسيد المسيح، إذ يخصص الأحد الأول من الشهر للحديث عن بشارة زكريا الكاهن بميلاد يوحنا المعمدان، ثم فى الأحد الثانى يتم الحديث عن العذراء مريم وحياتها المتبتلة، ثم يخصص الأحد الثالث للقاء السيدة مريم بالسيدة أليصابات، التى ترمز فى المفهوم المسيحى لتقابل العهد القديم الذى ترمز له أليصابات، مع العهد الجديد الذى ترمز له السيدة العذراء، ثم يأتى الأحد الأخير بتحقق البشارة وميلاد يوحنا المعمدان، كمقدمة للاحتفال بميلاد المسيح فى 7 يناير.

من جهته، تحدث القمص عبدالمسيح بسيط، كاهن كنيسة العذراء بمسطرد، لـ"آخرساعة"، عن أهمية شهر كيهك، قائلا: "هذا الشهر يقع وسط أيام صوم الميلاد المجيد الذى يستمر 43 يوما، وينتهى بعيد الميلاد المجيد يوم 29 كيهك الموافق 7 يناير من كل عام، وتعتمد الكنيسة فى احتفالها بهذا الشهر على مبدأ التدرج النفسى التصاعدى وصولا إلى لحظة الاحتفال بميلاد السيد المسيح، من خلال تكثيف الاحتفاء بالتسابيح، إذ يتم إلقاء بعض أشكال التسابيح عشية آحاد شهر كيهك، ثم الأربعة هوسات (تسابيح وتلاوة مزامير) والسبع الثاوطوكيات (مداح العذراء)، وإبصالياتها (التراتيل) ومدائحها وباقى ما يلزم، لذا يعرف الشهر أيضا باسم شهر (4: 7)، وذلك ارتباطا بطريقة الترتيل والتسبيح، التى تضم 4 هوسات و7 ثاوطوكيات".

وهناك اختلاف مهم بين الكنائس الكبرى فى الاحتفال بالسيدة مريم، فإذا كانت محل تبجيل وتقديس عند مختلف الكنائس، إلا أن الكنيسة الكاثوليكية تخصص شهر مايو من كل عام للاحتفال بالسيدة مريم، وتطلق على هذا الشهر مسمى "الشهر المريمى"، إذ تكرس أيام هذا الشهر لترديد الترانيم للسيدة مريم حيث تلقى صلاة المسبحة الوردية أو صلاة السلام الملائكى كل يوم خلال ذلك الشهر، الذى يهدف إلى فتح أبواب الكنائس لاستضافة المؤمنين من أجل الصلاة والدعاء للسيدة مريم، ولا يعنى هذا أن الكنيسة الكاثوليكية المصرية لا تشارك فى تسابيح كيهك، بل تشارك فيها من منطلق الاستعداد للميلاد المجيد، الذى تحتفل به كما هو معروف فى 25 ديسمبر من كل عام وفقا للتقويم الغربى، بينما تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية المصرية بعيد الميلاد فى 7 يناير من كل عام وفقا للتقويم الشرقى للكنيسة.

اقرأ أيضًا: الاتحاد العام للمصريين في الخارج ببريطانيا يشارك في الاحتفال بعيد الميلاد