بعد 30 عاماً من المتاهة فى المحاكم l أخـيراً.. قضايا الأسرة تجد حلاً

محاكم الأسرة
محاكم الأسرة

اهتمـــــام خــــــاص يولـيـــــــه الرئـيــــس عبدالفتاح السيسى، بمشروع قانون الأحوال الشخصــية الجـــديد، حـــيث يتــابع ســـير إجراءاته، وآخر مستجداته، ومن ثم عرضه على الحوار المجتمعى لكى يخرج الى النور كاملا وملائما للعصر، ومتغلبا على الثغرات التى كان يعانى منها على مدار عقود.

وتنتظر كافة فئات الشعب المصرى صدور قانون الأحوال الشخصية الجديد الذى سيضع نقطة نظام للمشكلات القضائية المتعددة التى تعانى منها أروقة محاكم الأسرة، والذى سينطوى على نهضة قانونية شاملة من منظور متماشى مع متطلبات الحياة المستجدة، للخروج من نفق عمليات التلاعب بثغرات القانون، وتقويض مفهوم العدالة، حيث يكفل لجميع الأطراف مظلة قانونية من خلال نصوصه لإحكام السيطرة على الممارسات العشوائية فى أحكام الخطبة والزواج وقضايا الطلاق، والتى ينجم عنها عدة مشكلات مجتمعية أخرى.

الرئيس السيسى، خلال كلمته فى افتتاح مشروعات قومية جديدة فى أبو رواش، وجه بأن تكون صياغة القانون الجديد مبسطة ومفصلة على نحو يسهل على جميع فئات الشعب فهمه واستيعاب نصوصه خاصة من غير المشتغلين بالمسائل القانونية، وخلال اجتماعه مع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، والمستشار عمر مروان، وزير العدل، واللواء جمال عوض، رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى، والمستشار عبدالرحمن محمد، رئيس لجنة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية، لعرض أعمال لجنة إعداد مشروع القانون الجديد للأحوال الشخصية، وجه بأن يتضمن إنشاء صندوق لرعاية الأسر ووثيقة تأمين لدعمها ماديا فى مواجهة النفقات والتحديات ذات الصلة بمسائل الأحوال الشخصية، مع توفير المصادر التمويلية له، إضافة لدعمه من قبل الدولة وذلك حفاظا على الترابط الأسرى ومستقبل الأبناء.

متكامل ومفصل

وقد تم عرض مشروع القانون الجديد للأحوال الشخصية والذى يهدف إلى صياغة قانون متكامل ومفصل مع إلغاء تعدد القوانين الحالية فى هذا الإطار والتى تبلغ 6 قوانين، حيث عقدت لجنة إعداد القانون 20 اجتماعًا، كما قامت بالصياغة الأولية لـ188 مادة، وجارٍ استكمال المسودة الأولى لمشروع القانون خاصة ما يتعلق بوضع إجراءات ومسائل الولاية على المال، أخذا فى الاعتبار أن هذه المسودة تراعى فى طياتها شواغل الأسرة المصرية من خلال الاعتماد على الإحصائيات الرسمية للدولة وكذا دراسة واقع القضايا والمشاكل المتكررة، والتى مثلت عاملا مشتركا خلال العقود الماضية فضلا عن الارتكاز على العلوم الاجتماعية والطبية والنفسية فى كل المسائل ذات الصلة مثل مشاكل الرؤية ومسكن الحضانة والاستضافة وأحكام الخطبة، كما يتضمن مشروع القانون منح صلاحيات جديدة للقاضى للتعامل مع الحالات العاجلة من أجل دعم الأسرة إلى جانب وضع نظام جديد يجمع منازعات كل أسرة أمام محكمة واحدة، فضلا عن استحداث إجراءات للحد من الطلاق وكذا الحفاظ على الذمة المالية لكل زوج ونصيب كل منهم فى الثروة المشتركة التى تكونت أثناء الزواج بالإضافة إلى إعادة صياغة وثيقتى الزواج والطلاق، بما يضمن اشتمالهما على ما اتفق عليه الطرفان عند حالتى الزواج والطلاق فضلا عن توثيق الطلاق كما هو الحال فى توثيق الزواج وعدم ترتيب أى التزامات على الزوجة إلا من تاريخ علمها به.

المستشار عمر مروان، وزير العدل، أكد أنه تم عرض مشروع القانون على الرئيس السيسى بصفة عامة لكن الملامح التفصيلية سيتم الانتهاء منها على مدار الشهر المقبل، وبمجرد الانتهاء منها سيتم طرحها للحوار المجتمعى، وسندعوا كل فئات المجتمع لمناقشة طبيعة أحكامه وأسانيدها والأساس الذى بنيت عليه سواء علمياً، إحصائياً، فقهياً أو شرعياً، وسنستمع لوجهات نظر الجميع، بحيث من الوارد جدا أن يكون هناك قبول أو تعديلات فى القانون المطروح، ومن ثم سنتخذ الإجراءات الدستورية بالعرض على مجلس الوزراء ثم الإحالة إلى مجلس النواب، وهناك عدة نقاط هامة أخذنا الموافقة عليها مثل توثيق الطلاق من دار الإفتاء والأزهر ووزارة الأوقاف مكتوبا وموقعا، وبالتالى نحن مطمئنون تماما لكل الأحكام بمشروع القانون، كما أن صندوق دعم الأسرة المصرية فى أوقاتها الحرجة والدعم المخصص لها سيأتى من الحكومة التى ستساهم فى تمويله بقدر ما يساهم فيه المتزوجون، وقد استعانت اللجنة القائمة على القانون بعلماء شريعة إسلامية ونفس واجتماع واقتصاد وأساتذة جامعيين وجميعهم وضعوا القول العلمى لكل إجراء جديد فى القانون سواء فى قضايا الاستضافة أو الرؤية أو الحضانة لوضع أحكام موضوعية لتنظيم مسائل الأسرة.

الإحصاءات الرسمية

المستشار عبد الرحمن محمد، رئيس لجنة إعداد مشروع قانون الأحوال الشخصية، أكد أن اللجنة تعمل من خلال إحصاءات الدولة الرسمية فالنسبة الأكبر من حالات الطلاق تقع فى الثلاث سنوات الأولى من الزواج وأكثر الفئات العمرية التى وقع فيها الطلاق من 18 لـ20 عاما بنسبة 32%، وفى 2021 بلغت حالات الطلاق 166 ألفا و835 حالة، وعدد الحالات التى وقع فيها الطلاق فى نفس عام الزواج 21 ألفا 583 حالة، والنسبة المفزعة كانت بين زوجين لديهما طفل عمره شهور، ومن ثم كان التوجيه بالحد من حالات الطلاق فى سنوات الزواج الأولى من خلال اقتراح موجود فى بعض قوانين الدول العربية يقتضى بتوجه الزوجين مسبقا قبل الطلاق إلى قاضى الأمور الوقتية لعرض أسباب الطلاق، والذى يحاول الإصلاح بينهما وإذا وصلنا لـ20% من الصلح سيكون أمرا جيدا جدا، وإذا لم يتم الصلح فيسير الطرفان فى إجراءات الطلاق، وهنا القاضى يتدخل للوقوف على أسباب الطلاق وأن يجد وسيلة للإصلاح بينهما سواء بشخصه أو بحكمين، وسيصدر وزير العدل رؤية بتشكيل أعضاء هذه اللجنة لتنظيم عملها، داعيًا المقبلين على الزواج للاطلاع على قانون الأحوال الشخصية الجديد لمعرفة حقوقهم وواجباتهم كاملة.

حل مشاكل التنفيذ

المحامية هاجر محمد حسنى، المتخصصة فى شئون الأسرة، قالت: «لدينا مشكلات عديدة فى تنفيذ الأحكام وهناك كيدية تحدث بين الزوجين تظلم الأطفال، وفكرة إنشاء صندوق دعم الأسرة حل إيجابى للحرص على الاستقرار المالى للأسرة فى حالة الطلاق أو النزاع خاصة للمرأة المعيلة المتحملة للمشقة الاقتصادية وحماية حق الأطفال فى حالة تعسر الزوج»، وطالبت بضرورة إرساء مبدأ الحضانة للأم حتى فى حالتى الزواج من آخر وفى حالة اختلاف الدين فالأمومة ليست لها علاقة باختلاف الدين، والاهتمام بوضع مهر غير صورى وأساسى وملزم فى عقد الزواج فهو حق للزوجة إلى أن تبرئ الزوج، وأن تكون الولاية التعليمية مشتركة بين الأب والأم، وإلزام الزوج بتوفير مسكن الزوجة التى مر على زواجها 15 سنة لأنها شريكة له فى الثروة.

احتياجات الطفل

وتقول المحامية انتصار السعيد، رئيس مجلس أمناء مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، إن القانون الحالى يصدر فى ظروف اقتصادية واجتماعية مغايرة تماما منذ قرن من الزمن تحديدا وبالتالى أصبحنا فى أمس الحاجة إلى مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد خاصة صندوق دعم الأسرة الذى يمكن أن يضع ضوابط ومعايير ورسوماً مالية مناسبة لكل شريحة عمرية للمقبلين على الزواج، خاصة مراعاة الشباب صغار السن حتى لا يثقل بأعباء مادية كبيرة، ونضمن فى حالات وقوع الطلاق أن يغطى النفقات الاقتصادية لاحتياجات المرأة والطفل.

أما المحامية مها أبو بكر، المتخصصة فى شئون الأسرة، فقالت إن المشكلة كانت فى الإجراءات وهى أهم عوائق العدالة التى كان يعانى منها قانون الأحوال الشخصية والمتمثلة فى أنه يمكن أن يرفع طرفا الخصومة 25 قضية ضد بعضهما إنما دمج كل هذه القضايا فى ملف واحد يحقق مصلحة اقتصادية وطنية وتوفر دورة مستندية، وتحقيقا للعدالة فى إمكانية النظر فى كل التفاصيل، وهذا يشترط وجود هيئة معاونة للقاضى وجهاز شرطة أسرية لديه صلاحيات تنفيذ مصالح الأحوال الشخصية وبشكل أكثر دقة مثل تسليم الصغير، وتحديد دخل الزوج وتهريب الطفل للخارج وغيرها..

الكشف الطبى

الدكتورة هالة صلاح، أستاذ طب الأطفال عميد كلية طب قصر العينى سابقا، ترى أن هناك الكثير من الأمراض الوراثية أو الأمراض التى قد يحملها أحد الزوجين وتنتقل إلى الأبناء، وهناك أمراض مثل أنيميا البحر المتوسط وأمراض الدم لو لم تشخص مبكرا قبل الحمل قد يحدث مضاعفات أثناء الحمل والولادة والطفل فى بداية عمره، فالكشف الطبى موجود فى كل دول العالم لأن سلامة الزوجين من سلامة الأسرة ومن ثم المجتمع.
وقالت إن الكشف الطبى للزوجين كان يتم بصورة سطحية بالكشف بصفة عامة للتأكد من خلوهما من الأمراض المزمنة وقياس نسبة الهيموجلوبين، ولكن الاتجاه الجديد للدولة هو توسيع نطاق التقييم الصحى للمقبلين على الزواج بصورة أدق وشاملة لعدد أكبر من الأمراض المترتبة على الزواج، وتدرس وزارة الصحة آلية تقنينها من خلال «باركود» متصل بالرقم القومى لضمان دقة وسرية المعلومات الخاصة بكل حالة وتفادى التلاعب فى النتائج الحقيقية مثلما كان يحدث سابقًا، فستساهم البنية التكنولوجية فى تسهيل قاعدة البيانات من خلال إدخال بيانات الزوجين ومن حق القاضى أن يطلع عليها من خلال رقم سرى خاص به فقط، ويدرج الوثائق التى تدل على الكشف الطبى، متغلبا بذلك على مشكلتى التقارير الورقية، وثانيا تعدد جهات الفحص، فبمجرد ظهور نتائج الفحوصات المطلوبة ستحول مباشرة على شبكة المعلومات ويسمح بإطلاع الجهات المنوطة على هذة الأوراق فى وقت قليل للغاية قبل موعد الزواج.

أقرأ أيضأ : برلمانية تقترح مساهمة الزوج في صندوق الأسرة بـ10 أضعاف القيمة القديمة| فيديو