العلماء يكشفون الحياة السرية للثدييات الاستوائية

أرشيفية
أرشيفية

تختلف أنماط النشاط اليومي للحيوانات، بما في ذلك عندما تأكل وتنام وتتحرك، بين الأنواع والآليات الكامنة وراء هذه الأنماط ليست مفهومة جيدًا، يعد فهم أنماط نشاط الحيوانات في المجتمع، بما في ذلك متى ولماذا تنشط؟، أمرًا بالغ الأهمية لجهود الحفظ.

الفترة النشطة هي عندما تؤدي الحيوانات دورها البيئي، ولكنها أيضًا الوقت الذي قد تتعرض فيه لمخاطر مثل الصيد أو الصراع مع البشر وأنشطتهم.

لذلك عكف فريق بحثي من النرويج على دراسة «أنماط نشاط الثدييات» في المناطق الاستوائية من العالم، فضلا عن الأسباب والمحفزات التي تحرك سلوكيات معينة لدى هذه الحيوانات.

ويعتمد هذا الفريق على شبكة من الكاميرات المثبتة في شتى أنحاء الغابات والأحراش في قارات آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، وزهاء 2.3 مليون صورة فوتوغرافية، وفقاً لقناة «دي دبليو» الألمانية.

ويقصد بـ«أنماط نشاط الكائنات» المختلفة أساليب وتوقيتات النوم والغذاء والحركة لديها، والتي تختلف من حيوان لآخر.

ويؤكد العلماء أن الآليات التي تفسر هذه السلوكيات ليست مفهومة تماما لدى البشر حتى وقتنا هذا، رغم أهميتها البالغة في جهود المحافظة على الحيوانات والبيئة بشكل عام.

وتوصل فريق بحثي من جامعة «علوم الحياة» في النرويج إلى اكتشافات رائعة تتعلق بأنماط السلوكيات اليومية المتسقة لدى الحيوانات، التي تعيش في المناطق الاستوائية في مختلف أنحاء العالم، بعد فحص الصور الفوتوغرافية التي تم التقاطها في إطار الدراسة.

الحيوانات آكلة اللحوم تتبع فريستها:

بينما تأثرت العواشب بدرجة الحرارة؛ تمتلك الحيوانات آكلة اللحوم، وخاصة المفترسات العليا، أنماط نشاط تتناسب مع فرائسها.

لقد رأينا تداخلًا كبيرًا في نشاط كبار الحيوانات المفترسة مع نشاط الحيوانات العاشبة التي يأكلونها، وبالمثل، تم العثور على أنواع الفرائس الصغيرة في محاولة لتجنب الحيوانات المفترسة العليا.

هذه الأنماط السلوكية لها تأثيرات متتالية في أسفل السلسلة الغذائية، مما يؤثر على الأنواع الأخرى؛ على سبيل المثال، لا نعرف ما إذا كان اختفاء كبار الحيوانات المفترسة في بعض المناطق المحمية يؤثر على سلوك الفريسة، أو ما إذا كان انخفاض وفرة الفريسة يؤثر على نشاط الحيوانات المفترسة والتأثيرات المتتالية المحتملة على النظام البيئي.

 

شبكة واسعة من الكاميرات في جميع أنحاء العالم:

تنبع بيانات الباحثين من ثلاث مناطق جغرافية حيوية استوائية، وهي المناطق المدارية الجديدة، والمناطق الاستوائية، والمنطقة المدارية الهندية الملايو. تتكون الحيوانات التي تم التقاطها بواسطة الكاميرات من 166 نوعًا، بما في ذلك أنواع «ابن عرس مختلفة، والخنازير البرية، والغوريلا، والجاموس الأفريقي، والجاغوار، والنمور». العديد من الأنواع التي يتم صيدها معرضة للخطر، وكثير منها لا نعرف سوى القليل جدًا عنه.

يتم جمع الصور بواسطة «شبكة تقييم ورصد البيئة الاستوائية (TEAM)»، وهي جهد متعدد السنوات، ومتعدد المواقع (17 منطقة محمية)، ومجهود متعدد المناطق.

يتكون فريق TEAM من مجموعة كبيرة من شركاء البحث الذين يجمعون البيانات حول التنوع البيولوجي في الغابات الاستوائية، ومعظمهم من الفقاريات الأرضية. تم إنشاء المبادرة لإنشاء نظام إنذار مبكر للغابات الاستوائية، بهدف فهم أفضل لكيفية استجابة الغابات والحياة البرية للتغيرات على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية.
 

اختلافات سلوكيات الحيوانات اللاحمة عن العاشبة

وتقول الباحثة أندريا فاليو فارغاس، رئيسة فريق الدراسة، "إن العوامل الرئيسية التي تحدد الأنشطة اليومية للثدييات بشكل عام هي حجم الجسم ونوعية الغذاء التي تقتات عليها هذه الحيوانات"، فالحيوانات اللاحمة الضخمة والحيوانات التي تتغذى على اللحوم والعشب معا تنشط على الأرجح خلال ساعات النهار بعكس الفصائل الأصغر حجما ذات نفس الطبيعة الغذائية، في حين أن الحيوانات العاشبة الضخمة تنشط على الأرجح ليلا، بعكس الحيوانات العاشبة الأصغر حجما.

وأضافت فاليو فارغاس، في تصريحات للموقع الإلكتروني «سايتيك ديلي» المتخصص في الأبحاث العلمية: "نفترض أن هناك صلة بين حجم الحيوان، وما يعرف باسم قيود ضبط حرارة الجسم"، بمعنى أن الحيوانات الأكبر حجما تستهلك كميات أكبر من الطاقة للاحتفاظ بدرجة حرارة مثالية في الأجواء الدافئة، ولعل هذا هو السبب وراء نشاط الكائنات العاشبة الضخمة ليلا بغرض الحفاظ على الطاقة.

وكشفت الدراسة، التي نشرت في الدورية العلمية «نيتشر كوميونيكشنز»، أن الثدييات التي تقتات على الحشرات تعتبر الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة عبر قارات العالم، حيث أن الحيوانات الأكبر من هذه الفصيلة تنشط نهارا في الأمريكيتين، وتنشط ليلا في قارتي آسيا وأفريقيا.