كندا شريك مع القاهرة فى الترويج للمفهوم الأشمل لحقوق الإنسان..

السفير الكندي: حياة كريمة تخدم قطاعا كبيرا والوضع الأمني تحسن كثيرا |حوار

لويس دوما خلال حواره مع «الأخبار»
لويس دوما خلال حواره مع «الأخبار»

فى بيته الكائن بحى الزمالك، يقف لويس دوما سفير كندا بالقاهرة مُرحبًا بـ «الأخبار»، لإجراء حوار صحفى معه.. جلسنا فى غرفة كبار الزوار واستحضرنا أفكار الحوار، ولكننى لمست فى لويس دوما ما لم ألمسه فى سفير آخر، حبه وعشقه للحضارة المصرية القديمة.. حب فريد من نوعه، مما استدعى أن يكون الحوار من طراز مختلف، ليفتح السفير الكندى بالقاهرة قلبه لـ «الأخبار» فى حوار دام 60 دقيقة، تحدثنا خلاله عن تطورات العلاقات المصرية الكندية، خاصة بعد الزيارة التى قام بها وزير التنمية الدولية الكندى للقاهرة، والتى استمرت لمدة 6 أيام فى سابقة لم تحدث من قبل، كما تطرق الحوار إلى سبل التعاون فى عدة مجالات وكل مستجدات الأوضاع الحالية بين البلدين.. وإلى نص الحوار.

فى البداية.. حدثنا عن مكتسبات زيارة وزير التعاون والتنمية الدولية الكندى للقاهرة مؤخراً.

كان وزير التعاون والتنمية الدولية الكندى هارجت ساجان فى زيارة لمصر قبل عدة شهور ولمدة 6 أيام، وكانت مليئة باللقاءات، بالرغم من أن معظم زيارات الوزراء للدول لا تتعدى 3 أيام، كما أنها أول زيارة لوزير تعاون وتنمية كندى منذ 25 عاماً؛ وذلك لاهتمامه الكبير بزيارة مصر والمشاريع التى تمولها كندا بها، فهو يعلم جيداً أهمية مصر للشرق الأوسط وأفريقيا.

 

وقد التقى الوزير الكندى خلال الزيارة مع 5 وزراء من مصر، وهم وزراء (الخارجية، والتعاون الدولى، والبيئة، والتضامن الاجتماعى، والزراعة)، كما التقى مع محافظ كفر الشيخ.

ومحافظ البحيرة اللواء هشام آمنة قبل أن يتلقى خبر تعيينه وزيراً للتنمية المحلية «وبذلك كان أول المهنئين له». ومن أهم الموضوعات التى تم تناولها خلال اللقاءات، تحقيق الأمن الغذائى، وعلّق الوزير الكندى على اهتمام الوزراء المصريين وحرصهم على تبادل الآراء فى الملفات المشتركة.


وكيف تقيّم العلاقات بين مصر وكندا حالياً؟

العلاقات الثنائية بين مصر وكندا جيدة جداً منذ 70 عاماً، وبالأخص على مدار الـ 7 أعوام السابقة. ودائماً أقول إن مصر وكندا شركاء فى ثلاثة محاور، أولها الرخاء «لذلك لدينا رغبة أن تقوم الشركات الكندية بالعمل والاستثمار فى مصر وتستثمر الشركات المصرية فى كندا، بمعنى أصح أن يكون هناك تبادل تجارى».

وقد أوضح الوزير الكندى خلال لقائاته بالقاهرة أن كندا استثمرت مليار دولار على مدار 40 عاماً فى التنمية المستدامة. أما المحور الثانى فهو العلاقات بين الشعوب، فهناك الكثير من المصريين يعملون فى كندا، «ونحن نفخر أن كندا بها 150 ألف مصرى كندى».

والمحور الثالث هو الحماية والأمن، ودائماً تحرص كندا على أن تكون مصر بيئتها آمنة للحياة والعمل، فتشارك كندا فى قوات حفظ السلام فى سيناء، وهى أكبر قوات حفظ سلام خارج الأراضى الكندية.


هناك تحسن كبير فى الوضع الأمنى بمصر على مدار السنوات الماضية، كيف ترى ذلك؟

بالفعل، هناك تحسن على مدار آخر 10 سنوات، «فأنا استطيع السير فى شوارع الزمالك ليلاً بدون خوف، ولكن أرى أن الوضع الأمنى ليس فقط فى تأمين البلاد لجذب السياحة، وإنما تأمين البيئة أيضاً حتى تستطيع الشركات الاستثمار بأمان».


وكيف يمكن تطوير التعاون الاقتصادى بين مصر وكندا خلال الفترة المقبلة؟

تهتم الكثير من الشركات الكندية بالاستثمار فى مصر، وبالأخص شركات التعدين، ومن ناحية أخرى هناك طيران مباشر من الطيران الكندى إلى القاهرة 4 رحلات أسبوعياً، وخلال الأعوام الماضية قد ساهمنا فى تأسيس الجامعات الكندية فى مصر، وأرى أنه يجب أن يكون هناك تنوع فى العلاقات التجارية بين مصر وكندا حتى يكون هناك مستقبل واعد بين البلدين.


هل هناك صعوبات تقف عقبة أمام التنمية الاقتصادية بين البلدين؟ أو صعوبات تواجه المستثمر الكندى؟
يجب أن يكون هناك مناخ وعوامل متكاملة جاذبة للاستثمار، وعلى سبيل المثال استقرار الجنيه المصرى مهم جداً، وأى مستثمر سواء كنديا أو من أى جنسية أخرى لا ينظر إلى دولة بعينها، وإنما يقارن بين عدة دول ويبحث عن الأكثر تميزاً من وجهة نظره الخاصة من حيث التسهيلات المقدمة له والمناخ الاستثمارى المستقر.


من وجهة نظرك ما المجالات الجاذبة للمستثمر الكندى؟
التعدين والملابس وصناعة الأنسجة المستدامة والصناعات الغذائية، حيث إن مصر ما زالت تستورد جزءا كبيرا من غذائها ونهتم بدعمها فى تنمية موارد الغذاء والأمن الغذائى، وبذلك نعود إلى أهم محور تحدث عنه الوزير الكندى خلال زيارته للقاهرة.


حدثنا عن أبرز مجالات التعاون الحالية بين مصر وكندا؟
التعليم أحد أهم مجالات التعاون، فهناك تزايد فى المدارس التى تعتمد المنهج الكندى فى التعليم، وهناك برنامج مع وزارة الاتصالات لتدريب 200 طالب ماجستير للدراسة فى جامعة «اتوا» من مصر، وهناك برنامج مماثل فى جامعة كوينز فى مجال الكمبيوتر والذكاء الاصطناعى.

وهى منحة مقدمة من الوزارة ولكن المحتوى التعليمى من الجامعات، وتقوم السفارة بالتواصل بين الوزارة والجامعات الكندية. أما بالنسبة للتعاون الثقافى بين البلدين، فقد عانى الجميع من التوقف الذى حدث بسبب كورونا، «ولكنى أريد العمل على رؤية المزيد من التبادل الثقافى بين البلدين».


ما تعليقك على ما يُثار حول قضايا حقوق الإنسان بمصر؟
نتابع هذا باهتمام، وعند الحاجة للتحدث إلى الجانب المصرى للتشاور حول بعض القضايا نقوم بذلك، ويجب أن يتم تعريف ما هو مفهوم حقوق الإنسان، فعلى سبيل المثال يتم تعريف حقوق الإنسان على أنها حرية الرأى والتعبير بدون أى قيود.

ولكن عندما أتيت إلى مصر وجدت أن مفهوم حقوق الإنسان أوسع وأشمل من ذلك فى دولة تعداد سكانها 105 ملايين نسمة ، فالحصول على مياه نظيفة والتعليم والخدمات الصحية هو حق من حقوق الإنسان فى مصر.

ولذلك كندا شريك مع مصر للدعم والترويج للمفهوم الأشمل لحقوق الإنسان، ولذلك سعداء جداً برؤية الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان لمصر، وأيضاً المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» التى تخدم قطاعاً كبيراً من المصريين.


كيف ترى المدن الجديدة التى تزين مصر الآن؟
عند زيارة بعض الأماكن على سبيل المثال بمدينة الشيخ زايد أتذكر ولاية لوس أنجلوس الأمريكية، فكلها على الطراز الحديث، وأيضاً عند زيارة العلمين أقول: ما هذا الواقع الجديد؟! كما أحب زيارة العاصمة الإدارية الجديدة.

وما لفت انتباهى هو اهتمام الإدارة المصرية بكيفية تأقلم المواطنين مع نقل العاصمة بتوفير شبكة مواصلات حديثة كالقطار السريع والطرق الجديدة وهو ما يوضح شمولية الفكر مع الحفاظ على مدينة القاهرة.

ولذلك نلتزم بالشراكة مع مصر للوصول والنجاح كبلد رائد بالمنطقة. كما أحب أيضاً زيارة بنى سويف والمنيا وقنا، وأحب زيارة المدن البسيطة والجلوس مع المواطنين وسط الهدوء.


ما رأيك فى  اللاعب المصرى محمد صلاح؟
وعند رؤية مشاهير الرياضة فى العالم، نادراً ما نرى شخصية لديها تأثير مثل محمد صلاح. نعلم جيداً ما يقوم به من عمل خيرى لقريته، ولكنه لا يقوم بالدعاية لذلك، فهو شخص مخلص لعمله وثقافته وبلده. وأرى أن عنوان محمد صلاح هو التواضع والاحترام والإنسانية، ويحتاج العالم إلى العديد من محمد صلاح.


و فى النهاية حدثنا عن تجربة إقامتك بمصر.
ما لا يعلمه البعض أن هذه ليست أول مرة أُقيم بها فى مصر، فقد أقمت فى مصر منذ 1993 حتى 1996، وأكثر الاختلافات التى أراها منذ ذلك الوقت هى البنية التحتية والطرق والعمران حول العاصمة. الغرب دائماً ما يعرف الحضارات بالرومان والإغريق.

وما يجب تذكره أن الرومان والإغريق جاءوا إلى مصر للتعلم وهو ما يأتى بالمعنى الحقيقى لكلمة «أم الدنيا». دائماً ما أنظر لمصر ليس على فترة واحدة وإنما عدة فترات مختلفة تضم تاريخا وحضارة عريقة.

أتشرف بعملى كسفير بمصر، وهناك العديد من المميزات ومنها القدرة على التواصل والتشاور مع الاهتمام بالتنمية والحلول سواء مع المسئولين أو المؤسسات والمجتمع المدنى.

اقرأ ايضًا | «عمال مصر» يلتقى وفد القطاع الخاص بكندا