خبراء يتوقعون انتهاء الحرب الأوكرانية في 2023

الحرب الروسية الأوكرانية
الحرب الروسية الأوكرانية

محمد ياسين

دخلت الحرب «الروسية - الأوكرانية» شهرها العاشر، حاملة معها المزيد من التضرر للاقتصاديات الكبرى والنامية على حد سواء ما أدى لارتفاع أسعار كافة السلع، ومع دخول فصل الشتاء تزداد صعوبة حصول الدول الأوروبية على الغاز لاستخدامه فى التدفئة، وسط صعوبات فى توفير الطاقة مع احتجاجات فى الشارع الأوروبى لوقف دعم الجانب الأوكرانى، وزيادة الأزمات الاقتصادية التى يمر بها العالم، وارتفاع سعر الدولار، وغيرها من المشكلات التى سببتها «أم الكوارث» العالمية.

«آخر ساعة» ناقشت عددا من الخبراء العسكريين لمعرفة توقعاتهم تجاه الحلول المطروحة لإنهاء هذه الحرب، وإلى أى جانب سيكون الانتصار حليفًا، فاختلفت الآراء حول نتائج المعركة لكنها تقريبًا اتفقت على استمرار المعركة خلال العام الجارى على أقل تقدير إن لم تتحول إلى حرب استنزاف طويلة الأمد.

اللواء نصر سالم، أستاذ العلوم الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية، أكد أن الحياة فى أوكرانيا أصبحت شبه مستحيلة مع تدمير القوات الروسية للبنية التحتية من محطات المياه والكهرباء وخطوط المواصلات باستمرار، وهذا الضغط سيجبر الرئيس الأوكرانى على طلب الجلوس والتفاوض مع الرئيس الروسى وذلك لامتلاك القوات الروسية لقدرات عالية ومع استدعاء روسيا ٣٠٠ ألف من قوات الاحتياط، وهو قرار صائب للحفاظ على قواته الأساسية مع الضغط الاقتصادى على الدول التى تساعد أوكرانيا، والمتوقع وطبقا لما تفعله روسيا أن يأتى الرئيس زيلينسكى للجلوس على طاولة المفاوضات، من أجل إيجاد الحلول الدبلوماسية.

وتوقع سالم، أن تنتهى العملية العسكرية خلال العام ٢٠٢٣ لأن الدول الأوروبية لن تتحمل الغلاء والظروف الاقتصادية الصعبة فعام ٢٠٢٣ هو عام الحل، خاصة مع ظهور الشبح النووى لأنه يعتبر حزام الأمان العالمي، لأن أى مواجهة روسية أمريكية نووية بينهم لن تبقى على الأرض أحدا، وهذا ما أعلنه الرئيس الأمريكى بايدن، بأنه لا يمكن مواجهة أى جندى من حلف الناتو لأى عسكرى روسي، فالدول الكبرى لا تحبذ الحرب النووية والتى ستكون بداية نهاية للأرض فالضارب والمضروب كلاهما هالك.

بارقة أمل

بينما يقول اللواء سمير فرج، إن الحرب الروسية الأوكرانية دخلت شهرها العاشر، وسط تساؤل الجميع من كل أنحاء العالم، عن موعد انتهائها، بعدما أضرت باقتصادات كل دول العالم، وألقت بظلالها الوخيمة على كل الشعوب، خاصة شعوب العالم الثالث، التى لا تحتمل اقتصاداتها مثل تلك الصدمات، ووضح أن الجميع يتعلق ببارقة أمل ونحن على مشارف عام جديد، بأن تنتهى هذه الحرب، ويعود السلام، وكل التحليلات تتوقع ظهور بوادر حل لهذه الحرب مع نهاية فصل الشتاء الذى سيكون الفيصل بنتائج حرب الغاز التى شنتها روسيا ضد أوكرانيا ودول الاتحاد الأوروبى، لقياس مدى تأثيره على المواطن الأوروبى، وإن كانت ستدفعه للضغط على حكوماته، للتخلى عن دعم أوكرانيا، التى ذاق بسببها الأمرين بتحمل طقس فى الشتاء القارس، فى ظل ارتفاع الأسعار، وزيادة معدلات التضخم والبطالة.

وأضاف فرج أن فوز الجمهوريين بالأغلبية فى الكونجرس الأمريكى، قد يرفع من احتمالات تقليص الدعم العسكرى والمادى الذى يقدمه جو بايدن إلى الرئيس الأوكراني، مما قد يدفعه للقبول بالجلوس على طاولة المفاوضات مع الرئيس بوتين للوصول إلى حل سياسى سلمى رغم التعقيدات والعراقيل التى تسود الموقف حاليا، بعد إعلان الرئيس الروسى بوتين ضم الجمهوريات الأربع لوهانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا، فضلا عن شبه جزيرة القرم التى ضمتها روسيا من قبل، وتصر على اعتراف أوكرانيا بأنها جزء من روسيا الاتحادية ومن الشواهد التى تعتمد عليها التحليلات القائلة باحتمال التوصل لحل سلمى، هو إعلان أوكرانيا قبولها المبدئى بعدم الانضمام إلى حلف شمال الأطلنطى، وإعلانها الالتزام بعدم الحصول على السلاح النووى مستقبلا، ولكن تظل الجمهوريات الأربع وشبه جزيرة القرم، هى العقبة الرئيسية فى مسار التوصل إلى حل سياسي، إلا أن إعلان الرئيس بوتين استعداده للتفاوض فوراً، للوصول إلى حل سلمى، مصحوبا بالانخفاض المتوقع فى تدفقات الدعم الأمريكى إلى أوكرانيا مستقبلا، واحتمالات ضغط الشعوب الأوروبية، قد يدفع الرئيس الأوكرانى إلى قبول الدخول فى مفاوضات سلمية خاصة أن ١٠ ملايين أسرة أوكرانية تعانى حاليا من انقطاع الكهرباء. إن نتائج أحداث الشهرين القادمين سيكون لها دلائل على اتجاهات الوصول إلى حل سلمى قريب لهذه الحرب.

تكسير عظام

أما اللواء محمد على بلال، المحلل الاستراتيجي، فيرى أنها حرب تكسير عظام بين روسيا وأمريكا وحلفائها فمن صالح أمريكا أن تمتد الحرب لاستنزاف الدب الروسى لتكون أمريكا هى القطب الأوحد فى العالم، وروسيا تريد السيطرة على كل دول الاتحاد السوفيتى وخاصة أن أوكرانيا كانت أكبر قاعدة نووية فيه وكانت تخشى أن تنضم إلى حلف الناتو فتهدد الأمن القومى، مضيفًا أن روسيا تريد أن تكون ضمن الأقطاب المسيطرة على العالم، فلن تتراجع على الأقل فى منع أوكرانيا من انضمامها لحلف الناتو، كما أن أكبر متضرر من هذه الحرب هو الاتحاد الأوروبى، الذى يريد إنهاءها بطريقة أو بأخرى لأنها تسببت فى ارتفاع أسعار الطاقة واحتجاجات فى البلدان الأوربية على ارتفاع الأسعار، مع ارتفاع سعر الدولار، ويتوقع بلال بأن الحرب لن تنتهى فى عام ٢02٣ وأنها ستستمر إلى أمد طويل.


3 سيناريوهات

اللواء عادل العمدة، مستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، يقول إننا أمام ثلاثة سيناريوهات، الأول هو استمرار وضع الكر والفر بين الجيشين وهو السيناريو الأسوأ، أما السيناريو الثانى فهو الذى نأمله وهو الوصول لحل سلمى من خلال أعمال التوافق والمفاوضات والمبادرات التى تطرح، والسيناريو الثالث والأخير فهو انتصار دولة على الأخرى.

الشتاء يحكم

ويتوقع اللواء محمد الغباشى، أمين مركز آفــــاق للدراســـــات الاستراتيجــية، استمــرار روسيا فى قصفها الشديد على كافة مناحى الحياة بأوكرانيا، خاصة مع قدوم فصل الشتاء مما سيؤثر بشكل شديد فى كافة مناحى الحياة بأوكرانيا لأنهم يقصفون مراكز القيادة والكهرباء والطرق والحياة العامة، وخاصة بعد تعيين روسيا لقائد جديد لجبهة القتال فى أوكرانيا، كما أن روسيا تمتلك العديد من الأسلحة شديدة التدمير ودقيقة فى التوجيه وهى أحد النقاط القوية المتميزة للجيش الروسى وهو ما يؤثر على سير العمليات.

أضاف، أن أوكرانيا تستخدم المسيرات الأمريكية بشكل كثيف فى قصف القوات الروسية وخلال شهرين أو ثلاثة ستكون هناك حلول بسبب سقوط الثلوج التى تصعب التحركات العسكرية بسبب تغطيتها لمناطق القتال، إلا إذا لم تستجب أوكرانيا للمطالب الروسية مع استمرار الدعم الأمريكى لها، مما يطيل أمد الحرب فترة أخرى خاصة أن هناك كثيرا من التصريحات الأمريكية بتقليل الدعم، وخاصة بعد وقوع صاروخين روسيين فى الأراضى البولندية، وهو ما نفته الولايات المتحدة، وبعد هذه الحادثة أرادت أوكرانيا توسيع أطراف القتال بإدخال بولندا وحزب الناتو فى الحرب.

ويقول الغباشى إن أوكرانيا ليس بيدها قرار استمرار الحرب أو توقفها، فهى ليست إلا قطعة حطب تشعلها أمريكا فى وجه روسيا، فأصحاب القرار هما الجانبان الروسى والأمريكى، وحتى الدول الأوروبية ليس بيدها القرار سوى تقديم الدعم لأوكرانيا، مشيرًا إلى أن أمريكا تسعى لإنهاك روسيا عسكريا واقتصاديا بفرض العقوبات بالرغم من أن روسيا تجاوزت الكثير من هذه العقوبات، ولكن معدل نمو الاقتصاد الروسى تأثر ورغم كل ما حققه الروبل مقابل الدولار فى الارتفاع وخاصة أن بعض دول الاتحاد الأوروبى بدأت تطبق سقف الأسعار للنفط والغاز الروسى وهو ما يؤثر على الاقتصاد الروسى.
أضاف، أن بعض المحللين العسكريين فى الولايات المتحدة يؤيدون جلوس الجانبين على طاولة المفاوضات، وأن الرجوع إلى وضع ما قبل الحرب لن يحدث، وذلك بحصول روسيا على المقاطعات الأربع، وهو الأمر المرضى للرئيس بوتين وللأمن القومى الروسى، ومع حلول شهر يناير قد يكون هناك انفراجة، وتقدم فى الوصول لحل مرضى لجميع الأطراف من خلال الاعتراف الدولى بالانتخابات التى جرت فى المقاطعات التى ضمتها روسيا بالإضافة إلى ماحققته روسيا من تقدم فى الأراضى الأوكرانية وأن يتم الاعتراف به، مع إيجاد صيغة تجعل روسيا ترضى لحماية أمنها القومى.

الأسلحة التقليدية

بينما يقول اللواء الدكتور عاصم شمس الدين عبدالحافظ، إن الجانب الروسى يستخدم الأسلحة القديمة، وأوكرانيا كان يتم تسليحها من الكتلة الشرقية وكانت الحرب دائرة بين طرفين لديهم تسليح روسى، لكن الغرب تدخل، وبدأ فى إمداد الجانب الأوكرانى بالسلاح الأمريكى الانتقائى، مضيفًا أن أوكرانيا تستفيد من المعلومات الآنية التى تحصل عليها من الأقمار الصناعية الأمريكية، وهو ما جعل الحرب بالنسبة لأوكرانيا قليلة التكلفة لأن الضرب مؤثر ويسدد فى المكان الصحيح ضد الأهداف المعادية.

ويتوقع عاصم أن الجانب الروسى سيحاول الاستيلاء على كل ساحل البحر الأسود وبالإضافة إلى ميناء أوديسا الأوكرانى لتضييق الخناق على أوكرانيا، وهذا سيكون مع بداية فصل الربيع بسبب الثلوج التى يصعب التحرك العسكرى خلالها، أما بالنسبة لأوكرانيا فستقوم بعملية عسكرية لعبور لنهر دينبرو الفاصل بين الأراضى الأوكرانية والروسية، وذلك من أجل إثبات وجودهم، وتوقعات النجاح واردة من الطرفين وذلك لاختلاف الاتجاهات ولذلك لا يوجد حسم فى المعركة للطرفين وستكون الحرب طويلة الأمد، وسيتم اللجوء إلى طاولة المفاوضات لتقريب وجهات النظر، وسيحدث تمدد روسى داخل الأراضى التى ضمتها إليها، مع استمرار حرب استنزاف طويلة الأمد.
ويضيف عاصم أن الولايات المتحدة هى المستفيد الأكبر من هذه الأزمة من الناحية العسكرية؛ من خلال استنزاف الأسلحة الروسية وإنهاك الدولة الروسية، ومن ناحية أخرى من خلال تسويق السلاح الأمريكى وبيع الغاز للدول الأوروبية.

أقرأ أيضأ :محلل سياسي: لا يمكن التنبؤ بموعد نهاية الحرب «الروسية - الأوكرانية»