فى الصميم

الملك.. هو الملك!

جلال عارف
جلال عارف

رحل ساحر الكرة بعد ما يقرب من نصف قرن على اعتزاله، ومع ذلك ظل حتى الرحيل هو "الملك" وأظن أنه سيظل كذلك لفترة طويلة، وسيبقى اسم "بيليه" هو الأعظم فى عالم كرة القدم، وسيبقى ما قدمه هو أجمل ما شهدته الملاعب رغم وجود أجيال من المواهب الرائعة التى أمتعتنا.. ومازالت.

للأسف الشديد.. لم يكن النقل التليفزيونى للمباريات كما هو الآن عندما تفجرت موهبة "بيليه" وأصبح اسمه على كل لسان فى عالم يعشق الكرة ومن حُسن حظنا أننا كنا فى زمن لم يبخل علينا برؤية أساطير الكرة العالمية فى الملاعب المصرية.. كانت "أخبار اليوم" سباقة فى دعوة فريق البرازيل بعد تتويجه بكأس العالم.. لنرى "بيليه" مع نجوم الفريق وفى مقدمتهم الجناح الأسطورى "جارينشيا". ولنرى معهم "سحر الكرة" الحقيقى. وكانت مصر قد استقبلت قبلهم فريق المجر الذهبى بقيادة "بوشكاش"، وبعد ذلك استقبلت الفريق الأسطورى لريال مدريد بقيادة الساحر العظيم "ديستفانو". رأينا كل هؤلاء فى الملاعب، وظل "بيليه" هو الملك.

توالت أجيال بعد ذلك، وسطعت أساطير عديدة فى سماء الكرة.. مارادونا، وكرويف، وبكنباور، ورونالدو البرازيلى، وزيدان وغيرهم وصولاً إلى ميسى ورونالدو، ثم الأجيال الجديدة الواعدة التى تسيطر على الكرة الآن ومن بينهم ابننا صلاح. مواهب عديدة ورائعة ساعدها التواجد عبر النقل التليفزيونى المتطور لتصل إلى مليارات البشر.. ومع ذلك ظل "بيليه" هو الملك.

أسطورة "بيليه" اكتملت بنقله "كرة القدم" إلى مرحلة أصبحت معه عنواناً للجمال بجانب القوة، ورمزًا لأشواق الملايين للانعتاق من أسر الفقر ومن قهر العنصرية. كان "بيليه" هو "الجوهرة السوداء" فى زمن كانت فيه العنصرية البيضاء تحكم حتى فى أمريكا وكان الصبى الفقير الذى أعطى الأمل لملايين الموهوبين لأن يعبروا فقرهم.

شخصيًا أتفق مع تقييم الأسطورة "بوشكاش" حين سألوه عن أفضل لاعب كرة فى التاريخ، وكانت إجابته أنه ديستفانو العظيم.. أما "بيليه" فهو أكبر من أن يكون لاعبًا "إنه أعظم من ذلك بكثير".

رحل الملك.. لكن الأسطورة باقية ما بقيت الساحرة المستديرة تسعد شعوب العالم أكثر مما تسعد من يريدون تحويل الكرة إلى مجرد "بيزنس" لا يهتم إلا بالأرباح.. ستبقى الكرة بهجة لمليارات البشر.. ويبقى الملك هو الملك!.